بني يخلف…”جنة” الهنكارات

إحداثيات تظهر الغزو الجديد للمستودعات والمخازن والمصانع العشوائية وسط الدواوير تحولت منطقة اللويزية/بني يخلف بعمالة المحمدية إلى "جنة" للمستودعات و"الهنكارات" والمخازن والأحياء الصناعية العشوائية التي ترى بالعين المجردة على أطراف الدواوير ووسط الأراضي الفلاحية، مستفيدة من علاقات "تسامح" حاتمية، يوفرها رجال سلطة وموظفون ومراقبون. ورصدت كاميرا "الصباح"، عشرات الوحدات الصناعية المخبأة وسط الأشجار ونباتات "البزار"، ومسيجة بالأسلاك وقطع البلاستيك السميكة، والبراميل والحاويات الفارغة، أو مشيدة قرب إقامات سكنية وفيلات ومسابح، تدر على أصحابها ملايين الدراهم السنوية، من عائدات للكراء، أو عبر أنشطة صناعية وتحويلية خطيرة، وأغلبها خارج المراقبة. إعداد: يوسف الساكت/ تصوير (عبد الحق خليفة) قبل 2018، لم تكن جماعة بني يخلف في حساب المسؤولين، سوى مجمع شبه قروي، يقطن أغلب سكانه في مركز صغير ويشتغلون في التجارة والحرف اليدوية، أو عمالا في الضيعات، والأحياء الصناعية بالمحمدية وسيدي البرنوصي وعين السبع، بينما يعيش أغلبهم على عائدات أنشطة فلاحية موسمية، تقام على قطع أرضية محاذية لعدد من الدواوير، مثل الروس والضاية الحايلة ومهيرشات والبراهمة شرقاوة والسباعي والزريعي ومنطقة بني مغيب المعروفة بصاكة الركراكي. الزحف العظيم في ذاك الحين، كان سكان "اللويزية" يراقبون ما يجري في الأقاليم والمناطق المجاورة من تسيب في مجال التعمير وانتهاك للتصاميم، واستنبات للمستودعات والهنكارات والمخازن، دون أن يتخيلوا، يوما، أن الزحف العشوائي للبشاعة والقبح سيطول جماعتهم أيضا. ولم يمر سوى وقت قليل، تزامن مع حركة انتقالية في صفوف موظفي الإدارة الترابية، حتى وضعت مافيا "الهنكارات" يدها على عشرات الهكتارات من الأرضي الفلاحية التي اقتنتها من أصحابها بأسعار تفضيلية، أو عن طريق عقود كراء طويلة الأمد، وشرعت تضع الأساسات الأولى لأحياء صناعية، استفادت بطرق ملتوية من الربط بشبكتي الماء والكهرباء (شهادات المطابقة وشهادات إدارية دون ترقيم ومرجع). ولم تمر سوى سنتين، حتى تحولت بني يخلف إلى مديونة رقم2، بل تكاد تفوقها في وتيرة البناء والتشييد في الليل والنهار، أمام أعين منتخبين ورجال سلطة، لا يحركون ساكنا ويحشدون القوات العمومية، من كل لون وصنف، إلا لمحاصرة مواطن بسيط فكر (مجرد التفكير) في بناء طابق فوق براكته "يتسع" فيه مع أبنائه. "درون" وإعفاءات وفي وقت كانت طائرات "درون" المجهزة بكاميرات تجوب سماء الجماعة، وتلتقط صورا لبراريك ومنازل وأسقف جديدة، كانت "الهنكارات" تعيث انتشارا وتوسعا في كل مكان، وعلى جنبات الطرق الثانوية والرئيسية، ويخترق أصحابها المجمعات السكنية للدواوير، ويشيدون الطرق والممرات، كما كانت الشاحنات من الحجم الكبير تتجول في واضحة النهار محملة بمواد البناء والحديد والدعامات، بل تتنقل، أيضا، الشاحنات المحملة بالحاويات الحديدية القديمة التي تستعمل ستارا خارجيا، لإخفاء بناء المستودعات. خلال ذلك، كان أصحاب الهنكارات والأحياء الصناعية التي انتشرت مثل الفطر، يستفيدون من إعفاء شامل من قبل رجال سلطة وأعوان الذين كانوا يضربون صفحا على هذه الممارسات غير القانونية في التقارير المرفوعة إلى العمالة، أو ربما كانت التقارير تصل، وتوضع في الدرج، بفعل فاعل، ما كشفته جولة قامت بها "الصباح" بالمكان. فإضافة إلى الصور التي التقطتها الجريدة، وفرت تقنية "غوغل اورت" عددا من الإحداثيات والصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية، تظهر عددا من المجمعات العشوائية، أبرزها ما يقع في المدخل الشرقي لدوار الروس. في هذا المكان المؤدي إلى المطرح العمومي، استفاد أحد الأشخاص المعروفين من أربعة هكتارات، قسمها إلى نصفين، نصف أول من هكتارين أخفاه بساتر من الحاويات لحفر طابق أرضي من الخرسانة، تمهيدا لبناء طابق علوي، كما وفر الجزء الثاني لبناء مستودعات ومبان ووحدات صناعية عشوائية. نماذج من التسيب بدوار المطرح على الطريق الإقليمية 33013، استغل شخص آخر قرابة هكتار من الأراضي الفلاحية لبناء فيلا ومسبح في الواجهة، وخلفهما شيد مستودعا لتخزين المحروقات، دون معرفة الجهة التي تستورد منها هذه المادة، ومن يستفيد منها وبأي ثمن، ثم المواد التي تخلط بها قبل البيع. واستفاد "المستثمر" نفسه من هكتارين إضافيين في المكان نفسه، قام بتسييجهما بقطع البلاستيك المستعملة في الزراعات السقوية وبراميل وحاويات، ووضع أبوابا حديدية ومداخل، واستمر في تقسيمها إلى محلات عشوائية ووحدات للتخزين والكراء. ولا يشكل دوار البراهمة شرقاوة استثناء من عمليات البناء العشوائي التي انطلقت منذ 2019 ومازالت مستمرة على قدم وساق طيلة فترة الحجر الصحي وتدابير قانون الطوارئ، إذ تظهر إحداثيات وجود مستودعات بهذا الدوار، وبالضبط بين الفتح 2 وتجزئة رياض السلام (حي صناعي). وتظهر الإحداثيات بأرقام ودرجات وزاويا مختلفة، أيضا وجود وحدات عشوائية أخرى بالدوار نفسه، خصوصا بين الطريق رقم 1 وحي الرشيدية، وهي مستودعات يمكن الوصول إليها بسهولة من قبل رجال السلطة، للاستفسار عن وجوها في هذا المكان. في أماكن أخرى بعدد من الدواوير، تبدأ عمليات البناء بزرع عدد كبير من نباتات تعرف باسم "البزار"، وهي نباتات سريعة النمو والانتشار وترتفع إلى علو 3 أمتار في أقل من ثلاثة أشهر. وخلف هذه النباتات، تشرع المعدات وآلات الحفر في تسوية الأراضي الفلاحية ووضع الأساسات الحديدية والخرسانة، لتشييد مستودعات تعرض للكراء من أجل التخزين، أو لإقامة صناعات تحويلية مختلفة (أكياس البلاستيك، الرخام، وتخزين البطاطس والحفاظ عليها أطول مدة ممكنة، برشها بمواد مشكوك في خطورتها وسميتها). وهناك أيضا بعض الوحدات العشوائية المتخصصة في تخزين المواد الغذائية التي انتهت صلاحيتها، أو اقتربت، وإعادة تجديدها بطبع تواريخ أخرى عليها، بواسطة آلات خاصة. أم الفضائح أوقف تحقيق داخلي بعمالة المحمدية "مذبحة" عقارية انطلقت في 18 يناير الماضي، بعدد من دواوير جماعة بني يخلف القروية (اللويزية سابقا)، موضوعها تغيير هوية أنشطة اقتصادية وتجارية مقامة عشوائيا فوق أراض غير مبنية من أجل التنصل من واجبات ضريبية مستحقة لخزينة الدولة. وشرع رجال سلطة وأعوان وموظفون، بعضهم مسؤولون بمصالح العمالة، بتنسيق مع منتخبين بالجماعة في استصدار شهادات إدارية لمالكي أراض فلاحية مقامة فوقها أحياء صناعية عشوائية، مقابل وعود وإتاوات ورشاو وتبادل منافع. وانتقل أعوان سلطة إلى عدد من دواوير الجماعة من أجل إنجاز محاضر بحث حول عقارات غير مبنية، موضوع طلبات لتسلم شهادات إدارية تضم إلى ملفات مسطرة الإعفاء من الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، التي تعتبر واحدة من أهم الرسوم المحلية المنعشة لميزانية الجماعات الحضرية والقروية، ومحاطة بعدد من الشروط والضمانات القانونية الصارمة. وتستعمل محاضر البحث، المنجزة من قبل أعوان سلطة وممهورة بتوقيعاتهم، سندا لرجال سلطة من أجل استصدار شهادات إدارية غير مطابقة للواقع، إذ يتم التنصيص على أن الأمر يتعلق بأراض غير مجهزة بالماء والكهرباء والتطهير السائل، أو أراض معدة للفلاحة، أو أنشطة مهنية مرخص لها. تحقيقات أولية وكشفت التحقيقات الأولية، التي جرت في سرية تامة، بعد انفجار الفضيحة، أن الجماعة القروية توصلت في الأشهر الأخيرة بعدد من طلبات الإعفاء من الضريبة على الأراضي المبنية، موقعة من ملاك العقارات أنفسهم، أو ورثة، أو الأشخاص المشتغلين بها بطرق عشوائية في أغلب الأحيان. وتشمل طلبات الإعفاء مئات الهكتارات من هذا النوع من الأراضي التي كانت ستخضع إلى مسطرة البحث وتصريح الشرف المصحح وإصدار شهادات إدارية بالطريقة نفسها التي تمت بالنسبة إلى عقارات تطلق عليها أسماء "مكزاز" و"بشرى" و"سارة" ذات الرسوم العقارية 25/2038 و25/4799 و25/7498. وحسب معطيات، فإن أصحاب هذه العقارات يرتبطون بعلاقات قرابة مع منتخبين بالجماعة، بل إن مالكا لبعض الأجزاء يعتبر مستشارا بها، علما أن المرأة التي أشرفت على إجراء الطلبات وتصحيح الإمضاءات ووقعت تصريح الشرف، طاعنة في السن!! شهادات إدارية تتوفر "الصباح" على نسخ من هذه الشهادات الإدارية الثلاث التي تؤكد المعلومات الواردة في محاضر البحث وتصاريح الشرف، دون أن تتبنى ذلك، علما أن الأنشطة المقامة فوق الأراضي المعنية، حسب ما هو مثبت بصور ملتقطة بأقمار اصطناعية، لا علاقة لها بأنشطة فلاحية ومهنية موجبة للإعفاء الضريبي، بحي صناعي عشوائي مكون من أكثر من 20 "هنكار"/شـــــركة. وتحمل الشركات أسماء مختلفة، وتشتغل في أنشطة متعددة، وتدر على أصحابها ملايين الدراهم سنويا معفاة من الضرائب وواجبات الدولة، تمكن ملاك الأراضي من عائدات بالملايين على سبيل الكراء سواء بعقود مكتوبة، أو شفوية. ومنذ انكشاف هذه التجاوزات، وتسرب نسخ من شهادات إدارية، يضع موظفون ورجال وأعوان سلطة ومنتخبون وملاك أراضي أياديهم على قلوبهم، إذ توصلت مصالح الداخلية بشكايات تتضمن وثائق ومعطيات وصورا، وضعت تحت تدابير التحقيق الأولي، في انتظار المراحل اللاحقة.

بني يخلف…”جنة” الهنكارات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحباط تهريب كوكايين بمكناس

دور التقويم في تنزيل القانون الإطار 51.17

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات