منيـب: انتظـروا شعـب اليسـار

زعيمة الاشتراكي الموحد قالت إن الممارسة الانتخابية تدفع في اتجاه اتساع دائرة العزوف حذرت نبيلة منيب، زعيمة الاشتراكي الموحد، من مغبة الاستمرار على طريق الممارسة الانتخابية الجارية في بلادنا دون الانتباه إلى الفرق الحاصل بين خطاب الحملات الانتخابية والنتائج المعلن عنها، الذي سيدفع في اتجاه اتساع دائرة العزوف السياسي. وقالت الأمينة العامة لحزب "الشمعة" إن هناك أزمة ريادة سياسية في المغرب على غرار ما هو حاصل في العالم أجمع، خاصة في معترك اليسار، مسجلة أن الزعامة تبنى بالمزايا والمعارف والشجاعة التي بدونها لا يتمكن القائد الحزبي من تحريك المشروع السياسي. وفي ما يلي نص الحوار : أجرى الحوار: ياسين قُطيب وبرحو بوزياني / تصوير (عبد اللطيف مفيق) أين وصل ورش الإعداد للمؤتمر الوطني الخامس لحزبكم المرتقب نهاية السنة؟ > هذه الفترة تتزامن مع المراحل الأخيرة لإعداد الحزب مؤتمره الخامس، ولقد أنهى بالفعل كل ما يتعلق بالشق الأدبي والفكري لهذه المحطة التنظيمية الاستثنائية، بالنظر إلى أننا حاولنا اعتماد منهجية اجتهادية تتضمن تقديم أجوبة شافية عن الأسئلة الملحة التي ترهن الوضع السياسي للبلاد والمساهمة في إخراج اليسار المغربي من نفق التصحر الفكري والتيه النظري الذي طبعه منذ سنوات، وكما يقول تشي جيفارا "من ينبغي أن يغير العالم يجب عليه أولا أن يعرف هذا العالم"، بمعنى أن معرفة عالم اليوم تقتضي تحليل تداعيات الوضع العالمي وبحث مسالك الأفق نحو مستقبل أمن لبلادنا بين مطبات ما بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. ألا تعتقدون بأن الاشتراكي الموحد يدفع ثمن قدر الانشقاقات المزمنة؟ > دائما تبعا لمقولات تشي جيفارا، عندما اشترط قوة التنظيم لفرض الذات، فإننا نعمل على مدار الساعة منذ مدة على إعادة البناء الحزبي، إذ نتوفر اليوم على 125 فرعا، وهي حصيلة نعتبرها جيدة، بالنظر إلى أن الحزب يوجد في مرحلة استجماع القوى بعد منعطف طبعه الانشقاق، لكننا نعتبره كذلك حدثا إيجابيا لأن الانشقاق مصدره الاختلاف، والذي هو دليل ارتباط بنبض المجتمع وتجذر بين كل تياراته، لأن التجاذب الحاصل لم يكن نتيجة خلافات شخصية، بل كان نتيجة اختلاف في الرؤى والتوجهات، فالقوة هي التي تصنع الوحدة وليس العكس، الوحدة قد لا تصنع القوة، ونحن نعتقد أن من يريد أن يصنع أرضية لتجميع الجبهات عليه أن يحدد المنطلقات حتى يمكن الحديث عن جبهة اجتماعية موحدة تتجاوب مع كل مكونات المجتمع المغربي. لماذا لم يجن حزبكم ثمارا تنظيمية من اصطفافه في الجبهات الاحتجاجية؟ > في اعتقادنا أن هذه هي طريقة العمل المثلى لبناء جبهة مضادة تحدث التوازن المفقود في المشهد السياسي الحالي، الذي يفتقد إلى ناطق موحد وذي مصداقية باسم الجماهير الشعبية، لذلك نطمح إلى تقوية الجبهات الجماهيرية، والسبيل الأقرب إلى ذلك هو الاصطفاف مع الحركات الاحتجاجية، ونحن نعتبر أن الوضعية الراهنة تستوجب من الأحزاب والنقابات الجادة أن تقوم بنهضات داخلية، وعلى مكونات المجتمع المدني أن تتحمل مسؤوليتها في الاختيارات والتوجهات السياسية لذلك نريد أن نفتح النقاش سواء في الشق الداخلي بين الفروع أو مع المثقفين والفاعلين الجمعويين، الذين يمكن وصفهم بأنهم يدورون في فلك مبادئ الحزب الاشتراكي الموحد. ما هي أرقام الحضور الميداني للاشتراكي الموحد؟ > نحن نعتبر أن التقلص التنظيمي لأحزاب اليسار عموما معطى عالمي، لكننا نطمح إلى تقوية مدى قوة وجاذبية الخطاب وقربه من المطالب الشعبية مع الانتباه إلى أن الممارسة الانتخابية الجارية في بلادنا منذ مدة، والفرق المسجل بين فعاليات فترة الحملة الانتخابية والنتائج المعلن عنها رسميا، تدفع للأسف في اتجاه اتساع دائرة العزوف السياسي. ورغم توفر الحزب على هذا الحجم من الفروع والتنظيمات الموازية من محامين ومهندسين وشباب ونساء ولجنة خاصة بالشؤون البيئية، فلن نقول بأننا نتوفر على نسبة كبيرة من الانخراطات، لأن الإكراهات الانتخابية تصعب مأمورية مضاعفة أعداد المنخرطين فعلى سبيل المثال كانت أعداد الشباب المنخرط في صفوف الحزب قبيل انتخابات 2016، قد تجاوزت عتبة 5 آلاف طلب انخراط، لكن سيناريوهات النتائج المعلنة في 2016 و2021 خيبت آمالهم ونحن نقدر موقفهم لأن الشباب بطبيعته لا يملك النفس الطويل ويريد تحقيق النتائج في أقرب وقت، وهذا أمر لمسناه منذ أشهر الاستعداد للاستحقاقات الأخيرة فقد تجاوز عدد المقبلين على صفحة الأمينة العامة عتبة المليون، بل إن هناك بعض المداخلات والأنشطة التي حصدت الملايين من المتتبعين الذين يعلقون إيجابا على ما نقوم به، ربما لأننا نحمل أفقا سياسيا لفئة ستقول كلمتها في المستقبل، لذلك أقول انتظروا شعب اليسار، لكن ترجمة ذلك إلى كيان سياسي يتطلب عملا وتواصلا و تفاعلا مع ما يشغل بال الفئات التي تتبنى الأفكار نفسها التي ندافع عنها. هناك من يخشى على الاشتراكي الموحد بعد منيب، في إشارة إلى هيمنة صورة الأمينة العامة وضمور الحزب تنظيما، كيف تردون على ذلك؟ > اليوم تطرح أزمة الريادة السياسية على المستوى العالمي، وأعتبرها شخصيا أنها كفاءة تبنى بالمزايا والمعارف والشجاعة، لأن القائد الحزبي الحقيقي هو من يملك القدرة على تحريك المشروع السياسي، لكن دون إخلال بآليات الديمقراطية الداخلية، وترك هامش المبادرة في الفروع، وذلك ما نحاول السير على نهجه فالرفاق هم يقودون أنشطة الحزب في المدن والمراكز وحتى القرى، وتكون القيادة مدعوة للحضور مثل جميع الحاضرين، لذلك أعتبر أن المجال مفتوح لبروز قيادة جديدة للحزب الذي يتوفر على تنظيمات موازية تزخر بالأطر والكفاءات والمثال على ذلك أن لدينا قطاعا يضم أكثر من 120 أستاذا جامعيا. الوحدة في الميدان كيف تقيمين واقع مشاركة بعض أحزاب اليسار في حكومة الإسلاميين؟ > لقد وجد اليسار نفسه تائها، وظن البعض أن التقارب مع الحركة الإسلامية هو السبيل لبناء قوة في الساحة، وهذا خطأ، لأن بناء القوة يحتاج إلى مشروع يساري، والبعض اختار نهج الاعتدال، أملا في المشاركة في الحكومات. ولهذا اختلفنا مع أحزاب اليسار في هذا الطريق، وحاولنا بناء تحالف اليسار، لكن كانت العملية عددية أكثر منها مشروعا وحدويا، وكنا نستبعد النقط الخلافية، من أجل البقاء داخل الفدرالية. ولهذا وصلنا إلى الانشقاق، رغم شرعنتنا للتيارات داخل الحزب. إن فشل محاولة التوحيد سببها هو أننا لم نتفق على المشروع السياسي، الذي يمكننا من أن نصبح رقما فاعلا في الساحة السياسية، كما أن المشروع لم يبن على أسس صحيحة، واليوم هناك عمل في الميدان، ونحن نؤمن في الحزب الاشتراكي الموحد، بأن الوحدة يجب أن تكون في الميدان بين كل مكونات أسرة اليسار، لبناء جبهة شعبية للنضال، لتغيير موازين القوى المختلة لصالح الاستبداد والفساد. ونلاحظ أن الدولة لم تعد تعير أي اهتمام لقوى اليسار، وأصبحت الحكومة تدبر الشأن العام، منذ مرحلة "كوفيد 19" بالمراسيم، ودون الحاجة إلى نقاش، وبعيدا عن البرلمان. زمن المقاومة السلمية هناك من يقول إن اليسار اليوم بالمغرب أصبح بدون يساريين, هل زاغ اليساريون عن سكة اليسار؟ > في الحقيقة يجب فهم أسباب تراجع اليسار في العالم أولا، في مواجهة النيوليبرالية، والتي تسعى إلى التحكم في العالم. لقد تم تدجين المجتمع المدني ودفع المواطنين إلى الابتعاد عن أحزاب اليسار، كما أن اليسار كان مطالبا بالاجتهاد والمقاومة أكثر في زمن تراجع المواطن الفاعل، وسيادة ثقافة الاستهلاك، وهذا صعب عمل اليسار، فالمبادئ اليسارية تظل نفسها قائمة، مثل التضامن والعدالة والمواطنة، ونحن نتحدث عن مشروع ديمقراطي بأفق اشتراكي، وهنا وجب إعادة بناء الفكرة الاشتراكية، للتجاوب مع التحولات الجارية وتجديد الخطاب اليساري، والجواب عن سؤال كيفية بناء العدالة الاجتماعية في ظل تفاقم المديونية، وعلينا الانخراط في العولمة البديلة من أجل إلغاء الديون التي تكبل أي حكومة مهما كان نوعها. إن المدخل لإعادة بناء مشروع اليسار بأفق اشتراكي، هو العمل من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية المجانية والجيدة التي تحرر الإنسان، وتربية الحس النقدي والمواطنة. كما يجب مواجهة التيارات المحافظة في المجتمع، والنهوض بأوضاع المرأة، ومحاربة زواج المال بالسلطة. إن الزمن الحالي، هو زمن المقاومة السلمية، والإبداع والابتكار لإعادة توهج اليسار إلى الواجهة. تقوية اللحمة الوطنية لماذا يغيب الحوار بين مكونات اليسار؟ > الواقع هناك مؤاخذات متبادلة بين أحزاب اليسار، وما يجب فعله هو عدم محاكمة الاختلافات، وهناك أحزاب تبنت موقفا في مرحلة ولم تكن صائبة، مثل ما فعل عبد الرحمن اليوسفي، حين قرر قيادة حكومة دون أن يحكم. وهناك أحزاب شاركت في الحكومات المتوالية إلى جانب الإسلاميين، بعد التراجع عن المنهجية الديمقراطية، واستمرت فيها، كل هذا يحتاج إلى نقاش. وقد تنبه عدد من مؤسسات البحث، مثل مؤسسة بنسعيد أيت يدر ومؤسسة عبد الرحيم بوعبيد وعلي يعتة وعلال الفاسي، والتي خلصت بعد النقاش، إلى أن هناك ضرورة لتقوية اللحمة الوطنية بوطنية متجددة، في مواجهة الأطماع الخارجية التي تهدد المغرب. وقد بادرنا إلى عقد لقاءات مع التقدم والاشتراكية والنهج الديمقراطي، وهناك مبادرات مقبلة، على أساس حمل الهم المشترك للبناء وليس الحوار بمنطق الأقوى، ومطالبة الآخرين بالالتحاق. في سطور - من مواليد 14 فبراير 1960 بالبيضاء - متزوجة وأم لابنتين - برلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد - حاصلة على الدكتوراه من جامعة مونبولييه الفرنسية - أستاذة جامعية بشعبة البيولوجيا مادة علم الغدد بكلية العلوم عين الشق - مسؤولة سابقة في النقابة الوطنية للتعليم العالي - مؤسسة لجمعية نساء في العلوم (المغرب) - أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد منذ يناير 2012 وأول امرأة مغربية تتولى منصب أمينة عامة - أعيد انتخابها لولاية ثانية على رأس الحزب الاشتراكي الموحد

منيـب: انتظـروا شعـب اليسـار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عدوى "السوايع" تصيب الابتدائي

المشمش‭ ‬مهم‭ ‬للجهاز‭ ‬المناعي

مقالات ذات صلة