الدخول المدرسي للمعاقين ذهنيا…تختلف المواسم والهواجس واحدة

الأسر المعوزة تتخوف من حرمان أطفالها من التمدرس بعد تأخر منحة وزارة الحقاوي "المصائب لا تأتي فرادى»، مقولة تنطبق بشكل كبير على وضعية جمعية آباء وأولياء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا بالبيضاء خلال الدخول المدرسي الحالي. فمن جهة، ما زالت وزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة تماطل في صرف منحة تمدرس أطفال الأسر المعوزة المتعلقة بالمواسم الدراسية السابقة، علما أنهم يستفيدون من خدمات الجمعية ويكلفونها ما يناهز 2500 درهم بالنسبة إلى كل طفل، ما أزم وضعيتها المالية. ومن جهة أخرى فإن جل الدعاوي التي رفعها مكتب الجمعية الحالي ضد المكتب السابق ورئيسه من أجل استرجاع أموال الجمعية المتهم بتبديدها ما تزال تراوح مكانها وتؤجل من جلسة إلى أخرى، علما أن هذه المبالغ كان بالإمكان أن تخفف من الوضعية المالية المحرجة للجمعية. يختلف الدخول المدرسي للمعاقين ذهنيا برسم الموسم الدراسي الحالي جملة وتفصيلا عن الدخول المدرسي لباقي التلاميذ، نظرا لأنه يأتي في أعقاب سنة صعبة، عانى منها آباء وأولياء الأطفال المعاقين ذهنيا جراء تأخر وزارة التضامن الاجتماعي الوصية على قطاع المعاقين في توقيع اتفاقية الشراكة التي بمقتضاها يتم صرف اعتماد دعم التمدرس الذي تتحمل جمعية آباء وأولياء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا بالبيضاء النصيب الأوفر منه. وكان متوقعا، كما أفادت ذلك مصادر من الجمعية، أن يتم التوقيع على الاتفاقية المتعلقة بالموسم الماضي في غضون الأسبوع الجاري، في حين يفترض أن توقع الاتفاقية في بداية الموسم من أجل تمكين الجمعية من بعض السيولة التي توجد في أمس الحاجة إليها.وتستمر معاناة أسر الأطفال المعاقين ذهنيا، خاصة أن الوزارة ما زالت لحد الآن تماطل في تمكين الجمعية من منحة دعم التمدرس لفائدة أطفال الأسر المعوزة الذين يعانون الإعاقة الذهنية ويستفيدون من خدمات الجمعية. ورغم أن بداية الموسم الحالي، فإن الجمعية لم تتوصل بمنح الوزارة الخاصة بحوالي 261 تلميذا يتحدرون من أسر معوزة، علما أن إدارة الجمعية مكنتها من كل الملفات المتعلقة بهؤلاء التلاميذ. وتصل المنحة إلى 900 درهم عن كل طفل، في حين أن كلفة التمدرس، حسب ما أكده علي رضوان، رئيس الجمعية، تصل إلى 2500 درهم، ما يعني أن الجمعية تتكفل بما يناهز 1600 درهم.وأدى تماطل الوزارة في صرف منح الدعم إلى تأزيم الوضعية المالية للجمعية، إذ أن أطر ومستخدمي الجمعية لم يتقاضوا أجورهم منذ ثلاثة أشهر، ويهددون، حاليا، بالتوقف عن العمل، ما يعني تعليق خدمات الجمعية. وراسل رئيس الجمعية الوزارة في العديد من المناسبات من أجل تسوية وضعية 261 طفلا، الذين تتوفر فيهم شروط الاستفادة من الدعم. وأرفق مراسلاته بكل الوثائق المطلوبة المتعلقة بالأطفال المرشحين للاستفادة من دعم التمدرس. وأثار انتباه المسؤولين بوزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية للوضعية المالية المتأزمة للمؤسسة، وأوضح في رسائله أنه إذا استمر الحال على ماهو عليه، سيكون من الصعب أداء أجور أجراء وأطر الجمعية، كما سيؤدي هذا التأخر إلى توقف الجمعية عن تقديم خدماتها، ما سيحرم هؤلاء الأطفال من الخدمات المقدمة، علما أنه ليست هناك مدارس عمومية تقدم هذا النوع من الخدمات للفئات التي تعاني الإعاقة الذهنية.وتتخوف الأسر المعوزة من حرمان أطفالها من خدمات الجمعية ومن التمدرس، علما أنها لا توجد أي بنيات استقبالية تابعة للدولة لفائدة هذه الفئات، إذ توجد بعض الأقسام المدمجة بمدارس عمومية تعد على رؤوس الأصابع تستقبل الأطفال الذين يعانون الإعاقة الذهنية، لكنها تفتقر إلى متطلبات تكوين هذه الفئات، وهناك جمعيات محدودة تقدم خدماتها وتتكفل بتوفير التمدرس لهذه الفئات وفق المعايير المعمول بها بالنسبة إلى هذه الفئات من الأطفال.وأوضح محمد بوضرص، أخصائي نفساني بجمعية آباء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا، في هذا الصدد، أن سيكولوجية الشخص الحامل لهذا النوع من الإعاقة تتميز بنقص في القدرات الذهنية. وتتجلى مظاهر هذا النقص في ضعف عملية التفكير المجرد وغياب اللغة أو ضعف اكتسابها واضطراب السلوك النفسي – الحركي، و ضعف مظاهر الاعتماد على النفس مثل سلوك الأكل واللباس والنظافة و التنقل. وتفرض هذه الحالة النفسية، حسب الأخصائي النفسي، رعاية علاجية وتربوية متخصصة مركزة ومتعددة التخصصات، داخل مجال يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات النفسية للشخصية التي تعاني الإعاقة الذهنية، إذ يتعين توفير فضاءات متعددة لخلق ورشات عمل مختلفة ومتكاملة تستجيب لحاجياتها.واعتبر بوضرص أن هذه المعطيات تتوفر داخل المراكز المتخصصة التي راكمت معرفة مهمة في مجال سيكولوجية الشخصية الحاملة للإعاقة الذهنية. وأكد، في هذا الإطار، أن تجربة "الأقسام المدمجة» تفتقر إلى هذه المعرفة، إذ تختزل هذه التجربة الشخصية المعاقة ذهنيا في شقها المعرفي، خاصة جانب التمدرس فيها. فهذه النظرة الاختزالية تجعلها تبتعد عن النظرة الشمولية في مقاربة سيكولوجية الإعاقة الذهنية، وعليه فإن المقاربة المعتمدة في هذه التجربة تؤثر على المنهجية العلاجية للقصور الوظيفي المميز للإعاقة الذهنية.لكن، رغم ضعف بنيات الاستقبال بالمؤسسات العمومية وغياب الموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع هذه الفئات، فإن الدولة، من خلال السلطات الوصية على فئات المعاقين، لا تساهم في تدعيم الجمعيات التي تتكفل بالأطفال المعاقين ذهنيا. وهكذا، فإن هذه الجمعيات، وبالنظر إلى إمكانياتها المالية المحدودة، إذ تعتمد، بشكل خاص، على انخراطات أعضائها، لا يمكنها أن تلعب دور الدولة وتتكفل بأطفال الأسر المعوزة. وفي حال ما لم تتوصل الجمعية بمستحقاتها ستكون مضطرة إلى توقيف خدماتها لفائدة هذه الفئات. وأبدت العديد من الأسر تخوفاتها من أن يحرم أطفالها من التمدرس، وتحمل الوزارة المسؤولية الكاملة. بالموازاة مع ذلك، فإن جل القضايا التي رفعتها الجمعية ضد رئيسها السابق بتهم مختلفة من أهمها تبديد أموال الجمعية، تراوح مكانها منذ سنوات. فهناك بعض القضايا التي أدين فيها الرئيس السابق في المرحلة الايتدائية ما تزال تراوح مكانها في طور الاستئناف. وأدى هذا التماطل في تأزيم الوضعية المالية للجمعية، خاصة أن كل هذه القضايا تتعلق بالتدبير المالي للجمعية خلال فترة تدبير المكتب السابق. وجدير بالذكر، في هذا الصدد، أن بعض القضايا حكم فيها على الرئيس السابق ابتدائيا بأداء مبالغ مالية هامة بالملايير، لكنها جمدت في طور الاستئناف. ما دفع أعضاء الجمعية وأطرها إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء من أجل تسريع البت في هذه القضايا، وكان آخر هذه الوقفات أول أمس (الأربعاء) أمام محكمة الاستئناف، وأخرى الاثنين الماضي، التي طالب خلالها المحتجون بالتعجيل في البت في الملف الذي يتابع فيه الرئيس السابق وحكم فيه ابتدائيا واستئنافيا بأدائه 1.3 مليار سنتيم. وهكذا تكون الجمعية ومعها آباء وأولياء وأصدقاء الأطفال المعاقين ضحية تماطل الوزارة الوصية في صرف المنحة المستحقة للجمعية التي تتكفل برعاية أطفال الفئات المعوزة من جهة، والتماطل الذي تعرفه القضايا المعروضة أمام المحاكم لاسترجاع أموال الجمعية، التي كان بإمكانها أن تخفف من الضائقة المالية التي تعرفها الجمعية. رضوان: نطالب بتمديد صلاحيات اتفاقية الشراكةأكد علي رضوان، رئيس جمعية آباء وأولياء وأصدقاء الأطفال المعاقين ذهنيا بالبيضاء أن الجمعية تعيش وضعية مالية متأزمة بسبب عدم صرف وزارة التضامن لفائدة الجمعية منح تمدرس أبناء الأسر المعوزة عن الموسم الماضي، إضافة إلى التأخر الذي تعرفه الملفات المعروضة أمام المحاكم والتي تطالب باسترداد مبالغ هامة من الأموال تم تبديدها خلال الفترة التي كان يدير شؤون الجمعية الرئيس السابق.وأشار إلى أنه رغم كل الصعوبات التي تعانيها الجمعية، فإن مكتبها هيأ كل الأجواء والظروف المناسبة لدخول مدرسي يشعر الأطفال المعاقين ذهنيا بمواطنتهم الكاملة وباندماجهم في المجتمع ، إذ استنفرت الجمعية كل أطرها الإدارية والتربوية وإمكانياتها اللوجيستكية من نقل ووسائل ديداكتيكية لاستقبال التلاميذ والاحتفال معهم بالسنة الدراسية الجديدة على غرار ماهو معمول به دائما خلال السنوات الماضية. وأكد، بالمقابل، أن السنة الدراسية الحالية ستكون صعبة على الأطفال والأطر التربوية الذين لم يتقاضوا أجورهم منذ شهور، وذلك في حال لم تتوصل الجمعية بمنح تمدرس أطفال الأسر المعوزة، مضيفا أنه ينتظر أن يوقع على اتفاقية الشراكة المتعلق بالموسم الماضي، خلال الأسبوع الجاري. وأوضح أن الجمعية لا يمكنها الاستمرار في تقديم خدماتها للأطفال المتحدرين من الأسر المعوزة ما لم تتوصل الجمعية بمنح الدراسة المتعلقة بالموسم الماضي، والتوقيع على اتفاقية بالنسبة إلى الموسم الحالي. وطالب، في هذا الصدد، على ضرورة التوقيع على اتفاقية تغطي 5 سنوات على الأقل بدل التوقيع على اتفاقيات سنة بسنة، وذلك من أجل تفادي العراقيل البيروقراطية وما ينجم عنها من تماطل في صرف المنح الدراسية. عبد الواحد كنفاوي

الدخول المدرسي للمعاقين ذهنيا…تختلف المواسم والهواجس واحدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السينما المغربية تجاوزت مشاكل سابقة

تفكيك شبكة لسرقة سلاسل ذهبية بفاس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات