«الصباح» تحقق في الموضوع وتقف على حجم الخصاص وسوء التدبير وأزمة تطبيق قانون المركبات المخالفة تتوصل جماعة البيضاء، عبر مصالحها المختصة في المقاطعات وشركة البيضاء للبيئة، بعشرات الرسائل والاتصالات الهاتفية، من عمال عمالات المقاطعات، تنبه إلى الخصاص الكبير في مربعات إيداع المركبات موضوع مخالفات لقانون السير، ووصول الطاقة الاستيعابية لأغلب المحاجز وسط المدينة والضواحي إلى حالة الملء القصوى. وتجد جماعة البيضاء صعوبات في تدبير هذا القطاع، رغم توفرها على واحد من أكبر المحاجز بالمغرب (عمالة النواصر) بطاقة استيعابية تزيد عن 3500 مكان (الشطر الأول)، إضافة إلى ثمانية محاجز أخرى وسط المدينة، ومحجزين مؤقتين بمنطقة الوازيس (أمام محطة القطار) وعين السبع (قرب المحكمة الابتدائية)، دُشن قبل أيام. فما الذي يجري بالضبط بهذا القطاع الحيوي المرتبط بسلامة المواطنين وتدابير الأمن العام؟ ولماذا تعجز الجماعة، إلى حد الآن، عن توفير الأماكن الشاغرة لركن السيارات والشاحنات والدراجات النارية والدراجات رباعية العجلات؟ وما هي أسباب "فشل" مشروع المحجز الكبير بأولاد عزوز الذي انطلق فيه العمل في 2021 لتعويض المحجز القديم بالحي الحسني-عين الشق-أنفا؟ ومن يدبر المحاجز الثمانية الأخرى ويسهر على التتبع اليومي، وإطلاق طلبات العروض الخاصة بوضع المركبات المخالفة في مسطرة البيع في المزاد العلني إذا تجاوزت المدة 366 يوما؟ وما علاقة هذه الفوضى بمنظومة الأمن وشركات القطر والخفر في الحالات التي تشكل بعض المركبات خطرا على سلامة المواطنين والممتلكات؟ إعداد: يوسف الساكت في 13 يناير 2023، طبقت الأجهزة الأمنية بولاية البيضاء "البروتوكول الأمني للتعامل مع المواد المشبوهة"، بعد رصد سيارة مهجورة في شارع أنفا تركها صاحبها في الشارع في ظروف مريبة، دون أن يتمكن أعوان تحرير المخالفات من قطرها وإيداعها أقرب محجز. وخضعت السيارة لفحص شامل من قبل كلاب بوليسية مدربة وباستخدام أجهزة الكشف عن المتفجرات. وتبين أنها لا تحمل أي مواد مشبوهة ولا تشكل أي خطر على سلامة الأشخاص والممتلكات، بحسب مصادر أمنية. وفي 15 ماي من السنة نفسها، توجه مواطن إلى المحجز البلدي بعين السبع، لاستلام سيارته المحتجزة، بسبب مخالفة في قانون السير، فعثر عليها مركونة بأحد الأزقة القريبة من "الفوريان" بمنطقة عكاشة في حالة يرثى لها، ما دفعه إلى الاحتجاج والتهديد برفع دعوى قضائية. وفي كل الأيام، يكتفي رجال الأمن وأعوان تحرير محاضر المخالفات، بقطر المركبات، موضوع مخالفات لقانون السير، إيصالها إلى باب المحاجز، وتوقيع محضر الاستلام مع المكلفين، ثم الانسحاب، بينما تترك السيارات والشاحنات والدراجات النارية مركونة في الأزقة والشوارع المجاورة، بسبب عدم وجود أماكن شاغرة. وأثارت هذه الظاهرة انتباه المسؤولين عن الإدارة الترابية، خصوصا في عين السبع، الذين طالبوا، في عدد من الممرات من الجماعة (المدبرة لمرفق المجاحز البلدية) التدخل لإيجاد حل، وتسهيل مسطرة الإيداع في ظروف تحترم القانون مرسوم حجز المركبات وإيداعها المجحز. 8 محاجز تتوفر البيضاء على ثمانية محاجز بلدية (دون احتساب المحجز الكبير بجماعة ولاد عزوز) موزعة على تراب المدينة بطاقة استيعابية تصل إلى 3000 مكان للسيارات و21.114 مكان للدراجات، أكبرها محجز البرنوصي- الوردة (1440 مكانا للسيارات و11.250 مكانا للدراجات على مساحة 18.000 متر مربع مشيدة على عقار خاص). وحسب وثيقة رسمية اطلعت عليها "الصباح" منجزة في 2019، في إطار عملية تشخيص عام لقطاع المحاجز وخفر المركبات، تستعين الجماعة بمحاجز بلدية أخرى في ابن امسيك (60 مكانا للسيارات و489 مكانا للدراجات على 750 مترا مربعا على عقار خاص، ومحجز بسباتة بطاقة استيعابية تصل إلى 96 مكانا للسيارات و750 مكانا للدراجات على مساحة 1200 متر مربع فوق عقار خاص كذلك. وفي سيدي مومن، تتوفر الجماعة أيضا على محجز بطاقة استيعابية 240 مكانا للسيارات و1875 مكانا للدراجات على عقار غير معروف، ومحجز السالمية بسيدي عثمان 240 مكانا للسيارات و1875 مكانا للدراجات على عقار تابع للجماعة ومحجز الفداء بـ192 مكانا للسيارات و1500 مكان للدراجات على عقار تابع لأملاك الدولة، ومحجزان يوجدان بعين السبع، هما عكاشة بـ192 مكانا للسيارات و1500 مكانا للدراجات ولوسيور بـ240 مكانا للسيارات و1875 مكانا للدراجات، الأول فوق عقار جماعي والآخر على الطريق. وتسير الجماعة، بشكل مباشر، هذه المحاجز الثمانية بطريقة تقليدية، إذ وصلت كلها إلى مستوى من الملء منذ سنوات، وتتراكم السيارات والدراجات فوق بعضها في وضعية بئيسة، في حيز مجالي صغير لم يعد يستوعب العدد المتزايد من المركبات المخالفة التي تركن، في الغالب في الخارج، ما يطرح مشكلا كبيرا على مستوى الأمن. وتحتفظ أغلب المحاجز بعشرات السيارات والدراجات والشاحنات والدراجات رباعية العجلات، رغم مرور الأجل القانوني للإيداع، أي 366 يوما، وتكون الجماعة مجبرة، في هذه الحالة، على تفعيل مسطرة البيع في المزاد العلني التي تسمح بإخراج المركبات من المحجز، وترك المكان مركبات الجديدة، موضوع المخالفات. إخلاء الحي الحسني وإلى حد الآن، لا تطرح المحاجز البلدية الثمانية أي مشكل له علاقة بالعقار وتحريره، عكس المحجز البلدي الشهير للحي الحسني، وهو الأكبر، الذي كان يغطي عمالات مقاطعات عين الشق وأنفا الحي الحسني. ومنذ 2019، بدأت شركة "صوناداك"، المكلفة بإنجاز المحج الملكي الحسن الثاني، تضغط من أجل إخلاء عقارها الذي يقع عليه محجز الحي الحسني، الموزع إلى قسمين، واحد تابع لأنفا، وآخر لعين الشق، إذ تؤكد وثائق أن الأمر يتعلق بـ30.5 هكتارا توجد في منطقة إستراتيجية مفتوحة على الاستثمار والبناء. وإلى حدود هذه السنة (أي 2019)، كان المحجز البلدي الحي الحسني، يضم 480 مركبة كبيرة و3750 دراجة نارية في الشطر الأول و480 سيارة و3750 دراجة نارية، ضمنها عدد كبير من الدراجات ثلاثية العجلات، موضوع إيداع من قبل أعوان المراقبة، أو موضوع حجز قضائي. "يا فرحة ما تمت" وبناء على اتفاقية موقعة بين الجماعة في عهد المكتب المسير السابق (العدالة والتنمية)، وشركة "صوناداك" وشركة البيضاء للبيئة، سيشرع في وضع الترتيبات لإغلاق "فوريان" الحي الحسني ونقله إلى منطقة بعيدة، نسبيا، عن البيضاء، حيث تمكن المسيرون من إيجاد عقار بـ10 هكتارات بجماعة أولاد عزوز بإقليم النواصر. وأغلق المحجز البلدي ذائع الصيت أبوابه، الاثنين 12 يوليوز 2021، بصفة نهائية، بعد سنوات من الاستغلال ارتبط فيها هذا "الفوريان" بخصومات وصراعات بين مستخدميه، وأصحاب السيارات والدراجات والشاحنات التي كانت تودع بخلاء كبير، عبارة عن عقار في ملك خواص. وحرر قرار نقل المحجز الجماعي إلى خارج البيضاء، وإنهاء حياة هذا الفضاء "العشوائي" الشاسع الذي كان مقسما إلى قسمين، واحد خاص بمنطقة نفوذ الحي الحسني، وآخر بمنطقة نفوذ أنفا، مع كل أشكال سوء التنظيم والتدبير والفوضى التي كان يعرفها المكان، وكانت تشكل مصدر قلق على ممتلكات المواطنين. وحسب تقرير حصلت عليه "الصباح"، خصص المحجز الجديد لإيواء المركبات التي تزيد فترة احتجازها عن يومين، والمركبات المودعة حاليا في محجز الحي الحسني التي لن تتم تسوية وضعيتها في أجل أقصاه أسبوع واحد ابتداء من تاريخ افتتاحه (أي 24 يوليوز 2021). بالموازاة مع ذلك، فتحت الجماعة محجزا أوليا بالوازيس، لاستقبال المركبات المخالفة لقانون السير بتراب كل من عمالات أنفا، الحي الحسني وعين الشق، بشكل مؤقت لمدة 48 ساعة على الأكثر، على أن يتم قطرها تلقائيا إلى المحجز الجماعي بأولاد عزوز، إن لم يتم استردادها من قبل أصحابها داخل هذا الأجل. وكلفت الجماعة شركة التنمية المحلية البيضاء للبيئة بتدبير هذين المرفقين الحيويين طبقا لبنود الاتفاقية التي تربطها بجماعة أولاد عزوز، والموقعة في ماي 2021، قبل أن يضاف إلى هذه الاتفاقية ملحق جديد بتدبير محجز أولي ثان بمنطقة عين السبع، افتتح في الأيام القليلة الماضية، قرب المحكمة الابتدائية. ويتوفر المحجز الجديد في أولاد عزوز على طاقة استيعابية أكبر من المحجز القديم، إذ ساهمت شركة "صوناداك" بقيمة 5 ملايين درهم (من استثمار وصل إلى 30 مليون درهم)، لتجهيز الشطر الأول الذي يتسع إلى 3500 مكان، كان كافيا لحل معضلة حجز وإيداع السيارات، لولا سوء التدبير الذي استمر سنتين. مقبرة للمركبات رغم حداثته، تحول "الفوريان" الجديد بأولاد عزوز، إلى مشكل في حده ذاته. ووصل هذا المرفق العمومي إلى مرحلة الملء النهائي تقريبا، بسبب تقلص المساحة الأصلية للعقار (خصص جزء منه لمنبت تابع للعمالة)، وأيضا، بسبب التأخر في تنفيذ مسطرة البيع بالمزاد العلني لمئات المركبات المحتجزة، أو تلك التي رحلت، سابقا، من محجز الحي الحسني. ويجد أصحاب شاحنات القطر صعوبة في إيجاد أماكن لإيداع المركبات المحتجزة، سواء في المحجز الجماعي بأولاد عزوز، أو في مواقف السيارات المؤقتة التي وفرتها الجماعة بعدد من النقاط، من أجل الحجز المؤقت لـ48 ساعة، قبل نقلها إلى هذه المنشأة الجماعية الموجودة بالطريق 3003 قرب دوار البوعمريين. ويربك سوء تدبير المحجز البلدي والتعثر في إنجاز أهم الأوراش به، حركة السير والمرور بالبيضاء، إذ لا يمكن الاحتفاظ بالمركبات المحجزة أكثر من يومين، كما لا يمكن، في الوقت نفسه، قطرها إلى أولاد عزوز، لعدم وجود أماكن شاغرة. ومع مرور الوقت، تحول المحجز إلى مقبرة لمجموعة من العربات والمركبات التي تركن بالمحجز لمدة طويلة والتي تعاني تضررا كبيرا في بنيتها بفعل حوادث سير، فتصير متلاشيات بعد أن أصبحت تتآكل يوما بعد آخر، من بينها سيارات مهترئة ظلت شاهدة على نظيراتها التي يعلوها الغبار وأصبحت تتنافس على لقب عميدة المحجوزات، بعدما يصير من الصعب على السائق المخالف استرداد مركبته بفعل التكلفة التي تتضاعف يوما بعد آخر، نتيجة تأخره الذي يحدث إما بسبب بعد المسافة أمام كثرة انشغالاته، أو انتظاره جمع المبلغ المطلوب لأداء مصاريف الإيداع والقطر والمخالفة. صفقات بيع مؤجلة من أكبر الأخطاء المرتكبة في الفترة السابقة، الاحتفاظ بعدد كبير من المركبات، شاحنات وسيارات ودراجات نارية ودراجات رباعية العجلات، في المحجز القديم للحي الحسني، رغم مرور 366 يوما على وجودها في هذا المرفق العمومي. ويلزم القانون الجماعات الترابية بإطلاق طلب عروض للبيع في المزاد العلني للعربات التي تتجاوز سنة كاملة ويوما في المحجز البلدي، ولم يتمكن أصحابها، لسبب أو آخر، من استرجاعها في هذه المدة. وحسب معطيات رسمية، استقبل "فوريان" أولاد عزوز، في الأشهر الأولى لافتتاحه، 1700 مركبة كبيرة ودراجة نارية و"تريبورتور"، ما يمثل 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية للشطر الأول (3500 مكان). ورغم مرور أكثر من سنتين، وإنجاز عدد من الخبرات لتقويم ثمن البيع (بين 2.5 مليون درهم و3 ملايين)، والدعوة إلى اجتماعات متتالية للجنة التتبع، وتوصل والي الجهة ورئيسة الجماعة بتقارير مفصلة تنبه إلى الوضعية الكارثية، مازال الوضع على ما هو عليه. وفي 22 يونيو الجاري، فشلت مصالح الجماعة، للمرة الثالثة، في توفير شروط النجاح إلى صفقة عمومية، بعد ثلاث محاولات سابقة، تخللتها أخطاء تقنية وإدارية. وحضر الأربعاء الماضي أكثر من 40 ممثلا لشركات متخصصة في شراء المتلاشيات شاركت في الصفقة العمومية، قبل أن يطلب منها العودة من جديد، بسبب سهو في إدراج الملفات في قاعدة البيانات الرقمية لبوابة الصفقات العمومية الرسمية.