العلمي: حكومة العثماني خطأ تاريخي

نائب الكاتب العام لـ "كدش" قال إن الجواب الإستراتيجي هو إعادة بناء الدولة الاجتماعية أجرى الحوار: برحو بوزياني وتصوير (عبد الحق خليفة) أكد العلمي لهوير، نائب الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الجواب الإستراتيجي عن وضعية الأزمة التي خلفها «كوفيد 19»، هو إعادة بناء الدولة الاجتماعية. وأوضح العلمي في حوار مع «الصباح» أنه في غياب الحوار واستمرار فقدان الشغل، وعدم احترام مدونة الشغل، وتفاقم النزاعات الاجتماعية، فالوسيلة الوحيدة لمواجهة الوضع، هو الاحتجاج. في ما يلي نص الحوار: > تشرف الولاية الحكومية على النهاية. كيف تقيمون في المركزية حصيلة حكومة العثماني على الصعيد الاجتماعي؟ > الحكومة كسابقتها، وكما عبرنا في أحد اللقاءات لا أحد سيتذكرها، إلا أنها خطأ في تاريخ المغرب الاجتماعي والسياسي. فهي حكومة اتسمت بتراجعات في كل المجالات الاجتماعية، وتزايد معدلات الفقر والبطالة وضرب القدرة الشرائية، وغياب تام للحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف وتضييق على الحق النقابي والحريات النقابية وضرب المكتسبات الاجتماعية، وقمع الاحتجاجات، وتراجع في المجال الحقوقي وتفكيك الوظيفة العمومية، واستمرار التخلي عن الخدمات العمومية أساسا التعليم والصحة، بالإضافة إلى غياب إرادة محاربة الفساد والريع والإصلاح، وعدم تفعيل نتائج المناظرة الوطنية حول الجبايات، من أجل العدالة الجبائية. إنها حكومة ضعيفة وغير منسجمة عن تقديم أجوبة وتدابير عملية لمعالجة الأعطاب والاختلالات الاقتصادية والفوارق الاجتماعية والمجالية. > للسنة الثانية، خلدت الطبقة العاملة فاتح ماي تحت أجواء التدابير الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا. ما هو تشخيصكم لتداعياتها الاجتماعية على سوق الشغل؟ > في البداية لابد من الإشارة إلى حدثين ميزا فاتح ماي لهذه السنة. الأول هو الإقصاء غير المقبول لوزير التربية الوطنية للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل من الحوار القطاعي، رغم أنها النقابة التي حصلت على الرتبة الأولى في انتخابات اللجان الثنائية في 2015، وهو حدث يبين بجلاء مستوى التعامل الحكومي مع الحركة النقابية بمزاجية وبشكل أقل ما يمكن أن نقول عنه، إنه غير مسؤول، ويشكل ضربا للقيم الديمقراطية وخرقا للقانون والأعراف ويضرب عرض الحائط إرادة الناخبين، الذين هم نساء و رجال التعليم. الحدث الثاني، هو قرار الحكومة بمنع كل أشكال الاحتفالات ذات الصلة بعيد الشغل لهذه السنة، بمبرر حالة الطوارئ والوضع الصحي ببلادنا، وإذ نذكر بأننا في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل كنا ومازلنا حريصين على صحة المغاربة وعلى احترام الإجراءات الصحية والوقائية، فإننا نعتبر هذا القرار استغلالا للظرفية من أجل منع كل أشكال الاحتجاج. إن الحكومة تتعامل بمنطق الكيل بمكيالين، إذ تسمح بالتجمعات في سياقات أخرى، بينما تتحجج بالوضع الوبائي لمنع كل تعبير احتجاجي. والمفارقة أنها تمنع فاتح ماي العمالي، وتسمح في المقابل بكل أشكال خرق القوانين الاجتماعية وتجمد الحوار الاجتماعي، الذي من المفروض أن يشكل إطارا مؤسساتيا للنقاش والتفاوض حول كل القضايا الاجتماعية الراهنة التي تفرضها المرحلة. بالفعل مازالت الجائحة مستمرة للسنة الثانية، وأكيد أن انعكاساتها وآثارها الاجتماعية والاقتصادية ستمتد لسنوات أخرى، بالطبع تهمنا صحة الطبقة العاملة وصحة المغاربة، التي يجب أن تكون أولويةـ وأن تحظى بالاهتمام وبالمبادرات وإجراءات اقتصادية وقوانين للحد من آثارها ولمعالجة الاختلالات والأعطاب التي ظلت معطلة لعملية التنمية ومهددة للمجال الصحي والاجتماعي. > خلفت الجائحة أضرارا بالغة بالمئات من وحدات الشغل بالقطاع الخاص، وضياع آلاف مناصب الشغل. كيف تقيمون الإجراءات المعلن عنها من قبل لجنة اليقظة؟ > سبق للكنفدرالية الديمقراطية للشغل أن اقترحت تشكيل لجنة لليقظة الاجتماعية، باعتبار أن الانعكاسات الاقتصادية، سيكون لها تأثير قوي على الشغل والأجراء لكن لم يؤخذ بهذا المقترح. وبالتالي، فالقرارات التي اتخذت في المجال الاجتماعي تمت في غياب النقابات، ما جعل عملية تقديم الدعم من صندوق جائحة كورونا تعرف بعض الاختلالات، كما أن عدم تسجيل آلاف الأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو خرق للقانون حرمتهم من الاستفادة من الدعم. كما أن الدعم الذي قدم للمقاولات في العديد من القطاعات، لم يكن مشروطا بالحفاظ على جميع مناصب الشغل. ولم يكن هناك انسجام ما بين قرارات تمديد الحجر الصحي وقانون الطوارئ من جهة والاستمرار في تقديم الدعم من جهة أخرى للأجراء والفئات الهشة. كما أن آلية التعويض عن فقدان الشغل نظرا لتعقيداتها المسطرية لم تؤد دورها في لحظة الأزمة، وهو ما يجب تداركه ضمن مشروع الحماية الاجتماعية. صندوق دائم لكورونا قدمت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل العديد من المقترحات منذ السنة الماضية لتحويل صندوق تدبير جائحة كورونا إلى صندوق دائم، لأنه لا أحد يمكن أن يتوقع في المستقبل حجم وهول الأزمات والصدمات سواء كانت وبائية أو اقتصادية أو مالية وتأثيرها القوي على الأمن الاجتماعي. كما دعت الكنفدرالية إلى إطلاق أوراش كبرى واستثمارات موفرة لفرص الشغل، لتكون في الموعد بعد انتهاء هذه الجائحة، وإنهاء الإجراءات والتدابير المتخذة والتي ساهمت في تفاقم البطالة وفقدان آلاف من مناصب الشغل، ومعها معاناة الأجراء بالقطاع غير المهيكل. وللتذكير، فقد اعتبرت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أن الجواب الإستراتيجي عن هذه الوضعية، هو إعادة بناء الدولة الاجتماعية ورد الاعتبار لدور القطاع العام خاصة الصحة والتعليم. الحكومة غيبت الحوار حول الانتخابات سبق للكنفدرالية الديمقراطية للشغل مع مركزيات أخرى أن راسلت الحكومة، من أجل فتح حوار حول الانتخابات المهنية وإصلاح منظومة الانتخابات لما شابها سنة 2015 من اختلالات وعدم التكافؤ، ومن أجل توحيد معايير التمثيلية بين القطاعين العام والخاص والتي لم يعلن أبدا عن نتائجها لحد الساعة من قبل الحكومة. لقد كان جوابها حول الموضوع قبل 2015 هو ضرورة توافق بين النقابات، فهل عند مراجعة القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية و الترابية المقبلة كان هناك توافق بين الأحزاب؟ الحكومة غيبت الحوار حول الانتخابات، واستدعت النقابات في آخر لحظة، بعدما حددت التواريخ وحضرت المراسيم المتعلقة بالعملية، وقد راسلنا وزير الداخلية بتقديم 24 مقترحا لضمان الشفافية والنزاهة، وأكدنا على ضرورة تشكيل لجنة وطنية ولجن إقليمية لتتبع منظم للعمليات الانتخابية والمساهمة في حل المشاكل المترتبة عنها والإعلان عن النتائج، لكن دون جدوى، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية في إصلاح القوانين، وهو ما يمس بجوهر العملية الانتخابية ونزاهتها، إضافة إلى استمرار الوضع الوبائي والإجراءات الاحترازية والطوارئ الصحية، ما سيؤثر على سيرها وعلى نسبة المشاركة وبالتالي على نتائجها في الوقت الذي يجب أن تكون لحظة للمساءلة والمشاركة والاختيار الإرادي وإرجاع الثقة في المؤسسات. تبخيس دور النقابات > عرف قانون النقابات وقانون الإضراب تأخرا في التنزيل. أين وصل المشروعان وهل يمكن المصادقة عليهما قبل نهاية الولاية؟ > الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أصرت، ومازالت متشبثة بضرورة احترام مبدأ ضرورة مرور كل القوانين الاجتماعية عبر الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف للوصول إلى توافقات، مثل تجربة مدونة الشغل. لكن الحكومة السابقة والحالية أرادت فقط استشارة النقابات، وتمرير هذه المشاريع عبر البرلمان، باعتمادها على الأغلبية، وهي قوانين تمس في بعض الأحيان بحقوق دستورية، كحق الإضراب مثلا، وتتنافى مع الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية المؤكدة على دور ومهام النقابات في تأطير والدفاع عن المطالب المادية والأساسية والمعنوية للطبقة العاملة. لذلك، سنستمر في مواجهة كل محاولات تبخيس دور الحركة النقابية، وتقزيم أدوار ومضمون الحوار الاجتماعي بتحويله إلى مجرد آلية للتشاور، مع التأكيد على أننا مستعدون للتفاوض حول كل مشاريع القوانين، لكن في إطارها الطبيعي، الذي هو الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف. العثماني استغل كورونا لإضعاف النقابات أغلقت الحكومة الحوار الاجتماعي منذ اتفاق 25 أبريل 2019 الذي رفضت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل التوقيع عليه لاعتبارات متعددة، أهمها أن الحكومة لم تلتزم بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، وأن العرض المقدم لم يكن في مستوى انتظارات الطبقة العاملة أمام تجميد الأجور الذي دام أكثر من 8 سنوات مع المس بالمكتسبات الاجتماعية، وكذلك عدم مأسسة الحوار الاجتماعي، وتحويله إلى لقاءات للتشاور بدل التفاوض ومحاولة تمرير قانون الإضراب، ومراجعة مدونة الشغل. لقد كان من الواجب على أي حكومة في ظل الأزمة الوبائية والاجتماعية والاقتصادية، تكثيف الحوار الاجتماعي لمعالجة تداعياتها. لكن الذي وقع هو تجميد الحوار، وتوظيف البرلمان، واستغلال الإجراءات الاحترازية وإقرار قانون الطوارئ الصحية لتمرير قوانين وإضعاف وإبعاد النقابات، وإعطاء الضوء الأخضر لدعم المقاولات على أساس الحفاظ فقط على 80% من الأجراء، وبالتالي التخلي عن 20% منهم. الاستثناء الوحيد هو مشروع الحماية الاجتماعية، وهو مبادرة ملكية، والذي اعتبرناه جوابا عن المرحلة المطبوعة بالأزمة، والدور المركزي للدولة في تأمين الحماية الاجتماعية والخدمات العمومية للمواطن. ولإنجاحه، يجب اعتماد الحكامة وآليات المراقبة والحوار الاجتماعي حول كل القوانين التي ستتم مراجعتها وعدم المس بالمكتسبات الاجتماعية في هذا المجال، والبحث عن مصادر التمويل، من الذين استفادوا من الثروات، والذين استغلوا الأزمة للإثراء على حساب معاناة فئات واسعة من المغاربة، لقد حان الوقت ليعبروا عن الوطنية الحقيقية والتضامن الفعلي. وفي غياب الحوار واستمرار فقدان الشغل، وعدم احترام مدونة الشغل، وتفاقم النزاعات الاجتماعية، فالوسيلة الوحيدة لمواجهة هذا الوضع، هو الاحتجاج، لكن الحكومة استغلت مرة أخرى الأزمة لمنع كل أشكال التظاهر السلمي والتضييق على الحريات، وهي عودة إلى الاستبداد والاستغلال، وهو ما يؤكد الربط الجدلي الذي اعتمدته الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، منذ تأسيسها بين المسألة الاجتماعية والمسألة الديمقراطية، وخاضت من أجله العديد من المعارك، وما زالت مستمرة حيث كانت آخر محطة نضالية، الوقفات الاحتجاجية يومي 20 و21 فبراير 2021. في سطور نائب الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل كاتب عام للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط رئيس الفريق الكنفدرالي بمجلس المستشارين سابقا قبل تقديم استقالته من البرلمان في 2008

العلمي: حكومة العثماني خطأ تاريخي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غالي يضع قضاء إسبانيا على المحك

"جماعتنا زينة" على "الأولى"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات