الرقمنـة… حـرب تسهيـل المساطـر

مواطنون يواجهون موظفين بعقليات قديمة ومحاولات طلب رشوة أو ابتزاز لم تستطع الحكومات المتعاقبة، مواجهة " البيروقراطية" في الإدارة، ما أدى إلى تباطؤ في إنجاز العمل، وتأخير في التفاعل مع المواطنين، بسبب كثرة الوثائق، وتعقد المساطر، وانتشار مظاهر سلبية، تتمثل في الابتزاز وطلب الرشوة، وتبادل المنافع لتحقيق الأغراض. ورغم رفع الحكومات شعارات " الرقمنة" وتبسيط المساطر، وتقليص عدد الوثائق المطلوبة، ألف الموظفون الاشتغال بطريقة تقليدية، لا علاقة لها بما يريده المواطنون من سرعة في الإنجاز، وما يرفعه الوزراء من شعارات لمحاربة الفساد، وسد المنافذ على المفسدين، وما يدعو له الحقوقيون من إجراءات لتخليق الحياة العامة. وأعلنت غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، عن إنجاز دراسة خلصت إلى جرد 3832 مسطرة إدارية تدخل ضمن اختصاص الإدارات العمومية، وذلك في إطار الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لتفعيل القانون المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية. وأكدت الوزيرة أنه ضمن هذا الجرد المنجز من قبل مصالح وزارتها، وجدت 2700 مسطرة منشورة على موقع" إدارتي.ما"، مضيفة أن قانون 19-55 المتعلق بتبسيط المساطر، أدى إلى نتائج مهمة. وأعلنت الوزيرة حذف 800 مسطرة إدارية لا تتوفر على أي سند قانوني، ما يعني أن المستثمرين، والتجار والحرفيين، وعموم المواطنين، عانوا كثيرا بسبب تعقد المساطر وكثرة طلب الوثائق، ليس حرصا على تفادي حصول النصب والاحتيال وضمان صحة العمليات الإدارية، بل لأن العقلية المغربية التقليدية تسعى دائما إلى تأكيد أهمية الموظف في حياة المواطنين، منذ ولادتهم إلى غاية مماتهم. وانخرطت وزارة الداخلية من خلال المديرية العامة للجماعات الترابية في ورش الانتقال الرقمي بالجماعات الترابية، قصد تحسين الخدمات الإدارية المقدمة للمواطنين والمقاولات. ويأتي هذا الورش تجسيدا للأحكام الدستورية والقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، والعديد من القوانين الأخرى خاصة القانون رقم 19-45 الخاص بميثاق المرافق العمومية والقانون 19-55 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية، والقانون 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة. ويهدف هذا الورش إلى رقمنة مهن الجماعات الترابية الخاصة بالميزانية والمصاريف والضرائب والموارد البشرية والحالة المدنية، والممتلكات، والمنازعات وتجريد المساطر الإدارية من الطابع المادي، من أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين ومناخ الأعمال للمقاولات. وتم تجسيد ورش الانتقال الرقمي بإنشاء مجموعة من المنصات الرقمية الوطنية، مثل "رخص بوان إم أ"، وشكاية " بوان إم أ"، وشفافية بوان إم أ"، و"وثيقة بوان إم أ" ، والحالة المدنية، ومجالس التدبير المندمج للنفقات، والتدبير المندمج للوعاء الضريبي، واندماج خاص بالموارد البشرية. ورغم أن جائحة كورونا، أسهمت في تسريع وتيرة التعامل الرقمي، فإن المواطنين يعانون كثرة " سير حتى لغدا وأجي" لتوقيع الوثائق المطلوبة، لغياب التوقيع الإلكتروني، أو لأن الموظفين يرون أنفسهم أقوى مركزا من القوانين نفسها، لذلك يمارسون "القهرالإداري" بحرمان المرتفقين من وثائق بسيطة تقدم لهم خلال دقائق. وتساءل المواطنون عن الغاية من ملء مطبوع عبر الأنترنيت في حاسوب شخصي، أو في مخدع هاتفي بأداء واجب الخدمة نقدا، وبعدها التنقل إلى مقر الإدارة للحصول على الوثائق المطلوبة بالمجالس الترابية والمقاطعات، وقد يسمع طالب هذه الوثائق جملة " إلى غد" أو إرفاقها بوثائق أخرى كي يصبح الملف جاهزا. فإذا كانت الإدارات تبنت الرقمنة عبر الحواسيب، فقد نسيت تكوين أزيد من 100 ألف موظف للتعامل المباشر في هذا المجال، علما أن المجالس الترابية بالجماعات الحضرية والقروية، ومجالس الأقاليم والعمالات، والجهات والمقاطعات، تعاني ضعفا في التعامل الرقمي، لأن أغلب الموظفين دخلوا المهنة في إطار علاقات ناخبين بمنتخبين، وليس في إطار تقديم الخدمات لمن يطلبها وفق معايير التوظيف. كما تعاني مجالس ترابية من قلة المعدات، ومن استمرار العقلية " البيروقراطية" التي تريد دائما الحصول على مقابل ما، لأجل استخراج وثيقة، وهذا يتطلب المحاسبة في حق كل من تأخر، أو تلاعب، أو ابتز مواطنين. ولعب الرقم الأخضر الذي وضعته النيابة العامة رهن إشارة الموطنين، دورا كبيرا في كشف سلوك الابتزاز الذي مارسه بعض الموظفين تجاه مواطنين طلبوا وثائق قانونية، ورفض طلبهم، دون تعليل إداري. أحمد الأرقام

الرقمنـة… حـرب تسهيـل المساطـر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التأخيـر يفاقـم المشاكـل

قضية الطفلة "سلمى" تصل البرلمان

مقالات ذات صلة