أطباء “النوار”…”مصاصو دماء”

يتغذون على ضعف المرضى لأداء عمولات سمينة خارج نطاق القانون تحيل عبارة "النوار" في ثقافة المغاربة، على صفقات المضاربة العقارية، وعقود بيع وشراء الأراضي والمنازل، لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت عبارة "النوار" حاضرة بشكل قوي في الميدان الصحي، سواء تعلق الأمر بالعيادات والمصحات الخاصة، أو بالمستشفيات العمومية، التي يلعب فيها جزء مهم من الأطباء دور السماسرة والمضاربين العقاريين. ويتعلق الأمر بعمولات سمينة، تصل أحيانا إلى 30 بالمائة من المبلغ الإجمالي للتدخل العلاجي، فعلى سبيل المثال، إذا كان المريض في حاجة إلى تدخل جراحي، تصل كلفته 40 ألف درهم، فإن المريض يؤدي مبلغ الفاتورة، إضافة إلى عمولة الطبيب، التي تسلم تحت الطاولة وبشكل غير قانوني، والتي يمكن أن تصل 12 ألف درهم، أو ما يزيد. وحسب المعطيات التي تتوفر عليها "الصباح"، فإن "النوار" أصبح عقيدة داخل جل المرافق الصحية، سواء تعلق الأمر بالقطاع الخاص أو المستشفيات العمومية، فبالإضافة إلى كلفة العلاج، هناك ما يسميه الأطباء "خدمة يدي"، التي ينال مقابلها مبلغا سمينا، دون وجه حق، مستغلا في ذلك، الضعف البشري، وحاجة المريض إلى العلاج. وتستغل بعض المصحات ظروف المريض، فبعد أن يصل غرفة الإنعاش أو المستعجلات، يدخل الطبيب الذي سيشرف على العملية، في حديث يشبه المناقصات وأجواء الصفقات، إذ يخبرهم بثمن العملية، الذي يختلف من مرض لآخر، ويضيف إليه عمولة "النوار"، وإذا رفضت أسرة المريض عرض المصحة، يحكم عليها بالمغادرة والبحث عن عرض مناسب، وبما أن الأسر تعلم أن عامل الوقت حاسم في التدخل الطبي، فإنها تستسلم لابتزاز الطبيب، وتخضع لرغبته كيفما كان السعر المقترح. ويجد المريض نفسه في المغرب في مفترق الطرق، إذ أن المستشفى العمومي لا يقدم خدمات في المستوى، وعوض أن يستفيد المرء من العلاج، يمكن أن يفقد حياته، ومن زاوية أخرى يصدم بالمبالغ الضخمة التي تفرضها المصحات، إضافة إلى رشوة الطبيب، والأدهى أن هذه الرشوة لا يمكن إثباتها بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتوفرون على تأمين صحي، الأمر الذي يحرمهم من التعويض عن مبالغ كبيرة، رغم أنهم يواظبون على أداء مستحقات شركات التأمين شهريا. ومن جهة أخرى، فإن فئة الفقراء، التي تستسلم لظروف المستشفى العمومي، بسبب عدم توفرها على تأمين، ومبلغ العملية في المصحة، تجد نفسها أيضا مجبرة على أداء "النوار"، إذ هناك مضاربون في المستشفى العمومي أيضا، يبتزون المرضى قصد إجراء العملية الجراحية وغيرها من التدخلات الطبية، فعلى سبيل المثال، جل مصالح الولادة، تفرض على الأمهات "تعريفة" 1000 درهم، من أجل الوضع. وبالإضافة إلى هذه الممارسات، هناك بعض الحيل الأخرى، التي تقوم بها المصحات من أجل حلب جيوب المرضى، من قبيل مطالبتهم بجلب أدوات ومعدات طبية، تستخدم في العملية الجراحية، والتي لا يتم استعمالها كلها، ويتم إرجاعها إلى المختبر وبيعها مرة أخرى. عصام الناصيري

أطباء “النوار”…”مصاصو دماء”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"السيزاغيان"... دجاجة تبيض ذهبا

أقليـة فاسـدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات