محـرك للاقتصـاد

بوطيبة أستاذ الاقتصاد أكد أن سوء التعامل مع القروض يؤدي إلى الفقر والركود أكد علي بوطيبة، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن القروض تعد عجلة الاقتصاد في النظام الرأسمالي والدليل أن كبار الشركات العالمية تعتمد عليها لتمويل أنشطتها الصناعية والتجارية، مشيرا إلى أن عجز عدد محدود من المواطنين عن تسديدها لا يشكل أزمة، لكن في حال تم تجاوز السقف المحدد، فإن ذلك قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية واجتماعية خطيرة. أجرى الحوار: مصطفى لطفي < القرض في النظام الرأسمالي هو محرك الاقتصاد، وبعبارة أخرى لا يمكن لدولة تتبنى هذا النظام الاقتصادي، أن تستغني عن القروض، لعدة اعتبارات منها أن القرض هو تفريق للمخاطر على مجموعة من المتدخلين، وهم الدولة و المواطن والبنوك وشركات تأمين، وأيضا هو وسيلة لتقسيم معدل التضخم، فمثلا لو كانت نسبة التضخم محددة في 3 في المائة وتحصل مواطن على قرض بنسبة فائدة 4 في المائة، فهذا يعني أنه يسدد فقط 1 في المائة من قيمة القرض، كما أن جميع الشركات الكبرى تستفيد من القروض لتمويل أنشطتها الاقتصادية. وأهمية القرض أنه يقصر المسافات الزمنية، بمعنى أنه في الوقت الذي يحتاج فيه مواطن لسنوات لادخار المال لشراء منتوج غالي الثمن، مثلا سيارة، يمكنه منها القرض في الحال، وهذا يعد أساس النظام الرأسمالي الذي يعتمد على تلبية حاجيات المواطنين. إذن محرك هذه العجلة يبقى القرض، لهذا يجب على الدولة تشجيع المواطنين عليه، وأيضا على التضخم في نسب معينة، بهدف التشجيع على الاستهلاك والرواج التجاري، ما ستكون له تداعيات إيجابية على الجميع والدولة. < يجب التمييز بين القروض الممنوحة للشركات، وهو أمر إيجابي، لأسباب عديدة منها أنها مخصصة للاستثمار والحصول عليها يكون بشكل عقلاني ومبني على دراسة تقوم بها الشركة للسوق ومخطط مدروس لتوجهها الاقتصادي، والنتيجة أن أكبر الشركات العالمية تعد أكثر مديونية، إذ كلما استفادت من القروض وتعاملت أكثر مع البنوك تجنبت السقوط، وحتى في حال عجزت عن التسديد يتحول البنك والشركة المؤمنة للقرض الممولين الرئيسيين لها، وهذه من ميزات النظام الرأسمالي الذي يعتبر الإنتاج والتمويل البنكي عنصرين لا يفترقان. متى يتحول القرض إلى كابوس؟ عندما نصل إلى مرحلة العجز عن أداء الأقساط من قبل نسبة كبيرة من المدينين، فكما تعلم فالبنوك تعتمد في إستراتيجيتها على قانون "العدد الكبير" أي أن زبناءها لن يطالبوا جميعهم بسحب أموالهم في وقت واحد، وهو القانون نفسه الذي تعمل به شركات التأمين، حيث عدد محدود من منخرطيها من يتورطون في حوادث في وقت معين توجب تعويضهم، وبالتالي في حال عجز عدد قليل من الزبناء عن تسديد القرض يعتبر الأمر عاديا، لكن إن تجاوز عددهم سقفا محددا نكون أمام أزمة خطيرة، وهنا يتدخل بنك المغرب لتصحيح الخلل. < على عكس الشركات التي تتمتع بعقلانية في تسيير قروضها، يقع مواطنون في ورطة كبيرة، قد تؤدي بهم إلى الفقر، خصوصا المستفيدين من قروض الاستهلاك، بعكس القروض المخصصة لاقتناء عقارات والسكن، لأنها تتسم بالعقلانية وتصنف في خانة قروض الاستثمار، إذ تحقق منفعة أكبر للمستفيد منها. تظهر هذه الأزمة، عندما يكون للمواطن دخل قار، وبسبب عجزه عن تغطية نفقاته الشهرية يضطر للاقتراض، ونتيجة عدم تحسن مدخوله الشهري، يجد نفسه أمام تكاليف أكثر، ولتصحيح الوضع، يقوم بخطوة متهورة وهي الحصول على قرض جديد لتسديد القرض القديم، ليدخل في حلقة مفرغة للمديونية، فتبدأ عملية تفقير الطبقة المتوسطة، ويتراجع الإقبال على الاستهلاك والحصول على قروض بنكية والتأمين، وتتفشى أزمات اجتماعية بعد جر البنوك لزبنائها إلى المحاكم ويصل الأمر إلى حد الطرد من العمل، وبعدها الدخول في ركود اقتصادي خطير. < هنا تتدخل الدولة، سواء بالزيادة في الأجور أو عبر بنك المغرب بتبني "المعدل الموجه"، الذي تزايد بنسبته ثلاث مرات في ظرف وجيز، والهدف من هذه العملية وقف الإقبال على قروض الاستهلاك وتشجيع المواطنين على الادخار عبر وضع أموالهم في البنوك، أو من خلال تقديم المساعدة للمستهلكين العاجزين عن تسديد ديونهم عبر تقديم الحلول الودية مع البنوك، من قبيل إسقاط نسب الفائدة والذعائر والاكتفاء بأداء أصل الدين، كما يمكن للدولة من خلال البنوك التي تمتلك فيها حصصا كبيرة، تشجيع المواطنين على الاستفادة من قروض جديدة بمعدلات فائدة قليلة من أجل تشجيع الاستهلاك وتحريك العجلة الاقتصادية، كما يمكن لمؤسسات اجتماعية تابعة لمؤسسات عمومية وشبه عمومية القيام لهذا الدور عبر منح قروض تفضيلية للموظفين لتحقيق هذا الهدف. كما لا ننسى حلا مغربيا صرفا يلجأ إليه المواطنون وهو "دارت"، التي تشكل متنفسا لهم للحصول على مبالغ مالية مهمة دون فوائد أو إجراءات معقدة، وتساهم أيضا في تخفيف الحمل عن الدولة والبنوك في عمليات التمويل. في سطور - من مواليد 1971 - حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد 1997 - حاصل على الدكتوراه في 2005 - أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط - متزوج وأب لثلاثة أطفال - عضو في المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية - عضو المركز الأندلسي للدراسات الصحراوية

محـرك للاقتصـاد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبـس للقاضـي المستشـار

التنظيم القضائي يوحد القضاء والدفاع بخريبكة

مقالات ذات صلة