الحمداوي: منع الخمور يرفع استهلاك الحشيش

عزا أستاذ علم الاجتماع، ابراهيم الحمداوي، تنامي الإقبال على المخدرات واستهلاكها بشكل ملحوظ خلال رمضان، إلى منع بيع الكحول والخمور خلال هذا الشهر، في محاولة للتعويض عنها يلجأ المستهلكون إلى الحشيش وجواراته لأخذ جرعاتهم اليومية، فضلا عن سهولة الحصول عليه واستهلاكه دون ردود فعل اجتماعية كما هو الأمر بالنسبة إلى الكحوليات.تفاصيل أكثر في الحوار التالي: رغم أن شهر رمضان مرتبط أكثر بالعادات الروحانية والاستغفار والعبادات، إلا أن الملاحظ أنه صار أيضا شهرا يكثر فيه الإقبال على استهلاك أنواع المخدرات والحشيش. كيف تفسرون هذا التناقض؟ يعتبر تعاطي المخدرات من الجرائم الخطيرة والحساسة خصوصا لدى الشباب الذين صاروا يقبلون على استهلاكها في هذا الشهر الذي هو شهر العبادة والروح بالخصوص، وذلك بسبب مخالفتها لتعاليم الدين وما ينشأ عنها من أمراض أو مشكلات اجتماعية قد تهدد استقرار المجتمع وتماسكه. وقد أخذت جرائم تعاطي المخدرات في الارتفاع في السنوات الأخيرة، ما فسر صدور العديد من الدراسات بهذا الخصوص، في محاولة لفهم جانب مهم من الجوانب الاجتماعية في المجتمع، غير أنه يمكن القول إن استهلاك الحشيش لا يكون في رمضان فقط بل طيلة السنة. وهناك عدة أسباب هامة تكمن وراء الإقدام على تعاطي الفرد للمخدرات، وهي تخص أساسا، ضعف الوازع الديني لدى الفرد المتعاطي وعدم إدراكه للمخاطر الناجمة عن المخدرات، فضلا عن مجالسة أو مصاحبة رفاق السوء، إذ تكاد تجمع جميع الدراسات النفسية والاجتماعية التي أجريت على أسباب تعاطي المخدرات، بصفة خاصة بالنسبة إلى المتعاطي لأول مرة على أن عامل الفضول وإلحاح الأصدقاء أهم حافز على التجربة كأسلوب من أساليب المشاركة الوجدانية مع هؤلاء. يضاف إلى هذه الأسباب الشعور بالفراغ، ذلك أن هذا العامل مع عدم توفر الأماكن الصالحة التي تمتص طاقة الشباب كالنوادي والمنتزهات وغيرها يعتبر من الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو المسكرات وربما لارتكاب الجرائم، خصوصا أن مصممي المدينة لم يفكروا في فضاءات للطفل والشاب والمرأة تساعد على التنشئة الاجتماعية السليمة وعدم مراقبة النوادي المخصصة لدلك والتي غالبا ما يكون الكثير منها مدرسة لتعليم تناول المخدرات، كما أن انتشار مقاهي الشيشة والسماح بتناول المخدرات، بل في كثير من الأحيان تكون مكانا آمنا للتعاطي خصوصا للإناث اللواتي يجدن صعوبة للاستهلاك في الأماكن العمومية.ونظرا للسهر خارج المنزل وغياب الرقابة الأسرية، ذلك أنه دارج خلال شهر رمضان السهر خارج المنزل حتى أوقات متأخرة من الليل، وغالبا ما يكون في أحد الأماكن التي تقدم كل وسائل الترفيه، بالإضافة إلى توفر المال بكثرة، يساهم في تغيير السلوكات الممارسة في رمضان، إذ أن توفر المال في يد بعض الشباب بسهولة يدفعهم إلى شراء أغلى الطعام والشراب وقد يدفعهم حب الاستطلاع ورفقاء السوء إلى شراء أغلى أنواع المخدرات والمسكرات، وقد يبحث البعض منهم عن المتعة الزائفة ما يدفعه إلى الإقدام على ارتكاب الجريمة. وهناك العديد من الهموم والمشكلات الاجتماعية التي يتعرض لها الناس فتدفع بعضهم إلى تعاطي المخدرات بحجة نسيان هذه الهموم والمشاكل، علاوة على انخفاض مستوى التعليم، وإن كان ذلك لا ينفي وجود بعض المتعلمين الذين وقعوا فريسة لهذه السموم. ما هي أسباب الإقبال المتنامي على الحشيش في رمضان؟ يرتفع الإقبال على المخدرات واستهلاكها بشكل ملحوظ في هذا الشهر، نظرا لأن الكحول والخمور لا يسمح ببيعها خلال هذا الشهر ولذلك في محاولة للتعويض عنها يلجأ المستهلكون إلى الحشيش وجواراته لأخذ جرعاتهم اليومية من جهة، ومن جهة أخرى لسهولة الحصول عليه واستهلاكه دون ردود فعل اجتماعية كما هو الأمر بالنسبة إلى الكحوليات التي يرفضها العقل الجمعي. ويمكن القول إن تخلخل الاستقرار في جو الأسرة متمثلا في انخفاض مستوى الوفاق بين الوالدين وتأزم الخلافات بينهما إلى درجة الهجر والطلاق يولد أحيانا شعورا غالبا لدى الفرد بعدم اهتمام والديه به. ومن أهم الأسباب التي تعود للأسرة للمساهمة في تعاطي المخدرات: القدوة السيئة من قبل الوالدين، إذ يعتبر هذا العامل من أهم العوامل الأسرية التي تدفع الشباب إلى تعاطي المخدرات والمسكرات، ويرجع ذلك إلى أنه حينما يظهر الوالدين في بعض الأحيان أمام أبنائهم في صورة مخجلة تتمثل في إقدامهم على تصرفات سيئة، وهم تحت تأثير المخدر، فإن ذلك يسبب صدمة نفسية عنيفة للأبناء وتدفعهم إلى محاولة تقليدهم فيما يقومون به من تصرفات سيئة. كما أن انشغال الوالدين عن الأبناء بالعمل وعدم متابعتهم أو مراقبة سلوكهم يجعل الأبناء عرضة للضياع والوقوع في مهاوي الإدمان، ولاشك أنه مهما كان العائد المادي من وراء العمل أو السفر فإنه لا يعادل الأضرار الجسيمة التي تلحق بالأبناء نتيجة عدم رعايتهم الرعاية السليمة. هل هو مرتبط بفئة عمرية أو اجتماعية خاصة، مثلا الشباب؟ يتضح لنا العديد من العوامل التي تدفع إلى تعاطي المخدرات ومن هنا يمكن لنا القول إن هذه المشكلة ليس سببها الفرد فقط بل تشارك في ذلك الأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه. ما هي الانعكاسات الاجتماعية لارتفاع استهلاك الحشيش خلال رمضان؟ هل صحيح أنه يعد واحدا من مسببات "الترمضينة" وتنامي ظواهر العنف والإجرام؟تعدد مضار المخدرات وتأثيراتها، ومن الثابت علمياً أن تعاطي المخدرات يضر بسلامة جسم المتعاطي وعقله، فالشخص المتعاطي للمخدرات يكون عبئا وخطرا على نفسه وعلى أسرته وجماعته وعلى الأخلاق والإنتاج وعلى الأمن ومصالح الدولة وعلى المجتمع ككل، بل له أخطار بالغة أيضا في التأثير على كيان الدولة السياسي، ونذكر هنا الأضرار الجسمية والنفسية والاجتماعية والسياسية.وعلاوة على الأضرار الجسمية التي يسببها التعاطي للمخدرات والاضطرابات النفسية، تكمن الأضرار الاجتماعية في تحطم إرادة الفرد المتعاطي، إذ يجعله يفقد كل القيم الدينية والأخلاقية ويتعطل عن عمله الوظيفي، ويتحول بالتالي بفعل المخدرات إلى شخص غير موثوق فيه ومهمل ومنحرف في المزاج والتعامل مع الآخرين، ما يدفعه إلى ارتكاب الجرائم والعنف في معظم الحالات. أجرت الحوار: هجر المغلي ابراهيم الحمداوي, أستاذ باحث في السوسيولوجيا مختص في قضايا الأسرة والإجرام

الحمداوي: منع الخمور يرفع استهلاك الحشيش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المعجون أكبر قاتل ضمن لائحة المخدرات

إقبال كبير على "الشيشا" في بداية رمضان

مقالات ذات صلة