العروسي… صوت الجبل : لم يتعامل كثيرا مع رموز العيطة الجبلية

لم يتعامل الراحل الحاج محمد العروسي، طيلة مساره، فنيا مع رموز ومشاهير العيطة الجبلية، إلا في حالات قليلة جدا شارك فيها أجواقهم أو شارك بعضهم جوقه في عزف أغاني معينة. ولم يهد أغانيه وقصائده وألحانه حتى إلى أقرب تلاميذه، بمن فيهم الفنان عبد الرحيم الصنهاجي الذي لازمه طيلة نحو عقد منذ بداية تعاملهما في سنة 1971، ما كان مصدر عتاب النقاد ومعارفه وأصدقائه. ويؤكد عبد الواحد الذهبي، الباحث في التراث الجبلي، هذه الحقيقة، موضحا كون تعامله الفني الوحيد كان مع زميله الحاجي السريفي في 3 أغاني، عزف فيها العروسي على آلة الكمان، في عيطة "يا عشراني" التي أداها الحاجي، فيما عزف السريفي الكمان مع العروسي في عيطة "مجد الأولياء" وأغنيته "بغيت الراجل مسكين"، دون نفي أدائهما المشتركة لأغاني أخرى ك"عين زورة". ويشير إلى غزارة تعامله مع عدة أصوات وعازفين انضموا في فترات متلاحقة إلى جوقه الذي أثثه أخواه المرحوم مولاي أحمد وشقيقه عبد النور عازف الطر، بينهما الفنانات نجاة التازي وزهور الخمليشي وحنان التازي وعبد الرحيم الصنهاجي وبوعلام وشامة الزاز، لكن "الحاج ما عمرو عطا أغانيه لشي أحد" لأسباب مجهولة تخصه، و"تلك خصلة لم يكن البعض يستحبها فيه". ويؤكد الفنان عبد الرحيم الصنهاجي، هذه الحقيقة، رغم تأكيده أن "الحاج رجل طيب، دوزنا معاه أحلى الأيام وحياة طيبة، كنا بحال أولادو"، مؤكدا أنه رغم استقلاله وتأسيسه مجموعته بعد سنوات من العمل المشترك، فإنه "واضب معه على التعاون خاصة حين تسجيل أغاني جديدة"، ورافقه في جولات خارج أرض الوطن، للمشاركة في مهرجان غرناطة في سنة 2006 بفرقة مشتركة بينهما. وأوضح الصنهاجي صاحب 6 ألبومات غنائية أنتجها قبل ظهور القرصنة حيث قرر عدم الإنتاج خوفا على ضياع مجهوده والتوجه إلى التعامل مع قنوات تلفزيونية وإذاعية، أنه بعد التحاقه به في فرقته بفاس، الكثيرة العدد، كان من حين إلى آخر، يلح على اقتسام المجموعة إلى 3 فرق يتوليان إدارة كل واحدة منها إلى جانب المرحوم مولاي أحمد العروسي المتوفى قبل نحو 4 سنوات خلت.ورافق عبد الرحيم زميله العروسي منذ بداية السبعينات لما فتح الثاني محله بزقاق الحجر بالطالعة الصغيرة بفاس، حيث دأب على عزف الكمان إلى جانب مولاي أحمد وعبد الغني التطواني، وترديد مقاطع كل أغنية مؤداة من قبل المرحوم على شكل كورال، مشيرا إلى أدائه في تلك الفترة، أغاني مشتركة لفنانين آخرين من قبيل "بابا صلاح" و"كيف ندير أسيدي" للفنان عبد الهادي بلخياط. ولم ينكر هذا الفنان العصامي الشاب ابن دوار المنعة بالجماعة القروية عين مديونية بإقليم تاونات، المعول عليه لأخذ مشعل المرحوم الذي شارك في 2005 في عيد الفتح بليبيا، تقليده أغانيه الرائدة في مختلف الحفلات والمهرجانات، قبل أن يشاركه العزف والغناء في تظاهرات مختلفة كما في مهرجان الفنون الشعبية بمدينة مراكش لما تأهل من بين 19 فرقة في إقصائيات أجريت بطنجة. وعكس تجربة عبد الرحيم، فإن رفيق دربه وزميله بوعلام الصنهاجي ابن دوار بجماعة بوعادل المجاورة لسكناه، لم يتعامل مع المرحوم، إلا في سنة 2004، بعدما حرص على أداء بعض أغانيه وتقليدها، مؤكدا أنه "لم يكن يتقبل منح أغانيه لغيره"، مشيرا إلى أنه رافقه في 8 سهرات تلفزيونية وسافر رفقته إلى أدريبدجان وتركيا للمشاركة في تظاهرات فنية، بدعوة من وزارة الثقافة المغربية.وإن كان عبد الرحيم رافق العروسي وشامة الزاز في عدة سهرات بثتها القناة الأمازيغية، فإن بوعلام رافقه كذلك في تظاهرات فنية نظمتها جمعيات بمدن مختلفة ومهرجانات محلية ووطنية بل حظي بالتكريم رفقته في إحدى دورات المهرجان الوطني للعيطة الجبلية التي يؤكد عدم خوضه تجربتها لعدم وجود جوق متجانس قادر على حفظ الأغاني والعزف الصعب لهذا الشكل الفني الجبلي.ويتذكر بوعلام الذي ولج الفن وهو في سن العاشرة إلى أن راكم أكثر من 23 ألبوما غنائيا في سوق الغناء الشعبي، في حديثه عن تجربته مع العروسي الذي يعتبره "مدرسة قائمة الذات، تخرج منها غالبية فناني العيطة الجبلية بإقليم تاونات وغيره من أقاليم الشمال"، بداياته الأولى في تقلد بعض أغانيه خاصة أغنيتيه "ركبت على عين زورة" و"أيا احبابي" وأغاني وطنية أخرى. وأكد مشاركته وعبد الرحيم الدادون الذي أسس جوقا باسم المرحوم بعد وفاته، في أداء أغاني مختلفة ذات مواضيع متباينة تراوحت بين التغني بالطبيعة والأم والهجرة والحب والمرأة وأداء أغان وطنية شعبية، مؤكدا أن "العروسي إنسان طيب عاش كريما ومات عفيفا" و"كل من يرافقه يكتشف أشياء كثيرة من خصاله التي قد لا تظهر حين التعامل ظاهريا معه". وقال إنه "كان كيبغي الخير لكل الناس" و"لا يبخل في تقديم المساعدة لكل محتاج لها"، لكنه لم يحظ بالاهتمام الرسمي على غرار فنانين آخرين غرفوا المال الكثير، فيما عاش الحاج بسيطا ومتواضعا بمنزل بسيط بحي بنسليمان بفاس، أواه طيلة مرحلة مهمة من حياته قبل أن تتوفاه المنية في 14 فبراير الماضي بعد معاناة طويلة مع المرض الذي نخر جسده وحمله إلى دار البقاء. حميد الأبيض (فاس)

العروسي… صوت الجبل : لم يتعامل كثيرا مع رموز العيطة الجبلية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المقاومون الشجعان : المقاوم أو حمو الزياني أباد الفرنسيين في خنيفرة

محطات في تاريخ السينما المغربية : 90 في المائة من الشباب لم يلجوا قاعة سينمائية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات