تقرير رسمي يرصد ارتفاع نسب العزوف وتحولات المجتمع تضعهن أمام خيارات صعبة يعيش المجتمع المغربي تحولات عميقة منذ بداية الألفية الثالثة، تزايدت حدتها في الآونة الأخيرة، ففي وقت ساهم فيه تحسن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تمكين النساء من الدراسة والعمل، فإنه رفع نسب العنوسة وأخر الزواج، وساهم من جهة أخرى في تراجع الخصوبة، الأمر الذي أصبح يشكل خطرا على الأسرة. وتعيش الشابات والفتيات تحت ضغط كبير، إذ وضعهن الوضع الحالي بين مطرقة الزواج وسندان تحقيق الذات، وهو ما يجعل الاختيار صعبا، والتوفيق بينهما أصعب، خاصة أن تحقيق الذات والتكوين والخروج إلى سوق العمل يضعف فرص الشابات في الحصول على زوج، خاصة بعد تقدمهن في العمر، وبلوغهن مستوى اجتماعيا جيدا، يدفعهن إلى البحث عن شريك أعلى قيمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. ورصد تقرير رسمي، صدر، أخيرا، عن المندوبية السامية للتخطيط، بعنوان "المرأة المغربية في أرقام"، استفحال ظاهرة العنوسة في صفوف الشابات المغربيات، إذ أشار إلى أن أكثر من 60 في المائة من المغربيات المتراوحة أعمارهن بين 20 عاما و24 غير متزوجات، وأكثر من 28 في المائة ممن تتراوح أعمارهن ما بين 30 عاما و34 عانسات. وأشار التقرير إلى رقم آخر يبين ارتفاع عدد المغربيات غير المتزوجات، والمتمثل في عدد النساء العازبات اللائي يعلن أسرهن، إذ بلغت نسبتهن 8.9 في المائة في 2022، بعدما كان الرقم في 2012 في حدود 6.8 في المائة. وترتفع نسب النساء العازبات اللائي يعلن أسرهن في الوسط الحضري، إذ تصل إلى 9.8 في المائة، في حين بلغت في الوسط القروي نسبة 5.2 في المائة. وأصبح من الصعب على الفتيات اللائي بلغن سن الزواج، أخذ القرار في هذا الصدد، إذ تتخوف الفتاة أن تترك دراستها بعد الباكلوريا والدخول في مشروع زواج، يمكن أن يفشل في أي لحظة وتخسر مسارها المهني والزوجي في آن واحد. وأصبحت نسبة كبيرة من الفتيات يفضلن الخيار الثاني، المتمثل في استكمال دراستهن الجامعية، والحصول على شهادات، غير أن التقدم في العمر يقلص فرصهن في الحصول على زوج يستوفي الشروط التي تضعها الفتاة له، إذ غالبا ما لا تقبل بالارتباط بشخص أقل منها اقتصاديا واجتماعيا بسبب طبيعة النساء، الأمر الذي يجعل الفتيات في حيرة دائمة، بسبب الظرفية التي يمر منها المجتمع، الذي يفرض على المرأة خيارات صعبة جدا. عصام الناصيري