يرى المراقبون أن زيارة سانشيز للرباط ستشكل بداية مرحلة جديدة في علاقات البلدين. ما هي في رأيك المكاسب المنتظرة من هذه الزيارة؟ أعتقد أن هذه الزيارة تأتي في ظرفية ملائمة إذا استحضرنا الموقف الإسباني الواضح وغير المسبوق من قضية الصحراء المغربية، خاصة الإقرار بواقعية المقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره حلا للقضية. فكل الظروف باتت مواتية لتعميق العلاقات بين البلدين في جميع المستويات، ولا ننسى أنها في الأصل علاقات وطيدة ومتطورة في المستويين الاقتصادي والأمني، بالنظر إلى القرب الجغرافي، ولوجود أولويات مشتركة. واليوم أرى أن مناخ الثقة الذي افرزه موقف السلطات الاسبانية على أعلى مستوى، خصوصا بعد الأزمة الأخيرة التي شكلت فرصة لتوضيح الكثير من الأمور، تجعل زيارة سانشيز للرباط فرصة تاريخية لتطوير العلاقات بين البلدين، نحو الأفضل، وتعطيها دفعة قوية ستنعكس إيجابا على المصالح المشتركة. ظلت العلاقات بين البلدين تتعرض لهزات من حين لآخر، رغم مستوى التعاون. ما هي مداخل الثقة لتأسيس شراكة صلبة بين الجارين؟ > حقيقة هناك مجموعة من الملفات العالقة بين المغرب وإسبانيا، ظلت ترخي بظلال قاتمة على العلاقات بين البلدين، على امتداد عدة عقود، وتبرز من حين إلى آخر، لكن لا ينبغي أن ننسى أن العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة بينهما، مهمة جدا وأخذت طابعا إستراتيجيا، خصوصا من الجانب المغربي، الذي عبر عن ذلك بوضوح، خلال تدبيره للأزمة الأخيرة، عندما استقبلت مدريد زعيم بوليساريو بطرق ملتبسة، وأساءت بشكل مباشر للمغرب. وأعتقد أن الأزمات التي تقع بين الدول بشكل عام، رغم شدتها، تمثل فرصة للتأمل ومحطة لتأمين المستقبل المشترك، ومراجعة الأخطاء. ويبدو أن مدريد استفادت من الأزمة الأخيرة، واليوم نحن أمام موقف أخرج اسبانيا عن حيادها السلبي، إلى موقف واضح أثار حفيظة الجزائر التي استدعت سفيرها بمدريد. وأعتقد أن تمتين العلاقات الاقتصادية وتشبيكها وإرساء قدر من الثقة بين الطرفين، من خلال هذه الزيارة، التي ستعطيها بعدا إستراتيجيا، تمثل بكل تأكيد عنصرا لدعم التعاطي البناء مع كل النقط الخلافية، وحصنا متينا، سيعزز العلاقات الثنائية ويعطيها بعدا مستداما. شكل الموقف الأخير لمدريد من الحكم الذاتي تحولا عميقا في رؤية مدريد للنزاع المفتعل. هل يمكن أن يتطور الموقف إلى ما هو أبعد وما هي سياقاته؟ > فعلا الموقف الإسباني الأخير غير مسبوق، وينطوي على أهمية كبرى، لاعتبارين أولهما أن إسبانيا بلد معني بالنزاع، لأنه البلد الذي كان يحتل هذه الأقاليم المغربية، وثانيهما دورها وموقعها الوازن في الاتحاد الأوربي، وستكون له تبعات في اتجاه دفع عدد من الدول الأوربية وفي أمريكا اللاتينية، إلى نهج التوجه ذاته. واعتبر أن الموقف الإسباني طبيعي استحضرت فيه مدريد واقعية مشروع الحكم الذاتي، وأيضا عدالة الطرح المغربي، وطبيعة المصالح الإستراتيجية الآنية والمسقبلية بين البلدين، والتي لا يمكن تطويرها إلا بحسن النية والثقة واحترام سيادة البلدين معا، كما جاء في الموقف الإسباني. وأرى أن هذا الموقف منفتح على المستقبل، ويمكنه أن يتطور، لأننا اليوم أمام تهميش للنخب الإسبانية، التي كانت تسعى إلى إقحام البلدين في متاهات الصراع. ويبقى الأفق مفتوحا أمام بناء علاقات متوازنة، وشراكة شاملة، وغير انتقائية، كما ظل المغرب يطالب بذلك. أجرى الحوار: برحو بوزياني مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش