الصبار: التقرير الأممي حول الاعتقال التعسفي فيه تهويل

أكد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، صعوبة الانتقال من مرحلة التجاوزات والخروقات في مجال حقوق الإنسان، إلى مرحلة تتكرس فيها هذه الحقوق، مشيرا إلى أن عملية الانتقال تعرف تجاذبات وتحديات. وفي الوقت الذي يركز المتحدث على التحولات الإيجابية التي عرفها المغرب في مجال ترسيخ حقوق الإنسان، يقر بأن الطريق ما يزال طويلا أمام تكريس دعائم بناء دولة الحق والقانون. ويصف الصبار حصيلة مشاركة المغرب في الدورة السابعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان، التي تتواصل أشغالها بجنيف بالمتميزة، إذ تمكن الوفد المغربي، حسب قوله، من إنجاز تمرين إيجابي، خاصة في مجال حقوق الطفل وحقوق الأشخاص المسنين، والاعتقال التعسفي. في ما يلي نص الحوار: كيف تفسرون استمرار سوء المعاملة والتعذيب في المغرب، بعد كل تلك الجهود لتي بذلتها الدولة في القطع مع ممارسات الماضي؟مراحل الانتقال، بصفة عامة، تعرف تجاذبات وتحديات، والإشكال في نهاية المطاف ثقافي وتربوي. لا يمكن المرور من مرحلة إلى أخرى بصفة قطعية إلا بعد تكريس قناعات جديدة في اتجاه احترام قيم المواطنة وحقوق الإنسان، وهذا أمر صعب،ويتطلب حيزا من الوقت ليستوعب الجميع مثل وقيم دولة الحق والقانون. يتميز المشهد الحقوقي بالمغرب بحركة مد وجزر، ما الذي يعوق مسيرة تكريس حقوق الإنسان؟ فعلا، الوضع الحقوقي يشهد نوعا من التجاذب والمد والجزر أحيانا، ولذلك تفسير واحد يتجلى في أن تكريس حقوق الإنسان يتم بوتيرة التدرج. لا ينكر أحد التطورات الإيجابية الحاصلة في المغرب على مستوى ترسيخ حقوق الإنسان. صحيح ما يزال أمامنا طــريق طويل، لكننا نتقـــدم. وتجــدر الإشــارة، هنا، إلى إشادة التقــارير الدولية بتوجه المغرب نحو تكريس حقـــوق الإنسان، سواء على المستـــوى الرسمي أو الشعبــي،والتنويه الأممــي بفعالية المجلس الوطني لحقــوق الإنسان، والذي تكرر أكثر من مـــرة، كان آخرها ما ورد في هـــذا الشـــأن في تقــرير الفريق الأممي العامـــل في مجال الاعتقـــال التعسفــي الــذي أقر بالجهـود المبـــذولة من طرف المغرب في مجال النهـــوض بحقـــوق الإنسان، مشيرا إلى الإصلاحات التي تمت على هذا المستوى. لكن التقرير كان قاسيا في بعض جوانبه، أليس كذلك؟ تقريرالفريق الأممي المعني بالاعتقال التعسفي كان فيه تهويل، والفريق لم يتفاعل إيجابا مع ملاحظات الدولة المغربية بهذا الخصوص، لكن تم استدراك الأمر بهذا الخصوص من خلال المداخلة التي تقدم بها رئيس الفريق المعني، والتي تميزت بنوع من التوازن.والمجلس الوطني شدد في مداخلته على احترام ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك الاستعانة بمحامين أثناء الوضع تحت الحراسة النظرية، وبإجراء التحقيقات في كل ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة، خلال مراحل المحاكمة وتمتيع المشتبه فيهم المقبوض عليهم بكافة ضمانات المحاكمة العادلة. والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يراهن على مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية في اتجاه تكريس ضمانات المحاكمة العادلة. أكدتم، أيضا، على أهمية إحداث الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب؟ فعلا، ويتعين عـلى الدولة المغربية بعد مصادقتها على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفـــاقيــة لدولية لمنــاهضة التعذيب التفكير في إحــداث هذه الآليـة، وسيعمل المجلس على تدشين نقاش عمومي حول الموضوع، مع الحركة المدنية والحقوقية، ونعتبر إحداث هذه الآلية خطوة إيجابية في تجاه الحد من سوء المعاملة والتعذيب. اتسمت العلاقة بين الدوائر الرسمية وبعض هيآت حقوق الإنسان، في الفترة الأخيرة، بنوع من التوتر، ووجهت انتقادات إلى الجمعيات الحقوقية بتلقي تمويلات خارجية وخدمة أجندة معينة، ما موقفكم من كل ذلك؟ مــن حيث المبــدأ، وانطـــلاقا من مرجعيــاتــه الدولية والــــوطنيــة، فــإن المجلس الوطني لحقــوق الإنســان، لا يمكن إلا أن يكــون مـــع حــريــة التعبيــر والحق فــي التنظيــم والتجمــع والاجتمـــاع، وفــــق القـــــواعــــــد الوطنيــــة الجــاري بها العمل، واستنادا إلى المرجعيــة الدوليــة لحقـــوق الإنسان.ومن هذا المنظور، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعتبر هيآت المجتمع المدني والحقوقي شريكا استراتيجيا للمجلس في اتجاه إعمال الحقوق والحريات، وأي تضييق كيفما كان شكله على ممارسة الحريات والحقوق، يعتبر عقبة تعوق الديناميات المجتمعية ويُشكل عاملا سلبيا في ترجمة آليات الديمقراطية التشاركية. كيف تُقيمون مشاركة المغرب في الــدورة السابعة والعشرين لمجلس الأمن؟ مشــاركة الوفــد المغــربي، ســواء الحكومي أو غيــره، كانت متميزة، إذ تمكن من إنجــاز تمرين إيجابي أمام مجلس حقــوق الإنسان، خاصة في مجال حقـوق الطفل وحقوق الأشخاص المسنين، والاعتقال التعسفي.ردود الحكومة المغربية وتدخلات المجلس الوطني كانت مُقنعة، سواء تعلق الأمر بالتطورات الإيجابية في المشهد الحقوقي العام، أو في ما يتعلق بالاختلالات التي تم رصدها من خلال التقارير الأممية في المستويات الثلاثة المذكورة.جدير بالذكر أن مضامين التقارير المنجزة حول المغرب تتقاطع إلى حد كبير مع خلاصات التقارير الموضوعاتية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مجالات الطفولة والأشخاص المسنين وفي قضايا الاحتجاز التعسفي. لكننا ما نزال في مجال حقوق الأشخاص المسنين في نقطة الصفر، أليس كذلك؟ بالنسبة إلى الأشخاص المسنين، هذه فئة اجتماعية قلما تم الالتفات إليها، شأنها في ذلك شأن نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية، الذين أنجز المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا بشأنهم، يُعد الأول من نوعه منذ استقلال المغرب،وبالتالي يتعين على الدوائر الحكومية وعلى هيآت المجتمع المدني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن تنفتح حول قضايا تهم فئات مجتمعية طالها التهميش. أجرى الحوار: جمال بورفيسي (موفد الصباح الى جنيف)

الصبار: التقرير الأممي حول الاعتقال التعسفي فيه تهويل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المغرب يجدد انخراطه في محاربة العنف الأصولي

محاولـة قتل قائـد بالمحمديـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات