المخارق: الحكومة لا تسمع ولا تحاور

الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل قال إن العثماني استغل الجائحة لتمرير قانون تكبيلي للإضراب وتكميمي للنقابات كشف الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الوضعية الهشة التي تعيشها الطبقة العاملة، وتأثيرات الجائحة عليها، بسبب ضعف الحكومة وعدم إيمانها بالحوار، وجشع بعض أرباب المقاولات الذين استغلوا الوضع لتسريح العمال. وأضاف المخارق أن حكومة العثماني كشفت عن نواياها المعادية للنقابات والطبقة العاملة، من خلال محاولتها تمرير مشروعي قانوني الإضراب والنقابات. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: الصديق بوكزول وتصوير (عبد الحق خليفة) > مرت سنة على الجائحة، كيف كان انعكاسها على الطبقة العاملة؟ > منذ بداية الجائحة عاشت الطبقة العاملة أوضاعا صعبة، وبالخصوص في القطاع الخاص، إذ أنها تسببت في شلل العديد من القطاعات وتوقف نشاط شركات ومقاولات، فكانت النتيجة تسريح مئات آلاف العمال بصفة نهائية، في حين أن شركات أخرى تراجع نشاطها نسبيا فعمدت إلى تقليص ساعات العمل. النتيجة كانت معاناة فئات واسعة من العمال، إذ تم تسريح 850 ألف عامل، في الشهور الأولى لبداية الجائحة، وما ترتب عنها من مشاكل اجتماعية ومعاناة مع المعيش اليومي. كان طبيعيا أن يكون ملاذ هؤلاء العمال هو النقابة من أجل أن تساندهم في هذه المحنة، فنحن نعمل ما في جهدنا لإنصافهم، خاصة أن الأزمة ستستمر لسنوات أخرى، وقد عملنا على التنسيق مع الاتحاد الدولي للنقابات من أجل حماية العمال والتفكير في مستقبلهم لما بعد الجائحة. > هل تأثر العمل النقابي بالجائحة؟ > كما يعلم الجميع فإن العمل النقابي هو عمل ميداني، يكون من خلال اللقاء المباشر بالعمال والاستماع إليهم وإيجاد حلول لهم، غير أنه بفعل الحظر الصحي وتوقف الحركة في البلاد، تأثر العمل النقابي لمدة من الزمن قبل أن تنفرج الأمور شيئا فشيئا. في البداية وقع بعض الارتباك، خاصة أننا اعتدنا على اللقاءات المباشرة، غير أننا سرعان ما تداركنا الأمر من خلال تطوير آليات الاشتغال وتكييفها مع الواقع الجديد. > كيف تكيف الاتحاد المغربي للشغل مع هذا المعطى الصحي الجديد؟ > استبدلنا التواصل المباشر مع الممثلين النقابيين في القطاعات والاتحادات الجهوية، بالعمل عن بعد، إذ طورنا في الاتحاد المغربي للشغل وسائل التواصل عن بعد، من خلال تجهيز كل قاعات الاجتماعات بوسائل حديثة، إذ كنا نعقد اجتماعات لمناقشة المستجدات التي تطرأ ومحاولة إيجاد الحلول. المسألة لم تكن سهلة وتطلبت معدات ووسائل لوجيستيكية، ولكننا صمدنا من خلال مواصلة العمل النقابي وعدم التوقف عن مساندة الطبقة العاملة. مع مرور الأيام وانفراج الوضع الصحي في المغرب بفعل المجهودات التي بذلها جلالة الملك والأطقم الطبية، عدنا تدريجيا لعقد الجموع العامة، والتجمعات من أجل الدفاع عن الأجراء. نحن في معركة يومية، فكل يوم نستقبل عشرات العمال المسرحين من الوحدات الإنتاجية التي تعيش أزمة اقتصادية، إذ نعمل ما وسعنا من أجل إيجاد الحلول المناسبة للأجراء، وللمقاولة في بعض الأحيان من أجل التخفيف من هذه الأزمة. شركات التهريب الاجتماعي > على ذكر المقاولات، هل المقاولة مقصرة ومجحفة أم أنها وجدت نفسها في وضع هش، وبالتالي مجبرة على تقليص عدد العمال وساعات العمل؟ > هناك صنفان من المقاولات، واحدة تعيش فعلا أزمة اقتصادية وتحاول الخروج منها، وإن كان ذلك غالبا ما يتم على حساب الأجراء، إذ تسرح عددا منهم من أجل تقليص الكلفة الاجتماعية، وضمان استمرار المقاولة وعدم إغلاق أبوابها، وهذا النوع نتفهم موقفه ونتعاون معه من خلال الاتصال بالممثلين النقابيين وسن مخطط اجتماعي يضمن حقوق العمال والمقاولة معا. الصنف الثاني هو المقاولات التي تستغل الفرص، ومعروفة بممارسة التهريب الاجتماعي، من خلال عدم التصريح بالعمال بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعدم تحسين الأجور وتوفير شروط العمل المناسبة، فهذه المقاولات استغلت الجائحة من أجل طرد العمال المرسمين الذين اشتغلوا لسنوات وساهموا في تطوير المقاولة، وتغييرهم بعمال آخرين موسمين مقابل أجور زهيدة لا تصل أحيانا إلى "السميك"، وغالبا ما يشتغلون بعقد محدد المدة، فهذه المقاولات تحترف مثل هذه الأفعال التي لا تمت إلى المواطنة بشيء. هذه الشركات تنشط بمناطق صناعية كبرى مثل أحياء مولاي رشيد والبرنوصي وعين السبع ومعروفة لدى السلطات ومفتشية الشغل، لكن للأسف هناك من يتغاضى عن أنشطتها غير القانونية. > من خلال ما أفرزته الجائحة من طرد وتسريح للعمال دون الحصول أحيانا على حقوقهم، هل يمكن أن نقول اليوم بأن القوانين لا تحمي العامل والطبقة العاملة؟ أو بصيغة أخرى هل المشكل في القوانين أم أرباب المقاولات؟ > القوانين الاجتماعية في المغرب جيدة ومتقدمة عن العديد من البلدان، فمدونة الشغل تحمي العامل وتحصنه من شطط بعض أصحاب المقاولات، كما تلزم المشغل بالتصريح به في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن المشكل الأساسي في تطبيق القوانين والسهر على احترامها، فعدد الشركات التي تلتزم بالتصريح لا تتعدى خمسين في المائة، بشهادة رئاسة الحكومة ووزارة الشغل. هناك ترسانة قوانين لكن بعض المقاولات تخرق القانون، لأن هدفها هو الربح، ولا تتوانى في ضرب حقوق العمال، مستغلة ضعف أجهزة الرقابة، ونخص بالذكر مفتشي الشغل. مفتشو الشغل الحلقة الأضعف إن الشطط الذي تمارسه بعض المقاولات غير المواطنة مرده بالأساس إلى ضعف جهاز مفتشية الشغل، وتواطئه أحيانا مع بعض أرباب المقاولات. هذا الضعف مرتبط بضعف عدد مفتشي الشغل في المغرب والذي لا يتجاوز 350 مفتشا، وهو رقم ضعيف مقارنة بعدد المقاولات والعمال، إضافة إلى عدم توفرهم على وسائل العمل. جهاز المراقبة والتفتيش جد ضعيف، من حيث العدد ووسائل العمل، كما أن بعضهم يتواطأ مع أرباب المقاولات. ضعف مفتشي الشغل يرجع إلى ضعف وزارة الشغل، فهذه الوزارة منذ عرفتها وهي ضعيفة، ودائما في الاتحاد المغربي للشغل كنا نطالب بتعزيز دورها باعتبارها الوزارة الوصية عن الشغل، لكن للأسف كان دورها دائما ثانويا، باستثناء وزارة الشغل في عهد حكومة التناوب التوافقي، إذ استرجعت دورها لرفع مستوى الاقتصاد وعالم الشغل. كما أن بعض القوانين يجب تطويرها لضمان حقوق العمال، وأقدم هنا مثلا بذعيرة عدم تصريح مقاولة بعامل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فهي لا تتجاوز 20 درهما، وفي حالة العود تضاعف، هل هذه الذعيرة كفيلة بدفع مقاول انتهازي إلى التصريح؟ شخصيا لا أعتقد. قانون الحماية الاجتماعية مكسب كبير الاتحاد المغربي للشغل استبشر خيرا حين نادى صاحب الجلالة بمشروع قانون متعلق بالحماية الاجتماعية، والذي يتضمن خمسة محاور جد مهمة لتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتعويض عن فقدان الشغل. هذا المشروع الذي وضعه جلالة الملك كفيل بتحسين العديد من الأشياء في عالم الشغل، غير أننا نتخوف من أن تعمد الحكومة إلى إخراجه عن هدفه النبيل، من خلال نصوص ومراسيم تطبيقية، قد تعصف ببعض المكتسبات. لقد تفطنا إلى هذا الأمر، وربطنا تصويتنا على هذا المشروع في الغرفة الثانية بالتشاور معنا لتجويد النصوص، والتزم وزير المالية، الذي يسلك منهجية مختلفة عن رئيس الحكومة، في الحوار والاستماع، بالتشاور معنا والأخذ بالنقاط التي نرى أنها ستساهم في الخروج بنص جيد. الجائحة عرت جشع بعض المقاولات كشفت الجائحة أن نسبة كبيرة من العمال غير مصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ونحن كنا على علم بهذا الأمر وخضنا معارك من أجل فرض التصريح وإنزال عقوبات أكبر على المخالفين. فعدد العمال الذين يفترض التصريح بهم لدى الصندوق اليوم يجب أن يصل إلى سبعة ملايين، لكن إحصائيات الصندوق تتحدث عن مليونين و800 ألف، يعني أكثر من 60 في المائة تهضم حقوقهم. هذا الرقم يخفي حقيقة أخرى، إذ أن مجموعة من أرباب العمل تصرح بالعمال في المرة الأولى للحصول على رقم، وبعد ذلك يتوقفون عن ذلك، كما أن فئات عريضة من الشركات لا تصرح بالشهر كاملا، إذ تكتفي ب 10 أيام أو 12 يوما، كما لا تصرح بأشهر السنة كاملة، علاوة على الاقتصار على التصريح ب"السميك" وإن كان العامل يتقاضى ضعفه أو أكثر. الأمر لا يقتصر على هضم الحقوق خلال فترة العمل، بل يستمر بعد الحصول على التقاعد، إذ يجد المتقاعد التعويض ضعيفا، ولا يناسب المجهود الذي بذله طيلة سنوات. الجائحة عرت جشع المقاولات، وهذا ظهر بشكل بارز حينما ربطت الدولة دعم العمال العاطلين بالتصريح بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ تبين أن العديد من المقاولات غير مصرحة بعمالها. مشروع قانون تكميمي وتكبيلي للنقابات دبرت الحكومة الجائحة بطريقة انفرادية وبعيدا عن المقاربة التشاركية مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، فحكومة العثماني لا تؤمن بالحوار، واتخذت قرارات مصيرية بدون التشاور معنا، وأخص بالذكر تشكيل لجنة اليقظة الاقتصادية، التي غابت عنها النقابات، فكيف يعقل الزج ب850 ألف عامل في البطالة، واتخاذ مجموعة من الإجراءات في حقهم دون التشاور مع ممثليهم؟ حكومة العثماني فريدة من نوعها، فهي لا تسمع ولا تتكلم ولا تحاور، وحتى بعض اللقاءات الشكلية التي عقدها العثماني مع النقابات عن بعد هدفها ذر الرماد في العيون، فالحكومة لا تتوفر على إرادة سياسية لإصلاح وضع العمال، وهذا يدفعنا للمزيد من النضال والمواقف، بل الأكثر من هذا حاولت الحكومة تمرير مشروع القانون التكميمي للإضراب، وكذا فاجأتنا بقانون تكبيلي للنقابات المهنية، وهو قانون رجعي يضرب العمل النقابي، ويجعل تأسيس نقابة شبه مستحيل. مشروع القانون التكبيلي للنقابات يسمح للسلطة بالتدخل في الشؤون النقابية، من خلال إخبارها بعقد اجتماعات تأسيس مكتب نقابي قبل 15 يوما، كما أنه قانون جنائي للنقابيين، فقد خصص للعقوبات الزجرية 16 فصلا، تتضمن عقوبات حبسية وغرامات. إننا في الاتحاد المغربي للشغل نرفض هذا القانون، وقمنا بحملة قوية لإيقافه، فنحن نعتبر أن مدونة الشغل كافية، إذ خصصت فصولا كثيرة للعمل النقابي، غير أن رئيس الحكومة مصر على موقفه، وقد أحال المشروع على المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإبداء الرأي، ونعتقد أنه سيصدر رأيا منصفا للنقابات، لأن مشروع هذا القانون مجحف في حق الطبقة العاملة، ويتنافى مع الدستور والمواثيق الدولية. في سطور - من مواليد 1950 بالبيضاء - انخرط في العمل النقابي في 1975 بتأسيس الفدرالية الوطنية للتكوين المهني - حاز الإجازة في شعبة الحقوق، وشهادة السلك العالي في التدبير، سنة 1975، ثم التحق بالتكوين المهني - مستشار بالغرفة الثانية باسم الاتحاد المغربي للشغل -انتخب منذ 2010 كاتبا عاما للاتحاد المغربي للشغل خلفا للمحجوب بن الصديق

المخارق: الحكومة لا تسمع ولا تحاور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرجاء إلى زامبيا مكتمل الصفوف

ولاية ثانية لباخ باللجنة الأولمبية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات