حوادث

استئنافية آسفي… خلية نحل

وزراء عدل قدموا وعودا بإخراج مشروع بناء محكمة استئناف جديدة دون أن يتحقق ذلك

يكاد لا يتغير الوضع بمحكمة الاستئناف بآسفي، خلال رمضان عن سابقيه، إذ تستمر وتيرة العمل نفسها، أمام ضغط الملفات على غرفة الجنايات، في المقابل ترى أسر متهمين، أن القضاة يكونون أكثر ليونة في إصدار أحكامهم خلال هذا الشهر الفضيل… في وقت، صار لزاما على وزارة العدل، إخراج مشروع بناية محكمة استئناف جديدة، إلى حيز الوجود.

الساعة تشير إلى التاسعة إلا ربعا من صباح الأربعاء الماضي، يشرع حارس الأمن الخاص، أمام البوابة الرئيسية لمحكمة الاستئناف بآسفي، في السماح للمتقاضين بالولوج إلى المحكمة، ويطلب من الراغبين في الولوج الإدلاء بجواز التلقيح والبطاقة الوطنية. بعد تجاوز الباب الخارجي للمحكمة، يستقبلك شرطي وحارس أمن خاص، ويتم توجيهك لمصلحة الاستقبالات، إذ تمنح للزوار والمتقاضين وغيرهم، بطائق وتدون كافة معطياتهم بسجلات خصصت لهذا الغرض.
ويفسر مصدر مسؤول أن هذه الإجراءات الهدف منها ضبط وتنظيم عملية الولوج إلى المحكمة، ومحاربة ظاهرة السماسرة ممن ينصبون على المتقاضين مستغلين ضعف حيلتهم…
مكاتب الموظفين وقضاة مفتوحة قبيل الساعة التاسعة، إذ يبدو الأمر كخلية نحل، حركية هنا وهناك.

الجناح الأيسر
بقسم النيابة العامة بالجناح الأيسر، عناصر للدرك الملكي والشرطة القضائية بمعية مشتبه فيهم، ينتظر عرضهم على النيابة العامة، لارتكابهم أفعالا ترقى إلى جناية.
الملفات الخاصة بالمشتبه فيهم، يتم وضعها فوق مكاتب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي، في انتظار الاطلاع عليها وتوزيعها على النواب، من أجل القيام بإجراءات الاستنطاق، واتخاذ ما يلزم قانونا تبعا لذلك.
بالطابق السفلي من جناح النيابة العامة، حيث مكاتب قضاة التحقيق مفتوحة، في انتظار القيام بإجراءات التحقيق في حق متهمين، تم إحضارهم من السجن من قبل عناصر الشرطة المكلفة بذلك.
يجلس شرطيان غير بعيد عن مكاتب التحقيق، في انتظار تلقي التعليمات بإدخال متهمين، من أجل القيام بمسطرة الاستنطاق بحقهم.
وغير بعيد عن مكاتب قضاة التحقيق، تم تخصيص كراس خاصة بالشهود.

الاعتقال الاحتياطي
الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا، حيث قاعة الجلسات رقم واحد، ممتلئة عن آخرها، المقاعد المخصصة للمحامين بالكاد تكفي، فالقاعات الخاصة بجلسات محكمة الاستئناف لا تسع الجميع.
ينادي رئيس الجلسة على أحد المتهمين، الذي يتم إحضاره من المكان المخصص للمعتقلين. يفتش رئيس الجلسة داخل أوراق الملف، ويشعر المتهم بالمنسوب إليه.
المتهم شاب في مقتبل العمر، متابع من أجل السرقة الموصوفة والسرقة تحت التهديد. يتدخل دفاعه ملتمسا تأجيل مناقشة الملف، من أجل استدعاء المصرحين، فيقرر القاضي تأجيل الملف، وإعادة استدعاء المصرحين.
العشرات من الملفات المعروضة، على غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف لجلسة يوم الأربعاء الماضي، والتي جرت مناقشتها بقاعة الجلسات رقم واحد، منها 44 ملفا مدرجا يتعلق بالرشداء، و12 ملفا للأحداث، ثم ملفات العنف ضد الأطفال والنساء بما مجموعه 22 ملفا.بالقاعة رقم 3، كانت جلسة الغرفة الجنحية، التي يرأسها رئيس محكمة الاستئناف تنظر في ملفات منح السراح، والطعن في قرارات قضاة التحقيق، إذ تم عرض 24 ملفا للمناقشة، وإرجاء البت فيها إلى الأربعاء المقبل، بينما تم إصدار قرارات عشرة ملفات بين تأييد قرارات قضاة التحقيق بخصوص المتابعة في حالة اعتقال، وبين إلغاء قرار قضاة التحقيق بالدائرة القضائية وتمتيع المتابعين بالسراح، لتوفر ضمانات الحضور، واعتبارا لأن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي.
ويؤكد مصدر ل “الصباح”، أن محكمة الاستئناف تمكنت خلال السنوات الأخيرة، من تقليص عدد المتهمين المعتقلين احتياطيا تماشيا مع السياسة الجنائية لرئاسة السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، فضلا عن تدبير الزمن القضائي، من خلال إصدار قرارات في ظرف زمني معقول، خصوصا بالنسبة للملفات التي يتابع فيها معتقلون.

في انتظار بناية جديدة
العديد من وزراء العدل، ممن زاروا استئنافية آسفي، أطلقوا الوعود تلو الأخرى، لإخراج مشروع محكمة جديدة، تناسب حجم الدائرة القضائية وتحمي حرمة القضاة والمتقاضين، غير أن تلك الوعود سرعان ما تبددت، وتحولت إلى ما يشبه وعود تجار الانتخابات ممن يستميلون أصوات الناخبين.
فبناية هذه المحكمة شاهدة على فيضانات طوفانية جرفت العديد من ملفات الأرشيف، وألحقت أضرارا بمصالح. ورغم توفر وزارة العدل على الوعاء العقاري، لم يكتب لمحكمة استئناف جديدة الخروج إلى الوجود.

رأفة رمضان
بعيدا عن قاعة الجلسات، وبالفضاء الخارجي للمحكمة، يجلس العشرات من المواطنين، رغم الرياح القوية، في انتظار ما سيتقرر في حق أقاربهم.
“السعدية”، امرأة في عقدها الخامس، قادمة من حد الدرا بإقليم الصويرة رفقة زوجها، من أجل حضور محاكمة ابنها في قضية جنائية، إذ سبق أن أدين ابتدائيا بالحبس النافذ ثلاث سنوات.
“زوجي الآن داخل المحكمة، أنا أنتظره منذ أزيد من ثلاث ساعات، لم يخرج بعد. أتمنى أن تخفض هيأة الحكم عقوبة ابني. إنه فلذة كبدي”. تقاطعها امرأة أخرى بجوارها “غادي يكون خير، الحمد لله مللي عندو الجلسة في رمضان، القضاة في رمضان كيحن قلبهم، وكيبقاو فيهم الناس، خصوصا لا معندوش سوابق”…
يبدو الانشراح على وجه المرأة وترفع كفيها إلى السماء، أن تنعم بقضاء عيد الفطر رفقة ابنها هذه السنة، “فابني قضى سنتين الآن”، تقول المرأة.

محمد العوال (آسفي)


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.