متهم: لم أسمع الحكم المرجو قراءته

رئيس جماعة قروية حاول تبرير اتهامه باختلاس وتبديد أموال بمهاجمة خلفه لا تخلو جلسات المحاكمة أمام جنايات فاس، من طرائف ووقائع تثير الاستغراب والضحك أحيانا بين الجميع، إما عن طريق عبارة ينطقها متهم أو شاهد أو خلال سردهم تفاصيل جريمة معينة ومناقشتها حتى خارج القاعة وفي البهو بين قاعتي الجلسات بهذه المحكمة. "الصباح" تتبعت جلسة جرائم الأموال بهذه الغرفة الجنائية، الثلاثاء الماضي، ووقفت على ظروف مناقشة الملفات المدرجة، وتنقل لكم طريفة عرفتها. الساعة تشير إلى الثانية عشرة والنصف زوال الثلاثاء الماضي في القاعة 1 باستئنافية فاس. المتقاضون وعائلاتهم قلة عن المعتاد، كما ملفات جرائم أموال معروضة أمام القسم المختص، رتبها عون المحكمة بتنسيق مع الدفاع، مراعاة للأقدمية والانتماء لهيأة المحامين نفسها أو غيرها، قبل دخول هيأة الحكم ووقوف الجميع احتراما. افتتح القاضي، محمد لحية، الجلسة التي ترأسها، معلنا تباعا عن 11 ملفا مدرجا، كل المتهمين فيها مسرحون، منهم 4 رؤساء جماعات أحدهم لجرادة أدرج ملفه الأول وتخلف لمرضه ووجوده بالمستشفى، سبب استدعى التأجيل لآخر يناير، لإعادة استدعائه وتنسيقية الدفاع عن جرادة، الجهة المشتكية التي جرته للمساءلة القانونية. أغلب الملفات غير جاهزة للمناقشة لأسباب مختلفة، منها ذاك المفصول عن ملف اختلالات تدبير مؤسسة روح فاس، ويتابع فيه رئيس سابق للمجلس الجهوي للسياحة، تعذر حضوره في جلسات محاكمة زملائه المحكومين ابتدائيا والمدرج ملفهم استئنافيا، غدا (الثلاثاء)، لمرضه وعدم استطاعته التنقل إلى المحكمة. عامل مهاجر غاب واستنفدت كل الإجراءات القانونية لتبليغه وحكم غيابيا بشهرين حبسا موقوفي التنفيذ، ضمن شبكة التسويات الوهمية للسيارات الأجنبية الوافدة على المغرب في فترة انتشار فيروس كورونا. ملفه أدرج قبل الملفات الأربعة الأولى المعينة حديثا، وبعد ملف جماعة أوطابوعبان بتاونات المتابع فيه رئيسها و4 متهمين. خروقات بالجملة ملفان فقط كانا جاهزين بعد استنطاق المتابعين فيهما سابقا وتأجيل المرافعات لجلسة الثلاثاء. أحدهما توبع فيه رئيس جماعة أهل سيدي لحسن بصفرو التجمعي وشخصان آخران بناء على شكاية رئيسة خلفته وتوجد حاليا بسجن تولال 2 بمكناس، برئوا جميعهم من تهم "اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات عرفية". رئيس سابق لجماعة سيدي العابد بقرية با محمد بتاونات، أول ملف جاهز رافع فيه الدفاع. المتهم والمقاولون الأربعة المتابعون معه، جلسوا في المقعد الأمامي بعد التأكد من حضورهم، لتنطلق المرافعات بمحام ينوب عن الجماعة وجمعية محلية انتصبتا طرفا مدنيا، بعدما اتضح للمحكمة عدم إحضار الرئيس وثائق مبررة. دفاعه أدلى عوضا عنها، بمحضر مفوض قضائي مثبت لامتناع الرئيس الحالي عن تمكينه منها، والمتهم ظل صامتا مصغيا لمرافعة دفاع الطرف المدني وهو يستعرض مجموع ما اختلسه وبدده وبلغ أكثر من مليار سنتيم في الفترة التي ترأس فيها الجماعة بين 2003 و2015، وتضخيمه نفقات الصباغة والزجاج وقنطرة وإصلاح مقهى. فصل المحامي في طلبات موكليه جبرا للضرر و"الآثار الوخيمة لتلك الاختلاسات على الوضعية الميسورة للمتهم"، ورافع ممثل الحق العام وسرد خروقات بالجملة ارتكبها الرئيس، سيما المتعلقة بسندات طلب وهمية فاق عددها 11 سندا، متحدثا عن عجزه عن تبرير ذلك وتوفير المستندات المدعى حيازتها بعدما أمهلته المحكمة لأجل ذلك. كلمة أخيرة رئيس الجلسة كعادته صارم في تأمين احترام القانون والانضباط في الجلسة والقاعة، لا بالنسبة إلى المتقاضين أو الحضور. وتوالت مرافعات دفاع المتهمين تباعا، وقدم كل محام ما قد ينفع موكله في بحثه عن طريق براءته من المنسوب إليه. وانتهت المرافعات وأعطيت الكلمة الأخيرة للمتهمين قبل حجز الملف للمداولة والنطق بالحكم. ورغم تذكيره بلزوم إضافة ما لم يدل به في جلسة المناقشة، كرر الرئيس المسن الذي غادر سجن عين عائشة بعد قضائه شهرين عقوبة أدين بها من قبل ابتدائية تاونات، ما قاله سابقا، وأثار ظروف هدم بئر أصلحته الجماعة، ذاكرا اسم من هدمه بداعي أنه "قريب من منزله"، مؤكدا أن مقهى الجماعة المهدمة، لا تحترم المعايير. وتحدث عن ظروف تلف خيمة من اثنتين اقتنتهما الجماعة في عهده ب10 ملايين سنتيم و7 ملايين. لكن ما أثار استغراب جميع من كان بالقاعة، إدراجه مبلغا يقارب 5 آلاف درهم لإصلاح آلة كاتبة، في حين أن ثمنها لا يتجاوز ذلك. هذه العبارة أثارت همسات من بالقاعة، وتدخل إثرها رئيس الجلسة لتنبيهه وتحذيره، سيما أنه طالما أثار ردود فعل ليس فقط أثناء استنطاقه في جلسة المناقشة، بل حتى في الملف السابق الذي توبع فيه الرئيس الحالي ومن معه، بناء على شكاية تقدم بها ضدهم قبل تبرئتهم ونقض الحكم وتعيينه أمام استئنافية فاس في جلسة بعد غد (الأربعاء). النطق بالحكم حسمت هيأة الحكم في مصير الملفات الأحد عشر المدرجة في تلك الجلسة، بعدما ناقشت اثنين حضوريا وثالثا غيابيا وأجلت الباقي لجلستي 31 يناير الجاري و7 فبراير المقبل، ورفعت الجلسة للمداولة التي دامت مدة قبل أن تعود للانعقاد مجددا والنطق بالحكم بعد إفراغ القاعة ممن فيها وعدم السماح بالحضور للجميع. شرع رئيس الجلسة في النطق بالأحكام، أولها في ملف المهاجر المحكوم غيابيا بشهرين موقوفي التنفيذ والغرامة وتعويض لإدارة الجمارك، قبل تبرئة رئيس جماعة بصفرو وشخصين توبعا معه، ليأتي الدور على رئيس جماعة سيدي العابد الذي ظل صامتا وهو يسمع الحكم بإدانته بسنة واحدة حبسا نافذا دون باقي المتهمين المبرئين. حاول المتهم الكلام بطريقة لم ترق من وجد بالقاعة، بعد تلاوة الحكم، متظاهرا بعدم سماعه، قبل تدخل رئيس الجلسة لتنبيهه ومطالبته بالصمت ليطلب من عون المحكمة تذكيره بمقتضيات الحكم كاملا، وإمهاله 10 أيام أجلا لاستئنافه أمام غرفة الجنايات الاستئنافية لجرائم الأموال بالمحكمة نفسها، حينها أيقن المتهم أن التظاهر بعدم السماع وغيره من الحيل، لن ينفع في شيء طالما أن الحكم صدر ولم يتبق له غير استئنافه وفق القوانين. بعدها تأبط ابنه ومرافقه طيلة الجلسات يده، وغادرا القاعة والمحكمة في انتظار الجلسة المقبلة. بعد غد (الأربعاء) لما يمثل خلفه ومن معه أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بعد نقض حكم ببراءتهم. حميد الأبيض (فاس)

متهم: لم أسمع الحكم المرجو قراءته

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدرك يطيح بمحترفي سرقة سيارات بطنجة

الهروب الكبير

مقالات ذات صلة