محاربة الإرهاب والهجرة السرية وتنمية الاستثمارات من أولويات الشراكة يقوم بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، بزيارة رسمية إلى المغرب، اليوم (الخميس)، وسيجري خلالها مباحثات مع جلالة الملك، يرى المراقبون أنها تشكل فرصة تاريخية لتطوير العلاقات بين البلدين، وتجاوز الأزمة، التي خلفتها استضافة مدريد لزعيم جبهة بوليساريو. وتشكل إسبانيا ثاني وجهة مفضلة للسياح المغاربة بعد فرنسا، بالنظر للقرب الجغرافي بين البلدين، إذ تبعد الجارة الشمالية عن المغرب بحوالي 14 كيلومترا بحرا، ويزورها سنويا مليون مغربي للسياحة، بينهم 350 ألفا لقضاء العطل الصيفية، وآلاف يعبرون معبر سبتة وميليلة المحتلتين، ويسهمون في تنشيط الحركة التجارية. كما يشتغل بإسبانيا أزيد من 800 ألف مغربي بصفة قانونية، يشاركون في تطوير الاقتصاد الإسباني، سواء الفلاحي أو الصناعي، إذ انتعشت قرى ومدن بفضل الأطر واليد المغربية المؤهلة. وبالمقابل، تستفيد مقاولات إسبانية من فرص استثمار كثيرة بالمغرب، وحققت أرباحا طائلة حولتها إلى بنوكها بإسبانيا، بما فيها شركات التدبير المفوض والاستثمارات الصناعية المختلفة. وتعد إسبانيا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، وتصدر له نحو 8000 مليون أورو، أي ثلث إجمالي الصادرات الإسبانية إلى القارة الإفريقية، كما تستفيد من اتفاقية الصيد بين الرباط والاتحاد الأوربي، فيما يسعى المغاربة إلى الاستفادة من أنبوب الغاز الأوربي المغربي، الذي عطله "كابرانات" الجزائر. كما تستفيد موانئ إسبانيا من برنامج عملية "مرحبا" الذي يسهل دخول مغاربة العالم في العطلة الصيفية، إلى بلدهم الأم، على مدى ثلاثة أشهر، وتقدر أرباح إسبانيا من العملية 10 ملايير درهم سنويا، دون احتساب أرباح الفنادق والمطاعم أثناء العبور. وأظهرت الأزمة بعد إغلاق الحدود البحرية، في ضوء تداعيات زيارة بن بطوش، أن الإسبان خسروا الكثير بسبب تورطهم في زيارة زعيم بوليساريو، بدعم من نظام العسكر بالجزائر، الذين لا يفكرون بمنطق الدولة التي تحترم التزامات حسن الجوار، ولكن بمنطق "العصابات". وفي بادرة اعتراف جديد بالعقل الأمني المغربي وعلو كعبه دوليا وإقليميا، قررت إسبانيا، وللمرة الثانية، توشيح المؤسسة الأمنية المغربية في شخص عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمدير العام لمراقبة التراب الوطني، بأعلى الأوسمة التي تمنحها مدريد للشخصيات الأجنبية، وتوشيح الجنرال دو كور دارمي محمد حارامو، قائد الدرك الملكي. ويأتي الاعتراف الإسباني بقوة الأمن المغربي في مجالات عدة منها محاربة الإرهاب، وتفكيك الخلايا الإرهابية، ما جنب إسبانيا حمامات دم، وهو ما قامت به المملكة المغربية بالنسبة إلى دول أوربية، وحتى أمريكا. وبفضل خبرة المخابرات المغربية، تم اعتقال الإرهابيين أثناء التخطيط لعملياتهم، علما أن توفير المعلومة وتبادلها لا تقوم بهما سوى الأجهزة الأمنية المحترفة. ويعتبر ملف الهجرة السرية، ضمن ملفات التعاون بين البلدين، إذ تسعى أوربا عموما إلى تحويل المغرب إلى دركي لحماية الحدود الأوربية، في الوقت الذي اختار المغرب سياسة خاصة بالهجرة، أشادت بها الدول الأوربية نفسها، كما تعتمد حقول إسبانيا على اليد العاملة المغربية في جني "الفراولة". أحمد الأرقام