مجازر الأسواق… مخابئ للذبح السري

ريع بالملايير في مذابح جماعات في ضواحي البيضاء تشتغل بشكل عشوائي ولا تلتزم بدفاتر التحملات كشفت قرارات من سلطة الوصاية بإغلاق مجازر أسواق أسبوعية في كل من إقليمي النواصر ومديونة لدواع صحية ومنعا لمنافسة المجازر البلدية للبيضاء ذات المعايير الدولية، النقاب عن تحكم مافيا في سوق خفية تدر على أصحابها أرباحا خيالية وتحرم جماعات فقيرة من مداخيل بملايين الدراهم سنويا، لكن مقارنة بسيطة بين مقتضيات دفاتر تحملات تتوفر «الصباح» على نسخ منها وواقع الحال في تلك المرافق يتضح أنها مخابئ للذبح بتواطؤ مع الجهات الموكول لها حفظ النظام والصحة. لجأ بعض الرؤساء إلى وضع دفاتر تحملات فضفاضة تمكن الشركة المكترية للمرفق من فعل أي شيء دون حسيب أو رقيب، كما هو الحال بالنسبة إلى المجزرة الجماعية الشراط، التي لم يتضمن دفتر تحملاتها سوى بند واحد يقضي باحترام المقتضيات الجاري بها العمل في ميدان الشرطة الإدارية، و حتى إن وجدت مقتضيات فإن المكترين يخرقونها على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والصحية والدرك. حبر على دفاتر عاينت «الصباح» أن دفاتر تحملات استغلال مجازر في تراب إقليمي برشيد وبنسليمان ليست إلا حبرا على ورق وألا أحد يلتفت إلى شروط من قبيل عدم جواز إكراء المكتري للمرفق المستأجر جزئيا أو كليا ولا منح استغلاله للغير تحت أي صفة أو طريقة كانت، أو حفظ المرفق المؤجر مؤقتا في حالة جيدة وأن يقوم بالإصلاحات الضرورية على نفقته ويقوم بأشغال النظافة التي يجب أن تتم فور الانتهاء من العمل وقبل مغادرة المرفق بواسطة المواد المرخصة وغير الضارة. في الوقت الذي تشتغل فيه تلك المجازر بدوام مستمر عوض الالتزام بموعد يوم السوق من السادسة إلى العاشرة صباحا تخرق كل بنود احترام الشروط القانونية المتعلقة بالتطبيق الحرفي بالمقتضيات الواردة بالقرارات الجبائية المستمرة المتعلقة باستخلاص الضرائب والرسوم والحقوق والواجبات المستحقة لفائدة الجماعة ودون تعليق لائحة الرسوم والواجبات بالمداخل الرئيسية للسوق، قصد إطلاع العموم عليها، وكذلك دون الإدلاء بلائحة أسماء الأعوان والمكلفين بالتحصيل التابعين له ودون الالتزام بتوفير شارات خاصة ولباس مميز للأعوان ولا إخضاعهم للفحوصات الطبية وعموم الشروط الواردة في مدونة الشغل بهذا الخصوص. تبادل منافع لم يجد أحد أعضاء من الجمعية الوطنية لأرباب شركات تدبير الأسواق الأسبوعية والمرافق الجماعية بدا من فضح تبادل منافع بين جماعات في صفقات تدبير مجازر قروية باستعمال شركات في أسماء مقربين وتبادل كراء استغلال مذابح تدر على أصحابها أرباحا طائلة، إذ تصل المداخيل إلى 60 مليون سنتيم أسبوعيا، في حين أن ثمن كراء تلك المجازر لا يتجاور 30 مليون سنتيم في السنة، ما يتسبب في حرمان جماعات فقيرة من مداخيل مهمة تحول إلى أصحاب شركات يدورون في فلك مجالس الجماعات المعنية وتوصل الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، بشكاية من شركة مختصة في مجال تدبير الأسواق والمجازر، تفضح خروقات خطيرة في تفويت صفقة كراء مرافق سوق أسبوعي بجماعة تابعة لتراب إقليم برشيد، تمثلت في اختفاء وثائق من ملفات طلب العروض كراء سوق أسبوعي خلال سنوات 2023 و2024 و2025، تشمل وصولات ضمان مؤقت وشيكات مصادقا عليها مخصصة لضمانة النظافة. وأكدت مصادر "الصباح" أن رؤساء جماعات يتبادلون منح صفقات الأسواق القروية، للتحايل على مقتضيات دورية تضارب المصالح، وأنهم يتمتعون بحماية مشبوهة تبعد عنهم كل شروط المراقبة الصحية ونقل اللحوم وتحديد أيام العمل على مرأى ومسمع من الدرك والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، كما هو الحال بالنسبة إلى مجزرة بتراب إقليم بنسليمان تشتغل طيلة أيام الأسبوع ليلا ونهارا و"تصدر" خارج المجال المرخص لها، إذ تصل سقوطها إلى البيضاء مرورا بعين حرودة والمحمدية ومديونة وتيط مليل، اللتين أمر عامل الإقليم بإغلاق مجزرتيهما بناء على تقرير أسود. مذابح الليل لم تتمكن الجهود المبذولة لتقنين المجازر من القضاء على الذبيحة السرية، التي أصبحت لها مناطق إنتاج خاصة تتحصن داخل بؤر البناء العشوائي في محيط البيضاء، وصار للحوم غير المرخصة تجار جملة ووحدات صناعية مختبئة في مستودعات شيدت في غفلة من السلطات المحلية. وقد كشف تفكيك عصابة إجرامية مختصة في الذبيحة السرية بدوار أولاد عبد النبي بجماعة الشلالات بالمحمدية، خطورة ما يتناوله مستهلكو الوجبات السريعة بالعاصمة الاقتصادية، سيما أن الواقعة لم تكن إلا الشجرة التي تخفي غابة نشاط شبكات منظمة، لا يتردد أعضاؤها في المتاجرة بلحوم الأبقار المريضة أو المحتضرة. وتتوفر شبكات الذبيحة السرية على أسطول سيارات لنقل اللحوم من مذابح سرية في ضيعات و"هانكارات»، وأحيانا من مجازر أسبوعية يتم استعمالها في غير أيام السوق بتواطؤ مع منتخبين و أعوان سلطة. ويؤكد المهنيون أن نسبة كبيرة من اللحوم الحمراء الموجهة للاستهلاك المحلي في البيضاء غير مراقبة أثناء النقل والتخزين والذبح، ولم يعد توزيعها يقتصر على أحياء شعبية وسط المدن، كما هو الحال بالنسبة إلى "درب غلف" بالبيضاء، بل أصبحت تأتي من خارج المدار الحضري، كما هو الحال بالنسبة إلى المجازر القروية لسيدي موسى بنعلي (حد سويسرا) و"الشراط" و"اللويزية» و»مليلة» و»موالين الواد»، علما أن اللحوم المذبوحة في الأسواق الأسبوعية بالبوادي يمنع قانونيا تسويقها في المدارات الحضرية . أين الشرطة الإدارية ؟ لم تجد الداخلية بدا من مطاردة ريع الأسواق الأسبوعية في الجماعات، بإعادة فتح ملفات تفويتات مشبوهة لمجازر قروية في ضواحي المدن الكبرى، اتضح أنها تستعمل في تجارة الذبيحة السرية، الأمر الذي جعلها تفرض مسطرة إشهار آجال العقود وطلبات الكراء، ما أرغم تلك الجماعات على إشهار إعلانات بهذا الخصوص لأول مرة في تاريخ أسواقها، كما هو الحال بالنسبة إلى مجازر ضواحي المحمدية، خاصة سوق جماعة سيدي موسى بنعلي، التي رصدت فيها فعاليات من المجتمع المدني تسيبا في تدبير السوق الأسبوعي، الذي أصبح مرتعا للذبيحة السرية، في ظل تحول مناطق شاسعة من المجال القروي إلى مناطق شبه حضرية. ووقفت مصلحة الشرطة الإدارية بمديرية الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون بوزارة الداخلية على محدودية التدبيرين السائدين، أي التدبير المباشر والإيجار، والمشاكل والإكراهات المرتبطة بهما، كعدم القدرة على التحكم في مداخيل الأسواق، وعدم وجود قرارات تنظيمية في الغالب، وغياب موارد بشرية كافية ومؤهلة، منبهة إلى الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار، قبل التفكير في إحداث سوق، خاصة الانتباه للوسائل البشرية والمادية والآليات الكفيلة بتتبع المرفق وإعداد القرارات التنظيمية الخاصة به، بالإضافة إلى ضرورة إعمال مختلف طرق تدبير الأسواق الأسبوعية والتي تتجلى في التدبير المباشر والإيجار والتعاون والشراكة والتدبير المفوض وشركات التنمية المحلية. تدبير متجاوز... اختلالات بالجملة اعتبرت تقارير المصلحة المذكورة أنه ليس من الضروري أن تمتلك كل جماعة سوقا أسبوعيا، ولا أن تنحصر دورية السوق مرة في الأسبوع، وأن هناك نمطا معينا يجعلها أكثر حركية تجسد نقطة قوة للجماعة وليس العكس، ومدخلا لتصور حول إعداد التراب الوطني، على اعتبار أن خريطة الأسواق يجب أن تكون ركيزة لإعداد التراب الوطني، لأن البنية المجالية للمغرب ككل مرتبطة بالأسواق الأسبوعية، ضاربة المثال على ذلك بسوق كلميم كأهم سوق يفوق إشعاعه المغرب. وتعرف الأسواق الأسبوعية، حسب تقارير أنجزتها الداخلية اختلالات عديدة، لأن طريقة تدبيرها باتت متجاوزة، وأنه أصبح من الضروري الانتقال إلى آليات معقلنة للتدبير، سواء بالتعاون بين الجماعات أو مع القطاع الخاص. لهذا الغرض تم إعداد دراسة تشخص حالة الأسواق الأسبوعية ومن خلالها تم الخروج بدليل لتنظيم السوق بشكل عام، وللمضي في إعادة هيكلة هذه الأسواق وتنظيمها، مع التفكير في إمكانية استغلال فضاءات الأسواق الأسبوعية الهامشية للمدن الكبرى، لاستيعاب وتنظيم الباعة المتجولين. وتعتبر المقاربة الجديدة للداخلية أن الاهتمام بالأسواق الأسبوعية مدخل للتنمية الترابية والسياسات العمومية في العالم القروي، وأنه لا يمكن تطوير الإنتاجية والتنوع الاقتصادي لدى الفلاحين دون تأهيل وعقلنة وتحديث الأسواق، ومواكبة الجماعات في مشاريعها المرتبطة بهيكلتها. حرب مليشيات وصلت سطوة مافيا الأسواق حد استعمال الميليشيات، إذ عاش سكان قيادة تابعة لعمالة إقليم القنيطرة ساعات في الجحيم، بعدما قامت عصابة باحتلال سوق بإيعاز من جباة و"كارديانات»، وتمكن المهاجمون من هدم الخيام وتخريب ممتلكات التجار وإتلاف بضائعهم، في حين اتهمت السلطات المحلية عناصر شبكة تحركها مصالح شخصية صرف وغير مشروعة، عمدت إلى بث الرعب في صفوف المواطنين وتهديد التجار وعموم الوافدين، والتسبب في حرمان مئات الأسر من مورد رزقها الوحيد، بالنظر إلى أن السوق المذكور هو القناة الرئيسية لبيع منتجات معيشية. ومن جهته اتهم رئيس الجماعة المذكورة أشخاصا كانوا يقومون بعملية استخلاص(الصنك) من المرتفقين سابقا، مسجلا أنه بموجب صفقة جديدة أصبحت شركة خاصة هي المأذون لها باستغلال السوق، واستقدمت مستخدميها لاستخلاص الرسوم في احترام تام للقرار الجبائي المعمول به، علما أن هذه الصفقة وبفضل الشفافية التامة التي طبعتها مكنت المجلس من الحصول على 128 مليون سنتيم إضافية مقارنة مع الصفقات السابقة. وعلمت "الصباح" أن السلطات العمومية تمكنت من احتواء الفوضى، ما جنب وقوع ضحايا بين السكان الذين تمت دعوتهم إلى التحلي بمزيد من الحيطة والحذر تجاه الإشاعات المغرضة والزائفة.

مجازر الأسواق… مخابئ للذبح السري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وزراء يتحسسون رؤوسهم

حجز طن من الزيت ببلفاع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات