علــى غـفـلة : توقيت إداري “مرمضن” في مرافق عمومية بالجديدة

أغلب الإدارات تفتح أبوابها متأخرة وتغلقها قبل الأوان وموظفون يتصرفون بمزاجية مع المرتفقين مكنتنا جولة في مرافق إدارية عمومية بالجديدة، خلال اليوم الثاني من رمضان، من الوقوف على مجموعة من الملاحظات تكاد تكون مشتركة بين تلك المرافق، والتي تصب في محصلة واحدة، هي أن التوقيت الإداري بها ينتهي في الغالب عند الثانية بعد الزوال. كانت بدايتنا بالمحافظة العقارية التي بنتها السلطات الفرنسية سنة 1938 وفق تصميم شفاف، عبارة عن «كونتوار» كبير يجلس فيه الموظفون جنبا إلى جنب في مواجهة مفتوحة مع المواطنين المترددين على المحافظة لقضاء أغراضهم الإدارية. كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الزوال لما ولجنا إلى حيث يوجد «الكونتوار»، الذي كان شبه فارغ من موظفين حاول أن يبرر لنا مسؤول عنهم سبب غيابهم، بدعوى أنهم في مصلحة الأرشيف للبحث عن رسوم عقارية ووثائق إدارية أخرى. كدنا نقتنع بذلك لولا أن همس في أذننا شخص خبر تضاريس محافظة الجديدة قائلا إن التوقيت الإداري بهذه المحافظة ينتهي بين الواحدة والثانية بعد الزوال، وأضاف أن التماطل الإداري يسجله المواطنون باستمرار ويزداد حدة في شهر الصيام، خاصة أن بعض الموظفين لا يعيرون اهتماما لمعاناة المترددين عليهم، والذين غالبا ما يتنقلون من خارج الجديدة من جماعات قروية.في ظل هذا الوضع، لا يمكن أن تسنح الفرصة لمتضررين لإبلاغ شكاياتهم إلى المحافظ، الذي يقع مكتبه بطابق علوي لا يمكن الولوج إليه بسبب وجود حارس أمن خاص على باب حديدي محكم الإغلاق بواسطة سلسلة حديدية تحيل على «بويا عمر» أو «سيدي مسعود بن حسين».كانت وجهتنا الثانية المستشفى الكبير بالجديدة، وما سجلناه بداية على وجه ممرضين عاملين به هو غياب سياسة الابتسامة التي أوصى بها المرحوم عبد الرحيم الهاروشي العاملين بقطاع الصحة، كانت «الترمضينة» حاضرة على وجوه عاملين بقسم المستعجلات، وبمقابلها كان مرضى يتهافتون في البحث عن طبيب ترك مكتبه واختفى في بناية جديدة مترامية الأطراف، هذه حالة تكرر نفسها باستمرار، ما جعلنا نتابع عن كثب تدخلات عناصر حراسة خاصة تقترح على المرضى وذويهم الذين ملوا الانتظار، وسيلة أخرى لإنهاء معاناتهم مع الانتظار.قادتنا جولتنا إلى مركب ثقافي تابع إلى بلدية الجديدة، ويقع قرب حي بناني، وجدناه فارغا من العاملين والعاملات، وهي وضعية علق عليها أحد الظرفاء أن «الثقافة هي الأخرى تصوم في رمضان بهذه المدينة».حولنا وجهتنا هذه المرة نحو إدارة عمومية تعنى بالشأن الفلاحي، لعل الأمر يكون استثناء في قاعدة نهاية العمل الإداري بهذه المدينة قبل موعده المعتاد. ولجنا مقر المديرية الإقليمية للفلاحة، بشارع الجيش الملكي. التقينا هذه المرة مجموعة كبيرة من الفلاحين الطامعين في إعانات عن زراعات تعتمد تقنية السقي بواسطة التنقيط، يتظللون تحت أشجار بباب المديرية، قال لنا أحدهم وهو يستشيط غضبا "منذ الصباح الباكر، ونحن ننتظر بداية العمل في هذه المديرية التي فتحت أبوابها في حدود العاشرة بدل التاسعة، وهاهي إحدى المسؤولات تقفل الشباك في وجهنا على الساعة الثانية زوالا، أي بهدر ساعة في الصباح وساعة عند الظهر... محكوم علينا أن نأتي في الغد، وقد نواجه المصير ذاتها، وفي ذلك معاناة متواصلة ومصاريف تنقل زائدة وضياع لوقت كان يمكن أن نستثمره في حقولنا".ومن داخل جمع الفلاحين الغاضبين، انبرى لنا أحدهم قائلا إن إحدى الموظفات المسؤولات عن ملفات الدعم "مرمضنة" ولا أحد يقدر على الاقتراب منها وإلا تعرض ملفه إلى مزيد من التأخير، قبل أن يضيف "حتى المدير لا يقدر على إقلاق راحتها، لنكون نحن الضحايا".ونحن في طريق عودتنا، عرجنا على مستوصف "مدام شابو" خلف "مارشي سنطرال"، كانت الساعة تشير إلى الثالثة إلا ربعا، قالت لنا امرأة من حي القلعة المجاور للمستوصف تحمل بين يديها طفلا مريضا "لقد جئت على الساعة الثانية والربع ولم أجد أحدا"، قبل أن تتراجع وهي تردد "الطبيب هو الله"...عبد الله غيتومي (الجديدة)

علــى غـفـلة : توقيت إداري “مرمضن” في مرافق عمومية بالجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أكادير تحافظ على هويتها السياحية في رمضان

ليل رمضان أصبح مرتبطا بنجوم "الشعبي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات