اليماني: أرباح شركات المحروقات ناهزت 58 مليار درهم

تستضيف "الصباح" خلال كل جمعة من شهر رمضان، سياسيين ورياضيين ومثقفين ونقابيين وفاعلين جمعويين، في إطار ركن "فطور الصباح"، لمناقشة قضايا موضوع جدل واهتمام من قبل المواطنين. منسق جبهة إنقاذ "سامير" أكد أن غياب التكرير زاد درهمين في سعر لتر البنزين أكد الحسين اليماني، الناشط النقابي ومنسق الجبهة الوطنية لإنقاذ "سامير"، أن ما نعيشه اليوم من غلاء، ليس بسبب عوامل مستوردة فقط، بل نتيجة خيارات وسياسات نهجها المغرب منذ زمان. وأوضح اليماني، في فطور مناقشة إلى جانب محمد بنموسى، الأستاذ الجامعي وعضو لجنة النموذج التنموي، أن حجم الأرباح الفاحشة للموزعين بلغ 58 مليار درهم. أجرى الحوارين: عبد الواحد كنفاوي وبرحو بوزياني - تصوير (فدوى الناصر) *هل أسعار المحروقات المعلنة اليوم في السوق واقعية، أم فيها نوع من المبالغة؟ **الثابت أن "الذئب لم يأكل يوسف"، وأن التهمة أريد لها أن تلصق بقميص يوسف، وأؤكد اليوم أن الغلاء موجة عالمية، لكن ما نعيشه اليوم بالمغرب، بعد مرحلة كورونا، والحرب الروسية الغربية، ساهم في اختلال العرض والطلب، وأعطى كل هذه الارتفاعات في الأسعار. إن ما نعيشه ليس بسبب عوامل مستوردة فقط، بل نتيجة خيارات وسياسات نهجها المغرب منذ زمان، واليوم نؤدي نتائجها. لقد اختار المغرب الخوصصة، وانسحبت الدولة من الإنتاج، وتم فتح الأسواق، كما قرر اعتماد حرية الأسعار، ناهيك عن عامل الارتهان إلى الطقس وسنوات الجفاف، التي يعرفها المغرب، خلال السنوات الأخيرة، وهو معطى بنيوي، كل هذه العوامل، أعطت ما نعيشه اليوم من غلاء في جميع المجالات. واعتبر أن التحركات الحكومية الجارية أو خرجات المندوبية السامية للتخطيط، أو بنك المغرب، هي مجرد محاولات إطفاء ليس إلا، أما الحريق، فأسبابه تمتد عبر عقود، من خلال سياسات انخرطت فيها الدولة. * نبقى فقط في مجال المنتوجات الفلاحية، التي تنتج محليا، لماذا نشهد كل هذا الارتفاع؟ ** ما نعيشه اليوم في المجال الفلاحي، عيب وعار أن يتحدث المغاربة عن سعر البطاطس بـ 15 درهما، والبصل بـ 20 درهما، ونحن الذين كنا نقول إن المغرب بلد فلاحي، بأي معنى؟ لماذا، لأن سياسات تم اتخاذها، حتى خارج النقاش العمومي، وقد وجهنا الفلاحة إلى التصدير، لجلب العملة الصعبة. لكن النتيجة هي أن المغرب الذي كانت له وديان تجري فوق الأرض، تم تجفيفها، وما وضعية نهري أبي رقراق وأم الربيع، إلا دليل على هذه الإجهاد المائي، وبقي نهر سبو، الذي يتم اليوم تحويل مياهه، إلى حوض أبي رقراق، لتجاوز النقص بالرباط والبيضاء. كما تم هدر المياه الجوفية، بسبب الحفر 300 متر و400، لسقي الزراعات التصديرية. فما نعيشه اليوم من تضخم لا يمكن تسميته بالمستورد من الخارج، بل لعوامل داخلية وخيارات، تم نهجها منذ سنوات. *نعود إلى سوق المحروقات، لماذا كل هذا الارتفاع؟ ** بخصوص المحروقات، سبق أن أكدنا مرارا على ضرورة إعادة النظر في القرارات التي اتخذت في القطاع، وهنا تطرح تساؤلات كبرى، لماذا لم يصل المكتب الوطني للهيدروكاربورات إلى إنتاج أي قطرة من الغاز، إلى اليوم، فلا يمكن أن تكون الأرض المغربية عاقرا بهذا الشكل. وكانت لدينا صناعة لتكرير البترول، وتمت خوصصتها وانسحبت الدولة من الإنتاج، ولم تعد لها يد على الرقابة أو المتابعة، وكنا حاضرين في التوزيع بنسبة 50 في المائة، قبل الانسحاب في 1995. واليوم الدولة، لم تعد لها حتى آلية التدخل في السوق. لقد أصبحنا اليوم تحت رحمة مباشرة للسوق الدولية، وأصبحنا نقتني "الغازوال"، بسعر مرتفع، بسبب عدد من المكونات، أولا النفط الخام تتحكم فيه عوامل عدة لا دخل لنا فيها، ولم نتمكن من إنتاج البترول، على الأقل لتغطية، جزء من حاجيات السوق الوطنية، وتم التفريط في هذا الجانب من خلال عدم نجاح الاستكشافات. ثانيا، مسألة التكرير، كان لدينا فرق بين سعر البترول الخام وسعر لتر واحد من "الغازوال"، في حدود 50 سنتيم أو 60، قبل 2022. واليوم، بلغ الفرق في اللتر الواحد في بعض الأحيان في نونبر ويوليوز 2022، حوالي 3 دراهم. لماذا؟ لأن غياب صناعة التكرير، زادت علينا حوالي 2 دراهم إلى 2.5 درهم في سعر اللتر الواحد من البنزين. ثالثا، يجب أن نعرف أن الضريبة الداخلية المفروضة على الاستهلاك، التي تحدد في 2.42 بالنسبة إلى "الغازوال"، المستهلك بشكل كبير، وهناك الضريبة على القيمة المضافة، والتي تبلغ 10 في المائة. فإذا كان هناك سعر "الغازوال"، هو 17 درهما، فإن الدولة تأخذ 1.7 درهم في اللتر الواحد برسم الضريبة على القيمة المضافة. وإذا كان السعر هو 10 دراهم، فإن حصة الدولة هي درهم واحد، بمعنى أنه كلما ارتفعت الأسعار، ارتفعت الضريبة، وبالتالي تزيد الأسعار في الاشتعال. أما المكون الرابع، فهو هامش أرباح الموزعين، سابقا كانت أرباحهم مسقفة، في حدود 66 سنتيما في لتر البنزين، اليوم ومن خلال الدراسات، التي قمنا بها، منذ التحرير في 2016، لا تقل الأرباح عن درهم ونصف، إلى درهمين في بعض الأحيان. ولدينا دراسات أنجزتها الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة، تؤكد أن الأرباح الزائدة فوق الأرباح، التي كانت قبل التحرير، بلغت 50 مليار درهم، بعد أن تحدثت لجنة الاستطلاع عن 17 مليارا في 2016. حذف الدعم هذه الوتيرة مازالت متواصلة، ولدينا تقدير في السنة الحالية أن يصل ما نسميه الأرباح الفاحشة، إلى 8 ملايير درهم، تنضاف إلى 50 مليارا السابقة، إذن سنكون في حدود 58 مليار درهم من الأرباح الفاحشة. وهذا كله، لأن حكومة بنكيران اتخذت قرارا بحذف الدعم، وتحرير أسعار المحروقات، حين كان سعر البترول هو 50 دولارا، واليوم نحن في 80 دولارا و90، وإذا وصل السعر إلى 120 دولارا أو 140، أعتقد أننا سنكون أمام طامة كبرى. *لماذا تتلكأ الحكومة في إخراج النصوص التطبيقية لقانون المنافسة؟ ** يمكن تلخيص الجواب بشكل واضح، في غياب إرادة حقيقية لتقنين سوق المحروقات والمواد النفطية بالمغرب بشكل عام. وأتحمل مسؤوليتي في هذا الكلام، سواء في ما يتعلق بالمخزونات القانونية، أو أيضا بالمشاكل التي بدأت تظهر اليوم بشأن الجودة، أو ما يتعلق بالأسعار. لقد كان على أهل الحل والعقد عند تحرير الأسعار، طرح السؤال، حول ما إذا تخطى سعر النفط الخام سقف 120 دولارا، سيصل ثمن لتر "الغازوال"، إلى 17 درهما. فهل 17 درهما تناسب القدرة الشرائية لعموم المغاربة أم لا؟ وهل تناسب الكلفة الإنتاجية للمقاولات؟ لقد كان عليهم أن يحسبوا تداعيات ذلك على المعيش اليومي للمغاربة. وقبل الذهاب إلى التحرير، كان مطلوبا وضع الآلية الضامنة لشروط التنافس الحقيقي في السوق، حتى لا تقع الانحرافات الحاصلة اليوم. والدليل اليوم أن مجلس المنافسة عطل في نسخته الأولى، وفي نسخته الثانية، وأسقطت طائرته في النسخة الثالثة، واليوم قيل إنه ستتم مراجعة الإطار القانوني، وتمت المراجعة، وننتظر المراسيم التطبيقية، ومن يتحكم فيها، الحكومة طبعا، فما الذي يمنعها، منذ أربعة أشهر، من اخراج تلك القوانين؟ غياب إرادة حقيقية لحل أزمة "سامير" * هل مازالت هناك إمكانية لاستئناف الإنتاج بـ "سامير". ولماذا لم تتجاوب الحكومة مع مطلبكم في الجبهة؟ **أعتقد أن هناك غياب إرادة حقيقية لحل المشكل، علما أنني أحمل المسؤولية في هذا الوضع لحكومة بنكيران، التي حررت الأسعار، دون أن يكون مجلس المنافسة جاهزا، ودون أن تتوفر لنا شروط التنافس الحقيقي. وتعرفون أن السوق يتحكم فيه ثلاثة رواد أساسيين، وهم الذين يفرضون سياستهم. وهنا أفتح قوسا، حين نتحدث عن التحكم، نقتصر فقط على المحروقات من بنزين و"غازوال"، والحال أن الأمر يهم أيضا كل المواد النفطية بما فيها الفيول والكيروزين، والليثيوم، وأيضا الغاز، لأن كل الشركات المستثمرة في الغاز، هي التي تستثمر في المواد البترولية. وهنا يبدو غياب إرادة حقيقية لحل هذا الملف. والحكومة، كما قلنا في بلاغ الجبهة، متورطة، لأنها هي التي خوصصت الشركة، ومنحتها للخواص. وأعتقد أخلاقيا وسياسيا، أن على الحكومة المساعدة في إنقاذ المقاولة، حتى نستفيد من نشاط التكرير. ففي 2022، أدى المغرب 152 مليار درهم فاتورة المحروقات، ولنا تقدير داخل الجبهة الوطنية، مفاده أنه كنا سنقتصد 30 مليار درهم، من ذلك المبلغ، لو كنا نكرر النفط الخام، الذي يمكن اقتناؤه بسعر منخفض، في "سامير". سامير جاهزة للعمل أما عن جاهزية الشركة أو عدم جاهزيتها، أؤكد أننا ترافعنا كثيرا حول هذا الموضوع، وهناك بعض الوزراء سامحهم الله، الذين تطرقوا لهذا الموضوع، ربما عن جهل، وربما أوحي إليهم بذلك، والدليل أن وزيرا انقلب بعد أسبوعين عن تصريحاته، بعد "قرصه من أذنيه". وأؤكد لكم، أنني قضيت اليوم كاملا داخل المصفاة التي شيدها الملك محمد الخامس وحكومة عبدالله إبراهيم، "لاسامير" ما زالت قادرة على استئناف نشاطها، في أجل لا يتعدى ثمانية أشهر، وبميزانية استصلاح لن تتجاوز 2.4 مليار درهم. وقبل اليوم، كنت أقدر المبلغ في 1.8 مليار درهم، لأن كلما تأخرنا في إعادة التشغيل ارتفعت كلفة الإصلاح. وهذا تقييم خبراء مغاربة من مهندسين وتقنيين، يسهرون على أمن المؤسسة وسلامتها، وهم يقومون بتحيين هذا التقدير كل ثلاثة أشهر. ولو كانت الشركة جاهزة في 2022، فيما عرف بطفرة أرباح التكرير، لحققنا ما لا يقل عن مليار دولار أرباحا صافية، أي ما يعادل 10 ملايير درهم. والمصفاة مطروحة اليوم بـ 20 مليار درهم، لو اشتراها أحد المستثمرين وشغلها السنة الماضية، لاسترجع نصف المبلغ الذي اقتناه بها. وهنا طرحنا مجموعة من الاقتراحات، ومنها مقترح التفويت لفائدة الدولة، وقلنا لماذا "نهدي خيرنا لغيرنا"، فإذا أخطأنا في خوصصة 1997، اليوم يمكن إصلاح الخطأ، والظروف العامة للأسعار والتضخم جزء كبير منه، سببه أسعار المحروقات والمواد الطاقية. ولذلك، لم تتجرأ كل الحكومات منذ الاستقلال، على حذف دعم المحروقات، إلى أن جاء بنكيران ليقوم بهذا القرار. مسؤولية مجلس المنافسة *كان الحديث عن دخول شركات جديدة للسوق لتعزيز المنافسة، لكن الملاحظ أن الأسعار لا تختلف من شركة الى أخرى. أين دور الرقابة؟ **الجهة المخول لها القيام بهذا الدور، هي مجلس المنافسة، وقد بادرت نقابة النقل المنضوية تحت لواء الكنفدرالية، نيابة عن المغاربة، بتقديم شكاية رسمية إلى مجلس المنافسة، ففي غياب مشتك، تبقى آراء المجلس غير ملزمة للحكومة، ولا للسلطة، يجب أن تفهم أن مجلس المنافسة في صيغته الحالية، هو بمثابة محكمة ابتدائية، ولحد الساعة، الجهة الوحيدة التي اشتكت هي النقابة المهنية للنقل الطرقي التابعة لـ"كدش"، بعد أن انسحبت بعض الجمعيات والمنظمات، بعد تعرضها لضغوطات. هناك تفاهم حول الأسعار اليوم، نقول إن هناك تفاهما وتوافقا حول الأسعار، والدليل أنه قبل بداية تطبيق الحظر على النفط الروسي، قبل فبراير، كان الفرق نسبيا يتراوح بين 20 و25 سنتيما. اليوم، بعد دخول "الغازوال" الروسي للمغرب، هناك تطابق شبه مطلق بين أسعار الشركات، وكأننا أمام مزود واحد للسوق، وهو الذي يحدد السعر المطبق في المحطات. والثمن الذي نقتني به البنزين ليس هو نفسه الذي يقتنى به البنزين بالجملة. والحال أنه في المنافسة، ممنوع الشراء الجماعي للمحروقات وممنوع التخزين الجماعي، وممنوع تسريب المعلومات المتعلقة بالتجارة، لكن هذا كله موروث منذ زمان، وقد استفاد الجميع من التحرير، باستثناء المستهلك الصغير والمقاولة الصغرى والمتوسطة.

اليماني: أرباح شركات المحروقات ناهزت 58 مليار درهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنموسى: التضخم يكشف خلل إستراتيجيات قطاعية

غضبة ملكية تطيح بمسؤولين بالبحرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات