محام: ” جيبو ليا شكاية الداخلية”

متهم لقاض: "شوف من حالي" ومتابع مسن يلقى التعاطف رغم تورطه في تهم ثقيلة رغم الهدوء والتنظيم الجيد اللذين عما محكمة الاستئناف بالبيضاء، الأربعاء الماضي، فإن بعض قاعاتها شهدت غليانا وجدالا قانونيا، سيما بالقاعة 8، التي عرضت فيها ملفات كبيرة وساخنة، تنوعت بين التزوير في وثائق رسمية واختلاس أموال عمومية والاغتصاب. كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، بعدما أشرف رجال أمن على دخول المرتفقين وفرض النظام داخل المحكمة، إذ توزع أمام قاعات الجلسات المحامون في جماعات صغيرة وانخرطوا في نقاشات غالبا ما تتعلق بالقضايا التي سينوبون فيها. وبعدها بدقائق، توقف الزخم بالمحكمة، وتفرق الجميع على القاعات إيذانا بانطلاق الجلسات. محاكمات عن بعد نجحت تقنية المحاكمة عن بعد في فرض مكانتها خلال المحاكمات، فبعد أن استعين بها احترازيا بسبب تفشي وباء كورونا، طالتها انتقادات خوفا من أن تحرم المتهم من حقه في محاكمة عادلة، إلا أن التجربة كذبت جميع هذه الانتقادات، وكشفت أنها حل مثالي ليس فقط لهيأة الحكم والدفاع، بل حتى للمعتقل، إذ وفرت عليه عناء الحضور إلى المحكمة، في وقت مبكر وانتظار ساعات طويلة إلى حين الشروع في محاكمته. فسحت تقنية المحاكمة عن بعد أيضا، للحضور إمكانية سماع وجهة نظر المتهم بشكل واضح، على نقيض الفترة السابقة، حيث كان المرتفق ملزما بالحضور باكرا والجلوس في المقاعد الأمامية، وبذل مجهود خرافي لاستراق السمع للحوار الرائج بين القاضي والمتهم ودفاعه. نجاح هذه التجربة، يحسب لجنود الخفاء، تقنيين ومهندسين في مجال المعلوميات، فالإشراف على النقل المباشر وضمان صورة واضحة وصوت نقي يتطلبان كفاءة ومهارة عالية، كما أظهر موظفو السجن براعتهم في هذا المجال، إذ اكتسبوا تجربة كبيرة ساهمت في ضمان سير سلس للجلسات، إذ بمجرد أن ينطق القاضي برقم الملف فقط، يسارع الموظف بالمناداة على اسم المتهم وإعداده للمحاكمة. النفي وإعادة النفي داخل القاعة 9 حيث تنعقد جلسات الغرفة الجنحية الاستئنافية، تشعر كأنها امتداد لجلسات المحكمة الزجرية، حيث لا تخرج القضايا المعروضة عليها عن السرقة والضرب والجرح والاتجار في المخدرات، وينضاف إلى ذلك، تكرار المتهمين العبارات نفسها التي رددوها خلال المرحلة الابتدائية، منها " والله ما سرقت" و"الله ما داير شي حاجة" و "راني مظلوم". ظل متهم متابع بالسرقة، يصر من خلال الشاشة على براءته، ويخاطب رئيس الهيأة بطريقة يحاول منها كسبه لصفه، لكن نباهة القاضي ومواجهته بالقرائن وتصريحاته السابقة أفحمته، فالتزم الصمت لفترة ليست طويلة، فخاطب القاضي مستعطفا "شوف من حالي أ الأستاذ". متهم آخر ظهر في الشاشة واثقا من تفنيد التهم الموجهة إليه، وهي محاولة السرقة وتخريب السيارات وحيازة سلاح أبيض. كان صوته جهوريا شيئا ما. حاول احتكار الكلمة للدفاع عن نفسه، لكن القاضي كان يلجمه في كل مرة بدليل، منها أنه ضبط متلبسا بتكسير زجاج سيارة ومحاولة سرقة محتوياتها، وأنه معروف في حيه بعدوانيته وحيازته السلاح الأبيض. ارتبك المتهم ونفى كل شيء من جديد، ولما واجهه القاضي أنه اعترف بكل هذه التهم في محاضر الشرطة القضائية، طعن فيها مصرحا "والله ما قلت شي حاجة، راه الموس لي لقاو عندي خداو من دار فجاو اعتقلوني". وحاول المتهم مواصلة الدفاع عن نفسه، إلا أن البث انقطع لأسباب تقنية، ليقرر القاضي رفع الجلسة لفسح المهلة للتقنيين لإصلاح العطب. قضايا كبرى استأثرت قضايا غرفة الجنايات الاستئنافية بالقاعة 8 بحصة الأسد، إذ شهدت حضورا وازنا من عائلات المتهمين وشهود وبعض المتابعين في حالة سراح، وعدد كبير من المحامين. ما ميز القاعة 8 أنه خصصت لها شاشة كبيرة، ظهر فيها عدة متهمين داخل قاعة يترقبون دورهم في المحاكمة. ظهر تنسيق كبير بين رئيس الهيأة وموظف بالسجن مكلف بإحضار المتهمين، إذ بمجرد ذكر رقم ملف القضية يسارع الأخير إلى إحضار المتهم أو المتهمين، باستثناء قضية، أشعر الموظف القاضي أن المعني بها نقل إلى مستشفى الأمراض العقلية. أثار متهم مسن يتنقل بصعوبة بعكازين حفيظة الحضور، لكن تبين في ما بعد أنه مدان ابتدائيا بـ15 سنة سجنا بتهم ثقيلة منها محاولة السطو على عقار باستعمال وثائق رسمية مزورة، سيما رسم إراثة ووصية والرشوة والنصب. ورط المتهم محافظا سابقا فارق الحياة، وموثقا وعدلا بالبيضاء، حضرا الجلسة رغم استفادتهما من البراءة في الحكم الابتدائي. المثير في هذه القضية أنها مازالت رائجة بالمحكمة منذ 20 سنة، إذ كانت بدايتها في 2002 وما زالت متواصلة إلى اليوم. بعدها تم النظر في قضية كبيرة جدا، وهي اتهام مقاول بجناية الاختلاس والرشوة والتزوير وتأسيس شركات وهمية والنصب. أثار دفاع المتهم الحدث، عندما أقحم اسم وزارة الداخلية في القضية، بعد التأكيد أنها طرف مشتك بسبب تلاعبات شابت صفقة عمومية فوتت لشركة المتهم. بطريقة خير وسيلة للدفاع الهجوم، فند محامي المتهم دخول وزارة الداخلية طرفا في القضية، وطالب بإلحاح من رئيس الهيأة وممثل النيابة العامة بنسخة من شكايتها ضد موكله، كما انتقد إدارة الجمارك بصفتها طرفا مشتكيا لتورطها في خروقات مسطرية، منها عدم الاستماع إليه في تلاعبات جمركية اتهم بها. مرافعة المحامي لم ترق ممثل النيابة العامة، الذي انتفض موضحا أن المتهم اعترف بكل المنسوب إليه خلال محاكمته ابتدائيا وأن كل جوانب القضية نوقشت، وأن إدارة الجمارك استمعت إليه فعلا، ملتمسا من هيأة الحكم الدخول في الموضوع. مصطفى لطفي

محام: ” جيبو ليا شكاية الداخلية”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"لعمر" تعيد برحيل

هدوء بالرباط وسلا والقنيطرة

مقالات ذات صلة