غالي يلوح بالاستقالة

أمانة "بوليساريو" عاجزة عن الانعقاد وتتجه إلى انهيار سريع ومدو بقلم: الفاضل الرقيبي لا يزال الحبر يسيل بما يحدث في الرابوني من ضبابية في المشهد بشكل عام. فكل ما كان معهودا قبيل كل مؤتمر، لم يتكرر هذه المرة، في ظل احتدام الصراع والخلافات والانشقاقات، التي أحرقت كل تلك الصور الاعتيادية داخل المخيمات، حتى بات التطاحن السمةَ الأبرز والطاغية على كل أنشطة الحركة، التي تحضر لعقد مؤتمرها القنبلة، وهو أحد أصعب مؤتمراتها منذ تأسيسها في ماي 1973 على الأراضي الموريتانية. تتكاثف الأحداث وتتراكم كل مسببات الأزمة، لتجعل من الظروف الحالية التي تمر منها أجنحة “بوليساريو”، قوة دفع في اتجاه الانهيار السريع والمدوي الذي يوازيه انهيار آخر أكبر طال أغلب المؤسسات الجزائرية، بعد رحيل بوتفليقة. كل الجلسات المغلقة التي كان يتم فيها تحديد مصائر الناس بالمخيمات، والتي يطلق عليها في عرف “بوليساريو” دورات الأمانة الوطنية، لم تعد سرا، ولا ما يتم تداوله فيها حكرا على الأشخاص الذين يحضرون تلك المسرحيات. فما يتم تسريبه من تلك القاعات يُنبئ بوضع كارثي تستشرفه أجنحة “بوليساريو”، من خلال عجزها عن إيجاد أي أرضية للتفاهم لإخراج المؤتمر المقبل. فقد كان من المقرر أن تعقد آخر هذه الدورات، الخميس الماضي، وبعد أن تأكد سالم لبصير من حنق معظم القيادات من الطريقة التي اختتمت بها الندوات السياسية التحضيرية للمؤتمر، تم الإعلان عن التأجيل بذريعة ما قيل إنه انتظار عودة ولد اعكيك المريض بإسبانيا، ووصول عبد القادر طالب عمر للمخيم، والذي، حسب ولد لبصير، منعته ارتباطات مع وزارة الدفاع الجزائرية من الحضور، الخميس الماضي. ومنذ انطلاق الندوات، حاول سالم لبصير واعبيدة الشيخ الاتصال بكل أعضاء الأمانة لجس نبضهم، قبل الإعلان عن تاريخ آخر دورة، والتي عادة ما توضع فيها الخطوط العريضة التي سيدار بها المؤتمر وتقاسم الأدوار فيه. لبصير الذي قدم تقريرا لغالي، ليلة الثلاثاء الماضي، أوضح فيه غضب الطالب عمي الديه ومحمد وليدة، وعدم رضاهما عن كل المقترحات الخاصة بالجانب العسكري، إذ اتهما اكريكاو بمحاولة العودة للجيش، من خلال ما يعتبرانه نقاطا ملغومة، تم دسها للمؤتمرين، بينما عاد اعبيدة الشيخ بالسخط الذي عبرت عنه قيادات رقيبات الشرق، التي اجتمعت هذه المرة على الوقوف في وجه نظرائها من رقيبات الساحل، خصوصا بعد الحملة الشرسة التي استهدفت القيادي الغوث ماموني، الذي اتهمته إحدى نساء “الحراطين” بالتهجم عليها، رافضا عضويتها في الوزارة، لأنها سوداء البشرة. الأمر الذي اعتبرته قيادات الشرق، محاولة للإطاحة بالرجل، الذي يحاول، منذ مدة، جمع شمل جبهة رقيبات الشرق، والتي أضعف لحمتها اكريكاو ومصطفى ولد سيد البشير بعد وفاة سيد أحمد لبطيل وعبد الله لحبيب البلال. وتبقى القيادات التي لا تنتمي لقبائل الرقيبات، عاجزة عن تشكيل رؤية تتعامل بها مع واقع التخبط الذي يسود داخل دوائر الرابوني، ما قد يؤثر على توجهاتها في التعاطي مع أسئلة المحاصصة والتموقع في الدورة الأخيرة للأمانة. وكل ما يرشح عن تلك المجموعات القبلية، هو أن أولاد دليم و”لعروسيين” اجتمعوا بداية هذا الشهر، بمنزل السالك بابا حسنة في تندوف الجزائرية دون اتخاذ قرار نهائي حول تحالفاتهم المقبلة، رغم أن العامة ترجح أن يشكلوا، رفقة خطري ادوه ويحيى بوحبيني، حلفا يجتازون به حرب المواقع الصعبة في المؤتمر، عبر الاستثمار في ما يعتبرونه إنجازات تسمح لهم بالاستمرار، بعد أن ظهرت جليا قدرتهم على الوصول للمخابرات الجزائرية، ومكنتهم من إدارة الرابوني عبر الإمساك بالتنظيم السياسي والداخلية و”الوزارة الأولى"، بالإضافة إلى “السفارة بالجزائر”. وقد يتساءل البعض عن دور المخابرات الجزائرية في كل هذه الأحداث المتشابكة، وهنا وجب التنبيه الى أن الجزائر قد اختارت التعامل بمنطق الوكالة مع الأمور المتعلقة بالشأن الداخلي لـ "بوليساريو”، حيث أوعزت إلى ضباط في الأمن العسكري، بأن يتابعوا التطورات بالمخيمات عبر رجال ثقتهم بها، الأمر الذي انعكس سلبا بشكل كبير على الحياة في الرابوني. فعاد قادة الجبهة إلى عوائدهم القديمة، من خلال استمالتهم بالأساليب القذرة، والأكيد في كل هذا أننا سنتابع فصول مسرحية هزلية يسميها غالي بمؤتمر “بوليساريو”، وهي لا تعدو أن تكون لحظة أخرى لتهريب إرادة سكان المخيم، في مسار عبثي لم يعد يصدقه إلا المستفيدون منه من زمرة قيادة الرابوني الذين سيلقون بالكرة في آخر المطاف في ملعب جنرالات زرالدة لأن “بوليساريو” تبقى، أولا وأخيرا، مشروع الجيش الجزائري الذي تعتبره عصابة الرابوني مسؤولا على ضمان استمراريتها إن هو أراد مواصلة إستراتيجية العدو الخارجي التي يلهي بها الشعب الجزائري.

غالي يلوح بالاستقالة

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مواجهة الكلاب لإيقاف "بزناس" بمكناس

فاجعة تكسر هدوء الرشيدية

مقالات ذات صلة