عشق ممنوع في استئنافية الجديدة

فقيه أدين بسنتين حبسا نافذا بسبب عبارة "يا جميلتي" وجهها لفتاة باعتبارها تحريضا وتغريرا بقاصر عرفت القاعة رقم 1 بمحكمة الاستئناف صباح الثلاثاء الماضي، أشواط محاكمة التغزل وعوقب فقيه على عبارة " يا جميلتي " كان بعث بها على تطبيق فوري إلى طفلة قاصر، بسنتين حبسا نافذا وتعويض لوالديها بقيمة 10 آلاف درهم. وعرفت مناقشة القضية شوطا ساخنا وتحولت الجلسة من محاكمة أفعال مادية ملموسة، إلى محاكمة لعبارة "يا جميلتي» هل تندرج ضمن غزل عفيف؟ أم مكرسة لغزل قبيح يثير الغرائز الكامنة والإغراء؟، وبعد مناقشة مستفيضة اعتبرت عبارة التغزل تحريضا وتغريرا بقاصر، وبالتالي يتعين ردع مثل هذا النوع من الغزل بعقوبات سالبة للحرية. تعود وقائع هذه القضية إلى محضر أنجز في الثاني من يونيو 2023، من قبل الشرطة القضائية بالجديدة، على ذمة شكاية تقدمت بها والدة طفلة قاصر، كانت تدرس بدار القرآن قرب مدارة الخياري بالمدينة ذاتها، وجهت من خلالها لفقيه يدرس بها تهما ثقيلة تتعلق بالتغرير بقاصر والانفراد بها بغرفة بالدار سالفة الذكر، ومناولتها منوما وممارسة الجنس عليها حد افتضاض بكارتها، وأنه بعد ذلك جاء يخطبها للزواج سيما بعد وفاة زوجته متأثرة بمرض السرطان. فحوى المتابعة عززت الأم المشتكية شكايتها بقرص مدمج، يتضمن رسائل نصية كان يبعث بها الفقيه إلى طفلتها، للتغرير بها، ومن تلك العبارات التي تودد بواسطتها إليها لإسقاطها في «عشق ممنوع»، تلك التي كتب فيها «يا جميلتي»، وبعد مرحلة تحقيق استغرقت قرابة سنة، أسقط عنه قاضي التحقيق تهمة الافتضاض، واقتنع بأن العبارة المذكورة، تؤسس فعلا لجريمة التغرير بقاصر وطالب بإعمال الفصل 471 من القانون الجنائي في حقه. محاكمة التغزل لم تكن المحكمة والماثل أمامها فقيه في عقده الثالث، بحاجة أن تذكره أن التغزل مشتق من غزل غزلا أي شغف شغفا بالنساء وتودد إليهن بعبارات تحيل على ذكر بعض من محاسنهن. لما نادى رئيس غرفة الجنايات الابتدائية على الفقيه الذي يتابع في حالة سراح، تقدم وكله يقين بأن عبارة "يا جميلتي"، ليست أبدا فعلا جرميا معاقبا عليه. فبعد أن ذكره الرئيس بالمنسوب إليه، استفسره عن قصده، فرد الفقيه فورا برباطة جأش "لم أكن أقصد جمال الوجه والمفاتن ولكن جمال الخلق والتربية". لحظتها أدرك رئيس الهيأة أن الفقيه انعطف بالنقاش، نحو زاوية عرفت الكثير من الاجتهادات والتفسيرات، وأن الأمر اليوم هو الاجتهاد في القول بأن "جميلتي» هل هي غزل عفيف لا تتبعه نوايا النيل من جسد المتغزل بها، أم غزل قبيح فيه فحش في القول، لاستدراج الضحية لتصبح لقمة سائغة في فم فقيه دار القرآن. وبين هذا وذاك تردد بقاعة الجلسات رجع صدى، فتاوى شرعية في الفصل في هذا الإشكال، ومنها تلك التي حسمت الجدل في أنه إذا كان التغزل بامرأة مبهمة وغير معروفة فذلك جائز، أما وأن يكون موجها لواحدة معروفة ومعلومة فذلك من صنف الغزل القبيح الذي يرقى إلى درجة المعاكسة والتحرش، وفي هذه الحالة فالفقيه وجه غزله إلى طفلة بعينها، وأنه قصد أصلا التغرير بها، فبدا في اقتناع المحكمة أنه سقط في فعل المراودة، بغية الإيقاع بضحيته وإسقاطها في شرك «شهوته الجامحة». وساد الاعتقاد لحظة أن الهجاء الذي برع فيه شعراء كبار لو عاشوا اليوم، وأحيلوا على المحاكمة لكيفت أقوالهم نظما لا يتجاوز جنحا بغرامات مالية، وأن تغزل عمر بن أبي ربيعة وامرؤ القيس والنابغة الذبياني وكل شعراء الغزل القبيح، يرقى إلى درجة جنايات تغرير وكشف عن المفاتن، ويعد قصدا جنائيا لاستباحة الأجساد. الفقيه المؤمن ببراءته، لم يظن أن القوانين الجنائية تغيرت، وأن التغزل يؤول في الكثير من الأحيان إلى معاكسة ومراودة متى كانت المرأة بالغا، وإلى تغرير متى كانت قاصرا، وذلك فعلا ما شكل قناعة غرفة الجنايات الابتدائية عندما عاقبته بسنتين حبسا نافذا. عبد الله غيتومي (الجديدة)

عشق ممنوع في استئنافية الجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التزوير يطيح بعوني سلطة بخريبكة

شباب "نيت"... سنوات الضياع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات