عيـن زهـرة… القريـة المنسيـة

200 درهم لأربعة أطنان من الماء وسيارة الإسعاف بمقابل ووضعيتها تسائل المسؤولين بالدريوش إنجاز: عيسى الكامحي (موفد الصباح إلى عين زهرة) ما إن تطأ قدماك عين زهرة، البلدة البعيدة عن الدريوش ب40 كيلومترا، حتى تقفز إلى ذهنك تلك الأغنية الشعبية الشهيرة لمحمد العروسي «ركبت على عين زورا وتشوش خاطري واشحال بكيت»، فهي شائعة وأشهر من نار على علم، ليس في المنطقة فحسب، بل في المغرب برمته. وإذا كانت هذه الأغنية تجسد قمة معاني الإبداع والجمال الفني الخلاق، فإنها كذلك تكرس الوضع المريب لسكانها، جراء التهميش والفقر، الأمر الذي دفع أبناءها إلى الهجرة نحو أوربا، خاصة هولندا وألمانيا وبلجيكا، لتحسين وضعهم الاجتماعي البئيس والعيش بكرامة المفتقدة في هذه القرية . منطقة عبور منسية لم تستفد عين زهرة من تاريخها الحافل بمقاومة الاستعمار وموقعها الإستراتيجي، منطقة عبور بين تازة والدريوش والناظور، ولا حتى بثرواتها الطبيعية وسط التلال، ومناظرها الخلابة وطيبوبة أهاليها، فهي تئن تحت وطأة التهميش والفقر و»تهريب» معظم المشاريع، التي كان من المفترض تشييدها بهذه القرية، هكذا عين «زورا»، كما يحلو لسكانها تسميتها، فهي شبيبة بتلك العانس التي لم تتزوج، إذ كلما تطلعت إلى غد أفضل ينسيها جحيم السنوات المتتالية، إلا وتصطدم بجشع مسؤوليها المتعاقبين، وتقاعسهم، والذين اتخذوا منها مطية لتحقيق مآرب شخصية. ورغم كثرة احتجاجات سكان هذه البلدة الريفية، لإنصافهم من جحيم التهميش واللامبالاة، إلا أن واقعها يجسد حجم تقهقر بنياتها التحتية والخدماتية، مع أن موقعها الجغرافي يجعل منها قطبا مهما في العديد من المجالات، ومحاطة بجماعات مطالسة شمالا وأولاد بوبمر وصاكا شرقا ومزكيتام جنوبا، فيما تحدها غربا جماعتا سيدي علي بورقية وتيزي وسلي، ويبلغ عدد سكانها أزيد من 12 ألف نسمة. التطبيب في خبر كان تفتقر عين زهرة، القبيلة الريفية، إلى أبسط الشروط الملائمة والضرورية للاستقرار فيها، دون أن تحاصرك إكراهات التنقل والتطبيب وانعدام الماء وهلم جرا. فالمنطقة تعاني العزلة وسوء التدبير وانسداد أفق منتخبيها، مع استثناءات قليلة تعد على رؤوس الأصابع، هكذا هي عين زهرة الفقيرة والمهمشة تنتظر بما يجود به كرم أبنائها، ممن يستقرون في أوربا. ويشتكي سكان المنطقة غياب التطبيب، فالمستوصف الوحيد الموجود في عين زهرة يفتقر إلى أبسط الشروط الطبية، وغياب الطبيب، لمعالجة المرضى، إذ يقتصر الحضور على ممرضة فقط، ما يتسبب في عجز المستوصف عن تلبية حاجيات السكان. يسرد سكان عين زهرة تفاصيل الجحيم، الذي يعيشونه لحظة اقتراب النساء الحوامل من الوضع، بسبب غياب التطبيب والافتقار إلى اللوازم الطبية، الأمر الذي يفرض التوجه إلى الدريوش، أو الناظور لوضع فلذات أكبادهم، وما يرافق ذلك من مخاطر تهدد سلامة الحامل. وحتى سيارة الإسعاف غير متاحة لعموم المواطنين، إذ عليك دفع 200 درهم مقابل التنقل إلى مدن مجاورة، لأجل التطبيب. يقول (خ.س) «وضعيتنا كارثية ونحتاج إلى مستوصف يستجيب لحاجيات المرضى، فلا يمكن المغامرة بالحوامل لنقلهن عبر سيارة الإسعاف مؤد عنها، من أجل الوضع في الناظور، أو كرسيف». نحن نسائل خالد أيت الطالب، وزير الصحة، متى سيتم إنصاف هذه القرية ويرد إليها اعتبارها. إن العديد من الحوامل لقين حتفهن في طريقهن إلى المستشفى، بسبب غياب الطبيب، أو الممرض، وافتقار سيارة الإسعاف إلى أبسط المستلزمات الطبية لإنقاذ الأرواح». 200 درهم لجلب الماء يضطر سكان عين زهرة إلى جلب الماء واقتنائه بمبلغ يتراوح ما بين 100 درهم و200 لأربعة أطنان، يتم توزيعها بين أهالي الدواوير، وهو ما يشكل هاجسا مؤرقا بالنسبة إلى السكان، ناهيك عن قلة التساقطات المطرية، التي تزيد محنة الأهالي. وباستثناء بعض الدواوير المستفيدة من وجود الماء بالآبار، على قلتها، فإن أخرى يصعب عليها الحصول عليه، لانعدام الماء في أجواف وباطن الأراضي، لهذا يمنى سكان عين زهرة النفس في تسريع وتيرة أشغال أنابيب المياه، المنتظر جلبها من الدريوش على مسافة 40 كيلومترا. وتقض الكهرباء مضجع السكان لقلتها في العديد من الدواوير من جهة، وانقطاعها من ناحية أخرى، علما أن الإنارة ليست ذات جودة عالية، بما أنها لا تتجاوز 220 فولت، في الوقت الذي يختار فيه المسؤولون الصمت بدل إيجاد حلول فورية لهذه الإكراهات. هشاشة الطرق تعاني عين زهرة هشاشة في البنيات التحتية الطرقية، سواء داخلها أو تلك المؤدية إلى صاكا ومزكيتام تحديدا، إذ أن الأشغال مازالت متواصلة منذ شهور. كما أن معظم القناطر مهترئة، الأمر الذي يفرض إصلاحها، خاصة تلك التي تقع بدوار إكامحيون. ويجد سكان الزهرة صعوبة كذلك في التنقل إلى مزكيتام ومسون تجاه تازة على بعد 50 كيلومترا، بسبب بطء الأشغال، وتوقفها في أحايين كثيرة، فيما الوضع مختلفا بالطريق المؤدية إلى صاكا، حيث الأشغال بها متقدمة. ورصدت وزارة التجهيز ميزانية وصفت بالضخمة لإصلاح وترميم الطرقات والقناطر، إلا أن التأخر في إتمام هذه الأشغال يؤرق سكان عين زهرة والمناطق المجاورة لها. ويطالب العديد من المواطنين، ممن تحدثت إليهم «الصباح» برفع الحيف عن منطقتهم، وإعادة الاعتبار إليهم، كما يدعون وزارة التجهيز والماء والسلطات المحلية والمنتخبة، لاتخاذ إجراءات ملموسة، لإنصافهم من التهميش وندرة المياه وانقطاع الكهرباء وضعف صبيب الأنترنيت والتطبيب والأدوية، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالتدريس، خصوصا أن معظم التلاميذ يقطعون مسافات طويلة، لأجل الدراسة في ظروف صعبة وغياب تام لوسائل النقل.

عيـن زهـرة… القريـة المنسيـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شبح الجفاف يشعل حرب الآبار

اليهودية والإسلام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات