الإرهاصات الأولى لتقليد “الدور”

رجال ركراكة... الحكاية من السطر الأول 4 تقدم حنان ركراكي، حفيدة "سيدي واسمين"، سلطان ركراكة الأحرار، في هذا الكتاب، واحدة من تحف السرد الأنيق لقصص رجال شرفاء نسجت حولهم الأسرار والأساطير وأحاطت بهم الألغاز، وتحولت سيرهم إلى حكايات في أفواه الجدات للأحفاد. إعداد: يوسف الساكت تذوق الناس من جديد طعم المسرات فطابت لهم إقامة الحفلات، واكتشف القرويون بعد القضاء على الوحش سمة جديدة من مزايا الرجال الأربعة تضاف إلى استقامتهم وشجاعتهم وهي سمة الصلاح، إذ دأب هؤلاء الرجال على جمع الناس مرة في الأسبوع داخل المعبد وتحديثهم بأخبارهم وعقيدتهم خاصة الكلام عن السيد المسيح، لكنهم لم يجبروا أحدا على اعتناق مذهبهم وإنما يدعون كل واحد من أهل القرية إلى التصرف بوحي من إيمانه وفهمه الخاص، طالما أن الكلام أسهل من التطبيق وطالما أنه من الصعب وصف ما لم يُشاهد واستلذاذ ما لم يُذق. روى أهل القرية أنه في أحد الأيام كان الرجال الأربعة يصطادون في البحر، وكانوا يضعون حبات الزيتون طعوما للسمك، حين ظهر لهم بصورة مفاجئة رجل لم يكن في الحقيقة غير السيد المسيح، وقد طلب منهم مرافقته فأذعنوا لذلك، وإذ أحسوا بعد حين بالجوع دعا السيد المسيح مرتين فنزلت من السماء مائدة عليها عنب وخبز ثم مرة ثانية بسمك وملح وخبز. أيقن أهل القرية ببركة الرجال الأربعة وبالمعجزة التي حدثوهم عنها فدخلوا في دينهم ثم اقترحوا على علقمة الزواج من "نينا"، فغمره الفرح لذلك واغتبط أيما اغتباط بفتاته الشجاعة والخَفِرة ورأى في زواجهما مباركة إلهية. انطلقت تراتيب حفلة الزواج في أجواء الفرح والتضامن وطيب النفس، وانتظم الجميع في الإعداد لمناسبة انتظروها منذ مدة. كانت "بايا" مبتهجة وهي تشرح للزوار مدى سعادتها بتزويج ابنتها من علقمة ذي البركات الباهرة. في اليوم التالي، انتشر خبر الزواج في كل مناطق الشريط الساحلي. كان الجميع يتحدثون عن زواج "علقمة" المنقذ ذي الكرم البطولي ويودون لقياه والظفر بمشاهدته وهو المتوج بهالة القداسة، المجترح للكرامات التي شهد بصحتها كل سكان كوز. كان رجال المنطقة يشحنون ظهور مطاياهم بالهدايا قاصدين مكان الاحتفال، وهكذا ورد الآلاف على القرية وهم يستعجلون رؤية الرجل الملحوظ بالعناية الربانية ويطمعون في لمسه وتقبيل يده وطلب صالح الدعاء منه. كانت عائلة "بايا" مندهشة لهذا الكم الغفير من الواردين من كل ناحية، وكان الأقرباء من الضيوف يقدمون هداياهم للعروسين، فيما يسارع الآخرون إلى ذلك بكل حماس وبهجة، وأمام تزايد أعداد الوافدين بصورة غير منتظرة. توالى الاحتفال بالأهازيج التقليدية والرقص الجماعي، ولما حان وقت الإطعام، تقدم المدعوون من الأقارب والأباعد، خاصة النساء بإحضار ما أعدوه من قصع الكسكس التي تكفي الواحدة منها عشرة من الأشخاص، وتم وضع المئات منها في صفوف متوازية ثم تقدم علقمة ومرافقوه الثلاثة فوضعوا على كل طبق بيض السمان مسلوقا وحبات من الثمر واللوز وبعضا من الحلوى. وأخبر "علقمة" بأن هذا التقليد توارثته أسرته الإيبيرية خلال احتفالها بعيد الفصح المسيحي وقد تقبل جميع الزوار ذلك فتحلقوا حول الكسكس الشهي، متذكرين بركات موسمهم ذاك. ببركات كلام علقمة كان علقمة يرفل في ثيابه الرائعة وكان يسايره وزيره "إيزم" فاقتاده إلى غرفة زوجته "نينا". ثم تقدم علقمة فتلا صلوات الشكر حمدا لله. دام الاحتفال سبعة أيام بلياليها، في جو من الحماس والحبور وانجذاب الزوار إلى "علقمة" بشكل أنسى الجميع في العودة إلى ديارهم والانصراف إلى أشغالهم اليومية، كان البعض يخططون للمكوث بالقرية يوما أو يومين فقط بنية ملاقاته والتملي ببركته، لكنهم لبثوا أكثر من ذلك دون أن يشعروا بتعب، مأخوذين ببركات كلام علقمة وهو يحدثهم بأخبار المسيح عيسى بن مريم، حديثا قد يطول لساعات، كان يحكي أشياء عجيبة لم يسمعوا بها من قبل، وكان أحيانا يستطرد بذكر وقائع مذهلة عاشتها أسرته وبعض رفقائه في إيبيريا حين اضطروا إلى التخفي بعد أن تبنى أساقفة روما بتأثير من أثناسيوس السكندري عقيدة التثليث، محرفين التعاليم الصحيحة للسيد المسيح. في نهاية اليوم السابع من الاحتفال، وبعد أن نال الجميع من بركات الطعام والشراب، طلب علقمة من جميع الزوار العودة إلى ديارهم ووعدهم بموافاتهم في كل سنة ضمن زيارة سياحية. مرت السنون ودأب علقمة وأمج وأردن وأرتن على جمع أهل القرية داخل المعبد مرة في الأسبوع للتوجه إلى الله الأحد واستشعار ما يجب تجاهه من الخوف والرجاء، مبرزا المراحل التي يجب سلوكها في الطريق إليه تعالى.

الإرهاصات الأولى لتقليد “الدور”

أيقن أهل القرية ببركة الرجال الأربعة وبالمعجزة التي حدثوهم عنها فدخلوا في دينهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

موكوينا يطلب تعاقدات جديدة

دور العبادة ومساجد المدينة (2/1)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات