طنجـة بـدون مراحيـض عموميـة

انعدام دورات المياه ساهم في انتشار "مبولات" مكشوفة في العراء أثار مهتمون بالشأن المحلي بطنجة، إشكالا حقيقيا ظل يؤرق سكان المدينة لسنوات عديدة، يتعلق الأمر بانعدام المرافق والمنشآت الصحية العمومية بشوارع المدينة وفضاءاتها المفتوحة، خاصة بعد أن فشلت تجربة «بيوت الراحة»، التي تم إحداثها ببعض الفضاءات العمومية، وتحولت، بعد شهور قليلة من دخولها حيز الخدمة، إلى علب تتراكم داخلها القاذورات وتنبعث منها روائح كريهة تزكم الأنوف… إنجاز: المختار الرمشي ـ تصوير: (أيت الرموش) تعاني طنجة، وهي مدينة العبور والسياحة والقطب الاقتصادي وملتقى الحضارات، من نقصا شديدا في المراحيض العمومية، ما ساهم بشكل كبير في ظهور «مبولات» مكشوفة في العراء، تنتشر في عدد من الحدائق والنقط الحساسة بالمدينة، كحديقة ساحة الأمم والمحيط المجاورة لساحة «الفارو» (سور المعكازين)، وكذا بجوانب الكنيسة الكاتدرائية بالحي الإداري قرب ولاية الأمن، وبمحيط بناية «الكفراد» المقابلة لمحكمة الاستئناف... وهي مواقع إستراتيجية أصبحت موبوءة تتصاعد منها روائح كريهة تمتزج فيها خمائر النفايات بإفرازات البول والغائط. وأجمع كل المتتبعين والمعنيين بالشأن البيئي بطنجة، على أن عدم توفر مرافق وتجهيزات صحية في متناول كل المواطنين لقضاء حاجتهم دون حرج، خاصة الأطفال والمسنين والمرضى، يرجع بالأساس لغياب «ثقافة النظافة» لدى بعض المسؤولين المحليين، بمن فيهم أعضاء المجلس الجماعي وباقي المتدخلين إقليميا وجهويا، الذين يجهلون الأهمية القصوى لدورات المياه العمومية والصرف الصحي. مواطنون مستاؤون غياب مرافق الصرف الصحي العمومية بعاصمة البوغاز موضوع يؤرق سكان المدينة ومعهم الجمعيات المدنية، خصوصا أن طنجة كانت في أوائل القرن الماضي تتميز بوجود هذه المرافق بمختلف شوارعها وساحاتها الرئيسة، من بينها ساحتا «الفارو» و»الأمم»، وكذا بمنطقة الشاطئ البلدي وحي مرشان وطريق القصبة وغيرها... وأعرب حذيفة مزور، رئيس جمعية مرشان بطنجة، عن غضبه واستيائه للحالة التي أضحت عليها المدينة، بعد أن تم القضاء على موروث من المراحيض العمومية دون طرح أي بديل، محملا المسؤولية للمجالس الجماعية المتعاقبة، التي عجزت عن إيجاد حل لهذه المعضلة، بل سارت في الاتجاه المعاكس وقامت بطمر أغلب هذه المرافق وحكمت على الباقي بالإهمال وغياب الصيانة وسوء الاستغلال، ما أدى في النهاية إلى إغلاقها لأسباب مجهولة. وتساءل المتحدث في تصريح لـ «الصباح»، عن أي تأهيل حضري ينشد المجلس البلدي تحقيقه في ظل غياب أدنى الشروط البيئية الواجب توفيرها للمواطن داخل مدينة لها من المؤهلات السياحية والاقتصادية التي تخول لها الارتقاء إلى مصاف المدن الرائدة والمتقدمة، مؤكدا أن غياب المراحيض العمومية يدفع المواطن إلى الاختلاء بنفسه في أي مكان ليصرف حاجته في الهواء الطلق. امتعاض فاعلين سياحيين أمام هذه الوضعية المعقدة، سجلت فعاليات سياحية بعاصمة البوغاز بقلق شديد معضلة غياب دورات المياه العمومية بالمدينة ومعالمها السياحية، مؤكدة أن الأمر أصبح يمثل بالنسبة لهم «آفة» تعرقل عملهم اليومي، وتضع المسؤولين بمصالح العمالة والولاية أمام ﺗﺤﺪﻳﺎت ﺟﻤﺔ لا مناص من وضعها على الطاولة للبحث عن الحلول الناجعة للتخلص من هذه الوضعية المعقدة، لاسيما أن المدينة تعتبر وجهة ونقطة جذب سياحية. وذكر أحد المرشدين السياحيين بعاصمة البوغاز، أن غياب مراحيض عمومية بالمدينة يضعه في مأزق حقيقي عندما يطلب منه أحد السياح دله على مرحاض عمومي، خصوصا إذا كان مريضا أو مسنا، فيضطر إلى الذهاب معه إلى إحدى المقاهي التي تفرض الدفع، مشددا على أن هذا مشكل يعاني منه يوميا المرشدون ومعهم أفواج السياح الذين يفدون على المدينة من مختلف بقاع العالم. تجارب فاشلة في ظل ارتفاع أصوات فعاليات جمعوية وحقوقية مطالبة بضرورة توفير مرافق صحية تليق بمستوى عاصمة البوغاز، لجأ المسؤولون، في إطار اتفاقية متعددة الأطراف، إلى إحداث مرافق صحية مجهزة بعدد من الفضاءات العمومية، بهدف تحسين شروط حفظ الصحة والمحافظة على البيئة والرفع من جاذبية وجمالية المدينة، وقاموا بنصب بيوت للراحة بكل من حديقة “فيلا هاريس” وساحة بني مكادة وحي العرفان في أفق تعميم التجربة بساحات وحدائق عمومية أخرى. وبعد مرور مدة قصيرة على تنفيذ المشروع، الذي بلغت تكلفته مليون درهم تحملت جماعة طنجة نصفها، تعطلت تلك المنشآت في وقت وجيز، وأغلقت في وجه المواطنين لتتحول إلى صناديق يحيط بها ركام الأزبال والمخلفات المنزلية التي تجلب جحافل من الحشرات والقوارض، نتيجة غياب أعمال الصيانة وسوء الاستغلال، علما أنه كانت تستفيد بالمجان من الماء والكهرباء التابع للبلدية. وعبر عدد من المواطنين عن استيائهم لما آلت إليه تلك المرافق الصحية، التي كان سكان المدينة يراهنون عليها في تدارك الخصاص الذي ظلت مدينة طنجة تعانيه مدة طويلة، إلا أنها تحولت إلى نقط سوداء نتيجة غياب الحراسة والمتابعة والمحاسبة، وكذلك بسبب سوء الاستعمال والتدبير من قبل الجهات المسؤولة، ما عرضها للنهب والتدمير والسرقة والتعطيل، وعجل بإغلاقها في وجه العموم. الجماعة تجيب أكد محمد غيلان الغزواني، النائب الأول لعمدة طنجة، أن المدينة فعلا تعيش خصاصا حادا على مستوى دورات المياه العمومية، التي تعتر جزءا أساسيا من البنية التحتية للمدن، وشدد على ضرورة التفكير بجدية لإيجاد حل مستعجل لهذه «الآفة» البيئية، وإنشاء مرافق صحية مستدامة ونظيفة لحماية الأمن الصحي ووقف انتشار الأمراض المعدية الفتاكة. وأوضح غيلان، أن المجلس الجماعي لطنجة أعد مشروعا طموحا في إطار صفقة عمومية للتدبير المفوض، لأن الجماعة ليس لديها ميزانية استثمار وتعيش أزمة في الموارد البشرية، باعتبار أن هذه المراحيض تتطلب على الأقل وجود اثنين من الأعوان بمعدل 16 ساعة يوميا، مبرزا أن ذلك سيمكن من رفع المداخيل الجبائية وضخ موارد إضافية في ميزانية المجلس. كما يجب على الجماعة والسلطات الإقليمية، يقول المسؤول الثاني في المؤسسة المنتخبة، أن تلزم جميع المرافق العمومية والقطاع الخاص الموجه للعموم، كالمراكز التجارية والأسواق الجديدة والمنتزهات والمرائب تحت أرضية، بضرورة بتوفير مراحيض عمومية، حتى تضمن الجماعة تغطية كافة المناطق الحيوية بالمدينة.

طنجـة بـدون مراحيـض عموميـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السنتيسـي: حكومـة الصمـت

إيقاف فقيه هتك عرض طفلة بالعرائش

مقالات ذات صلة