قرر مكتب مجلس النواب في السنة الأولى من الولاية التشريعية الحالية، قراءة أسماء النواب الحاضرين في الجلسات والمتغيبين بعذر، في محاولة جديدة منه لمحاربة ظاهرة غياب ممثلي الشعب، بعدما حطم نواب من الأغلبية والمعارضة الرقم القياسي في ظاهرة "الغياب البرلماني». لكن هل حققت هذه الخطة مبتغاها وهدفها؟ ودفعت النواب إلى لعن الشيطان، والمجيء إلى المؤسسة التشريعية من أجل تنشيط اجتماعات اللجان ومراقبة العمل الحكومي في الجلسات العمومية، ونقل هموم ومشاكل الناخبين إلى وزراء الحكومة؟ المؤكد أن لا شيء من ذلك حصل، إذ فشلت تجربة قراءة أسماء النواب، ولم يعد يعتد بها، وواصل النواب «غير المحترمين» الغياب، بل منهم من لم يظهر له أثر منذ افتتاح دورة أكتوبر. ويبدو أن الوسيلة الوحيدة لمحاربة النواب الأشباح هي فرض حضورهم من قبل رؤساء فرقهم، لأنهم حتى إن حضروا، لن يضيفوا شيئا للمؤسسة التشريعية، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، إذ أغلب الذين يتغيبون لا يفقهون شيئا في التشريع، ولا يحسنون قراءة حتى الأسئلة والتعقيبات المكتوبة لهم في مكاتب مديري الفرق النيابية، وهم معروفون بالأسماء والصفات، ويخصصون "مانضات" محترمة لمن يكتب لهم الأسئلة والتدخلات المليئة بالأخطاء اللغوية والنحوية. ويساهم بعض رؤساء الفرق في تكريس ظاهرة الغياب، لأنهم لا يستطيعون فرض الانضباط حتى داخل الاجتماعات الأسبوعية، ومنهم من تجاوز كل حدود المسؤولية، في التملق إلى الحكومة، ومدحها مدحا لا يليق ببعض وزرائها، بل هناك من النواب من يشتري صمت رئيس الفريق بعطلة خارج أرض الوطن، أو تأدية دين من ديونه، كما حصل، أخيرا، مع رئيس فريق يمر من ضائقة مالية، كما يشيع بين صفوف أعضاء فريقه النيابي. وإذا كان مكتب مجلس النواب، قد انخرط في خطوة جديدة، سعيا منه لمحاربة ظاهرة الغياب في صفوف النواب، وفشل فيها فشلا ذريعا، ترى من يتخذ إجراءات مماثلة لمحاربة ظاهرة غياب الوزراء في الكثير من الجلسات، هل رئيس الحكومة، أم الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان ؟ في انتظار الجواب عن هذا الاستفهام، بات لزاما على الأحزاب في المستقبل عدم تزكية هذا النوع من الوزراء والبرلمانيين لتحمل المسؤولية، سواء كانت حكومية أو تشريعية. لأن العديد منهم يسيء إلى المؤسسات، ويسيء إلى الحزب الذي منحه التزكية للترشح برمزه الانتخابي، أو اقترحه لحمل حقيبة وزارية، لكنه لم يكن في مستوى لحظتها وقيمتها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma