الهجرة وضعف البنيات التحتية وانتشار المخدرات من أهم أسباب الانقطاع عن الدراسة سجل فاعلون ومهتمون بالشأن التربوي بجهة الشمال، من أطر تعليمية وإدارية وفرقاء اجتماعيين وممثلي جمعيات آباء وأمهات التلاميذ، بامتعاض شديد الارتفاع المقلق والمخيف في معدلات الهدر المدرسي في التعليم العمومي بأكاديمية جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي سجلت تصاعدا متزايدا كشفت عنه معطيات وإحصائيات تدعو للقلق. ورغم الاهتمام الرسمي بالجهة، مجسدا في مشاريع ملكية رائدة من قبيل برنامج "طنجة الكبرى" وبرنامج إعادة تهيئة المجال الحضري والاقتصادي لمدينة تطوان، وبرنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، فإن ذلك لم ينعكس على جودة التعليم ومحاربة الظواهر السلبية. وأفادت مصادر "الصباح"، أن الأرقام الرسمية لظاهرة الهدر المدرسي بجهة الشمال عرفت ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع أكاديميات أخرى، خاصة بالوسط القروي والأحياء الهامشية والفقيرة، ما أدى إلى انتشار الأمية والبطالة والجريمة بمختلف أشكالها، نتيجة الانحراف والإقصاء واستغلال الأطفال في سوق العمل قبل سن الرشد، رغم حجم الموارد المالية التي رصدتها الدولة لإيقاف نزيف هذه الظاهرة. وذكر مفتش تربوي بالمديرية الإقليمية لطنجة ـ أصيلة، تعليقا على الوضع الراهن، أن معضلة الهدر المدرسي هي من بين الخصائص الهيكلية التي تطبع النظام التعليمي بالجهة الشمالية، وتعد من أكبر المعيقات التي تعرقل تطور العملية التعليمية بجميع مراحلها، نظرا لأنها لا تحظى بما يلزم من اهتمام، كما يحدث بالنسبة للاكتظاظ والساعات الإضافية وضعف البنيات التحتية وقلة الموارد البشرية. وأوضح الإطار التربوي، الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، أن ظاهرة الهدر المدرسي بمدينة طنجة تتفشى بشكل كبير بالمؤسسات التعليمية الموجودة في الأحياء الشعبية والتجمعات العشوائية، التي بنيت في جنح الليل بتواطؤ بين منتخبين ورجال سلطة، مثل حومة "العوامة الشرقية" و"ظهر القنفوذ" و"موح باكو" و"حومة السوسي" و"سيدي ادريس" و"المرس"… نتيجة عدة عوامل في مقدمتها الاكتظاظ ومحدودية الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية بهذه المناطق المهمشة. وقال المتحدث، إن "عدم قدرة مدارس هذه الأحياء على استيعاب الطلب المتزايد على المدرسة، خاصة بالنسبة للتلاميذ الملتحقين في إطار الحركات الانتقالية الداخلية أو الذين يحلون بطنجة من مدن أخرى، إذ تضطر بعض الأسر إلى تسجيل أطفالها بمؤسسات تعليمية بعيدة عن سكناهم، ليجد الأبناء أنفسهم مجبرين على قطع كيلومترات عديدة للوصول إلى مدارسهم، فيضطر أغلبهم إلى التوقف عن الدراسة في سن مبكرة وولوج دائرة الانحراف الاجتماعي أو الانخراط في شبكات الإجرام والتطرف". وكشف المصدر ذاته، عن معطيات خطيرة مرتبطة بالهدر المدرسي في عاصمة البوغاز، وأكد أن تعاطي المخدرات والاتجار فيها داخل بعض المؤسسات التعليمية، يؤدي إلى الانحراف والانقطاع عن الدراسة من أجل البحث عن فرصة للاشتغال بإحدى الوحدات الإنتاجية الموجودة بداخل المدينة، التي تستقطب الأطفال القاصرين وتشغلهم بأقل سعر وبدون أية حقوق أو ضمانات، سعيا منها إلى الربح السريع، خاصة الفتيات اللواتي يغادرن الدراسة مبكرا ويلتحقن بوحدات صناعية محلية. من جهته، لم يخف حسن عبو، رئيس الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، استياءه البالغ من الأوضاع التي تعيشها مؤسسات تعليمية بعمالة طنجة، أصيلة، خاصة الموجودة بالوسط القروي والأحياء الهامشية والفقيرة، التي تعاني مشاكل ومعيقات متعددة تساهم في ظاهرة الهدر المدرسي وانتشار الأمية والبطالة والجريمة بمختلف أشكالها وتجلياتها. وأوضح عبو، في اتصال مع "الصباح"، أن عددا من أولياء الأمور يضطرون إلى حرمان أبنائهم من الدراسة حينما يجدون صعوبات في الحصول على مقعد لهم في المؤسسات التعليمية القريبة من سكناهم، خصوصا في المناطق شبه الحضرية بطنجة، كأقصى مقاطعة بني مكادة وأحياء مسنانة ومغوغة والعوامة الشرقية وغيرها من الأحياء الهامشية. المختار الرمشي (طنجة) صعوبات التسجيل سجلت الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، خلال متابعتها للدخول المدرسي الحالي (2022 - 2023)، عدة صعوبات، إذ لم يتمكن عدد كبير من الآباء من تسجيل أبنائهم في المؤسسات التعليمية الواقعة بالمقاطعات التي يسكنونها، التي لها طاقة استيعابية محدودة، وهو السيناريو نفسه الذي من المحتمل جدا أن تعرفه بداية السنة المقبلة، إذا لم تتمكن الأكاديمية الجهوية والمديرية الإقليمية من إيجاد حل لهذه المعضلة بإحداث مؤسسات تعليمية جديدة لتوسيع العرض المدرسي والرقي بجودة التعليم. م. ر