سيدي مومن…”لا صحة لا تأهيل”

منطقة تحت رحمة العشوائي وخارج ركب التطور وأوراش التأهيل حبيسة "التسيير الانفرادي" لا يختلف اثنان في اعتبارها من أكبر مقاطعات البيضاء، سواء بمساحتها الشاسعة، أو بتعدادها السكاني الذي يتجاوز 500 ألف نسمة، إلا أنه في الوقت الذي تعيش خلاله مقاطعات العاصمة الاقتصادية على إيقاع الأوراش الكبرى والمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ما تزال سيدي مومن بتراب عمالة مقاطعات البرنوصي بالبيضاء، متأخرة عن الركب لاحتفاظها بعدد من مظاهر البداوة والعشوائية والفوضى وكذا لعجز المتعاقبين على تسييرها عن تأهيلها، الأمر الذي يجعلها خارج التنمية وأشهر أحزمة البؤس في مغرب 2024. إنجاز : محمد بها / تصوير : (عبد الحق خليفة) موقعها الإستراتيجي والميزانيات المهمة التي رصدت لها للقضاء على دور الصفيح وإخراج سكانها من العزلة والتهميش وانتشال شبابها من براثين الفقر والانحراف، لم يشفع لها في أن تكون ضمن المقاطعات المستفيدة من التأهيل والعصرنة، لجعلها حاضرة من حواضر البيضاء، حيث مازالت رهينة التخلف والعشوائية، بضمها عدة تجمعات صفيحية، أهمها كاريان الرحامنة، إضافة إلى ضعف البنية التحتية ومسلسل معاناة الشباب بسبب قلة فرص الشغل، في غياب مرافق ترفيهية وثقافية ورياضية تحصن أبناء المنطقة من الانحراف. ورغم الدينامية التي تشهدها منطقة سيدي مومن بالبيضاء، في محاولة للخروج من عباءة التهميش الذي عاشته لسنوات، إلا أن فوضى العيش المشترك لأغلب سكانها ورهن المشاريع الواعدة في يد رئيس المجلس المثقل بتعدد المسؤوليات، يجعل المنطقة حبيسة "البلوكاج"، الأمر الذي انعكس سلبا على مختلف الفئات الاجتماعية، خصوصا الشباب الذين قرروا في محاولة للانتعاق من البطالة إلى احتلال الملك العمومي عن طريق "الفراشة" والعربات المجرورة بالدواب، أو ممارسة النقل السري بواسطة "التريبورتورات" وتربية المواشي والدجاج، وهي الحلول التي زادت من تشويه معالم المقاطعة. التعمير..."كلها يلغي بلغاه" "الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود؟"...مثل مغربي يصلح إسقاطه على حال أحياء ودواوير سيدي مومن، خاصة "سيدي مومن القديم"، الذي يتضمن مساحات كبيرة لعمارات السكن الاقتصادي المتعايشة مع دور الصفيح والقصدير، وهو ما يجعل الزائر يتأكد أن هذه الأحياء الإسمنتية، التي أريد لها أن تكون عصرية، لم تستطع مقاومة مظاهر الفوضى والتخلف، التي بنيت على أنقاض العشوائي. ويكفي رئيس مقاطعة سيدي مومن وأعضاء مكتبه المسير، القيام بجولة سريعة بسيدي مومن القديم، للوقوف على مشاهد فوضى التعمير التي تجعل سكان هذه المنطقة، سواء بشقق السكن الاقتصادي المبنية على أنقاض العشوائي، أو سكان دور الصفيح غارقين في أوحال الفقر ومنغصات التهميش، في ظل انعدام بنيات تحتية ومرافق صحية في المستوى المطلوب وفضاءات الشغل أو الترفيه. البنية التحتية ...الواقع المر يعاني سكان سيدي مومن سواء بالدواوير أو حتى بعض الأحياء، التي يقال إنها حضرية، مشاكل تتعلق بتدهور البنية التحتية، إذ هناك انعدام للشوارع المهيأة بشكل حضري وغلبة التلوث البيئي الناتج عن انتشار الأزبال، وغياب ملفت للمساحات الخضراء وأماكن الترفيه، مقارنة مع التمدد العمراني بالمنطقة، وكذلك الخصاص الكبير في ما يتعلق بالمرافق الصحية والرياضية، دون الحديث عن توفير متطلبات السكان في ما يخص التنشيط المحلي والاجتماعي، بالإكثار من دور الشباب وتوفير فرص الشغل لتحصين الشباب من الإجرام. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقدر سكان سيدي مومن العيش رهينة لسوء البنية التحتية في التعامل مع دور الصفيح بعدما ساهمت العشوائية في تفريخ عدد من الظواهر والسلوكات الإجرامية، بدءا من ترويج المخدرات والإدمان على استهلاكها من قبل شباب في عمر الزهور، والسرقة والتحرش والاقتتال بين أبناء الأحياء، إما في إطار صراع الإلترات، أو الانتقام حول خلافات تافهة ناتجة في ظل غياب مرافق رياضية وثقافية وفضاءات للترفيه كالتي توجد بباقي مقاطعات العاصمة الاقتصادية. ومن خلال رحلة المعاينة التي قام بها طاقم "الصباح" يمكن استنتاج أن ما تعرفه منطقة سيدي مومن من مظاهر الفوضى والتسيب في جميع المجالات وتردي مستوى خدماتها الذي ينعكس سلبا على حياة سكانها، يجعل زائريها وسكانها يتوحدون في وصفها ب"القرية الكبيرة" وسط الحاضرة. احتلال الملك العمومي تبقى ظاهرة احتلال الملك العمومي بالأحياء المشكلة لسيدي مومن النقطة التي أفاضت الكأس، بعدما صار الرصيف وجنبات الطريق محتلة بالكامل من قبل أصحاب المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم وعربات الوجبات الخفيفة، الذين اختاروا استباحة ممرات الراجلين وعرقلة الطريق، سيرا على خطى الباعة المتجولين الذين أغلقوا عددا من منافذ الأحياء الناقصة التجهيز، وهو ما يحول حياة المارة والسائقين إلى ساعات من الجحيم. زرائب لتربية المواشي التنقل بين أحياء سيدي مومن، خاصة بين دواوير وأحياء سيدي مومن القديم، يجعل الزائر يقف على مشاهد التخلف الناتجة عن الانتشار المهول لدور الصفيح، وقضية الإهمال من قبل المنتخبين والمسؤولين عن تسيير الشأن المحلي، من سلطة محلية ومنتخبين، والتي تجعل من وضعيتها أكثر تعقيدا، فهناك مشاكل بالجملة. ومن الأمور التي تجعل زائر سيدي مومن القديم حائرا، احتضانه أكبر المتناقضات، إذ يتوفر على عمارات سكنية تجعل المرء يعتقد أنه أمام تجمع عمراني حضري، لكن بمجرد التوغل داخل أزقة الفضاء السكني، يصدم المرء بمعاينة مشاهد لمعالم البادية. ويكفي الراغب في معاينة هذا الواقع الفوضوي القيام بإطلالة سريعة على هذه الأحياء العشوائية، فالزائر لا بد له أن يلاحظ انتشار تجمعات تضم عددا من السكان الذين يستغلون الفضاء العام لفائدة بهائمهم وماشيتهم ودجاجهم وكلابهم، وصاروا يسخرون لها عددا من البقع الأرضية غير المبنية والتي أصبحت بقدرة قادر زرائب ومراعي يتعايش فيها المجال القروي والحضري، إذ اتخذت محيط التجمعات السكنية مرتعا خصبا للتناسل ما تسبب في تلويث المجال البيئي وتشويه جمالية أحيائها التي كانت رغم بساطتها منظمة. هاني : التسيير الانفرادي أم المشاكل مستشار بالمقاطعة كشف غياب التجانس بين مكونات المجلس وعدم تفويض الرئيس بعض الاختصاصات عطلا التنمية قال مراد هاني مستشار بمقاطعة سيدي مومن بالبيضاء، إن سيدي مومن فوتت موعدا ذهبيا مع التنمية والتقدم، مشيرا إلى أنه منذ 2003 ومجالس المقاطعة دائما تواجه تراكمات الماضي ووتيرة النمو الديمغرافي والتوسع العمراني الذي يفوق عمل المجلس. وكشف هاني في حوار مع «الصباح»، أن التجانس بين مكونات مجلس المقاطعة والإرادة الحقيقة غير متوفرة، إذ أن أغلب الأعضاء لا تتوفر لهم فرص الاشتغال والمساهمة، ولا يلتقون إلا في بعض اللجان والدورات وهو ما يرخي بظلاله على دينامية عمل المجلس. في ما يلي تفاصيل الحوار : لماذا لم يستطع مجلس المقاطعة تحسين وضعية المنطقة كباقي مقاطعات وأحياء البيضاء التي تشهد مشاريع إعادة الهيكلة؟ > فعلا، سيدي مومن كان من المفروض أن تكون من أحسن مناطق البيضاء اعتبارا لماضيها وتاريخها فهي كانت تسمى بالمنظر الجميل لطبيعتها الخلابة وضيعاتها الكبيرة، إلا أن تحول المنطقة لتمركز السكن العشوائي، جعلها منطقة تعج بالتعمير ومركزا لإعادة إسكان دور الصفيح المرحلة من باقي مناطق البيضاء، ومظاهر البداوة المقرونة بمن يقصدها من الأرياف كتربية المواشي و جلب الدواب ساهم في انفجار المنطقة ديمغرافيا وعشوائيا. هل هناك بلوكاج في عمل مجلس المقاطعة أدى إلى رهن سيدي مومن وجعلها تعيش التخلف؟ > كما سبقت أن ذكرت فوتت سيدي مومن موعدا ذهبيا مع التنمية والتقدم منذ 2003 ومجالس المقاطعة دائما تواجه تراكمات الماضي ووتيرة النمو الديمغرافي والتوسع العمراني يفوق عمل المجلس. ورغم كل هذا فبإمكان مقاطعة سيدي مومن أن تساهم في التغيير عبر العمل الجدي والمواكبة اليومية وبرمجة أشغال وبرنامج يساهم في تطوير المنطقة، وخصوصا أن المجلس يضم أعضاء مخضرمين ورؤساء تعاقبوا على سيدي مومن وشبابا طموحا يريد التغيير. ولا أخفيكم أن التجانس بين هذه المكونات والإرادة الحقيقة غير متوفرة وأغلب الأعضاء لا تتوفر لهم فرص الاشتغال والمساهمة بل ولا يلتقون إلا في بعض اللجان والدورات، وهو ما يرخي بظلاله على دينامية عمل المجلس. يقال إن الرئيس الحالي للمقاطعة منغلق على نفسه ولا يتجاوب مع المستشارين وهو ما أدى إلى إغفال عدد من المشاريع المهمة التي يقترحها ممثلو السكان لإخراج سيدي مومن من عنق الزجاجة. هل صحيح ذلك؟ > عبد الرحيم صديق وأخ وإنسان ذو تجربة محترمة وعملي، لكن رئاسة مقاطعة كسيدي مومن يتطلب الوجود والتتبع اليومي وتدبير القرب، لذا أسجل غيابه وألتمس له العذر في الوقت نفسه بسبب انشغالاته فهو برلماني المنطقة وعضو في غرفة الصناعة والتجارة والخدمات ونائب عمدة مكلف بالعلاقات الخارجية. فلتدبير القرب ينبغي أن يكون هناك مكتب مسير يدبر تفويضاته بنجاعة و لجان تعقد بشكل دوري وتناقش برامج ترفعها للمجلس و تقررها في دورات وتكون هناك لجان لتتبع المشاريع والأشغال والسهر على الثقافة والرياضة ولجان موضوعاتية تتكلف بملفات مهمة حتى يتمكن المجلس من الاستجابة لانتظارات السكان، ويكتفي الرئيس بالإشراف والتخفيف عنه، ليتفرغ لباقي مسؤولياته فعدا ذلك لن تتحقق أهداف المنطقة. فعاليات المجتمع المدني بسيدي مومن تجمع على أن حصيلة مجلس المقاطعة صفر، بل تعتبره أسوأ مجلس مر في تاريخ المقاطعة. ما ردكم؟ > ذلك تقييمها، وأتقبل ردود فعلها وانتقاداتها ومن حقها التذمر، لأن كل شخص يطمح ليرى حيه من أرقى الأحياء ويسعى لفضاءات تليق به وبأبنائه وطرقات تليق بالمدينة الذكية، أما عن الحصيلة فقد عرضها المجلس في آخر دورة قبل أيام وتحدث عن بعض المشاريع المهيكلة كبعض الطرقات والهضبة الخضراء وتزفيت بعض الشوارع، أما عن تقييمي فأهنئ الرئيس وبعض الإخوان في مجلس المدينة الممثلين لمجلسنا على الترافع والمجهودات لاستكمال وإخراج هذه المشاريع التي عرضت في الدورة. ولكن كيف أكون راضيا وأنا وبعض الزملاء ممن دخلوا غمار الاستحقاقات لتمثيل السكان وتحقيق متطلباتها لا أساهم ولا أجد مجالا للاشتغال وتقديم مقترحات، إذ أن العديد من المستشارين في عطالة ولا يساهمون إلا في التصويت، في حين أن لهم عدة اقتراحات في الشأن الثقافي والرياضي والاجتماعي ومستعدون لخلق لجينات لتتبع البرامج والتواصل مع المصالح الخارجية والتكلف بمهام للإسهام في تحقيق برنامج المقاطعة وتنميتها، فدور المستشار اليوم هو الاقتراح والتتبع، وليس الدور التقليدي في إحضار الإسعاف والسهر على الجنائز كالشباك الوحيد. تعاني سيدي مومن انتشار الأزبال وغياب مرافق صحية لخدمة السكان، لماذا لم يستطع مجلس المقاطعة حل هذه المشاكل؟ > فعلا فملفات الاشتغال و المشاريع التي ينبغي أن ينكب عليها المجلس لمعالجتها متنوعة وعديدة ولا ينقص حصرها بل ما ينقص هو الإرادة و العزيمة، فاليد الواحدة لا تصفق وفكرة "أنا وحدي نضوي البلاد" لن تنير و لو شمعة والتطاحنات السياسية الفارغة تعطل كل تنمية. إن إشراك كل الأعضاء ولم لا تكليف كل عضو بمهام ولو من باب التتبع فقط، سيساهم في حل العديد من القضايا ومساعدة الرئيس ومكتبه في إنجاح برنامج المقاطعة، وبغير ذلك سنظل رهيني تقدم حلزوني وربما لن نكمل حتى شارع عمر بن الخطاب عنوان حصيلتنا الكبير.

سيدي مومن…”لا صحة لا تأهيل”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لمجرد في الصدارة

الجامعة تنقذ "كاف" من ورطة "كان" القاعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات