قرارات ملك استثنائي : كنت سأجمع حقائبي لو فشلت المسيرة

سنوات بعد نجاح المسيرة الخضراء في تحقيق أهدافها، واقتحام الأسلاك الشائكة التي كانت تفصل الجزء الصحراوي من المغرب عن تراب الوطن، قال الملك الراحل الحسن الثاني في حوار مع الصحافي الفرنسي جان دانيال مدير مجلة لوبسرفاتور، وهو بالمناسبة صديق للملك، وبت الحوار كاملا على أمواج الإذاعة والتلفزة، بعد ترجمته للعربية ، (قال) في معرض جوابه عن سؤال حول ما إذا كانت المسيرة قد فشلت أو تم إطلاق الرصاص عليها من قبل القوات الإسبانية، بكامل الجرأة «كنت سأجمع حقائبي وأقدم استقالتي وأختار المنفى».لم يكن من السهل تعبئة 350 ألف مواطنا، وقد وصفها الوزير السابق والمفكر اليساري عبد الله الساعف، في أحد كتاباته بأنها «أول ارتعاشه قومية يعيشها المغاربة بعد الاستقلال». وقد كانت حدثا تاريخيا بامتياز، ليس فقط، لأن تلك المسيرة قد ترجمت كفاءة لوجستيكية عالية عبر عنها البناء التنظيمي، لتعبئة وإدارة 350 ألف مغربي، انطلقوا من طرفاية إلى العمق الصحراوي، حاملين الراية المغربية والقرآن، لكن أيضا، لأن ذلك الحدث عبر عن كفاءة استراتيجية وذكاء سياسي، جعلت المسيرة واحدة من عناوين الهوية المغربية. فالمسيرة الخضراء أشرت لمغرب كان في أواسط السبعينات يوازي ما بين الطموح إلى تأسيس بنائه الديمقراطي، والطموح إلى تأسيس بنائه الوحدوي عبر استكمال تحرير أراضيه المستعمرة جنوبا.وكان علينا أن ننتظر مرور هذا الوقت الكامل، لنختبر صحة هذه الفرضية للتأكيد على نجاعة هذا الحدث تنظيميا وسياسيا وإستراتيجيا.في أكتوبر 1975 أقر الملك الراحل الحسن الثاني بحق المغرب في صحرائه الغربية، وأعلن عن تنظيم مسيرة سلمية مكنت من فتح الطريق لاسترجاع الصحراء بعد أكثر من 75 سنة من الاحتلال الاسباني.إنها المسيرة الخضراء لتأكيد مغربية الصحراء، والتي شملت 350 ألف مغربي اجتازوا الحدود رافعين القرآن الكريم والأعلام الوطنية.وبإعلان الملك الراحل الحسن الثاني إطلاق المسيرة الخضراء في نونبر 1975 صنع حدث القرن بامتياز، إن على الصعيد السياسي أو على الصعيد اللوجيستيكي والتنظيمي. انطلق 350 ألف مغربي، في نظام وانتظام، من طرفاية إلى العمق الصحراوي «مدججين» بسلاح خاص غير معهود في الحروب، قوامه كتاب الله (المصحف الشريف) والعلم الوطني، والإيمان الراسخ بعدالة القضية. وكانت مناسبة برهن فيها المغاربة عن كفاءة لوجيستيكية عالية وبعد استراتيجي جعلت المسيرة الخضراء تتموقع بين مكوّنات الهوية المغربية. إنها تتويج لحرب خاضها الملك الراحل الحسن الثاني مع الجنرال فرانكو حيث أطلق في وجه الجيش الإسباني حربا سلمية جعلته مكتوف الأيدي.وقد رأى الكثير من المؤرخين وعلماء الاجتماع السياسي وسيكولوجيا الجماعات في المسيرة الخضراء فعلا اجتماعيا وسيكولوجياً خاصاً. ورأى عبد الله ساعف، أستاذ العلوم السياسية أن المسيرة الخضراء كانت أول إرتعاشة قومية عاشها المغرب والمغاربة قاطبة بعد الاستقلال.المسيرة قرار صعب، لأنه مغامرة غير مضمونة النتائج. تضحية بكم بشري هائل لا سلاح لهم سوى القرآن الكريم والأعلام الوطنية وروح الفداء التي هي مبدأ معروف عند المغاربة. لكنها كانت ضرورية لوضع إسبانيا الجنرال فرانكو أمام مسؤولياتها التاريخية، بعد قرار محكمة لاهاي التاريخي، والذي نص على أن الأقاليم الجنوبية المحتلة من قبل إسبانيا تعود تاريخيا إلى المغرب. لو فشلت المسيرة، كان الوضع سيكون كارثيا. ولا أحد يمكن أن يتوقع ما يمكن أن يحدث لو لم تنجح المسيرة، لكنها بالنتيجة حررت الأرض، وصالحت المغاربة في ما بينهم، حيث اعتبرت المسيرة الخضراء حدثا فاصلا في علاقة الملك الراحل الحسن الثاني بالمعارضة، إذ اقترن الاجماع الوطني حول الصحراء بالسلم الاجتماعي والمسلسل الديمقراطي، وقطع الاتحاديون نهائيا مع الخيارات الانقلابية، وأقروا النضال الديمقراطي خيارا إستراتيجيا للتغيير، وذلك خلال المؤتمر الاستثنائي للحزب سنة 1975، والذي أقر تغيير اسم الحزب من الاتحاد الوطني إلى الاتحاد الاشتراكي. إعداد: عبدالله الكوزي

قرارات ملك استثنائي : كنت سأجمع حقائبي لو فشلت المسيرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصخيرات تحتضن مؤتمر "فكر" في دجنبر

الرجاء يعرض 200 مليون للتعاقد مع بامعمر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات