“الشراب حرام… فلوسو حلال”

يستهلك في البيوت والحانات والمطاعم والقانون يعتقل من يشتريه ويتناوله تنتشر تجارة بيع الخمور بالمغرب عبر رخص تمنحها الدولة إلى التجار بناء على شروط محددة وفق القانون، ويشتريها المغاربة والأجانب من محلات تبيعها، أو يستهلكونها في مطاعم أو حانات أو ملاه مرخص لها. لكن المشكلة الكبرى تكمن في وجود تناقض في السلوك لدى المسؤولين، إذ بينما ترخص السلطات ل"البيسريات" أو المتاجر الكبرى ببيع كل أنواع الخمور، أو للمطاعم والحانات والملاهي ببيعها لمرتديها، فإنها في الوقت نفسه تعتقل بعض المواطنين، بسبب حملهم قنينات الخمر، أو وهم في حالة سكر عاد لا يصل لمرحلة تهديد النظام العام. مراجعة النصوص ولم يستطع المسؤولون المغاربة اتخاذ قرار حاسم، بين ما نص عليه قانون يوليوز 1967، على أنه "يمنع على مستغل كل مؤسسة تتوقف على رخصة، أن يبيع أو يقدم مجانا مشروبات كحولية، أو ممزوجة بالكحول إلى المغاربة المسلمين"، وواقع الحال أكد أن بيع الخمور بنسبة كبيرة يخص المغاربة المسلمين بالدرجة الأولى. و"يعاقب عن المخالفات للمقتضيات السابقة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد و6 أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط". ورغم وجود عقوبة، تغض السلطات أحيانا الطرف عن المخالفين الذين يبيعون الخمور للمسلمين، لأن واقع الحال تجاوز القانون، ما يتطلب مراجعة النصوص التطبيقية المصاحبة له بمعاقبة فقط الذين يثيرون الشغب، أو الذين يسوقون عرباتهم وهم في حالة سكر، أو الذين يثيرون الضجيج خاصة بعد منتصف الليل، أو يزعجون المارة وهم في حالة سكر. أكبر مصنع للنبيذ وإذا كان الأمر مفهوما منع القانون استغلال الأماكن الدينية، أو المقابر، أو المؤسسات العسكرية أو الاستشفائية أو المدرسية، وفي بنايات للأوقاف لبيع الخمور، فإن ملاحقة كل من اشترى خمرا وركب دراجته الهوائية أمر محير ويثير أكثر من علامة استفهام. وواقع الحال يؤكد أن المشروبات الكحولية لم تكن لتنتعش في المغرب لولا إقبال المغاربة عليها، في بلد يسكنه المسلمون بأغلبية شبه مطلقة، مقابل بعض الأقليات التي لا يتجاوز عددها على الأكثر عشرات الآلاف. ويلجأ المغاربة إلى المتاجر الكبرى أو الحانات لتناول الخمور، تفاديا للتعرض للمضايقات. ويشعر مستهلكوها بالحرج وعدم الارتياح وهم يشترونها من المتاجر الصغيرة، ما يضطرهم أحيانا لطلب أكياس بلون غامق لإخفائها، أو يضعونها في حقائبهم الشخصية. ويفضل آخرون استخدام نظارات شمسية سوداء للتمويه أنهم كانوا بتلك المتاجر. ويعد المغرب أيضا أكبر مصنع للنبيذ في العالم العربي، إذ يخصص 37 ألف فدان لزراعة العنب أو الكروم الخاص بالنبيذ، وتنشط هذه الزراعة بمناطق كثيرة، أهمها مكناس، البعيدة بحوالي 140 كيلومترا عن الرباط منذ عقود طويلة، إذ تسيطر مكناس والحاجب على حصة الأسد من إنتاج الخمور بالمغرب، بنسبة 68 في المائة، تليهما بن سليمان ب 16 في المائة، ومنطقة الغرب بـ10 في المائة. مليون ونصف مليون قنينة "ويسكي" تجني الحكومة 10.5 ملايير درهم من عائدات الخمور بكل أنواعها وكذا التبغ، إذ رفعت الضريبة عليها طيلة خمس سنوات وبشكل متتال، ومع ذلك استمر المغاربة في استهلاكها. وعلاقة المغرب بالمشروبات الكحولية لا تتوقف عند الإنتاج فقط، بل كذلك في الاستهلاك الذي يصل في السنة الواحدة ما مجموعه 131 مليون لتر تشمل 400 مليون قنينة جعة و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شامبانيا، وهم يستهلكون ذلك أكثر من الحليب المتوفر بكميات وافرة في السوق وبأنواع مختلفة. ووقعت حكومة الإسلاميين في حرج طيلة عشر سنوات، إذ استفادت من عائدات الخمر وضختها في الميزانية العامة، دون أدنى إشكال. ورغم تصريح وزير العدل والحريات الأسبق، بأنه لن تمنح رخص جديدة لبيع الخمر، فإن السلطات المحلية منحتها، وهذا التناقض موجود بين خطاب سياسي محافظ حث على محاربة المشروبات الحكولية، وبين واقع تستفيد منه الدولة ماديا من استهلاك هذه المواد. الاستفادة من عائدات الخمر في الميزانية العامة، ومنع المغاربة في الآن نفسه من استهلاكها، يعد مفارقة مضحكة، إذ من الضروري تغيير القوانين والإجراءات في هذا المجال. أحمد الأرقام

“الشراب حرام… فلوسو حلال”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إضراب عن الطعام احتجاجا على حكم

سقوط نصاب أنترنيت باليوسفية

مقالات ذات صلة