سبتة بعد الاجتياح… عنصرية واعتداءات

قتلى ومشردون ومغاربة ضمنهم قاصرون ضحايا معاملة لا إنسانية ضحايا لعنصرية مقيتة، ومشردون في الشوارع والأحياء، مطاردون من قبل الشرطة، أو قتلى تقذف بجثثهم أمواج البحر، وفي أحسن الأحوال أو أكثرها أمانا، عبارة عن مهاجرين سريين يتم إحصاؤهم في سجلات، وإيوائهم في ملاجئ مؤقتة عبارة عن ملاعب للقرب وسط الأحياء والتجمعات السكنية... هي ذي حال كثير من شباب الفنيدق ممن غامروا بحياتهم وسلامتهم، ليخوضوا موجة "حريك" جماعي صوب ، مدينة سبتة المحتلة. يوسف الجوهري(تطوان) حسب ما توصلت إليه "الصباح" من معطيات، فإن اثنين من مجموع الشباب الذين اختاروا اقتحام السياج الحدودي سباحة صوب مدينة سبتة لقوا حتفهم في حوادث مأساوية. ويتعلق الأمر في الحالة الأولى بشاب وصل إلى مدينة سبتة سباحة، وانطلاقا من مينائها حاول تسلق إحدى السفن الراسية بمرفإ الميناء، في محاولة منه للوصول إلى ميناء الجزيرة الخضراء. لكن يظهر أن الحظ العاثر عاكسه فسقط سقطة خطيرة، صباح يوم الجمعة الماضي، ليُنقل بعد اكتشاف محاولته التسلل إلى السفينة صوب المستشفى الذي لفظ به أنفاسه الأخيرة، ولازالت جثته في مستودع الأموات بأحد مستشفيات سبتة. أما الضحية الثانية لعملية "الحريك الجماعي" لشباب من الفنيدق، فهو شاب لم يسعفه الحظ ليسعفه من أجل دخول الثغر المحتل سباحة، إذ غلبته المياه، ليجد نفسه غريقا، ترمي بجثته الأمواج، بعد أن تم العثور عليه، الجمعة الماضي، ميتا على الشاطئ القريب من المعبر الحدودي الفاصل بين مدينتي الفنيدق وسبتة، أو ما يعرف محليا بـ "الديوانة». وإذا كان الموت مصيرا لشابين ممن اختاروا الهجرة غير الشرعية وسيلة للبحث عن آفاق جديدة، بعيدا عن الأزمة التي عاشتها الفنيدق، وزادتها ظروف الجائحة تأزما، إثر إغلاق المعبر الحدودي في وجه التهريب المعيشي للسلع الوافدة من مخازن الثغر المحتل، الذي كان يمتص أعدادا مهمة من اليد العاملة التي اشتغلت فيه لعقود، فإن مصير من لازالوا بسبتة يتسم بالغموض وضيق الأفق وسواد المستقبل في ظل الاعتداءات والتحرشات التي يتعرضون عليها. إعادة 7000 "حراك" حسب ما استقته "الصباح" من معطيات أكيدة، فإن من أصل حوالي 8200 شخص شاركوا في عملية "الاجتياح الكبرى"، تمكن حوالي 7000 شخص من العودة إلى نقطة انطلاقتهم، إذ عادوا أدراجهم على مراحل متفرقة بعد أن تأكدوا من زيف الأحلام الوردية التي نسجوها في خيالهم، وهم يغامرون بالدخول إلى سبتة سباحة، ظنا منهم أن فرص الشغل ورخاء العيش ستكون في استقبالهم، أو أن الطريق سيكون سهلا وسالكا أمامهم من أجل الانتقال إلى باقي المدن الإسبانية ومنها إلى دول أوربية أخرى، انطلاقا من الثغر المحتل. 490 قاصرا بالنسبة إلى باقي الأشخاص الذين تمكنوا من البقاء بسبتة، والبالغ عددهم حوالي 1200 شخص، أفادت مصادر "الصباح"، أن حوالي 500 فرد منهم، وجلهم من القاصرين تم توزيعهم على مجموعتين، تضم كل واحدة منهما حوالي 250 شخصا أو أقل من ذلك. وبعد التقسيم، تم إيواء المجموعة الأولى في أحد الفضاءات العمومية، الذي كان يستغل ملعبا للقرب، ويسمى ملعب (بولي ديبورتيفو سانتا ميليا)، وعملت سلطات مدينة سبتة المحتلة على تجهيزه بالأسرة والأغطية والمرافق الصحية، بعد اتخاذه مقرا للإقامة المؤقتة "للحراكة" القاصرين. أما المجموعة الثانية، والتي تضم بدورها أزيد من 240 فردا، فتم إيواؤها بفضاء غابوي يطلق عليه إسم (كامبا مينتو بينيريس)، يقع على مقربة من السجن الجديد بمدينة سبتة السليبة. ومع قرار سلطات سبتة إيواء القاصرين في المقرات المذكورة، يظل حوالي 700 آخرين من "الحراكة"، وهم من أعمار مختلفة، وبينهم عينة من القاصرين، الذين اختاروا عيش حياة التشرد في الثغر السليب، يقضون أوقاتهم في "الكر والفر" بين أحياء مدينة سبتة وشوارعها، لكي لا يقعوا في أيدي عناصر الشرطة، ولا تصل إليهم السلطات. فـــــضــــائــــح مـــــوثــــقــــة لأن المدينة ضاقت بأعدادهم، فإن عينة من الإسبانيين من سكان سبتة الثغر المحتل، وخلال هذه الأزمة الطارئة اختاروا، كما أفادت بذلك مصادر مطلعة "الإفصاح" عن العنصرية الكامنة في سلوكهم والقابعة في قرارة نفوسهم. وهو الأمر الذي كشفته أحداث موثقة بالفيديو، عندما اختار أحدهم سبتة أن يطلق النار على مقتحمي المدينة من أبناء الفنيدق رصاصا من بندقية صيد. ولأن الفضيحة وثقتها عدسات الهواتف المحمولة، وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيقات التراسل الفوري، تدخلت الشرطة السبتية لاعتقال "قناص الحراكة». وفي صورة لا تخلو من مأساوية وعنصرية لجأ بعض إسبان مدينة سبتة من أجل طرد "الحراكة" إلى الاعتداء عليهم بعصا "البزبول"، مثل ما جرى بحي (بيجا خوبيتا) ما أدى إلى تكسير فك أحد الشباب الضحايا، الذي يرقد بالمستشفى من أجل تلقي العلاج من إصابته الخطيرة. ولم تقف المضايقات والقهر الذي تعرض له من ولجوا مدينة سبتة المحتلة خلال موجة الاجتياح الأخيرة عند هذا الحد، بل إن عينة من "بلطجيي" المدينة احترفوا الاعتداء على من اختاروا المكوث بها أملا في استمرار هجرتهم، خاصة بحي "برينسبي" عبر تعريضهم للسرقات من قبل لصوص اختاروا سلبهم كل ما يحملونه من أشياء ثمينة، سواء تعلق الأمر بالأوراق النقدية، أو الهواتف المحمولة وغيرها... وبعد أن تلاشى إحساس اللهفة الأولى من أجل الانخراط في رحلة الهجرة وبلوغ الضفة الأخرى، وجد "حراكة سبتة" أنفسهم عرضة للضياع بين أحضان مدينة رفضهم سكانها من الإسبان ،ووحده الحس التضامني الذي أبداه مغاربة سبتة، كان البلسم الذي يخفف من وقع أزمة الضياع والجوع والقهر الذي عاشوه. تضامن جمعيات مغربية حسب مصادر من سبتة المحتلة، فإن ثلاث جمعيات للمغاربة تعمل بسبتة، وقفت وقفة تضامن إنساني منقطع النظير مع المهاجرين، ويتعلق الأمر بجمعية "الهلال الأبيض" للأعمال الخيرية، وهي الجمعية التي حملت على عاتقها توفير المواد الغذائية والأغطية وبعض مستلزمات العيش لمن واصلوا العيش في شوارع سبتة، يتم توزيعها عليهم. كما أن جمعية تسمى "صباح" ترأسها امرأة مغربية تسمى "صباح أحمد"، وضعت أحد مقراتها، وهو عبارة عن منزل في ملكية ورثة العائلة بحي "روساليس"، من أجل استقبال القاصرين من "الحراكة"، وهناك صار بإمكانهم أن ينعموا فيه بحصص استحمام، وقضاء ساعات من الراحة هربا من جحيم الشوارع. أما ثالث الجمعيات، فتسمى"جمعية موفيمينتوس سوليداريوس"، وهي الجمعية التي تمكنت من خلال حملة تضامن أطلقتها على مواقع التواصل الاجتماعي من جمع مبلغ 6000 أورو، خصصتها لاقتناء مواد غذائية، توزعها على المعنيين من المستهدفين بحملتها من مقتحمي مدينة سبتة خلال العملية الأخيرة، ممن ظلوا تائهين في الشوارع.

سبتة بعد الاجتياح… عنصرية واعتداءات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الغيابات تربك الصحابي أمام الجيش

الخيانة تطيح بتاجر وخليلته

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات