تفاصيل تقارير سوداء للتعاضدية انتهت بالسجن

"أكابس" ووزارة التشغيل والمفتشية العامة وقفت على اختلالات تم تكييفها لجرائم مالية أعاد الجمعة الماضي، إلى الأذهان، واقعة محمد الفراع الرئيس السابق للتعاضدية العامة للموظفين قبل 15 سنة، بعد إحالته على القضاء، لتتم إحالة سلفه عبدالمولى عبد المومني على العدالة، وسط متابعة لدى مختلف الفعاليات النقابية، التي حجت إلى قصر العدالة بالرباط، لمعرفة مصير مسؤولين سابقين وحاليين عن أكبر تعاضدية للموظفين. ودام الانتظار شهورا طويلة استجمعت فيها الفرقة الوطنية مختلف المعطيات، المتعلقة بإبرام الصفقات التي شهدتها التعاضدية، في عهد رئيسها السابق عبدالمولى عبدالمومني، خلال توليه تسيير التعاضدية طيلة عقد من الزمن. إنجاز:عبد الحليم لعريبي وجهت النيابة العامة تعليماتها، الخميس الماضي، إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتقديم ثمانية مسؤولين تم التحقيق معهم على مدى شهور في حالة سراح وظلوا ينتقلون إلى مكاتب التحقيق، قبل أن تغلق الفرقة الوطنية البحث، الأسبوع الماضي. بداية القصة بدأت واقعة قصة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية حينما شرع وزير التشغيل والإدماج المهني السابق محمد يتيم في التهييء لحل التعاضدية، وبعدها أكمل محمد أمكراز المهمة بموجب قرار مشترك مع محمد بنشعبون الوزير السابق للاقتصاد والمالية في 2019، وضع حدا لتسيير الاتحادي عبدالمولى عبد المومني، وتشكيل مجلس مؤقت لتسيير التعاضدية، فبدأ فضح المستور بين المسيرين، ووجهت أصابع الاتهام إلى عبدالمومني، ليكون الرأس المطلوب الأول لمختلف الشكايات. وبعدما جرى تشكيل المكتب الجديد اتخذ أعضاؤه بالإجماع أثناء اجتماع بمراكش التوجه للقضاء من أجل البحث في مختلف الاختلالات المنسوبة إلى المتهمين، ومن أجل ترتيب الجزاءات الزجرية في حق كل من ثبت تورطه في النازلة، سيما أن مجموعة من التقارير تضمنت اختلالات طيلة عقد من الزمن. تقارير سوداء جاء الإعفاء بعد تقارير أنجزت من قبل قطاعات حكومية حول تسيير التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ووصفت ب"السوداء"، أولها تقرير هيأة مراقبة التأمينات "أكابس"، الذي أظهر اختلالات كبيرة بأكبر تعاضدية، إضافة إلى تقرير المفتشية العامة للمالية وأيضا وزارة التشغيل، ثم التقرير الأخير ما بعد مرحلة إعفاء عبدالمومني، ويخص تقرير لجنة المراقبة الداخلية التي شكلها أحد الجموع العامة. وأثارت تلك التقارير مختلف النقابات المعارضة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية التي رفعت ملتمساتها إلى مختلف القطاعات المتدخلة من أجل فتح بحث في الموضوع، سيما أن إحدى الصفقات جرى إطلاقها ب12 مليار سنتيم، وصرفت فيها التعاضدية حوالي أربعة، ورأى فيها البعض أنها كانت مشبوهة. التوجه إلى القضاء بعدما وجد إبراهيم العثماني الرئيس الجديد للتعاضدية نفسه أمام تقارير سوداء، ولرفع الحرج وربط المسؤولية بالمحاسبة، سجل شكاية أمام النيابة العامة المختصة ترابيا بالرباط في قضايا المال العام، انتهت بوضع اليد على مختلف الخروقات الجسيمة التي شابت مرحلة تسيير الاتحادي عبدالمومني لشؤون التعاضدية وفق عقد من الزمن. ووضعت الشكاية حدا للاتهامات النقابية بين مختلف الفاعلين منذ فترة تولي عبدالمومني شؤون التعاضدية في عهد الوزير جمال أغماني في حكومة عباس الفاسي، لتتواصل الاتهامات، في عهد كل من عبدالواحد سهيل ومحمد الصديقي عن حزب التقدم والاشتراكية. ومع وصول محمد يتيم ومحمد أمكراز إلى وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، ازداد الاحتقان أكثر داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية سيما بعد التأشير على صفقة "الشامل" بقيمة 12 مليار سنتيم، صرف منها عبدالمومني حوالي أربعة ملايير. الاختلالات تضمنت الاختلالات غياب الشفافية والمنافسة في إبرام الصفقات وسندات الطلب، وتمرير مشتريات بواسطة سندات الطلب دون احترام الشروط الشكلية، إضافة إلى انعدام الشروط القانونية لاستلام المواد موضوع الطلبيات. ووجد المسؤول الأول نفسه أمام اتهامات منتقديه بآداءات مزدوجة لعدة أذونات بالصرف مع استمرار العمل بالصفقات المشبوهة التي كانت موضوع تقارير أولية سوداء، رغم أن سلطات الوصاية نبهت إلى الاستمرار في التعامل معها، كما احتج البعض على إبرام صفقات مشبوهة مباشرة دون الاعتماد على المنافسة الشريفة . ولم يفلت المتهمون من اتهامات التلاعب قي تنقيط الملفات التقنية للمتنافسين، وإبعاد بعض العروض بطريقة مثيرة والتي تثير شكوكا بتقديمها عروضا مالية تفضيلية، وكذا العروض على مقاس بعض المقاولات، وغياب الدراسات الأولية قبل الإعلان عن طلبات العروض المفتوحة بخصوص الصفقات، وإعفاء مقاولات وشركات من تسديد ذعائر التأخير. ويوجد أيضا تجزيء سندات الطلب بالنسبة إلى الخدمة نفسها أو الأشغال أو التوريدات لتجنب تنظيم صفقات قانونية، وتجاوز السقف المحدد قانونا في العديد من الخدمات بالنسبة إلى الصفقات وسندات الطلب، وظلت شركات محتكرة للصفقات من خلال تمرير مسؤولي التعاضدية. خرق مدونة التأمين من ضمن الاتهامات الموجهة إلى المكتب المسير خرق مدونة التأمين وتشغيل مرافق صحية دون الحصول على كافة التراخيص اللازمة من سلطات الوصاية، سيما وزارة الصحة، وعدم احترام مقتضيات التأمين الإجباري عن المرض واحترام مقتضيات القانون الأساسي للتعاضدية العامة وغياب الشفافية في التوظيفات والتعيينات والترقيات والزيادة في أثمنة الخدمات الصحية والتلاعب في ملفات المرضى. كما نبه الغاضبون إلى الزيادة في قيمة الاقتطاع بالنسبة إلى الصندوق التكميلي عند الوفاة دون الحصول على موافقة سلطات الوصاية وخصمها من رواتب ومعاشات المنخرطين، وأيضا عدم احترام مقتضيات القانون الأساسي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية وخرق مبدأ الإنصاف والمساواة بين المنخرطين والمنخرطات في الاستفادة من الخدمات الصحية. صرف أموال ضخمة كشف تقرير لوزارة التشغيل عن صرف أموال باهظة على الملتقيات الدولية، خاصة الملتقيات الإفريقية للتعاضد بدون سند قانوني، وأيضا صرف أموال على مركز أمل سوس بأكادير بشكل غير قانوني، وجرى اتهام القائمين عليه بالاشتغال خارج الضوابط القانونية. كما وجهت اتهامات بالاستمرارية في العمل بصفقات أبرمت قبل اعتقال ومتابعة محمد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. وصرفت أيضا أموال ضخمة في شكل تعويضات عن المرض لفائدة منخرطين، أثارت جدالا واسعا، إضافة إلى توظيفات مشبوهة. واعتبرت وزارة التشغيل والإدماج المهني السابقة في عهد كل من وزيري العدالة والتنمية، محمد يتيم ومحمد أمكراز، أن هناك تضخيما للأموال المرصودة لأنشطة التعاضدية، نتج عنه اختلاس وتبديد للمال العام. اتخاذ قرار للاعتقال بدأت جلسات الاستنطاق الأولي من قبل النيابة العامة للمحقق معهم في النازلة، في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضي، وبعدما اطلعت على مختلف المحاضر المنجزة منذ شهور، أمر الوكيل العام بتقديم المشتبه فيهم على قاضية التحقيق، رئيسة الغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال، للبحث معهم في جرائم اختلاس وتبديد أموال عمومية. وقررت لبنى لحلو، قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال، لدى محكمة الاستئناف بالرباط، إيداع عبدالمولى عبد المومني وإطار صحي ومتقاعد رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن تامسنا، كما قررت متابعة ثلاثة موظفين آخرين في حالة سراح، فيما حفظت المتابعة في حق مسؤولين بالتعاضدية لانعدام الإثبات، ضمنهم المدير الحالي. خطورة الأفعال عللت قاضية التحقيق قرار الإيداع بخطورة الأفعال المرتكبة من قبل الاتحادي السابق عبد المومني وشريكيه الرئيسيين، بعدما درست محاضر الفرقة الوطنية المحالة عليها، طيلة الجمعة الماضي، والتي تشير إلى شبهات قوية في تلاعبات مالية اقتربت من أربعة ملايير، في إطار التأشير على صفقات مغشوشة وبواسطة التدليس. وحددت الغرفة الخامسة للتحقيق تاريخ 30 أبريل المقبل موعدا للتحقيق مع عبد المومني، أما الإطار الصحي، فقررت بدء التحقيق التفصيلي معه في 18 أبريل، وحددت موعد 25 من الشهر ذاته بالنسبة إلى الإطار المتقاعد. كما استعانت قاضية التحقيق بمجموعة من الوثائق المقدمة، من قبل رئيس المجلس الإداري الجديد للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، طيلة فترة تولي عبد المولى عبدالمومني تسيير أكبر تعاضدية في المغرب، ضمنها صفقة "الشامل"، التي تعتبر من أكبر الصفقات المؤشر عليها من قبل، في عهد عبدالمومني. اللائحة مرشحة للارتفاع أحالت الفرقة الوطنية ثمانية محقق معهم، على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي التمس بدوره إيداع المتورطين الرئيسيين رهن الاعتقال، بعدما أشرف على أبحاث الضابطة القضائية، منذ سنوات، إثر شكايات تقدم بها الرئيس الجديد، تضمنت اختلالات مالية في عهد تولي عبد المومني رئاسة التعاضدية، منذ عقد من الزمن، قبل الإطاحة به من منصب وزير التشغيل في حكومة سعد الدين العثماني. ووجهت اتهامات إلى المسؤول الأول عن التعاضدية، خلال الفترة بين 2010 و2019، بارتكاب اختلالات ترقى إلى جرائم مالية تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، بعد التلاعب في صفقات، ضمنها صفقة للتأمين، نتج عنه تبديد حوالي أربعة ملايير من أموال المنخرطين بأكبر تعاضدية بالمغرب. ولم يستبعد مصدر "الصباح" أن يرتفع عدد المتابعين بعد اتساع دائرة التحقيقات التفصيلية، كما سيستدعى عدد من المصرحين والشهود. الاختلاس يفقد ثقة المنخرطين قال المحامي إبراهيم منقار بهيأة المحامين بالرباط، إن ما وقع بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية سواء في عهد امحماد الفراع أو عبد المولى عبد المومني، يفقد ثقة المنخرطين في المؤسسة. وأكد منقار في حديث مع "الصباح" أن ما يقع يسائل طرق التدبير، والجهات التي وضعت على رأس التعاضديات رؤوس فاسدة، مضيفا أن مثل هذه المسؤوليات تقتضي التريث في التعيينات، وأن يتم تنصيب شخصيات لها من الكفاءة والتسيير ما يكفي لإدارة مؤسسة مؤمن فيها حوالي نصف مليون شخص. وشدد المتحدث ذاته على أن القضاء تفاعل منذ عقد ونصف مع قضايا اختلاس وتبديد المال العام بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية والتزوير، بعد تلاعبات في صفقات تهم المؤمن لهم، مشيرا إلى تصدي كل من القضاء الواقف والجالس لمختلف هذه الانحرافات، وأن عددا من الملفات الخاصة بالتعاضدية معروضة على غرف مختلفة من قضاء جرائم الأموال. ويضيف المحامي أن ما يجب معرفته ليس من قبل مسؤولي تعاضدية الموظفين فقط بل مختلف التعاضديات النشيطة بالمملكة، أن عهد الإفلات من العقاب ولى، وأن من ارتكب اختلالات أو تجاوزات ترقى إلى جرائم مالية سيجد نفسه ملاحقا بقوة القانون، وأن حتى الجهات الوصية على قطاع التعاضد عليها أن تكون يقظة لتفادي التلاعب بأموال المنخرطين التي تسيل لعاب العديد من الموظفين والمستخدمين. ولا يخفي منقار أن هذه الاختلالات ستؤثر مستقبلا على التعاضدية، منبها إلى أن القانون يعطي الحق للموظف عدم الاقتطاع من راتبه لفائدة التعاضديات، وأن التأمين للمنخرطين رغم إجباريته يجب أن يعبر عن رضاهم. الفساد متجذر عبر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن رضاهم عن تحريك المتابعات القضائية في حق مسؤولي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وكان العنوان الأبرز لهذه الآراء أن الفساد "عشعش" في التعاضديات. وأكد أحمد أن الهدف الوحيد من الوصول إلى التعاضدية والاشتغال فيها هو الرغبة في مراكمة الأموال، "لا يعقل أن شخصا يتقلد مسؤولية في مؤسسة عمومية معينة وله راتب يطمح إلى تولي مسؤولية أخرى داخل التعاضدية وبالراتب نفسه أو بأقل منه، ومن هنا الواحد يفهم". وقال معلق آخر "لا يخفى على أحد أن التلاعب الذي حدث في تعويضات المنخرطين تم من خلال التلاعب في معطياتهم الشخصية، وهناك ملف جرى فيه تهريب وثائق من داخل التعاضدية في شاحنة والهدف استغلاله من قبل مخربي هذه المؤسسة وهو معروض الآن أمام القضاء". وأكد مدون آخر أن المجالس السابقة في تسيير التعاضدية العامة لموظفي الإدارات الترابية عرفت الكثير من العبث والحروب السياسية والنقابية "توظيفات مشبوهة وتلبية طلبات مسؤولي أحزاب في توفير مناصب شغل لهم ولأبنائهم وأقربائهم وعشيقاتهم...الفقيه لنتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو".

تفاصيل تقارير سوداء للتعاضدية انتهت بالسجن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال "داعشي" مغربي بإسبانيا

"الكرامطة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات