أصيب "مكلفون بمهمة" في إدارات عمومية ضربها زلزال التغييرات، نهاية الأسبوع الماضي، بخيبة أمل كبيرة، لأن صنبور التعويضات والامتيازات، الذي ظل يسيل سيغلق من قبل المسؤولين الجدد المعينين خلال اجتماع المجلس الوزاري، الأسبوع الماضي. وشرع "مكلفون بمهمة"، وهم كثر بمؤسسة "العمران"، التي عمر فيها بدر الكانوني نحو 15 سنة، في جمع لوازمهم، وإفراغ مكاتبهم، لأن المدير الجديد لن يقبل أن يستمر الوضع على ما هو عليه، صونا للمال العام، والقطع مع كل الأساليب، التي تغني الأصدقاء وتكسبهم المال والنفوذ والسلطة، رغم أن المؤسسة نفسها تعج بأطر عليا، كلهم أبناء الدار، وتربوا في أحضانها، وراكموا تجارب مهمة، بيد أن التهميش طالهم، مقابل فسح المجال أمام "غرباء" احتلوا المناصب تحت مسمى "مكلف بمهمة". وظل "مكلفون بمهمة" لأكثر من 10 سنوات في المؤسسة نفسها، يحصلون على تعويضات تتراوح ما بين 20 ألف درهم و500 ألف، بعيدا عن الأنظار، وغالبا ما كانوا لا يكلفون بأي مهام، إذ يتولى المديرون المركزيون والمديرون الجهويون للمؤسسة القيام بمهامهم. وأصيب "مكلف بمهمة"، منذ سنوات، في المؤسسة نفسها، جيء به من "معمل للنسيج"، بصدمة قوية، عندما تناهى إلى علمه أن صديقه المدير العام بات خارج مؤسسة "العمران"، وأن التعويضات الشهرية المخصصة له، لن تدوم، كما بات لزاما عليه، إرجاع السيارة "الفارهة" التي كان يكتريها من ميزانية المؤسسة نفسها، إلى الشركة المتعاقد معها. وليست مؤسسة "العمران" وحدها التي تنهج أسلوب "المكلف بمهمة" من أجل استقدام الأصدقاء مصدر الثقة، لإنجاز مهام محددة بعيدا عن عيون الأطر والموظفين، بل إن العديد من المؤسسات الأخرى، ووزارات ومؤسسة البرلمان والمجالس الجهوية والإقليمية، تلجأ إلى الأسلوب نفسه، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام على حكومة أخنوش، لإيجاد جواب لهذا "الاحتيال القانوني"، لأن "مكلف بمهمة"، لا تشبه مهمة عضو في الديوان أو مستشار وزير، المؤطرة بمرسوم قانون. والباحث في مذكرات ورسائل الوزراء الأولين ورؤساء الحكومات المتعاقبين، سيتأكد أن "مكلف بمهمة" ليست منصبا مؤطرا قانونيا، ولكنه "اجتهاد" فردي من وزراء ومديري مؤسسات عمومية من أجل "تبليص" الأصدقاء والصديقات، والإغداق عليه بتعويضات شهرية سمينة. وصدرت أول رسالة من أجل تنظيم الدواوين، في عهد عبد اللطيف الفيلالي، الوزير الأول الأسبق، تحمل رقم 96-95 في 12 أبريل 1995 حول حد السن لأعضاء الدواوين الوزارية والمكلفين بالدراسات، غير أنها لم تتطرق إلى ما يعرف بـ"المكلفين بمهمة". وعرفت ظاهرة "مكلف بمهمة" انتشارا واسعا في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، إذ أغرق وزراء مكاتبهم بالأصدقاء الحزبيين، جبرا للخواطر، وإسكات الأصوات الغاضبة، التي كانت ترفض المشاركة في الحكومة، أو تبحث عن منصب وزاري. عبد الله الكوزي