أوجه خفية لـ”شحال كنا وشحال ولينا”

كشفت عمليات إحصاء السكن والسكنى، التي تستمر إلى 20 شتنبر المقبل، عن أوجه مختلفة، بعضها متوقع من قبل مهندسي المندوبية السامية للتخطيط، وبعضها غير متوقع، قد يعطي، في المستقبل، إمكانيات لتحليل ورصد سلوكات المغاربة والتغييرات التي تطرأ عليها، والعلاقات المحتملة لكل ذلك على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والثقافية للسكان. ووجد مندوبو الإحصاء، الذين خضعوا طيلة أشهر لمسلسل شاق من التكوين، أنفسهم أمام حالات غريبة، لم تنفع معها العدة المعرفية والتقنية التي يتسلح بها هؤلاء، ومن ذلك الخلط الذي وقع لعدد من السكان بين أطر الإحصاء، في إطار عملية وطنية، وبين الإحصاء العادي الذي تقوم به، بين الفينة والأخرى، بعض اللجان التابعة للسلطة المحلية والإقليمية في موضوع مجدد تترتب عنه إجراءات، مثل إحصاء قاطني الأحياء العشوائية في عدد من المدن لتمكينهم من سكن لائق، في إطار برنامج مدن بدون صفيح.وحسب الأخبار الأولية القادمة من عدد من المدن، خصوصا التي مازالت تضم عددا من الأحياء القصديرية، فقد بذل عدد من مندوبي الإحصاء مجهودات في التجاوب مع سكان هذه الأحياء، بعد أن اختلط عليهم الأمر ولم يميزوا بين الإحصاء العام للسكنى والسكن 2014، وبين الإحصاء الذي تجريه السلطات المحلية في إطار محاربة مدن الصفيح.وواجه عدد من المندوبين أسئلة واستفسارات من قاطني دور الصفيح عن مواعد الاستفادة من السكن الجديد ومكانه وكم سيدفعون مقابل الحصول على شقة، وهل يتعلق الأمر بشقق في السكن الاجتماعي أم ببقع أرضية مجهزة وصالحة للبـــــناء.ومن السكان من طالب بشقة في الطابق السفلي لأنه لا يستطيع أن يصعد في الدرج بسبب تقدم السن والمرض.ورغم تدخل أعوان السلطة والمقدمين والشيوخ الذين حاولوا أن يضعوا القاطنين في صورة العملية الإحصائية وأهدافها وطبيعة أسئلتها، فان السكان لم يثقوا في ذلك واعتبروه تحايلا عليهم واستمروا في طرح الأسئلة عن حقهم وحق أبنائهم المتزوجين من الاستفادة من السكن الجديد.أحد الأوجه الخفية للإحصاء، حالة الرفض الممنهج، ذو طابع سياسي، أحيانا، التي يواجه بها أطر الإحصاء في عدد من المدن وأحيائها الشعبية بالخصوص، إذ يضطر هؤلاء إلى فتح حوارات جانبية، مع عدد من الشباب والعاطلين والمقصيين، عن «الجدوى» و»المصلحة الوطنية» وثنائية «الحقوق والواجبات». وفي بعض الحالات، تتطور هذه النقاشات إلى ملاسنات وصخب، يلوذ إزاءها الإحصائيون إلى طلب «سل الشعرة من العجين»، والانسحاب في هدوء، خوفا مما لا تحمد عقباه.بعض الأسر لا تكتفي بالإجابة على الأسئلة المدرجة في الاستمارات، بل ترغم الباحثين على القيام بجولة في المنزل أو «البراكة» للتأكد من مستوى ونوعية عيش أفرادها، ما يضيف أتعابا جديدة على هؤلاء، الملزمين بالانتهاء من عدد محدد من الأسر في اليوم، وفق الخرائط والتعليمات والأجندة الزمنية المسلمة لهم.إضافة إلى الصعوبات التي يواجهها الباحثون، تفتح عمليات الإحصاء باب «الرزق» لعدد من الأسر وبعض الموظفين وأعوان الدولة وأعوان الحراسة، مثل المقدمين والشيوخ الذين يتقاضون 100 درهم عن كل يوم عمل إلى جانب مندوبي الإحصاء.ويقوم أعوان السلطة بدور حيوي لتسهيل مهام الباحثين، خصوصا أثناء تنقلهم في الأحياء والأزقة، بسبب معرفتهم الدقيقة بالخرائط والعادات وسلوكات بعض القاطنين، كما يقومون بتقديم النصيحة، حين يتعلق الأمر ببعض الأسر المحافظة التي ترفض أن تستقبل غريبا في منزلها أو تفتح له الباب ولو تعلق الأمر بواجب وطني، أو بعض الأزواج الذين يحرمون على زوجاتهم الحديث إلى الرجال، أو ذوي العادات السيئة والمزاجات الصعبة، إذ يتحول طرح سؤال في استمارة على شخص من هؤلاء، إلى مشروع معركة محتملة، وهنا يقوم المقدم أو الشيخ أو المرافق بدور رجل الإطفاء في الحالات الصعبة.ويدر الإحصاء ربحا وافرا على أصحاب الدواب والعربات التي تجرها دواب، في المناطق الوعرة والجبلية التي لا يمكن الوصول إليها عبر وسائل نقل بدائية من هذا النوع. وتوقعت مندوبية التخطيط، أثناء الإعداد لهذا المشروع الوطني الكبير، المشاركة الفعالة لمالكي الحمير والبغال لتسهيل تنقلات أعوان الإحصاء، فرصدت لهم ميزانية خاصة تقدر بـ100 درهم يوميا، وهي طريقة لمساعدتهم على مجابهة تكاليف الحياة في هذا الفترة التي يتزامن فيها الدخول المدرسي في العيد الأضحى.وحركت عمليات الإحصاء، التي كلفت الدولة زهاء 90 مليار سنتيم، عددا من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، نذكر على سبيل المثال قطاع كراء السيارات، إذ عبأت المندوبية آلاف السيارات المكتراة، 5 آلاف منها فقط في الدار البيضاء لضمان تنقل 10 آلاف مراقب ومفتش وباحث في مجموعة جهة الدار البيضاء التي تضم 600 منطقة خرائطية.يوسف الساكت

أسئلة 3 : الإعاقة ومستوى العيش جديد الإحصاء

الإحصاء يكشف تغيرا في التعامل مع زوار "المخزن"

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات