“أيام المستهلك” تناقش تدهور القدرة الشرائية

خبراء ومختصون دعوا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها بدل التذرع بمبررات الجفاف وحرب أوكرانيا أجمع المتدخلون في الدورة الثالثة من "أيام المستهلك المغربي"، على ضرورة اتخاذ الحكومة آليات للمراقبة، من أجل حماية المواطنين من جشع المضاربين والوسطاء، الذين أصبحوا يتحكمون في الأسواق وفي أسعار المواد الغذائية التي تصل إلى المستهلك بأضعاف ثمنها الحقيقي. وطالب المتدخلون، خلال الندوة التي نظمت للمناسبة، الحكومة، بتحمل مسؤوليتها وعدم التذرع بمبررات، مثل الجفاف والسياق العالمي وارتفاع الأسعار في السوق الدولية، والتحلي بالشجاعة من أجل اتخاذ قرارات تحافظ على القدرة الشرائية لمواطنيها، وعلى رأسها ربط المسؤولية بالمحاسبة وتحقيق العدالة الجبائية وإصلاح حقيقي لقطاعي الصحة والتعليم. "الصباح" حضرت الندوة وجاءت إليكم بالورقة التالية: إنجاز: نورا الفواري اعتبر حميد فريدي، الباحث المهتم بالبيئة والفلاحة المستدامة، أن ربط ارتفاع الأسعار بالحرب على أوكرانيا، أو بالجفاف أو بالسوق الدولية، مغالطة كبيرة، مؤكدا أن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها واضحة وأن تقوم بما يلزم من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطن، وأن تكون لديها الشجاعة السياسية من أجل القيام بذلك، بدل التخفي وراء الأعذار. وأوضح الخبير في التواصل المؤسساتي، في مداخلته التي ألقاها أثناء مشاركته بالنسخة الثالثة من "أيام المستهلك المغربي" الثلاثاء الماضي، والتي كان موضوعها "تدهور القدرة الشرائية"، أن المغرب لا يعاني الجفاف، بل لديه تأخر في نزول الأمطار بسبب التغيرات المناخية في العالم بأسره، كما أن لديه مشكل ندرة المياه الجوفية، وهو مشكل ليس وليد اليوم، بل يعود لسنوات طويلة، وبالتالي كان على الحكومة أن تكون مستعدة لمواجهته، كما ألقى باللوم على سياسة المخطط الأخضر، التي قضت على العديد من المنتوجات الفلاحية وتسببت في ارتفاع أسعارها. القدرة الشرائية خرافة وأشار فريدي، في كلمته، إلى أن المشكل في المغرب هو في كيفية تدبير الموارد، إذ أن الفلاح الذي يحتاج إلى الغازوال من أجل جراره يدفع السعر نفسه الذي يؤديه صاحب سيارة "الرانج روفر" الذي يتجول في "عين الدياب". وتساءل لماذا لا تدعم الحكومة "الغازوال الفلاحي" أو لماذا لا تدعم استعمال الألواح الشمسية في مجال السقي بدل الاعتماد على "البوطة"؟ ولماذا لا تفرض الحكومة ضريبة على الإرث حتى يستثمر الأغنياء أموالهم في مشاريع تعود بالفائدة على البلاد بدل تكديس ثرواتهم؟ ولماذا لا تستثمر الحكومات جميع مجهوداتها في ورشي الصحة والتعليم، رغم أهميتهما في ضمان كرامة المواطن، الذي يحتاج، بغض النظر عن دخله الشهري وفئته الاجتماعية، إلى مدرسة عمومية جيدة ومستشفى عمومي في المستوى، إذ بدونهما سنظل ندور في دائرة مفرغة. وقال "القدرة الشرائية مجرد خرافة ووهم من دون إصلاح حقيقي لهذين القطاعين. فالمواطنون يؤدون مبالغ مهمة من أجل التطبيب في مصحات خاصة، ومن أجل تعليم أطفالهم في مدارس خصوصية، في حين أنهم يؤدون ضرائب على ذلك، دون الاستفادة من خدمات صحية وتعليمية جيدة". نظام حكامة جديد من جهته، دعا ياسين عليا، أستاذ الاقتصاد ومؤسس حركة "معا"، في مداخلته التي ألقاها بالمناسبة نفسها، الحكومة إلى توجيه الدعم إلى الفئات المحتاجة إليه فعلا وإلى تطبيق العدالة في توزيع الثروة، إذ لا يعقل أن تقدم الدولة دعما ل "البوطا" يستفيد منه المواطن الفقير الذي يستعملها في طبخ "كميلة" بسيطة لأسرته، ويستفيد منه في الوقت نفسه صاحب الفيلا من أجل تسخين حماماته الثلاثة". كما طالب الحكومة بتحمل مسؤوليتها ونهج سياسة لتتبع مسار المواد التي يتم إنتاجها، والتي تصل إلى المستهلك بأربعة أضعاف سعرها الأصلي، مما يفتح المجال أمام الفوضى والعشوائية. وأوضح عليا أن الإشكال ليس في وجود الموارد، بل في غياب نظام حكامة جديد يطبقه وزراء وسياسيون قادرون على اتخاذ قرارات سياسية شجاعة، داعيا الحكومة إلى تطبيق عدالة ضريبية ومنح الحماية اللازمة للمستهلك في حدود الإمكان، مع ضمان الشفافية والوضوح، وتطبيق القوانين ومحاسبة السارقين، إذ لا يكفي أن نطلب "تجي الشتا" لنحل مشاكلنا، فمشكل الأمطار مشكل بنيوي وهيكلي وليس شماعة نعلق عليها فشلنا. محاربة الفساد وانتقدت نبيلة منيب، النائبة البرلمانية والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، الحكومة، لعدم توفرها على نظرة استباقية للأمور، والتي لجأت، بعد ستة أشهر فقط على وجودها، إلى الاستدانة ورفع الأسعار، في الوقت الذي وعدت المواطنين، خاصة من الفئات المتوسطة، بالرخاء والنمو. وقالت، في كلمتها: "منذ ستين سنة ونحن ننتظر حكومة كفاءات عالية، تحارب الفساد وتسعى إلى الديمقراطية. هناك فعلا سياق دولي أدى إلى هذا الارتفاع المهول في الأسعار على مستوى عدد من المواد، يجب أخذه بعين الاعتبار، لكننا لا يجب أن نغفل من جهة أخرى عددا من العوامل المرتبطة بنا والتي أدت إلى تأزيم الوضعية بشكل أكبر". ودعت منيب إلى ضرورة اللجوء إلى إصلاح سياسي واسترجاع جانب من السيادة، حتى لا تظل المؤسسات المالية الكبرى متحكمة في توجهاتنا الاقتصادية، كما دعت إلى فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة وتحقيق ثورة ضريبية ومحاربة التهرب والغش الضريبي وبناء دولة الحق والقانون والخروج بمخطط اقتصادي وطني مبني على التنافسية والمراقبة. مراقبة الأسعار من جهته، طالب الصحافي والمحلل الاقتصادي عماد عادل، في كلمته، مجلس المنافسة، بالقيام بمهامه وبالدور المنوط به، والمتعلق بمراقبة الأسعار والحرص على تطبيق القوانين وتنظيم السوق، لأن مهمته اليوم أصبحت تقريرية وتأديبية، ولم تعد لديه وظيفة استشارية فقط. كما دعا إلى عدالة جبائية يكون التعامل من خلالها مع المواطنين على قدم المساواة، إذ لا يعقل أن يؤدي الفقير أو الفئات المتوسطة ضرائب متساوية وأحيانا أكثر مما يدفعه صاحب الثروة. وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن المغرب بلد ثري، لكنه يعاني سوء توزيع الثروات. وأضاف، خلال مداخلته، أن الجامعة سبق أن تقدمت بمجموعة من الاقتراحات للحكومة من بينها تخفيض الضريبة على القيمة المضافة ب50 في المائة، ووضع آليات لمراقبة تحرير الأسعار في قطاع المحروقات، خاصة أن الزيادات تمس بصفة مباشرة القدرة الشرائية للمواطنين، وحماية المستهلك وعدم تركه عرضة للمضاربات والجشع والريع. نقاش صريح اعتبر نبيل توفيق، مدير مجلة "كونسو نيوز" المنظمة لأيام المستهلك المغربي، أن الدورة الثالثة تنعقد هذه المرة في سياق يعرف ارتفاعا في الأسعار وتراجعا للقدرة الشرائية بسبب تداعيات الجائحة، وهو ما فرض تخصيص موضوع الندوة لعدد من الإشكاليات الحارقة، التي تمت مقاربتها من جانب الاقتصاد السياسي وليس فقط الإشهاري. وأكد توفيق، في تصريح ل"الصباح"، أن النسخة الثالثة ستنظم على مدار السنة، وعبر ثلاث مراحل قوية، كانت بدايتها من خلال ندوة "عيد المستهلك"، التي خرجت بالعديد من الأفكار والحلول والمقترحات وكانت مساهمة صريحة وواضحة في النقاش الدائر اليوم حول ارتفاع الأسعار، خاصة أن مقاربة الموضوع تمت من خلال العديد من الزوايا، سواء المتعلقة بالمستهلك أو المتعلقة بالحكومة.

“أيام المستهلك” تناقش تدهور القدرة الشرائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تأجيل محاكمة "كوميسير" ورئيسة وكالة بنكية

حفظت القرآن وعمري 12 سنة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات