مصب أم الربيع… بركة آسنة

عوامل طبيعية وبشرية وراء الانسداد ومطالب بإنقاذ الواجهة السياحية لأزمور يعيش نهر أم الربيع بأزمور، على وقع مشاكل كبيرة، بسبب انسداد مصبه، نتيجة تراكم رمال البحر، إضافة إلى التلوث الناجم عن مخلفات المدينة، سواء الصناعية أو المرتبطة بالصرف الصحي، وبرك آسنة مملوءة بالنفايات. وتسببت هذه المشاكل في نفوق أسماك النهر، الذي يزيد طوله عن 555 كيلومترا، والتي كانت تنعش سكان أزمور، خصوصا سمك «الشابل». إنجاز: أحمد سكاب (الجديدة) أسباب انسداد المصب من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انسداد واختناق مصب نهر أم الربيع بأزمور، قلة التساقطات المطرية، بفعل الجفاف الذي ضرب المغرب في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تشييد سدي المسيرة وسيدي الضاوي، اللذين ساهما في انخفاض صبيب النهر وتراجع المياه به، ولجوء الفلاحين الكبار بالمناطق القريبة من الوادي إلى تشييد سدود خاصة لسقي الهكتارات الفلاحية، ونقص الصخور كبيرة الحجم التي كانت تشكل حاجزا قويا أمام تدفق الرمال، ما سمح للتيارات البحرية بحمل كميات من الرمال إلى المصب. وأمام هذه الوضعية، احتج سكان أزمور ونظموا وقفات احتجاجية، لاستنكار صمت الجهات المسؤولة، وبفضل تدخل بعض النواب البرلمانيين بإقليم الجديدة ومراسلتهم للوزارة الوصية، ورئاسة مجلس النواب، تم تشكيل لجنة برلمانية استطلاعية للوقوف على وضعية مصب نهر أم الربيع، والتي تم تشكيلها بمبادرة من لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، ما دفع الجهات نفسها إلى التعجيل بإنجاز مشروع مندمج لمعاجلة الاختلالات التي يعرفها المصب، خصوصا مشكل مياه الصرف الصحي، وما يشكله من خطورة على البيئة والأسماك، ويهدد مصدر عيش مهنيي الصيد من أبناء المنطقة. توصيات اللجنة الاستطلاعية على هامش الزيارة الاستطلاعية للوقوف على وضعية مصب نهر أم الربيع، خلص التقرير النهائي إلى الكشف عن عدد من المسببات الرئيسية، وهو ما دفع اللجنة إلى إصدار توصيات وحلول بشأنها، منها بلورة المشروع في إطار اتفاقية شراكة تساهم فيها وزارة التجهيز والماء، وجميع القطاعات الوزارية المعنية، إلى جانب مجلس جهة البيضاء سطات، والمجلس الإقليمي للجديدة، والجماعات المطلة على الوادي، وباقي المؤسسات الفاعلة وضمنها المكتب الشريف للفوسفاط، ما سيساهم في جلب الاستثمارات وتنمية المنطقة سياحيا واقتصاديا، وإطلاق الدراسات وتعبئة الموارد اللازمة وإعداد الشراكات والمخططات القطاعية، أخذا بعين الاعتبار حجم النمو الديموغرافي واتجاه التوسع العمراني وسرعته، وتحديث تصميم التهيئة لأزمور في اتجاه توسيع مجالها الترابي، ليشمل مصب نهر أم الربيع وضفتيه، مع إمكانية إحداث مجال ترابي خاص بالمصب والضفتين والمناطق المائية المرتبطة به. السعيد: يجب إحداث وكالة خاصة أدان عاصم السعيد، المنسق الإقليمي للهيأة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالجديدة، الوضعية الكارثية التي أصبح عليها مصب أم الربيع، بسبب ارتفاع نسبة التلوث به، نتيجة سريان المياه العادمة دون معالجة، الشيء الذي اعتبره جريمة بيئية. وقال السعيد: "راسلت الهيأة في هذا الصدد المديرة العامة للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالجديدة، محملة إياها كامل المسؤولية". وأضاف عاصم أن الهيأة تؤكد، من منطلق التزاماتها الدستورية والحقوقية في الدفاع عن الحمولة التاريخية والثقافية والسياحية لوادي أم الربيع، مطالبتها بإحداث وكالة خاصة تضمن الحفاظ على البيئة وتنمية المنطقة، من خلال تصور في المجال السياحي والاجتماعي ومختلف المرافق، إلى جانب جمع بيانات تقنية مفصلة على نطاق واسع من المصب وصولا إلى سد "سيدي الضاوي" ودراسة حلول نهائية بناء على النماذج الرقمية والفيزيائية لاستشراف المستقبل. وأكدت الهيأة حسب عاصم، أن تنزيل مشروع تهيئة وادي أم الربيع يجب أن يرتكز على منظور تنموي مستدام، ورؤية واضحة يتم من خلالها تحديد الاحتياجات الحقيقية، من حيث المرافق الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، مبرزا أن مياه أم الربيع لا تصل حاليا إلى المصب، بسبب عدة عوامل، منها قلة التساقطات وتعدد السدود المستنزفة لمياهه، بما في ذلك السدود التلية التي ينشئها كبار الفلاحين، إضافة إلى الاختلالات التي طالت التعاقد الريعي مع شركة لجرف الرمال والحلول الترقيعية في مواجهة المشاكل المرتبطة بمصب النهر. وأشار المنسق الإقليمي إلى أن الهيأة تنتظر تفعيلا وتنزيلا لكل هذه التوصيات الهامة من قبل الجهات المختصة وكافة المتدخلين، معتبرا وضعية المصب لا تحتمل المزيد من التأخير، ولا ينبغي نهج سياسة الآذان الصماء تجاه هذه المعضلات، ودعا إلى ضرورة الانخراط الجدي للخروج من هذه الأزمة والإسهام في تحقيق تنمية للمنطقة ككل. سيلبوهالي: جمود النهر جمد الأرزاق أكد أيوب سيلبوهالي، نائب رئيس الجماعة الترابية أزمور، أن الوضع الكارثي لنهر أم الربيع ووضعية المصب أخطر مما يتصور، فالأسباب متعددة ومتنوعة، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو بشري، مشيرا إلى أن تلك العوامل اجتمعت لتكون سببا في الوضعية الكارثية للنهر، الذي يعتبر ثاني أكبر نهر في المغرب. هذا النهر بنيت عليه حضارات وثقافات وعادات جسدتها تلك المياه المتدفقة من منبع عيون أم الربيع بالأطلس المتوسط إلى المصب بالمحيط الأطلسي، بجانب ضريح عائشة البحرية المؤتمنة على المصب المفقود. وأضاف نائب الرئيس أن النهر بات اليوم جامدا، وجمد معه الأرزاق في الفلاحة والصيد والسياحة، ولم تعد هناك إلا الأسماك النافقة المتراكمة على جنبات النهر، والمياه السوداء والروائح الكريهة، نتيجة إغلاق المصب (فم الواد) وتدفق مياه الصرف الصحي للجماعات الترابية المطلة على النهر، مضيفا أن الوضع يتطلب إرادة سياسية حقيقية للحكومة ولوزارة التجهيز لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأنه من العيب، أمام هذه الكارثة البيئية التي تهم عشرات الجماعات وملايين المواطنين، أن ترسل وزارة التجهيز ثلاث آليات لتشرع في إجراءات ترقيعية، لتبقى الأوضاع على حالها. 3 أسئلة إلى * محمد الحيرش بناء حواجز وقائية ما هي المشاكل التي يعرفها المصب؟ > أولا مشكل نهر أم الربيع مشكل وطني، يهم السياسة العامة للبلاد، خصوصا ونحن نعيش، منذ سنوات، جفافا أثر على الفرشة المائية بصفة عامة، والأنهار والسدود بصفة خاصة. هذه العوامل الطبيعية نتقبلها، لكن ما لا نسمح به هو أن تمتد يد البشر وتعيث في الطبيعة فسادا، كاستغلال كل الموارد الطبيعية من رمال ومياه لسقي الضيعات الفلاحية الخاصة، وبناء وتشييد سدود على طول النهر. ومنذ تلك اللحظة، بدأت أجراس التنبيه تدق من قبل المهتمين والمتتبعين والباحثين، الذين تنبؤوا بهذه الكارثة التي يعيشها نهر أم الربيع والمصب. وأمام السياسات الفاشلة للمسؤولين المتعاقبين على هذا الملف، أصبحنا نعيش وضعا خطيرا يهدد حياة الإنسان وحياة الكائنات الحية، ونشهد اليوم صورة قاتمة للوضع البيئي للنهر والمصب، حيث تدفق مياه الصرف الصحي إلى النهر من كل الجماعات، وفي غياب المد والجزر بين النهر والمصب، انمحى المجرى الطبيعي للنهر، فتحول هذا الجزء المحاذي لجماعتي سيدي علي وأزمور إلى بركة آسنة تنبعث منها الروائح الكريهة. كيف تفاعلتم مع هذا الوضع؟ > كان حضورنا مع كل الفاعلين الذين تنبؤوا بهذا الوضع، وتتبعنا الدراسات المنجزة، وكاتبنا الجهات المعنية، انطلاقا من تحملنا سابقا للمسؤولية داخل الجماعة، سواء في مرحلة التسيير أو المعارضة، وأثرنا هذا الموضوع في عدة دورات، ودعمنا العمل التنسيقي بجماعة سيدي علي بن حمدوش، أو الجماعة الترابية بأزمور، وساهمنا مع مجموعة من الهيآت المدنية والسياسية بمقترحات من أجل إنقاذ نهر أم الربيع والمصب. ولنا في تجربتي أبي رقراق وسبو ما يكفي من التجارب، لكن ما نسجله هو غياب الإرادة السياسية الحقيقية ووضعية النهر والمصب عنوان لهذا الغياب، وهو ما دفعنا إلى فتح حوار مع عدد من البرلمانيين، كل من موقعه، رغم تخلف البعض، وتم طرح عدة أسئلة تتمحور حول مآل نهر أم الربيع ووضعية المصب، وأسفرت هذه الحركية البرلمانية عن زيارة للجنة البرلمانية الاستطلاعية المؤقتة لمصب النهر. ما هي الحلول الممكنة؟ > على الوزارة أن تسرع في بناء الحواجز الوقائية للحفاظ على المصب، كما تشير بعض الدراسات التي أنجزتها الوزارة، وهذا لن يتأتى إلا برؤية مندمجة يشارك فيها كل المتدخلين، حكومة وجماعات ترابية، ومؤسسات عمومية وخاصة. بالنسبة إلى اللجنة البرلمانية المؤقتة لاستطلاع أوضاع نهر أم الربيع، أوصت بالخروج من دائرة الحلول المؤقتة إلى الحلول الجذرية، وإحداث وكالة خاصة بتهيئة المصب والضفة. وأظن أن تشغيل محطة المياه العادمة سيكون له دور أساسي في المساهمة في حل هذه الإشكالية، التي عمرت طويلا. للتذكير، فهذه المحطة من إنجاز الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالجديدة، وحسب المعطيات المتوفرة، فالمحطة ستعالج 7500 متر مكعب، وبلغت الأشغال حوالي 65 في المائة، وستصفي المياه العادمة لكل من سيدي علي بن حمدوش والجماعة الترابية أزمور وبعض المراكز المجاورة. * أستاذ باحث

مصب أم الربيع… بركة آسنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دوسابر: ضيعنا الفوز

المسؤولية يتحملها الجميع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات