البيضـاء تدبر تركـة سنـوات النكبـة

بنكيـران قال إن المدينة تواجه أولوية تدبير تداعيات شلل كورونا وتأخر تنزيل المشاريع المهيكلة وصف محمد شفيق بنكيران، رئيس مقاطعة عين الشق، البيضاء بالمدينة المنكوبة، بسبب تداعيات شلل سنوات كورونا والتأخر المسجل في أجندة تنزيل المشاريع المهيكلة. واعتبر الرئيس الأسبق لجهة البيضاء الكبرى أن الأولويات تختلف من مقاطعة إلى أخرى، محددا أهم معالم خطة العمل الخاصة بالمقاطعة التي يرأس مجلسها حاليا، وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب / تصوير (عبد اللطيف مفيق ) كيف تردون على الرأي القائل بأن هناك تأخرا مزمنا في إنجاز مشاريع البيضاء؟ > لكي تكون الأمور واضحة بالنسبة إلى الرأي العام وسكان البيضاء خاصة، تجب الإشارة في البداية إلى أن المجلس الحالي لجماعة البيضاء، والذي يرأسه التجمع الوطني للأحرار جاء بعد أزمة عالمية سببها جائحة «كوفيد 19»، التي كانت لها تداعيات غير مسبوقة في جميع بقاع العالم، ومن جملة مخلفاتها تعطل مصالح المدينة لمدة تزيد عن سنتين ونصف سنة توقفت فيها كل الأوراش التي كانت مفتوحة قبل مارس 2020، فتعطلت مسارات عدد من المشاريع منها تهيئة الطرق وصيانة المباني و المنشآت و المساحات الخضراء، إضافة إلى حدوث ارتباك في سير بعض المرافق إن لم تعلق أنشطتها كلا أو بعضا. من الطبيعي أن تنجم عن ذلك الجمود صعوبات كثيرة ستعترض عملية إعادة تحريك أوراش ومشاريع ومرافق المدينة، وتلك كانت الوضعية التي ورثها المجلس الحالي عن سابقه، إضافة إلى ضعف وتيرة تنزيل مشاريع سبق توقيعها أمام أنظار جلالة الملك في 2014 بغلاف مالي استثنائي وصل إلى 33.7 مليار درهم، لذلك نعتبر أن لهذا المجلس مهمة مزدوجة، أولا استكمال المشاريع المتأخرة ثم إنجاز برنامج عمله للفترة بين 2021 و2027 ثانيا. هل يعني ذلك أن وتيرة عمل المجلس أثرت سلبا على عمل المقاطعات؟ > يفرض القانون أن يكون وضع برنامج العمل أول نقاط أجندة المجلس الجديد، في سنته الأولى، لكن كان علينا أن نبدأ أولا بوضع تقييم يجرد الوضعية العامة للمدينة، التي يمكن أن نصف حالتها آنذاك بأنها المدينة المنكوبة، ما فرض إنجاز دراسة عامة لما هو كائن قبل رسم الطريق نحو ما ينبغي أن يكون. لذلك تم تكليف مكتب دراسات بوضع برنامج عمل يرتكز على توجهات التحالف الحزبي، المشكل من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، والأحزاب المساندة مثل الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، التي غلبت كفة الحفاظ على بيئة سليمة، خاصة في ما يتعلق بتدارك الخصاص المسجل على مستوى المساحات الخضراء الذي زاد من حدته مشكل الجفاف وما ترتب عنه من إجهاد مائي في المغرب، ومع ذلك كان هناك إصرار من التحالف لتبني شعار «البيضاء مدينة خضراء» في محاولة منه لتقليص التأخر الكبير المسجل على سلم التصنيف العالمي الذي يضع معيار عشرة أمتار لكل مواطن. ولمواجهة مشكل قلة الموارد المائية تم التفكير في إعادة استعمال المياه التي تذهب منها ملايين الأمتار المكعبة إلى البحر وهذا أعتقد هو أهم مشروع جديد ينخرط فيه المجلس الحالي، حسب رأينا. ما هي أوجه الخصاص المسجل في دائرة صلاحيات رؤساء المقاطعات عموما وعين الشق على وجه التحديد؟ > الأكيد أن الأولويات تختلف من مقاطعة إلى أخرى، لذلك فقد قام مكتب الدراسات المكلف برسم خارطة برنامج العمل بجولة في المقاطعات الستة عشرة لرصد الخصاص المسجل بها، وأجرى مقابلات مع الرؤساء لكي يأخذ علما بمطالب السكان والمجالس على حد سواء، فاتضح في النهاية أن هناك اختلافا في سلم الأولويات، هناك من تنقصه مرافق اجتماعية وآخر يفضل الإسراع بإنجاز فضاءات ثقافية ورياضية. ماهي أولويات مقاطعة عين الشق؟ > أما بالنسبة إلى مقاطعة عين الشق التي نتشرف برئاسة مجلسها فقد بدأنا العمل مباشرة بعد تسلم زمام المجلس بعد انتخابات 8 شتنبر 2021، وحرصنا على أن نتحرك وفق خطة شمولية بغية أن تكون الحصيلة متوازنة لا ترجح كفة مجال على حساب الآخر، لأننا نعتبر عين الشق عبارة عن نسخة مصغرة للمدينة ككل وتطرح بها كل أنواع المشاكل المرصودة في جميع تراب جماعة البيضاء، على اعتبار أن الدائرة الترابية للمقاطعة تجمع بين الأحياء الراقية و المتوسطة ومناطق السكن الاقتصادي والتجمعات السكانية الناقصة التجهيز، إضافة إلى دواوير دور الصفيح، لذلك يمكن اعتبار المقاطعة نموذجا مصغرا للمدينة، كما تعتبر المدخل الرئيس للمدينة، لأنها تشكل البوابة الدولية لكل القادمين عبر طريق مطار محمد الخامس، ما فرض علينا الانخراط في عملية تهيئة شاملة تكون في مستوى هذا الموقع، تشمل الطرق والمساحات الخضراء والفضاءات الاجتماعية و الثقافية والرياضية، ومن أهم تلك الأوراش تم إحياء فكرة الاستفادة من عقار الخيرية. رغم وجودها في الضواحي إلا أن مقاطعة عين الشق تعاني خصاصا في الوعاء العقاري الجماعي، بماذا تفسرون ذلك ؟ > بدأ البحث عن حل لأزمة الوعاء العقاري منذ أكثر من عقد وبالضبط في الولاية الانتخابية 2009 و 2015 التي حظيت فيها بشرف رئاسة المجلس، حيث شرعنا في البحث عن حل لمشكل الخيرية، الذي انتهى باستصدار حكم إفراغ وهدم من قبل جمعية الأمل لوضع حد لنزيف المشاكل المتراكمة، لكن بقيت الأرض منذ ذلك الوقت عبارة عن مساحة كبيرة من الأتربة والنفايات الهامدة أضيفت إليها جميع أنواع النفايات، لذلك تمت صياغة عدة مقترحات لرسم خارطة إعادة تهيئة هذه الأرض، وكان الإجماع على تخصيصها لإقامة عدد من المرافق التي تفتقر إليها المقاطعة التي تفتقر كذلك إلى الوعاء العقاري، في ظل كثافة سكانية مرتفعة في مركز عين الشق والأحياء المحيطة بعين الشق القديم، من درب الخير وحي الياقوت وحي مولاي عبد الله ومنطقة سوق الخليل التي تفتقر للمرافق الإدارية والاجتماعية والثقافية والرياضية نظرا لعدم وجود أراض جماعية يمكن استغلالها لهذا الغرض، لذلك كان الحل الوحيد المتوفر أمام المقاطعة والجماعة والسكان هو اللجوء إلى تركة عقار الخيرية، على اعتبار أن الأمر يتعلق بأرض توجد وسط الأحياء المذكورة، وبمساحة يمكن أن تسعف في احتضان مرافق ضرورية للاستجابة لحاجيات جزء كبير من سكان البيضاء. مدينة مرافق لم تقتصر المقترحات المقدمة بخصوص مشروع القطب الخدماتي على المنتخبين، بل اتسعت خلية التفكير المحدثة لهذا الغرض لفعاليات المجتمع المدني التي تعمل وسط السكان وتعلم جيدا ما هي خدمات القرب التي يحتاجون لها وترتيب الأولويات في المطالب الملحة، وانتهت الخلية إلى وضع خارطة مشروع نموذجي متكامل تتنوع مرافقه بين الفضاءات الرياضية والثقافية، والخدمات الاجتماعية وخاصة على مستوى العرض الصحي، بالنظر إلى أن هذه المقاطعة التي يناهز عدد سكانها نصف مليون نسمة لا تتوفر على مستشفى إقليمي، بل أكثر من ذلك ليس في المنطقة مركز للوقاية المدنية، لأن أقرب نقطة توجد في الطرف الآخر من تراب المقاطعة على تقاطع شارع الهاشمي الفيلالي «تادارت» وشارع المنظر العام. كما أن هناك حاجة ملحة لدار شباب في مستوى التوجهات الجديدة في مجال المكتبات الوسائطية والمرقمنة، والمهن الجديدة التي تحظى باهتمام كبير يجسده المعرض المقام حاليا في إطار تقييم الحصيلة السنوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لذلك نعتقد أن الحل هو هذا القطب الخدماتي متعدد المرافق، بما فيها المقرات والملحقات الإدارية. رد الاعتبار للقاضي بن دريس تسببت سنوات الجمود إبان كورونا وقبلها، في بعض التدهور في حال الطرق، سواء في الأحياء القديمة أو الجديدة ما فرض إطلاق أوراش التهيئة وإعادة التهيئة، خاصة تلك التي من شأنها مواكبة مشاريع طرقية كبيرة من قبيل القنطرة المعلقة بسيدي معروف وجسر محمد السادس على مدخل البيضاء عبر مديونة التي يتطلب إعادة النظر في شبكة المسالك والمعابر والمساحات الخضراء المحيطة به، إضافة إلى ورش إعادة تجديد شبكة الإنارة العمومية، وتزويد عدد من الدواوير بالماء الصالح للشرب ورد الاعتبار لبعض المناطق التي تعتبر تراثا للمدينة، الذي يمكن أن يوفر أفقا للأنشطة السياحية مثل الحي القديم لعين الشق وقصبة القاضي بن إدريس، التي تعتبر موقعا تاريخيا فريدا على مستوى البيضاء، وقد تم إفراغه من دوار الصفيح الذي كان بداخله، وإعادة إيواء سكانه في أفق إعادة الروح إليه ليصبح معلمة مرجعية في تاريخ المنطقة والمدينة ككل. نصف مليون بدون مستشفى نعتبر أن أهم إنجاز سيأتي ضمن مشروع القطب الخدماتي «الخيرية « هو المستشفى الإقليمي، إذ لا يعقل أن تكون قرابة نصف مليون نسمة بدون مستشفى، لذلك تم اقتراح إقامة مؤسسة صحية على شكل بناية من أربعة طوابق فوق مساحة إجمالية من 5000 متر مربع، وحين استكمال مسار تسوية ملف الوعاء العقاري سنشرع في الاتصال بالقطاعات الحكومية التي يمكن أن تدخل معنا شركة في هذا المشروع المتكامل، وطبعا سنطلب لقاء وزير الصحة والحماية الاجتماعية من أجل تدارس مشروع المستشفى، لكن المرحلة الأولى يجب أن تحسم أولا مسألة الأرض، إذ تعهد مجلس المدينة بتسوية الملف مع الأملاك المخزنية وكذلك بإنجاز أشغال التهيئة الأولية المتعلقة بالربط بالشبكة الطرقية و الكهرباء والتطهير السائل، ونعتقد أن يكون هناك تغيير في المشروع بناء على مشاورات سنفتحها قبل وضع الخارطة النهائية، سواء مع الشركاء أو جمعيات المجتمع المدني. دواوير ناقصة التجهيز هناك فرق بين الدواوير المبنية التي أصبحت واقعا يفرض نفسه منذ عقود ويجب التعامل معه بواسطة برامج إعادة التهيئة التي تم اعتمادها بنجاح في منطقة المكانسة، ونحن بصدد توسيع دائرتها إلى منطقة الضرابنة، وبين الأحياء الصفيحية، بالنسبة إلى الأولى لا يمكن أن نلجأ إلى آلية الترحيل لأن هناك من يمتلك الأرض بطريقة أو بأخرى، في حين ليس هناك من حل في مواجهة الأحياء الصفيحية إلا إعادة الإيواء، وهذه من الأوراش الأكثر إلحاحا على مستوى الأجندة الزمنية للتنفيذ، لكن قبل ذلك يجب الإسراع في تهيئة جنبات قنطرة محمد السادس التي تعتبر مدخلا رئيسيا للمدينة من جهة الطريق الوطنية الآتية من مركز مديونة عبر تراب هذا الإقليم، خاصة في ما يتعلق بتهيئة جنبات الجسر الذي تتكلف به شركة التنمية المحلية البيضاء للنقل « كازا ترونسبور» التي ننتظر منها استكمال امتدادات هذا المشروع، سواء من جانب مقاطعة عين الشق أو من الجهة الأخرى من جانب مقاطعتي سباتة وسيدي عثمان، خاصة في ما يتعلق بتهيئة المساحات الخضراء التي يجب أن تحتضن ملاعب قرب وفضاءات خضراء ترفيهية. سوء توزيع المؤسسات التعليمية فعلا، هذا المشكل يطرح بشكل كبير في الأحياء الجديدة، وكمثال على ذلك سأكشف لك عن حقيقة مفادها أن هناك مدارس في الأحياء القديمة لا يشتغل فيها إلا قسم أو قسمان، كما هو الحال في حي «بلمدون» الذي غادره الجيل الثاني نحو أحياء جديدة و أصبحت نسبة كبيرة من سكانه من الأجداد، بعدما غادر أبناؤهم للسكن في أحياء الضواحي، حيث يسجل اختلاف كبير في السرعة بين تقدم بناء الشقق السكنية ووتيرة توفير المرافق الاجتماعية، ولهذا السبب دافعت دائما، عندما كنت رئيسا للجهة عن فكرة إنشاء الوكالة العقارية التي تسند لها مهمة رسم خريطة أراضي تصميم التهيئة، خاصة في ما يتعلق ب 25 ألف هكتار المضافة، أخيرا، واقتطاع جزء من عقارات المستفيدين الذين ارتفعت أثمان أراضيهم من أجل إنشاء المرافق العمومية المتطلبة، وأتمنى أن يخرج القانون المتعلق بهذه الوكالة إلى حيز الوجود واستكمال مسار المسطرة التشريعية على مستوى البرلمان. في سطور - من مواليد 27 دجنبر 1963 بالبيضاء - حاصل على دبلوم في التجارة والتدبير من جامعة شيربروك بكندا في 1984 - حاصل على شهادة مهندس معماري من باريس سنة 1991 - رئيس مجلس مقاطعة عين الشق بالبيضاء - رئيس سابق لجهة البيضاء الكبرى - رئيس سابق لمقاطعة عين الشق بين 2009 و 2015 - عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار - المنسق الإقليمي لحزب "الحمامة" بعين الشق

البيضـاء تدبر تركـة سنـوات النكبـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عيد الأضحى فرصة شركات التمويل

ترتيبات اعتراف إسرائيلي بالصحراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات