دراسة في القانون : المقتضيات القانونية الجديدة للتقييد الاحتياطي

المشرع لم يورد أي إمكانية للطعن في أوامر رئيس المحكمة ثالثا: طبيعة الأوامر الصادرة بالتقييد الاحتياطي إن أهم مستجد يمكن رصده من خلال الأحكام الجديدة للتقييد الاحتياطي وفق هذه الصورة، هو اعتماد المشرع لمصطلح "الأمر" بالتقييد وهجره لمصطلح "الإذن"، وعدم المزاوجة بينهما كما كان عليه الأمر قبل تعديل المادتين 85 و86، وهو موقف سديد كان مطلوبا بشدة لأن المزاوجة بين المصطلحين مسألة منتقدة على اعتبار أن الأمر بإجراء التقييد الاحتياطي شيء، والإذن به شيء آخر من حيث الأثر، لما يحمله الأول من طابع الإلزام وغياب هذا الطابع في الثاني، وهو المعطى الذي جعل مقتضيات المادة 85 لا تتطابق مع مقتضيات المادة 86 في القانون السابق، لأن المقارنة بينهما أفضت إلى فهم غير مقبول، بدليل أن الإذن بإجراء التقييد الاحتياطي قد يعني أن الخيار في تنفيذه متروك للمحافظ بخلاف الأمر بانجاز الإجراء، وهو ما أثار العديد من الإشكالات عند تطبيق المادتين آنئذ، وعليه فإن التعديل الجديد المتعلق بتوحيد المصطلح سيرفع كل استشكال في هذا الصدد.حسمت أحكام المادة 85 الجديدة في تحديد طبيعة الأمر الصادر عن رئيس المحكمة، واعتبرته أمرا قضائيا يلزم الجهة التي يخاطبها، إذ لم يعد بالإمكان التحجج بأي مقتضى آخر للتهرب من تنفيذه أو التحايل على هذا التنفيذ. غير أن الذي يدعو للمناقشة في الفصل المذكور، هو أن الفصل، لم يرسم شروطا واضحة ومحددة تقيد سلطات رئيس المحكمة من حيث قبول طلب التقييد الاحتياطي أو رفضه، وهو ما حاول المشرع في مقتضيات الفصل 86 في فقرته السادسة التي نصت على أنه «في جميع الحالات لم يصدر رئيس المحكمة الأمر إلا بعد تأكده من جدية الطلب»، علما أن فحص مسألة الجدية هو مما يكتنفه الغموض أيضا على اعتبار أن القانون لم يستوجب وجود سند يتعين تقديمه ولم يشترط أي تعليل في الأمر الصادر، ولم يشترط صدوره في إطار المسطرة التواجهية وفق الإجراءات العادية بعقد جلسة علنية بحضور الأطراف وكاتب الضبط، كما فعل عند تنظيمه لمسطرة التشطيب على التقييد.فإصدار الأمر لا يتطلب مثل هذه الإجراءات، بل يندرج ضمن الاختصاص الولائي لرئيس المحكمة وفي غيبة الأطراف، ما يبقى معه تقدير وجود الجدية في الطلب من عدمه خاضعا لفطنته وذكائه ومدى كفاءته وتمكنه من أدوات المادة العقارية، وقد كان من المفروض على المشرع على الأقل فرض بعض المعايير أو الشروط المحددة لمعالجة الجدية حتى لا يختلف تقديرها من حالة لأخرى أو من رئيس لآخر، خاصة، أن صلاحية رئيس المحكمة في هذا الإطار متحللة من كل رقابة قضائية أعلى.ورغم ذلك، فإن مسألة الجدية من خلال نص المادة 86 (ظ ت ع) تكون حاضرة متى كان طلب التقييد معززا بسند يثبت الحق أو يرجح أمر ثبوته أو مستندا إلى مقال دعوى، لم يصدر فيها أي حكم نهائي بعد، مع الإشارة إلى أن رئيس المحكمة في إطار تقدير هذه الجدية يملك صلاحية فحص الحجج، وتقييمها لأنه من دون ذلك لا يتأتى له التأكيد من هذه الجدية.وفي المقابل، فإن الجدية لا يمكن أن تتوافر في طلب تم تقديمه مجردا من أي سند أو أي مقال للدعوى أو تم تقديمه بناء على الأسباب نفسها، التي سبق رفضها من قبل.رابعا: إمكانية الطعن في الأوامر الصادرة بإجراء التقييد الاحتياطي أو برفضه.إن إثارة مثل هذا التساؤل مرده إلى خلو مقتضيات القانون العقاري الجديد من أية إشارة إلى مسألة الطعن في هذه الأوامر بخلاف ما تم النص عليه صراحة بخصوص قرار المحافظ، الصادر برفض التقييد أو التشطيب في المادة 96 من (ظ ت ع)، فهذه المادة نصت على أن قرار المحافظ في هذا الصدد يقبل الطعن على ثلاث مراحل أمام المحكمة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف وأمام محكمة النقض، في حين لم يورد المشرع أي إمكانية للطعن في أوامر رئيس المحكمة الصادرة في نطاق أحكام المادتين 85 و86 من (ظ ت ع).ولا شك أن عدم التنصيص على مثل هذا المقتضى، لم يكن من باب السهو، بل هو أمر مقصود، سواء تعلق الأمر بقبول التقييد الاحتياطي، أو برفضه، ولا مبرر للقول بخلاف ذلك، لأن المشرع لو أراد خلاف ذلك لجعل الصياغة في المادتين 85 و86 على غرار الصياغة في المادة “96” من (ظ ت ع) ومؤداه لا يمكن ترتيب مزية الطعن كإجراء مسطريا دون نص صريح من جهة، أو دون الإحالة على القواعد العامة من جهة أخرى.وهذا الفراغ ربما يعزى إلى أن الطعن في هذا الإطار لا يبدو ذا فائدة عملية لأن الإجراء في جميع الأحوال هو محدد في الزمن وأن المسطرة الموازية للإجراء أي مسطرة التشطيب من شأنها سد هذا الفراغ، فالفقرة الأخيرة للفصل 86 من (ظ ت ع) قد جعلت من مؤسسة الرئيس بصفته قاضي الأمور المستعجلة مرجعا قضائيا يختص بالتشطيب على التقييد الاحتياطي، كلما كانت الأسباب المستند عليها غير صحيحة أو غير جدية.ويفهم من صياغة المادة أن الأوامر الصادرة في دعاوى التشطيب هي أوامر استعجالية تقبل الطعن وفق القواعد العامة الواردة في الفصل 153 (ق م م) وإلا لجأت الصياغة على النحو الذي جاءت في الفصل 87 من (ظ ت ع) حينما خص المشرع أوامر التشطيب على الحجز والإنذار بطابع نهائي وكونها نافذة فور صدورها. بقلـم : ذ. نجيب شوقي رئيس الغرفة العقارية بمحكمة الاستئناف بالناظور

إيقاف متورطين في تكسير 12 سيارة بسلا

الحبس لموظفة بسطات متهمة بإعداد وكر للدعارة

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات