أغلقوا هواتفكم.. أغلقوها بإحكام وضعوها في صندوق فولاذي بقن سري. تخلصوا منها قبل العيد. لا تتركوها جانبكم... ستورطكم. انزعوا الشريحة ومزقوها إربا إربا... وكسروا الشظايا الصغيرة بقبضة مهراز نحاسي. افعلوا ذلك قبل فوات الأوان. وإلا داهمتكم "مبارك عواشركم" غزيرة، هذه الأيام، مثل جيش نمل. ومتحورة كفيروس منفلت من "يوهان". وقاتلة مثل مسيرة حربية فوق رؤوس مرتزقة. في عيد الأضحى، تتغير اللغة والكلمات والمعاجم والمعاني، وتصبح "مبارك عواشركم"، مرادفا لـ"فهم راسك"، أو "حك جيبك"، أو "ارسل شي بركة"، أو "بون حولي"، أو "خرج من روندتك". فـ "مبارك عواشركم" هي أكبر من تهنئة عيد.. هي مسدس كاتم للصوت موجه للجيوب. حزام ناسف مزروع في رسالة "واتساب"، أو في بداية مكالمة هاتفية، أو نهايتها. لذلك أوصيكم أن تغلقوا هواتفكم... سدوا الأبواب والنوافذ التي تأتي منها "مبارك عواشركم". إن كنتَ مسير شركة في منطقة صناعية، إرم "أيفون 14" من النافذة... و"ليعوضك الله فيه". وإن كنتَ منعشا عقاريا، غادر منزلك دون "بطارية" أو "باور بانك". وإن رست عليك، حديثا، صفقة عمومية، أو سند طلب في جماعة ترابية، تظاهر أنك فقدت السمع والبصر، ولم تعد تميز بين رنات الهاتف، وأمواج البحر وزعيق السيارات. وإن كنتَ رئيس جماعة، أو مقاطعة، أو غرفة مهنية، أو عضوا في البرلمان، فاستعن، هذه الأيام، بـ"نوكيا عظم"، واحرص أن تكون خارج "الريزو" في كل الأوقات. ورغم ذلك، ستلتقطكم "مبارك عواشركم" أينما كنتم.. مثل شبكة أنترنيت "فايف جي". ستدرككم مثل موت وزلزال وفاجعة وقضاء وقدر. فاغلقوا هواتفكم. "او للي غادي يجيكم مليح". اهربوا بعيدا.. سافروا في ذواتكم، أو ذوات أحبائكم.. المهم اهربوا. هيموا في بلاد الله الواسعة... مثل الساسي والأموي وحفيظ كي لا تداهمكم "مبارك عواشركم". لا تتهاونوا..احزموا أمتعتكم واركبوا أول طائرة وآخر طائرة وحلقوا بعيدا. كونوا مثل الشيخ محمد فوزي الكركري. اركبوا يختا سياحيا غير متصل بالتكنولوجيا الحديثة. قودوا دراجة مائية وهوائية ورملية. تمددوا تحت الشمس حارقة دون مرهم واقي في جزيرة بعيدة.. كونوا مثل "طوم هانكس" في فيلم "كاست واي"، أو طارزان في الغابة. الأهم أن تبقوا بعيدا... ولا تقربوا الهواتف وأنتم على عيد. انتبهوا لخطوط التماس، حتى لا تضبطكم "مبارك عواشركم" في حالة شرود.. وتلصق لكم "ورقة زرقاء" للدفع المسبق. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma