ارتفاع التكلفة جراء ندرة المياه والغش في البذور والمبيدات يعاني الفلاحون، منتجو فاكهة البطيخ الأحمر والأصفر بدكالة، كثيرا في سبيل تزويد السوق بهذا المنتوج الصيفي، الذي يعرف إقبالا على استهلاكه. وتتمثل معاناة المنتجين في ندرة مياه السقي وارتفاع تكاليف اليد العاملة وارتفاع سعر البذور ومبيدات الحشرات، التي تعرف تلاعبا وغشا من قبل بعض التجار والموزعين. وفرة في الإنتاج على طول الطرق الرابطة بين الجديدة وسيدي بنور من جهة والدار البيضاء من جهة أخرى، وفي ملتقى الطرق (مصور راسو وسيدي علي مثلا)، يلاحظ المسافر وجود شاحنات و"بيكوبات" وأكشاك وخيام على جنباتها مملوءة بفاكهة البطيخ الأحمر والأصفر، معروضة للبيع. وسجلت مصالح المديرية الجهوية للفلاحة بالجديدة وسيدي بنور، هذه السنة وفرة في منتوج البطيخ الأحمر (الدلاح) والبطيخ الأصفر بجميع أنواعه (السويهلة، الأناناس، المنون)، رغم الإكراهات المناخية وارتفاع درجة الحرارة. وعرف إقليم سيدي بنور (العونات على الخصوص) تسجيل أرقام قياسية سيما في ما يخص البطيخ الأحمر كما عرفت منطقة بولعوان التابعة لإقليم الجديدة بدورها ارتفاعا ملحوظا في منتوج البطيخ الأحمر والأصفر، نتيجة اهتمام الفلاحين بهذه المنطقة بهذا المنتوج ودرايتهم بطرق زراعته. وأكد المختار أيت الفارية، رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية بسيدي بنور، التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدكالة، في تصريح صحافي، أن المنطقة معروفة بزراعة البطيخ الأحمر والأصفر نتيجة اهتمام الفلاحين بهذا النوع من الفاكهة الصيفية من جهة ونظرا للتأطير والتوجيه والمواكبة من قبل مصالح المكتب الجهوي نفسه. وتحتل منطقة دكالة مرتبة متقدمة في إنتاج فاكهة البطيخ بكل أنواعها، والتي تنضج وتغزو الأسواق الداخلية (سوق ثلاثاء سيدي بنور وخميس الزمامرة وأحد أولاد افرج وخميس البئر الجديد واثنين سيدي إسماعيل)، كما تجد لها مكانة مهمة في أحياء ودروب سيدي بنور والجديدة. ولا تقتصر على الأسواق التابعة لدكالة، بل يقبل تجار هذه الفاكهة على اقتنائها لترويجها بمراكش وأكادير والدار البيضاء على الخصوص، ومن أكبر الوجهات المفضلة لهؤلاء التجار. كلفة مرتفعة أوضح رئيس التنمية الفلاحية ذاته، أن منطقة دكالة تعرف وفرة في الإنتاج وتعرف أيضا بجودته، مضيفا أنها تتوفر على حوالي 200 هكتار لإنتاج البطيخ الأصفر و500 هكتار لإنتاج البطيخ الأحمر ويتراوح حجم الإنتاج من البطيخ الأحمر ما بين 50 طنا و60، في الهكتار، فيما يتراوح ما بين 60 طنا و70 بالنسبة إلى البطيخ الأصفر. وأوضح رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية، أن فلاحي المنطقة يقومون بمجهودات جبارة في سبيل تحقيق هذا المنتوج من حيث الكم والكيف، أي الحجم والجودة، إذ يعتمدون على تقنية السقي بالتنقيط التي استفادوا منها في إطار سياسة الدعم الذي تخصصه الدولة في هذا المجال. وتتميز منطقة دكالة (سيدي بنور وبولعوان) بإقبال الفلاحين على إنتاج الزراعات الصيفية (البطيخ الأحمر والأصفر على الخصوص) بعد الانتهاء من الزراعات الخريفية محترمين الدورة الفلاحية وتنويعها. يقول إبراهيم زوزو فلاح من بولعوان، "الفلاحون هنا معتادون على زراعة البطيخ الأصفر المعروف بجودته وحلاوته، إذ يكثر عليه الطلب في هذا الوقت بالذات، إلا أن شروط وظروف إنتاجه عرفت مجموعة من الإكراهات، المرتبطة بالتغيرات المناخية، المتسمة بتراجع التساقطات المطرية، التي كانت تخفف العبء المادي عن هؤلاء المنتجين". ويضيف المصدر ذاته، أن زراعة هكتار واحد تتطلب تكلفة مرتفعة تقدر بـ 40 ألف درهم، نتيجة ارتفاع كلفة اليد العاملة وتكلفة ضخ المياه من الآبار، إضافة إلى ارتفاع سعر الأدوية والمبيدات الحشرية. غش وتزوير وعن ظروف وشروط إنتاج البطيخ الأحمر والأصفر، ومعاناة الفلاحين جراء الغش والتزوير في البذور ومبيدات الحشرات، يقول نبيل الريطب فلاح من المنطقة نفسها، "المنطقة معروفة بزراعة هذه النوعية من البطيخ، التي تتطلب مجهودات مضاعفة بداية من تهيئة الأرض واقتناء "النقلة" (الشتلات) وزرعها ومتابعتها ليلا نهارا ومداواتها والحرص على تنظيم ومراقبة عملية السقي لأن المنطقة معروفة بارتفاع درجة الحرارة، ومعرفة وفرز المبيدات الحقيقية من المزورة". وأضاف الريطب أن تزوير البذور والتلاعب في الأدوية والمبيدات، يزيد من إرهاق الفلاحين المنتجين لهذه المادة، إذ ترتفع التكلفة سيما بعد ضبط عدم فعاليات العديد من هذه المواد نظرا لمزجها وخلطها بمواد أخرى مما يخفض من جودتها وفعاليتها، إذ يصبح الفلاح مضطرا لشراء كميات كبيرة للقضاء على الأمراض والطفليات. ولا تقف معاناة الفلاحين عند هذه الممارسات التي تتطلب الترصد لها من قبل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) ومصالح المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة، بل تتعداه إلى طرق ووسائل توزيع وترويج المنتوج، في غياب أسواق قارة ومعروفة بالسهر على المنتوج وضبطه وتثمينه، إذ يجد الفلاحون أنفسهم في ظل هذا الغياب، عرضة للسماسرة والمحتكرين، الذين يفرضون شروطهم على المنتجين مقابل اقتناء المنتوج في الحقول. أحمد ذو الرشاد (سيدي بنور)