المرأة ليست مجرد خزان انتخابي

مرسلي القيادية في التجمع الوطني للأحرار قالت إن وجود النساء ضعيف داخل الهياكل ومنعدم في مراكز المسؤولية الحزبية كشفت جليلة مرسلي، القيادية في التجمع الوطني للأحرار، ورئيسة غرفة الصناعة التقليدية البيضاء سطات، أن المرأة ليست إلا خزانا انتخابيا فى علاقتها بالأحزاب، بدليل أن وجودها داخل الهياكل التنظيمية المركزية والقيادية يظل ضعيفا، وينعدم في مراكز المسؤولية الحزبية، ومستثناة من الحق في اتخاذ مبادرات لتأسيس الأحزاب. وسجلت النائبة البرلمانية السابقة باسم «الحمامة» أن مقترحات حزبها بخصوص مراجعة مدونة الأسرة تنطلق من قناعته الراسخة بمكانة الأسرة، باعتبارها النواة الأولى للمجتمع، وأن التعديل الراهن يأتي بعد التحولات التي طرأت على تركيبة المجتمع المغربي وخصوصيته. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب كيف تقيمين مساهمة الحكومة الحالية في دعم التمثيلية السياسية للنساء؟ > إن الحديث عن تمثيلية النساء في الحقل السياسي يقودنا إلى الحديث عن الطفرة النوعية التي عرفها المغرب في هذا المجال من خلال قيامه بالعديد من الإصلاحات، وهو ما أكدته تقارير منظمات إقليمية ودولية، والحكومة الحالية التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار قامت في بداية ولايتها بإصدار المرسوم المتعلق بإحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، والذي يشكل إطارا أساسيا يضمن الانسجام والالتقائية بين مختلف المبادرات والمتدخلين، ومن بينهم المجتمع المدني والجماعات الترابية، وفضاء أساسيا للاقتراح وتقديم إجابات على مجموعة من الإشكالات المرتبطة بحماية حقوق المرأة والنهوض بها. كما أنها عاقدة العزم وماضية على نفس المسار والمواصلة بنفس إصلاحي كبير، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتدعيم الحقوق الأساسية للمرأة في المؤسسات وتمكينها من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال اعتماد الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026 والتي تشمل برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة، الذي يتضمن إجراءات وتدابير تروم الرفع من معدل نشاط المرأة في أفق 2026. بالإضافة إلى إدراج تدابير البرنامج الأول حول «التمكين الاقتصادي والريادة» الخاصة بكل قطاع، ضمن برمجة الميزانيات لسنة 2024، والانخراط القوي في مسار وضع الخطة الحكومية الثالثة للمساواة، والالتزام بتنفيذ إجراءاتها مع تحديد مؤشرات نجاعة تنفيذها. هل هناك تقدم عما كان عليه الحال في السابق؟ > أرى بأن الأرقام توحي بوجود تقدم ملموس، فاللافت في تشكيلة حكومة الائتلاف الحكومي الثلاثي، أن معظم النساء حصلن على حقائب وزراية، عكس الحكومات السابقة حيث عادة ما كانت النساء يتقلدن منصب وزيرات منتدبات أو كاتبات للدولة. وتضم الحكومة الجديدة المكونة من تحالف لثلاثة أحزاب، 24 وزيرا بينهم 6 نساء، بما يمثل ربع الوزراء. فكل المؤشرات دالة على الاهتمام الكبير للحكومة بزيادة فرص المساواة في أفق بلوغ المناصفة المنشودة وتحقيق جميع المطالب الحقوقية النسائية، من خلال القضاء على كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء. كيف تعلقين على الأصوات النسائية المنددة بسطوة الذكورية على المجالس المنتخبة؟ > يعتبر هذا من أكثر المنغصات التي تعكر صفو التجربة الديمقراطية المغربية، فرغم أن الرفع من التمثيلية النسائية تجد مقوماتها في مجموعة من مقتضيات دستور 2011، فالفصل (19) ينص على مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، والفصل (7) حدد مهمة الأحزاب السياسية في القيام بعملية تأطير المواطنات والمواطنين من أجل إشراكهم في الحياة السياسية وكذا تأسيس صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء، وكذا اعتماد «الكوطا» بالبرلمان المغربي من خلال اللائحة الوطنية للنساء، إلا أنه رغم كل ذلك هناك بعض العقليات الذكورية مازالت حتى الآن لا تقبل بولوج المرأة في مراكز القرار السياسي على مستوى مبدأ المناصفة، ولتحقيق تفوق النساء سياسياً وضمان وصولهن لمراكز القرار الحزبي، يجب أن يتم وفقاً لخصوصيات المرأة التي تنسجم مع العادات والتقاليد المغربية للحفاظ على التوازن الأسري. إن المشهد السياسي المغربي يعرف الكثير من النفاق الاجتماعي والسياسي، وتبقى ورقة المرأة، الورقة الرابحة لمن يجيد استغلالها أحسن استغلال. ومازالت السياسة في نظر البعض ، فضاء ذكوريا بامتياز حتى وإن ادعوا غير ذلك وحاولوا التأقلم مع واقع جديد انتزعت فيه النساء حقوقا سياسية تجعلهن يشاركن في الأحزاب ويترشحن ويعملن على إبراز مواقفهن والانخراط في الشأن السياسي بطرق مختلفة. وما رغبة أغلب الفاعلين السياسيين فى احتكار العمل السياسي والزعامة السياسية إلا محاولة للدفاع عن الامتيازات الذكورية التي بدت مهددة بعد تحول عدد من النساء إلى سياسيات (وإن كنّ يتماهين مع الأنموذج الذكوري السائد لممارسة السياسة). فالنساء السياسيات يعانين الأمرين من أجل إثبات أنفسهن داخل الأحزاب ناهيك عن الممارسة الحزبية التي يطغى عليها الفكر الذكوري حتى داخل الأحزاب التقدمية، إذ لم ينجحن بعد في بلوغ مناصب المسؤولية التنظيمية. كيف هي وضعية النساء داخل الأحزاب؟ > تعتبر مشاركة المرأة المغربية في العمل السياسي ضعيفة مقارنة مع مشاركة الرجل بسبب غياب ثقافة المساواة بين الجنسين ودور الأحزاب في تغييب المرأة والحد من مشاركتها السياسية، إذ أن الدعوة للمساواة بين المرأة والرجل تبقى مجرد شعار مناسباتي ترفعه الأحزاب لتلميع صورتها مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، واستغلالها في الدعاية الانتخابية لحصد أكبر عدد من أصوات المنتخبين، وهي وضعية لا تصل إلى تطلعات المرأة، لأن ممارسها تعترضها مجموعة من العراقيل والصعوبات، فرغم نشاط المرأة الملحوظ داخل الأحزاب أو التيارات السياسية، إلا أنها لا تتنافس مع الرجل على المناصب القيادية الأولى داخل الأحزاب، بحيث اقتصر دور المرأة سياسيا على التعبئة والتأطير والأعمال التضامنية والإعلامية البسيطة، وما زالت تعتمد على نظام الكوطا» من أجل الصعود إلى المناصب السياسية من أجل الرفع من تمثيلية المرأة داخل التكتلات السياسية. عجز الحركة النسائية هل تعتبرون أن الأحزاب لعبت دورا في إدماج المرأة سياسيا؟ > أكيد أن للأحزاب السياسية دورا مهما في دفع النساء نحو الهيآت السياسية المنتخبة وذلك عبر تأطيرهن سياسيا، وانتدابهن من داخل هياكل الأحزاب ويقر الدستور المغربي لسنة 2011 في فصله السابع بأن: «تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام». ويتضح جليا من خلال الإحصائيات أن المرأة تشكل خزانا انتخابيا فى علاقتها بالأحزاب، لكن وجودها داخل الهياكل التنظيمية المركزية والقيادية يظل ضعيفا، كما ينعدم في مراكز المسؤولية المتقدمة جدا داخل هيئاتها السياسية خاصة على مستوى تحمل المسؤولية المباشرة لكتابة الحزب والأمانة العامة، كما لم يتم تنصيبها نائبة عن رئيس حزب، وتم إبعادها عن اتخاذ مبادرات لتأسيس الأحزاب السياسية، لتصبح -فقط- عضوا في الأحزاب السياسية على مستوى متدن مقارنة مع نشاطاتها في المجتمع المدني، الأمر الذي ترتب عنه ضعف نشاط المرأة داخل الأحزاب، وتحمل مسؤوليات ذات قيمة داخلها، أو ترشيحها باسم الحزب لمهام سياسية أخرى داخل أجهزة ومؤسسات الدولة. فاللافت للانتباه أن العجز الذي تعانيه المرأة والحركة النسائية عموما، في عدم قدرتها على مقارعة الرجل في الأجهزة القيادية للحزب الذي تنتمي إليه، وكذا تخلفها وراء القيادات الذكورية، كان من الأسباب الرئيسة التي جعلت المسألة النسائية تتأخر كثيرا في التعبير عن ديناميكية المجتمع الثقافية والسياسية خصوصا أن الانفتاح الذي أبدته الأحزاب السياسية على القطاع النسائي، إنما كان انفتاحا يسعى إلى ربط هذا القطاع بمنظورها الشمولي، حول القضايا السياسية، أي كنسق فرعي في خدمة الإستراتيجيات العامة لتلك الأحزاب. فرغم أن القانون التنظيمي للأحزاب السياسية فرض على الأحزاب أن تكون المرأة في مراكز القرار، بإشراكها في أجهزة الحزب، لكن ما نلاحظه أن بعض الأحزاب تؤثث مكاتبها السياسية بالنساء دون تمكينها من تحَمُّلِ ملفات مهمة لأن الفضاء الحزبي فيه تيار ممانع لقضية التمكين السياسي للمرأة وتبويئها مراكز اتخاذ القرار؛ إذ أصبحت تحت رحمة مسؤولين يضعون قوائم ومعايير يستعصي فهمها، فتجد من يدفع بزوجة فلان، وأخت فلان، وابنة شخص غني لخوض غمار الانتخابات، ما يفقد العمل السياسي نبله. عطب الديمقراطية التشاركية هل كانت مقترحات حزبكم في مستوى موقعكم ضمن جبهة الحداثة؟ > تنطلق مقترحات الحزب من قناعته الراسخة بمكانة الأسرة، باعتبارها النواة الأولى للمجتمع، وأن تعديل مدونة الأسرة اليوم يأتي بعد التحولات التي طرأت في تركيبة المجتمع المغربي وخصوصيته، والتي بات لزاما معها تحديد مقتضيات جديدة لتنظيم الأسرة المغربية، تواكب التطورات الحاصلة، والتي من شأنها أن تضمن لكل ذي حق حقه، وأن تحفظ كرامة الأفراد داخل كنف هذه الأسرة، خصوصا منهم المرأة. فورش التعديل في مجمله يطبق الديمقراطية التشاركية ويراعي وضعيات وآراء جميع المغاربة من خلال إشراك مختلف الفعاليات والجمعيات الحقوقية والمدنية، كما أننا في حاجة ماسة إلى ضرورة مواكبة المدونة بسياسة وطنية للأسرة لتقوية أدوارها وحماية مكوناتها، لأن الثغرات المسجلة على مستوى تنزيل مدونة 2004 تعزى بالأساس، إلى ضعف السياسات والمواكبة العمومية والمجتمعية ومن شأنه تعزيز حقوق المرأة والأطفال ويحفظ المصلحة الفضلى للأسرة. اختلالات في فصول المدونة ما هي في نظركم أولويات المراجعة الحالية للمدونة وأنسب طريقة لإنجاحها؟ > إن مدونة 2004 تضمنت مجموعة من المكتسبات التي اعتبرت في وقتها قفزة وطفرة نوعية وحققت مجموعة من الأمور للمرأة المغربية، خاصة ما يتعلق بخصوص تزويج الطفلات ومسؤولية الرجل والمرأة عن التربية والحضانة. والآن بعدما يناهز 20 سنة من التطبيق القضائي، ظهرت مجموعة من الثغرات والاختلالات في فصول المدونة نفسها، بغض النظر عن مدى تناقضها مع دستور 2011 والمواثيق الدولية، وهو ما يخلق نوعا من الالتباس ويفتح الطريق أمام تأويلات وقراءات في غير مصلحة المرأة والمصلحة الفضلى للأطفال، حيث بات لزاما إصلاح هذه الاختلالات، وتعديل هذه المقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية، من قبيل ما يتعلق بمفهوم البنوة والنسب، وما يترتب عليهما من إشكالات قدمت لها المدونة حلولا قد تقتضي إعادة التفكير فيها وكذا في ما يتعلق بأسباب لحوق النسب وفي ما يتعلق بالحضانة وتزويج القاصرات والحضانة والولاية الشرعية والاعتراف بنسب الطفل للأب غير الشرعي والطلاق والتطليق وعمل المرأة داخل البيت. إننا داخل حزب التجمع الوطني للأحرار واعون بأن المجتمع يتكون من أطياف مختلفة، ونتوق لمجتمع حداثي تقدمي وديمقراطي، ونقاش هادئ ورصين باجتهادات منفتحة في إطار ما أكد عليه الملك بصفته أميرا للمؤمنين على أنه لن يحرم حلالا ولن يحلل حراما. وتبقى أنسب طريقة لإنجاحها هو فتح نقاش عمومي مفتوح وتعددي ومسؤول ودينامية تفكير جماعي، باعتماد ترسانة قانونية تضمن الأمن القانوني للمواطنات والمواطنين، لاسيما النساء، وتحميهم من جميع أشكال التمييز أو العنف. غير أن الأمر مرتبط بمدى نضج الفاعلين في جعل لحظات النقاش العمومي تمرينا ديمقراطيا حقيقيا يساعد على البحث عن مصلحة المجتمع ككل بكافة مكوناته وليست لحظة انتصار طرف على طرف، لأنها ليست معركة، بل الأمر يتعلق بإشكالات يعرفها المجتمع، وينبغي أن نبحث لها عن الحلول والمقاربات الأسلم والأقرب إلى الصواب في ظل مجتمع له خصوصياته التاريخية والثقافية والحضارية. في سطور - رئيسة غرفة الصناعة التقليدية لجهة البيضاء – سطات. - رئيسة منظمة المرأة التجمعية بالجهة نفسها. - عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار. - عضو مجلس المستشارين، ممثلة لغرفتي الصناعة التقليدية لجهتي البيضاء - سطات، وبني ملال خنيفرة بالغرفة الثانية. - نائبة برلمانية سابقة لولايتين باسم حزب "الحمامة". - حاصلة على الماستر في الدراسات الدولية والدبلوماسية بجامعة الأخوين.

المرأة ليست مجرد خزان انتخابي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجعفري يستقيل من تدريب الحسيمة

لاعبو الرجاء غاضبون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات