استبعاد الكفاءات النسائية من مناقشة السياسة

يبدو جليا تموقع المرأة في ما يتعلق بحضورها المادي بالنسبة إلى النشرات الإخبارية التلفزيونية وتظهر هذه المعطيات أن نسبة مشاركتها في التقديم توازي نسبة مشاركة الرجل. واستطاعت القناة "الأولى" أن تحتل الصدارة في هذا الإطار، إذ أن نسبة حضور النساء خلال الفقرات الإخبارية تفوق نسبة حضور الرجال بـ4 في المائة، ما يخلف انطباعا إيجابيا لدى المشاهد ويساهم في تكسير الصور النمطية. ومن جهة أخرى، أظهرت نتائج الدراسة الدورية حول "التعددية السياسية في وسائل الإعلام السمعية البصرية" التي أنجزتها وحدة التعددية السياسية داخل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري خصاصا حادا في ولوج النساء المشتغلات بالشأن العام والمنخرطات في الحقل السياسي والجمعوي إلى وسائل الإعلام السمعية البصرية.وفي ما يخص النشرات الإخبارية، سجلت النسبة الأعلى من قبل القناة الثانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى ثم عرفت انخفاضا خلال الأشهر الثلاثة الموالية في ما يخص حضور النساء كمتدخلات وذلك بنسبة 10.44 في المائة.وانطلاقا من ذلك فقد تم رصد ضعف حضور النساء أثناء الفترات ما قبل الانتخابية، الأمر الذي يقلص رواج التصورات والرؤى الفكرية والسياسية للكفاءات النسائية، مما يرسخ التوزيع النمطي للأدوار بين الجنسين ولا يفي المرأة حقها في مجالات إعلامية ذات الأولية خاصة منها الأخبار السياسية وتدبير الشأن العام.وبناء على ما سلف ذكره، فإن الأمر يثير إشكالية المناصفة، إذ أن نسبة النساء اللواتي يتم استدعاؤهن، باعتبارهن خبيرات وقائدات للرأي العام أو ممثلات لمراكز القرار لا تتجاوز 8 في المائة.وجاء في دراسة أنجزتها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أن مهنيي الإعلام يلجؤون بشكل كبير إلى استثمار الحضور المادي لصورة المرأة في وصلاتهم، إذ تظهر صورة المرأة على الشاشة في نحو 41 في المائة من الوصلات الإشهارية المقدمة، الأمر الذي يؤكد أهمية صورة المرأة في ترويج الخطاب الإشهاري.ومن جهة أخرى، فإن لجوء المستشهرين إلى استعمال صورة المرأة في التسويق للمنتوجات الغذائية والجمال يحدد في نسبة 87 و92 في المائة، إلى جانب غياب توظيف صورة المرأة في الدعاية لبعض المجالات مثل العقار والطاقات والمؤسسات المالية والخدمات وهي مجالات تعتمد فيها الإعلانات غالبا على صورة الرجل.ويلاحظ أن استضافة النساء في البرامج الحوارية رهين بطبيعة الموضوع الذي يتم التطرق إليه، إذ يتم استبعاد الكفاءات النسائية كلما تعلق الأمر بمواضيع تهم العلاقات الدولية أو السياسة الداخلية أو القضايا الثقافية، أي القضايا الإستراتيجية، وبالتالي، فإن القتوات التلفزيونية لا تعتمد على مقاربة النوع الاجتماعي في تنشيط هذا النوع من البرامج.وتبعا للدراسة ذاتها، فإن الوصلات الإشهارية لم تخرج عن التوجه المتمثل في تكريس الصورة النمطية عن المرأة، باعتبارها المعنية الأولى بعالم الاقتناء والاستهلاك والاهتمام الحصري وربما الطبيعي بكل ما هو منزلي من تغذية ونظافة واهتمام مبالغ فيه بأناقة المظهر، إذ لا يخاطب الإشهار المرأة في أغلب الأحوال، إلا من خلال هذه الزوايا وما شابهها.وأوضحت الدراسة ذاتها أنه رغم تنامي الحضور المادي للمرأة على الشاشة أو على الأثير، ما يمكن اعتباره مكسبا في حد ذاته ورغم اضطلاع المرأة بمسؤوليات مهنية جديدة في الفضاء الاجتماعي، فإن الصورة الرائجة عنها مازالت ترسخ الأدوار التقليدية اللصيقة بها، ولا تفتح أمامها بما يكفي من الوضوح والعزم، إمكانية الانخراط في تدبير الشأن العام، على نحو يعزز من مشاركتها في التنمية والبناء الديمقراطي.وتبعا للدراسة ذاتها، فإن الواقع المتعثر يجد أحد أسبابه الرئيسية في ضعف السياسات العمومية الخاصة بالنهوض بوضعية المرأة من جهة، وغياب سياسة إعلامية تحقق الهدف من جهة أخرى.ومن أجل استقراء وجهات النظر والاستماع إلى مقترحات بخصوص البدائل الممكنة لإرساء صورة جديدة للمرأة تتلاءم والأدوار التي أصبحت تضطلع بها، وبما يتماشى مع المكانة التي تبوأتها على عدة مستويات منها القانوني والاجتماعي والسياسي والثقافي، فقد عقد فريق عمل من الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري جلسات استماع مع فعاليات مختلفة (سياسية وفنية وجامعية ومدنية).

استبعاد الكفاءات النسائية من مناقشة السياسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"دوزيم ماغ" بين "المغرب المعاصر" و"المغرب الوسيط"

الهاكا تحارب الصورة النمطية عن المرأة في الإعلام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات