فتحاوي: النجاعة القضائية شعار المرحلة

الرئيس الأول قال إن محكمة الاستئناف بالبيضاء تعرف رواج أكبر عدد من القضايا على المستوى الوطني قال عبد العزيز فتحاوي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالبيضاء، إن المحكمة تعرف رواج أكبر عدد من القضايا على المستوى الوطني، وإن التتبع لعمل القضاة والموظفين على مستوى تدبير الملفات أسهم إلى حد كبير في تصفية القضايا المتراكمة، وتبوأت هذه المحكمة الرتبة الأولى. وأضاف في حوار مع "الصباح" أنه لم يعد مقبولا أن يمارس نواب الرئيس الأول دورهم التقليدي، بل أضحوا مطالبين بمهام الرئيس الأول، إذ يتعين عليهم تدبير الملفات قضائيا ابتداء من تسجيلها ورقيا ومعلوماتيا، وتحيينها رقميا، ومتابعة آماد إجراءاتها. وفي ما يلي نص الحوار: أجرت الحوار : كريمة مصلي *أشرفتم قبل أيام على الجمعية العمومية لاستئنافية البيضاء، ما هي نقاط الخلل التي وقفتم عليها؟ - في الحقيقة أن الجمعية العمومية يجب أن تبنى على قواعد وأسس موضوعية، فهي ليست مجرد توزيع اعتباطي للأشغال، وإنما هي بناء وترميم لمواطن الخلل، والمسؤول القضائي يبني ذلك على معايير دقيقة، إذ يستقصي الإحصائيات في كل أقسام المحكمة ويقف من خلالها على مدعاة الرأب، ناهيك عن معايير أخرى تساعد على وضع القاضي في مكانه المناسب. وبالنسبة إلى محكمة الاستئناف بالبيضاء، فقد لوحظ أن نسبة المعتقلين تشكل نسبة 15% من المجموع الوطني هي ومحاكم الدائرة، وهذا استدعى إضافة هيأة جنائية ابتدائية رابعة، وأن كل الهيآت الجنائية سواء ابتدائية او استئنافية أضيفت لها جلسة أخرى، حيث أضحت تضطلع بثلاث جلسات في الأسبوع، كما أن هيآت الجنحي العادي أضيفت لها بعض القضايا التلبسية، إضافة إلى أن التنظيم القضائي الجديد نقل الغرف الاستئنافية الابتدائية إلى محكمة الاستئناف، وهذا استدعى طبعا أن يكون ذلك حاضرا بهذه الجمعية. *تعد محكمة الاستئناف بالبيضاء من المحاكم التي تعرف رواج أكبر عد من القضايا، هل يؤثر ذلك على المردودية بين الكم والكيف؟ - الأكيد أن محكمة الاستئناف تعرف رواج أكبر عدد من القضايا على المستوى الوطني، وأن التتبع الحثيث لعمل القضاة والموظفين على مستوى تدبير الملفات، أسهم إلى حد كبير في تصفية القضايا المتراكمة، وتبوأت هذه المحكمة الرتبة الأولى من حيث تصفية القضايا سواء على مستوى المسجل أو الرائج، وبطبيعة الحال انتقلنا إلى الكيف، ويتم في هذا الإطار حث القضاة المستشارين على اقتفاء أثر التوجه الرصين لمحكمة النقض، ويتم تزويدهم بنتيجة النقض التي طالت قراراتهم إن سلبا أو إيجابا ، وتظل محكمة الاستئناف بالبيضاء مرجعا على مستوى الاجتهاد القضائي بالنسبة إلى المحاكم الابتدائية بالدائرة، وتستأنس حتى بعض محاكم الاستئناف بقراراتها. والملاحظ أن أي عمل سواء كان قضائيا أو مجرد عمل إداري لا بد أن تصادفه بعض العثرات، وتلك سنة الله في سيرورة الكون وتدافع السالب والموجب، وقد يتأثر العمل بالخصاص في المورد البشري لكن بتضافر الجهود القضاة المستشارين الأفاضل يتم التغلب على كل المعيقات. *منذ 2016 تحدثتم عن نجاح المسؤول القضائي وفق دفتر تحملات يضعه لتسيير المرفق، أين وصلتم في تنفيذ برنامجكم؟ - نعم كنا وضعنا دفترا للتحملات، وقد وفقنا إلى حد كبير في إنجازه بنجاح والحمد لله، فقد بلغت المحكمة إلى نسبة 125 % كمحكوم من المسجل، وهي نسبة قياسية، إذ سبق أن أفردت لها الإدارة المركزية خانة وردية بعد أن كان سنام العطاء مجرد خانة خضراء، هذا بعد أن كانت استئنافية البيضاء تصنف في الخانة السوداء وهي الأخيرة، ناهيك عن التحديث والبرامج المبتكرة، والهيكلة المعقلنة لمصالح كتابة الضبط، سواء من حيث التموقع أو نوعية الأداء، ويكفي المرتفق أن يجد ضالته بسلاسة ويسر، وحاليا همنا هو تصفية ملفات المعتقلين، لكننا لم نضع شعارا لهذه السنة، إذ نترقب ما سيعلن عنه الرئيس الأول لمحكمة النقض من شعار عند افتتاح السنة القضائية حتى نحذو حذوه ونقتفي أثره ولنا فيه الأسوة الحسنة، وفي توجه محكمة النقض النبراس والاقتداء. توحيد العمل القضائي * يتحدث مرتفقو المحكمة عن أنها تعاني مشكل توحيد الاجتهاد القضائي، ماذا قمت به لمعالجة الأمر؟ على مستوى توحيد العمل القضائي، نعمل على جمع مواطن الخلاف، ونعقد موائد مستديرة بين رؤساء الهيآت ونكتفي بتوجه محكمة النقض في كل نقطة خلافية، والشيء نفسه على مستوى المحاكم الابتدائية، ونجمع القرارات الموحدة في مجلة محكمة الاستئناف والتي تصدر سنويا. ومنذ أن عينت على رأس المحكمة أعمل على عقد اجتماعات مع رؤساء الغرف لأجل أن يعقد كل واحد منهم اجتماعات مع القضاة، الذين يعملون معه، ويتم طرح الإشكالات ويحاولون توحيد الاجتهادات المتواترة لمحكمة الاستئناف أو اجتهادات محكمة النقض، بعد ذلك أعقد اجتماعا آخر مع رؤساء الغرف ونتفق على تلك الاجتهادات، ويتم إصدار تقرير أو بيان في الموضوع يوجه إلى القضاة حول ما يجب اتباعه. أما على مستوى المحاكم الابتدائية فإن توحيد الاجتهاد بها كان يتم بطريقة تقليدية في وقت سابق من خلال عقد الندوات. تصوروا معي كم تستغرق الندوة من جهد ومصاريف، للخروج بتوصيات، يكون خلالها ذلك الاجتهاد القضائي الذي نوقش قد استهلك وتجووز. ولــــوج ســــلس *يرى البعض أن البيضاء بحجمها وعدد القضايا التي تدار فيها تستدعي الرجوع إلى التقسيم الذي كان قبل التوحيد، كيف ترون ذلك؟ أرى أن عدد القضايا قد تقلص بالنظر للسابق، إذ وبغض النظر عن تزايد عدد المسجل سنويا، فإن المخلف الضخم الذي كانت تنوء به المحكمة لم يعد له وجود، وأن المحكمة تصفي الملفات المسجلة والاحصائيات تؤكد ذلك، وحاليا نعتبر القضايا المسجلة سنة 2021 مزمنة، وأن التأخيرات تكون لأسبوع أو خمسة عشر يوما أو شهر على أبعد تقدير حسب الحالات، بعد أن كان الملف يروج لثلاث جلسات فقط خلال السنة، وبالتالي فالقول بتقسيم المحاكم لم يعد واردا. * أين محكمة الاستئناف بالبيضاء من النجاعة القضائية؟ منذ سنوات قليلة خلت كثر الحديث عن النجاعة القضائية، فانبرت الإدارة المركزية لسن البرامج المعلوماتية وجعلت التحديث من أولى أولوياتها والإدارة المركزية بذلك تروم توفيـر ولـوج سلس للعدالة، وضمان المعلومة القضائية الآنية، وعدالة فعالة ناجعة سريعة وغير متسرعة، وفي حلة لائقة، والكل في أفق تنزيل المحكمة الرقمية، وقد استفاد الجميع من هذا التحديث فغدا عمل المحاكم كالمرآة، وتيسرت المعلومة القضائية، وتحققت النجاعة المرجوة، لكن تدبير الملفات قضائيا وإن كانت تيسره المعلوميات، فتظل اللمسة البشرية للمسؤول القضائي والموارد البشرية ككل لازمة. من هنا فكرت في إحداث قسم لتدبير النجاعة القضائية باستئنافية فاس، وتوسع مجـال اختصاصه بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، لأني وجدت الأرض خصبة للعمل، ووجدت خلية تقنية مؤهلة ومبادرة. قرارات النقض أولوية نشتغل حاليا على نسبة القرارات المطلوب فيها النقض ونسبة القرارات المنقوضة لدى كل هيأة لتضم تقييم عمل القضاة من حيث الكيف، إذ تتم مراقبة ذلك من خلال تتبع عدد الملفات التي تم فيها الرفض وعدد الملفات التي تم فيها النقض والإحالة، وذلك بشكل دوري، حتى تتسنى لنا مراقبة مدى جودة القرارات. التفتيش التسلسلي ضرورة من أهم النقاط التي يتم إعطاؤها أولوية، تتبع الأحكام والقرارات وتتبع عمل المحاكم الابتدائية بصفة مباشرة ومراقبة عملها، والانخراط في القضاء على الملفات المزمنة وتفعيل دور التفتيش التسلسلي، والإشراف على تأطير القضاة خصوصا المبتدئين منهم، والحرص على العلاقة الجيدة مع هيأة الدفاع ومساعدي القضاء، بما يخدم سير المرفق ومصلحة المتقاضين، ونهج سياسة الباب المفتوح في وجه المتقاضين. فالتوجه الذي أطبقه على مستوى التفتيش التسلسلي، هو ليس رصد الاختلالات فحسب، ولكن علاجها في المكان عينه، وهي إستراتيجية اعتمدتها في بعض المحاكم وأعطت أكلها، ومثال على ذلك وارتباطا بمسألة التحديث، في بعض المحاكم وجدنا أن شباك الاستقبال لا يشتغل كما يجب لنقص في بعض الوسائل اللوجيستيكية، فيتم علاج الموضوع في حينه. الدور التقليدي لنواب الرئيس لم يعد مقبولا لم يعد مقبولا أن يمارس نواب الرئيس الأول دورهم التقليدي، بل أضحوا مطالبين بمهام الرئيس الأول، إذ يتعين عليهم تدبير الملفات قضائيا، ابتداء من تسجيلها ورقيا ومعلوماتيا، وتحيينها رقميا، ومتابعة آماد إجراءاتها، والبت فيها وتحريرها وطبعها وتوجيهها لمحكمة النقض، ورصد الخلاف على مستوى الاجتهاد القضائي في أفق توحيده، كما يتعين على نواب الرئيس الأول والمستشارين تفعيل النجاعة في عملهم، والالتزام العقلاني بآماد البت والإجراءات، سواء في تأخير الجلسات أو كم القرارات وآماد المداولات، والنكوص عما ينافي ذلك من إخراج من المداولات أو تمديدات غير مبررة. القاضي مسؤول عن جودة أحكامه من المسائل التي يجب الحرص على القيام بها، من قبل القضاة ورؤساء الهيآت، الحرص على إعطاء القضايا والملفات المطروحة عليهم حقها في التداول الذي هو سنام العدالة، بالإضافة إلى الاطلاع على التعليل ومراجعتـه والحرص على كيفـه، ومراقبة تحرير القرارات التي يصدرونها، إذ هناك رؤساء هيآت لا علم لهم بالمحرر من القرارات، كما أنه يجب الإشارة وهذه من النقاط التي أكدت عليها في الجمعية العمومية الأخيرة، إلى أن الاطلاع القبلي على الجلسة يعتبر من أولويات النجاعة، التي لا يحرص عليها عدد من المستشارين غير المقيمين بهذه الدائرة القضائية، كما أنه يجب احترام جدول جلسات البحث حسب القاعات والتوقيت، وتفادي تعيين جلسات البحوث في يوم الجلسة العادية. في سطور - دكتوراه في الحقوق 2011 - شهادة تدريب بالمدرسة الوطنية للقضاء بفرنسا2007 - دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الدراسات الإسلامية من كلية الآداب بالمحمدية 2004 - شهادة التخرج من المعهد العالي للقضاء1983 - الإجازة في الحقوق فرع العلوم القانونية من كلية الدار البيضاء 1980 مهام قضائية في 2014 زاول مهام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بفاس، وقبلها رئيس غرفة بمحكمة النقض، وفي 2012 مفتشا بالمفتشية العامة لوزارة العدل، ثم عين مستشارا بديوان وزير العدل والحريات. وفي 2011 زاول فتحاوي مهام مستشار بمحكمة الاستئناف بسطات وفي 2010 رئيسا للمحكمة الابتدائية بفاس، وفي 2005 رئيسا للمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وفي 2000 رئيسا للمحكمة الابتدائية بابن سليمان. واشتغل خلال 1994 مستشارا بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، وقبلها في 1987 كان قاضيا بالمحكمة الابتدائية البيضاء، وفي 1982 بعد تخرجه من المعهد العالي للقضاء مارس القضاء بالمحكمة الابتدائية ببركان.

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

لجنة قضاة للتحقيق في فضائح التذاكر

نصائح لاختيار الستائر

مقالات ذات صلة