في عالم يسوده الاضطراب، يظل الأمن حجر الأساس في بناء المجتمعات الحديثة وتقدم الأمم، فالإحساس بالأمن ينعكس على سلوكات الناس ومنجزاتهم، ويبعث الطمأنينة في النفوس، ويحفز على العمل والإبداع والاستقرار. يعزز الشعور بالأمن الثقة بين الأفراد، ويساهم في إقامة علاقات قوية ومستدامة في المجتمع، ويحمي الأفراد والممتلكات والحقوق، ويضمن الحفاظ على النظام والقانون. هناك أمم اختفت بسبب غياب الأمن، وأقوام تشردوا نتيجة انعدامه، ما يؤكد أن الأمن والأمان هما أساس الحياة، ولا يمكن العيش بدونهما، كما أن الثقة والتعاون بين المؤسسات الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني وفئات المجتمع، لهما دور كبير في نشر الأمان والسلام والطمأنينة، فالمواطن ورجل الأمن ركيزتان أساسيتان في أي مجتمع، وإذا انعدمت الثقة بينهما، ساد الاضطراب والتوتر. ولا ينكر، إلا جاحد، التطور الكبير لمؤسستي الأمن والدرك في المغرب، وليست في الأمر مجاملة أو سعي لمصالح شخصية، بل حقيقة يلمسها من عاش في فترة السبعينات والثمانينات، حيث قصص سوداء عن العلاقة المتوترة بين المجتمع والأمن، كما أن زيارة دول تعاني خللا في هذه العلاقة تجعل المغاربة فخورين بمؤسساتهم، ناهيك عن الاعتراف الدولي بمجهودات الأمن المغربي في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وتنظيم الملتقيات الدولية. طبعا هناك استثناءات لرجال أمن، فالحديث عن إيقاف أمنيين ودركيين في عدة قضايا، يعكس اليقظة في تطهير المؤسستين من الفاسدين والمتواطئين. في إيموزار كندر، مثلا، لا تخطئ عين السائح مشاهد رجال الأمن وهم ينظمون حركة السير في أوقات الذروة، ويتفقدون أحوال المدينة، ويقفون لتقديم النصيحة لتائهين أو يساعدون عجوزا أو مريضا على قضاء بعض المآرب، بعيدا عن الأضواء والكاميرات، أو طمع في الشهرة، بل لأن واجبهم المهني وإحساسهم بالمسؤولية يدفعانهم إلى تجسيد الأمن والأمان على أرض الواقع، فالمدينة، التي يقصدها المغاربة، خاصة من الفئة المتوسطة، تتميز بجبالها وطبيعتها الخلابة، تشعر الزائر بالأمان، ما يشجع آلاف الأشخاص على زيارتها في العطلة الصيفية، والاستمتاع بالأجواء بكل اطمئنان. بين أزرو وإفران، أيضا، يقطع السائح عشرات الكيلومترات بكل أمان، فصعوبة الطرق الجبلية تختفي حينما يعاين المسافرون أعين رجال الدرك الساهرين على تأمين الطرقات وتوجيه السياح، وتطبيق القانون على كل المخالفين، بعيدا عن المحاباة. صور عديدة ومشاهد كثيرة ربما اعتاد المغاربة على معاينتها لرجال أمن يضحون بأنفسهم خدمة للوطن، لكنها بالمقابل تبعث الاطمئنان بأن الأمن نعمة، تفتقدها بعض الأمم، فتسود فيها الفوضى والتسيب، وتنعم بها دول أخرى فترتقي إلى مصاف المجتمعات الراقية. خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma