انتخابات 2021 مفيدة لـ”بيجيدي”

العمراني نبه إلى خصاص في التشريع الرقمي داعيا إلى نسخة جديدة للعدالة والتنمية نبه سليمان العمراني، نائب الأمين العام السابق للعدالة والتنمية، إلى عدم الاستفادة من دروس جائحة كورونا، خاصة في ورش الرقمنة الذي مازال يشهد خصاصا في التشريع وعدم وضوح الرؤية ومعالم الطريق نحو استثمار جانبه التنموي، داعيا إلى نسخة جديدة لـ "بيجيدي» قد تمكنه من كسب رهان مجابهة تحديات العشريات الثلاث المقبلة، والاستجابة لرهاناتها الفكرية والسياسية والتنظيمية. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب < تصنيف البنك الدولي من أحدث التصنيفات (صدر يوم 17 نونبر الماضي) والذي شمل 198 دولة، ووضعَ المغرب فعلا في الرتبة 93 عالميا، وفي الرتبة 11 ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والملاحظ أن أغلب التصنيفات العالمية التي ترصد التحول الرقمي للدول تضع المغرب في رتب متواضعة، ومن ضمن تلك التصنيفات: تصنيف منظمة الأمم المتحدة الخاص بالحكومة الإلكترونية الذي صدرت نسخته لسنة 2022 في 28 شتنبر الأخير ووضع المغرب في الرتبة 101 عالميا من أصل 193 دولة، والمرتبة 5 إفريقيا. تصنيف منظمة «سورفشارك» البريطانية الخاص بجودة الحياة الرقمية، الذي صنفت نسخته برسم 2022 المغرب 71 عالميا (من أصل 117 دولة) والثالث إفريقيا بعد جنوب أفريقيا وجمهورية موريس. تصنيف منظمة فريدوم هاوس وفق مؤشر حرية الأنترنت، الذي رتب المغرب برسم السنة الجارية 2022 في الرتبة 37 عالميا (من أصل 70 دولة)، والعاشر إفريقيا والثاني عربيا وفي منطقة الشرق وشمال إفريقيا، بتنقيط لم يتجاوز 51 على 100. بل إن هناك تصنيفات يغيب عنها المغرب، كتصنيف مركز التنافسية العالمية التابع للمعهد الدولي للتنمية والتدبير، الذي يرصد أداء 63 من اقتصاديات العالم. < وجه الانزعاج في ذلك، هو أن المغرب يحقق رتبا متقدمة وريادية عالميا وإفريقيا في مؤشرات عديدة، ويسجل حضورا ضعيفا في المؤشرات العالمية للتحول الرقمي، وهذه المؤشرات هي أداة لقياس جودة ورش التحول الرقمي في المغرب. فلا خلاف أن هذا الورش عرف مسارا من التطور منذ عقدين، يعكس ذلك مجمل السياسات العمومية المعتمدة التي تؤثثها مختلف التدابير المؤسساتية والتشريعية والتنظيمية المتخذة، وساهمت أزمة كوفيد -19 في تكريس البعد الإستراتيجي لهذا الورش، لكن ثمة نواقص ومحدوديات ما تزال تكبل التنمية الرقمية في بلادنا، رصدتها مختلف التقارير التقييمية الصادرة عن مؤسسات وطنية ودولية، ومن أهم تلك العناصر التشخيصية ما يتعلق بالإطار المؤسساتي لورش التحول الرقمي، حيث تغلب عليه إلى اليوم المقاربة القطاعية، ولا نلمس حضورا وازنا للحكومة ولرئاستها، وأقصد أن ذلك الورش عهد بالإشراف عليه إلى وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وهي مهمة جسيمة لا تستطيعها، وكان الأولى كما في التجارب المتقدمة رقميا في العالم أن يكون الإشراف المباشر لرئيس الحكومة، لأن ذلك أدعى إلى خلق الانسجام والتعبئة وتحقيق الالتقائية أكثر. وكذلك بغياب إستراتيجية رقمية ذات مقومات حقيقية من حيث البلورة، ومن حيث التفعيل بصرف النظر عن المجهودات التخطيطية المنجزة إلى اليوم، إضافة إلى الخصاص المسجل على مستوى التشريع الرقمي، وغيره من عناصر الخصاص التي وقفت عندها في كتابي عن «التحول الرقمي في المغرب، ما جد وما صح وما قل". < الانتقادات التي أثرتها كانت للمقاربة وليس للإستراتيجية التي لم تكشف تفاصيلها للعموم إلى اليوم. ومنطلقي في ذلك أن الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي تعتبر أداة مركزية لتحقيق النهضة الرقمية لبلادنا وفرصة لتحقيق التعبئة الوطنية حول هذا الورش الهيكلي، ولأنها كذلك فيتعين أن تكون محكمة الإعداد والاختيارات والتنزيل. فمن حيث الإعداد، فإن المطلوب في تقديري أن تتم بلورة الإستراتيجية من خلال حوار وطني تشرف عليه الحكومة مباشرة، ويشهد مشاركة أوسع لكل المنظومة المؤسساتية المعنية كالقطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات الدستورية للحكامة والأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين، غير أن الطريقة المتبعة اليوم لا تتجاوز لقاءات تشاورية جهوية من خلال مشروع معد سلفا من قبل مكتب للدراسات، ولا نعلم إن كان هذا المشروع قد تأسس على تقييم عميق للإستراتيجيات والبرامج المعتمدة منذ 2005 أم لا. أما من حيث الاختيارات والتنزيل فذلك ما نؤجل فيه الحديث إلى أن تعلَم تلك الاختيارات وذلك التنزيل. اليوم ينصب نقاشنا على الإستراتيجية الرقمية للمغرب في أفق 2030، وبلادنا في حاجة كما البلدان الرائدة رقميا إلى إستراتيجيات رقمية رديفة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني و"البلوكشاين" والتجارة الإلكترونية والمدن الذكية وغيرها، كما هو حال دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتموقع اليوم في الرتبة 13 عالميا والأولى عربيا، ودون الحاجة لإيراد تجارب عالمية بوأت بلدانها مكانة الصدارة عالميا كالدنمارك وفنلندا وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا. التكنولوجيا الرقمية توفر فرصا للتنمية < هو كذلك فعلا، وهاجسي في ذلك أنه لا تستقيم إضاعة الفرص التنموية التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية، لأسباب تعود إلى الإشكال في المقاربة المعتمدة. ومرة أخرى فإن هناك جهودا وطنية تبذل - انطلاقا من الإرادة السياسية التي تعبر عنها برامج الحكومات المتعاقبة - والتي تتجسد في الاختيارات المؤسساتية والتشريعية والتنظيمية والتقنية، لكن العائد من كل ذلك محدود، وهو ما يفسر التموقع الرقمي العالمي المخل للمغرب. الجائحة عرت مكامن الخلل < كانت جائحة كوفيد 19 محنة لبلادنا، لكن دبرت انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية والصحية بنجاعة مشهود بها عالميا، ومن فضل الجائحة أن نبهتنا إلى مكامن الخلل في سياساتنا الوطنية وعلمتنا دروسا ثمينة أحرى بنا أن نثمنها ولا نضعها وراء ظهورنا. وفعلا فإن تخوف الخبراء والمهتمين من ألا تستفيد بلادنا من تلك الدروس بما يكفي ويتعين في محله، ويزكي ذلك التخوف أن قطار التحول الرقمي في بعض القطاعات العمومية لم ينطلق بعد أو في طور انطلاقته ونحن على مسافة زمنية من بدء الجائحة تتجاوز السنتين ونصف، ومن تلك القطاعات الصحة والتعليم والمعاملات المالية وغيرها، كما أن الفجوة الرقمية القائمة بين المناطق وبين الفئات الاجتماعية ما تزال تحد من الولوج للخدمات العمومية الرقمية وتكرس ضعف الشمول المالي الرقمي. كما لا تفوتني الإشارة إلى أن من أهم الدروس المستفادة من الجائحة هو استعجالية اعتماد نظام اشتغال الإدارات العمومية عن بُعْد، ذلك أننا لن ننسى معاناة الموظفين خلال الوباء، خاصة خلال فترة الحجر الصحي إلى جانب معاناة المرتفقين، واليوم الحاجة ماسة للمضي قدما وبلا تردد لإرساء النظام المذكور، ومن جهة أخرى تستلزم رهانات إنجاح التحول الرقمي الوطني اعتماد سياسات لتعزيز الوعي الثقافي والإيمان بالتغيير والتأهيل المهاراتي والتقني لدى الموظفين العموميين الذين يشكلون بلا ريب مفتاحا وقاطرة للتنمية الرقمية الوطنية المنشودة. الرقمنة في المغرب تسير بسرعتين < كل القطاعات العمومية وحتى في القطاع الخاص مدعوة لإنجاح تحولها الرقمي، باعتبار التحول الرقمي نظاما مكتمل الأركان للارتقاء ولتحقيق نجاعة الفعل العمومي، ويشكل انتقالا من النمط التقليدي في التدبير إلى نهج جديد يوفر الجهد والطاقة والوقت والتكلفة ويحقق أفضل النتائج. والمتتبع لمسار رقمنة القطاعات العمومية في المغرب يلحظ الأداء بسرعتين مختلفتين، فهناك قطاعات قطعت شوطا بعيدا كقطاعات المالية والطلبيات العمومية وتدبير الحماية الاجتماعية وخدمات المحافظة العقارية، وقطاعات ما تزال تتلمس الطريق كقطاعات العدل والصحة وبعض خدمات الجماعات الترابية. نسخة "بيجيدي" القديمة وصلت النهاية < قضيت في المسؤوليات الحزبية عقدين ونصف، بعد عقدين آخرين قضيتهما في مسؤوليات جمعوية سابقة، وهذا كاف في تقديري لترك المجال لغيري أملا في انبثاق كفاءات جديدة تنهض بمهام المرحلة المقبلة. واليوم تفرغت للعمل الأكاديمي والعلمي في موضوع يعتبر راهنا وطنيا ودوليا وبأفق استراتيجي هو موضوع التحول الرقمي، والباعث على ذلك أولا اهتمامي الخاص به منذ عقود، وثانيا لأَسد مسدا في مجال قَل فيه المشتغلون والباحثون، وأسهم من زاوية البحث والتأطير والتكوين والتوعية والتحسيس في التأهيل العام الرقمي المؤسساتي والمجتمعي. < كانت نتائج انتخابات 8 شتنبر قاسية على الحزب، لكنها لم تخل من منحة وفائدة، ومن ذلك توفير الوسع والإمكان للحزب، لإنتاج جماعي لنسخة جديدة متجددة تحل محل النسخة الحالية التي استنفدت أغراضها ووصلت إلى نهايتها بعد ربع قرن مضى على تاريخ المؤتمر الوطني الاستثنائي المنعقد في 1996 وبعد 55 سنة من تاريخ تأسيس الحزب في 1967. وبهذه النسخة الثانية يمكن مجابهة تحديات العشريات الثلاث المقبلة والاستجابة لرهاناتها الفكرية والسياسية والتنظيمية. في سطور - من مواليد 1960 بإقليم أزيلال - أستاذ مادة الرياضيات ثانوي سابقا - حاصل على الإجازة في القانون، تخصص الإدارة العمومية، والماستر في القانون العام، تخصص الجماعات الترابية. - باحث في سلك الدكتوراه - نائب برلماني لأربع ولايات - نائب الأمين العام للعدالة والتنمية سابقا - صدر له أخيرا كتاب " التحول الرقمي في المغرب - ما جد وما صح وما قل" - متخصص في السياسات المتعلقة بالوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة والتحول الرقمي

انتخابات 2021 مفيدة لـ”بيجيدي”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شبكة مغربية للزواج الوهمي بفرنسا

المسطرة الغيابية في صفقات بـ 8 ملايير

مقالات ذات صلة