ليست هناك عدالة ضريبية في المغرب

برادة أستاذ الاقتصاد المالي قال إن النظام الضريبي المغربي لا يحترم الدستور الجديد يشدد عبد القادر برادة أستاذ الاقتصاد المالي بجامعة محمد الخامس بالرباط على أن إعفاء بعض القطاعات من الضريبة تحول إلى شكل من أشكال الاغتناء غير المشروع، وذلك في ضرب واضح لأحد أهم مبادئ دستور 2011 وهي المساواة أمام الضريبة. في ما يلي نص الحوار: لماذا يخاف المغاربة من «دار الضريبة» ؟ أولا يجب التأكيد على ملاحظة جوهرية بهذا الخصوص، وهي أن نظرة المواطن المغربي لإدارة الضرائب لا تخرج عن طبيعة العلاقة بين المواطن والدولة، والتي تتميز بعدم وجود ثقة متبادلة بالشكل الكافي، خاصة من جانب المواطنين الذين يعتبرون أن الخدمات التي تقدمها الدولة لا ترقى إلى المستوى المطلوب.وهناك عامل آخر يدفع في اتجاه تكريس علاقة عدم الثقة بين إدارة الضرائب والمواطن، يتعلق الأمر بممارسات هذا القطاع الذي يتعامل العاملين فيه مع الناس كزبناء وليس كمواطنين، دون أن تمتلك إدارة الضرائب القدرة على ربط علاقة ثقة مع المتعاملين معها، وذلك رغم الجهود التي تبذلها الدولة في هذا الجانب، والتي يجب الاعتراف بأنها مكنت من تحقيق بعض التطور، خاصة على مستوى المدن الكبرى كما هو الحال بالنسبة إلى الرباط والدار البيضاء، حيث بدأت هذه الإدارة تتخلص شيئا فشيئا من تلك العقلية السلطوية.لكن لا ينبغي أن نرجع مجمل أسباب علاقة التوجس بين المغاربة والضريبة إلى طبيعة عمل الإدارة المكلفة، ويجب الإقرار بأن هناك قصورا من جانب دافعي الضرائب يساهم انعدام التواصل، وبالتالي نقص أو انعدام الثقة في النظام الضريبي، وفي نظري أن انتشار الأمية عموما وانحصار دائرة التربية المدنية وثقافة المواطنة له دور في هذا الوضع.وفي هذا الإطار نذكر بمبادرة صندوق النقد الدولي، على اعتبار أنه يساهم في وضع السياسة الجبائية وعموم السياسة المالية بالمغرب منذ سنة 1978، بخلق مصلحة خاصة بالشركات الكبرى ويتعلق الأمر بـ 100 شركة تتلقى معاملة تفضيلية، بالنظر إلى حصتها المهمة في حجم الضرائب المحصلة. لكن الأرقام تقول إن الأجراء يؤدون القسط الأكبر من الضرائب بالمغرب؟ هناك مبدأ أساسي تضمنته كل الدساتير المغربية منذ دستور 1962 إلى دستور 2011 يوجب ضرورة «أن يتحمل الجميع ، كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية»، الأمر يتعلق بإجراء يصعب تطبيقه على مستوى الضرائب غير المباشرة، لكن يمكن التقيد به في ما يتعلق بالضرائب المباشرة، وهنا نصل إلى الكلام عن مبدأ العدالة الجبائية، وهو مبدأ يقوم على قاعدتين، المساواة أمام الضريبة، التي تعني أن مواطنين لهما الدخل نفسه ملزمين بأداء القدر نفسه من الضريبية وهو ما لا يجود عندنا، رغم المجهودات المبذولة، بدليل عدم وجود ضريبة على الثروة ولا على الإرث بالمغرب، ثم المساواة بالضريبة، التي تعني أن قدر الضريبة يرتفع بارتفاع مستوى الدخل، وبالتالي يمكن أن تزيد الضريبة من التضامن بين المواطنين في تحملهم للتكاليف العمومية، وأن تساهم في إعادة توزيع الدخل، إذ يجب أن تكون نسبة الضريبة متناسبة مع حجم الدخل وكلما كان هذا الأخير عاليا ارتفعت الضريبة المفروضة، لكن النظام الجبائي المغربي لا يحترم هذه القاعدة كذلك. معنى ذلك أن إعفاء الفلاح من الضريبة فيه ضرب للعدالة الجبائية ؟طبعا على اعتبار أنه يمكن إخضاع القطاع الفلاحي بطريقة تراعي إمكانية التخفيف من العبء الضريبي في حالة الجفاف، وذلك باعتماد قاعدة الحد الأدنى من الضريبة، فلا يعقل أن يؤدي الأجير مائة في المائة من الضريبة في حين أن هناك مسؤولين كبارا حصلوا على أراض شاسعة وجيدة مقابل أثمان زهيدة ومجانا لا يؤدون ضرائب عن المداخيل الكبيرة التي يوفرونها من نشاطهم الفلاحي، كما في الأمر ضرب للمبدأ الدستوري القاضي بضرورة تحمل التكاليف العمومية بشكل يساوي بين المواطنين، خاصة أن المغرب يعيش منذ بداية السبعينات حالة حرب بالنظر إلى الأعباء الإضافية التي يتطلبها مسلسل الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد، كما أن في هذا الإعفاء إخلال بأحد أهم المبادئ الضريبية في العالم بأسره وهو المساواة أمام الضريبة. من هم المغاربة الأكثر تحملا لضغط الضريبة؟ لا شك أن شريحة المأجورين هي الأكثر عرضة للضريبة، على اعتبار أن الموظفين وأجراء القطاع الخاص يتحملون 80 في المائة من مجموع الضريبة بالمغرب، في حين أن أصحاب المهن الحرة وأصحاب الشركات لا يتحملون سوى 20 في المائة، هذا بالإضافة إلى أن شريحة الأجراء يؤدون الضريبة بشكل مزدوج، وذلك بالاقتطاع المباشر من الأجر في إطار الضريبة على الدخل، ثم من خلال الضريبة على القيمة المضافة عند أدائه ثمن ما يشتريه من مواد استهلاكية وما يقدم له من خدمات.وما يزيد من تكريس عدم وجود عدالة جبائية بالمغرب، هو استغلال عملية الإعفاء الضريبى في غير الهدف الذي خلقت من أجله، وعوض استعماله في تشجيع بعض القطاعات، أصبح الإعفاء من الضريبة وسيلة للاغتناء غير المشروع. أجرى الحوار: ياسين قُطيب

ليست هناك عدالة ضريبية في المغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المناظرة تلهم بنكيران بإجراءات جبائية جديدة

ما يجهله المواطنون عن الضرائب أكثر مما يعرفونه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات