العثماني: الفساد “قهرنا”

رئيس الحكومة قال لـ » الصباح» إنه ليس دكتاتوريا ونفى تفويض تدبير الانتخابات للفتيت دافع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام العدالة والتنمية، عن حصيلة حكومته، ورد على اتهامات المعارضة التي وصفها ب" الضعيفة"، مضيفا أنه ليس رئيس حكومة دكتاتوريا، كي يطبق رأيه من منطلق "ولو طارت معزة"، مضيفا أنه في عهده حارب الفساد بآليات غير مسبوقة، ولم تكن هناك أي انتعاشة للفساد كما ادعت المعارضة، إذ تم إيقاف 117 مسؤولا كبيرا في حالة تلبس بفضل الرقم الأخضر المبلغ عن الرشوة. ونفى العثماني في حواره مع " الصباح" بمقر إقامته بالرباط، تفويض أمر تدبير الانتخابات إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، مؤكدا أن الصلاحيات المخولة للوزراء والعرف، فرضا أن يصيغ كل وزير القوانين الخاصة بقطاعه، وأن حزبه مؤهل للفوز، وأن القاسم الانتخابي المقترح من قبل البعض هو لأجل فرملة نجاحه. وفي مايلي نص الحوار: أجرى الحوار: أحمد الأرقام- عبد الله الكوزي- إيمان رضيف /( تصوير: عبد المجيد بزيوات) > هل أنتم راضون عن حصيلة الحكومة، علما أن المعارضة تعتبرها ضعيفة؟ > أشكر «الصباح» على إتاحة هذه الفرصة. ويمكن القول إن حصيلة الحكومة الحالية مشرفة، إذ أن جزءا كبيرا من البرنامج الحكومي تحقق، وهذا ما يشهد به الجميع، وأتحدث هنا عن مرحلة ما قبل أزمة فيروس كورونا، إذ انعكست الإنجازات والإصلاحات التي باشرتها الحكومة على أغلب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، التي شهدت تحسنا مطردا ما بين 2017 و2019. فقد تحسن مؤشر الاستثمار بشكل كبير، سيما الاستثمارات الأجنبية، والشيء ذاته بالنسبة إلى مؤشر ممارسة الأعمال الذي تطور بشكل غير مسبوق، حيث كان المغرب خلال 2010 في الرتبة 128 عالميا، وارتقى خلال 2019 إلى الرتبة 53 عالميا، علما أن الهدف الذي حدده البرنامج الحكومي هو أن يكون المغرب خلال 2021، من بين 50 دولة الأولى في ما يتعلق بمؤشر ممارسة الأعمال. > لكن هذا لم ينعكس على المواطنين، إذ أن مظاهر الفقر والهشاشة ازدادت خلال السنوات الأخيرة. > هناك إنجازات معتبرة في المجال الاجتماعي وتحسن على مستوى المؤشرات الاجتماعية، ولعل من أبرزها نجاح الحوار الاجتماعي، وهو مكسب مهم ساهم فيه كل الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، لكنه نجاح أيضا بالنسبة للحكومة التي أشرفت على تدبيره، والذي يتضمن الزيادة في الأجور بالنسبة إلى القطاع العام، والزيادة في الحد الأدنى من الأجور بالنسبة إلى القطاع الخاص، والزيادة في التعويضات العائلية بالنسبة إلى القطاعين المذكورين بشكل غير مسبوق، إضافة إلى التزامات أخرى. وقد وفت الحكومة بكافة التزاماتها، سيما من خلال تخصيص أكثر من 14 مليار درهم، وقد برمج الجزء الأخير من الغلاف المالي في ميزانية 2021. كما أطلقت الحكومة ورش توسيع الحماية الاجتماعية، لتشمل أصحاب المهن الحرة والمستقلين غير الأجراء، وهو ورش كبير ومهم، عملت فيه الحكومة خلال أكثر من سنتين، لإصدار نصوصه التشريعية والتنظيمية، ولإدارة الحوار مع المهنيين، قبل إصدار المراسيم التطبيقية الفئوية والبدء الفعلي في استفادة عدد من أصحاب المهن الحرة بالتغطية الصحية ونظام التقاعد. والآن، فإن الحكومة معبأة للإطلاق الفعلي لورش تعميم الحماية الاجتماعية التي دعا إليه جلالة الملك في أفق 2025، ليشمل التغطية الصحية والتعويضات العائلية والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل. > قطاع آخر يعاني مشاكل عديدة تفاقمت مع الجائحة، يتعلق الأمر بالتعليم الذي يبدو أنه قد هزم الحكومة كما هزم حكومات سابقة ... > بالنسبة إلى القطاع التعليم، فقد نجحت الحكومة في توسيع معتبر للتعليم الأولي بالنسبة إلى الأطفال الأقل من خمس سنوات، ليصل إلى قرابة 79 في المائة، وهو رقم غير نهائي، علما أن السنة الماضية تجاوزت النسبة 74 في المائة، ما يؤكد أن الإنجازات أكبر من التوقعات التي عرضت في البرنامج الخاص بالتعليم الأولي، الذي قدم أمام جلالة الملك، في وقت سابق. كما نجحت الحكومة أيضا في التقليص من الهدر المدرسي ونسب الاكتظاظ، وتم تسجيل أرقام غير مسبوقة في ما يتعلق بالتوظيف في التعليم، بالإضافة إلى مؤشرات أخرى تؤكد أن هنالك عملا وإنجازا حقيقيا بدأت تظهر آثاره. نحن لا ندعي أن كل المشاكل قد حلت، لكن جزءا كبيرا منها تم تجاوزه، وبكل صدق وموضوعية، المغرب يسير من حسن إلى أحسن. كما أننا واعون بحجم الانتظارات وبجسامة التحديات، لكننا نواجه ذلك بكامل الإرادة وكبير العزم للوفاء بالتزاماتنا تجاه المواطنين. نجحنا في إصلاحات وتعثرنا في أخرى > تتحدث المعارضة عن ضعف حصيلة الحكومة في ما يتعلق بالقطاعات الاجتماعية، من قبيل استمرار السكن غير اللائق، وارتفاع البطالة، فضلا عن أن جائحة كورونا عرت عن واقع الوضع الصحي بالمغرب، فهل هذه الحصيلة الضعيفة لها علاقة بضعف إمكانيات الحكومة، أم هناك مطبات أخرى؟ > تحقيقنا حصيلة مشرفة، لا يعني أننا قضينا نهائيا على الفقر والسكن غير اللائق وباقي المشاكل الاجتماعية، ولا أعتقد أن هناك حكومة في العالم تدعي أن بإمكانها القضاء على هذه المشاكل بنسبة 100 في المائة. ونماذج المؤشرات التي ذكرت من قبل كلها تبين، وتظهر تحسنا مقارنة بما كان من قبل. فلا أعتقد مثلا، أن السكن غير اللائق أو مدن الصفيح في ارتفاع، غير أننا لم نحقق كافة الأهداف المسطرة، لأن المشكل مركب، والحكومة بذلت مجهودات كبيرة في هذا المجال، ونجحت في بعض المراحل، وتعثرت في مراحل أخرى. ويجب أن نعرف أن موضوع السكن غير اللائق، له علاقة بعوامل أخرى، فمثلا خلال سنوات الجفاف، تتسبب الهجرة القروية، في ظهور بعض المساكن غير اللائقة، وتزداد الظاهرة تعقدا. وبالنسبة إلى البطالة، وعكس ما يتم تداوله، فقد عرفت نسبتها تراجعا في ظل هذه الحكومة، إذ تظهر أرقام المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل البطالة انخفض من حوالي 10.4 إلى 9.2 سنة 2019، وكان بالإمكان أن يتقلص هذا المعدل السنة الماضية أكثر، لكن جائحة فيروس كورونا رفعت معدل البطالة، وهو ما حدث في الكثير من دول العالم، علما أن الأرقام الخاصة بالبطالة في المغرب في هذه الحالة، تعتبر الأقل مقارنة مع كثير من الدول المحيطة بنا. وتجدر الإشارة إلى أن التحسن الذي شهدته نسبة البطالة إلى حدود 2019، هو نتاج سياسة إرادية وهادفة من لدن الحكومة لدعم وتحفيز التشغيل الذاتي، وإحداث فرص الشغل، وكذا إعطاء دفعة كبيرة للتشغيل العمومي. تدبير الجائحة جنبنا الأسوأ > كانت لجائحة فيروس كورونا تداعيات سلبية على قطاعات كثيرة، كيف أثرت هذه الأزمة على عمل الحكومة؟ > عانى المغرب، على غرار جميع دول العالم تأثيرات وتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، سواء كانت صحية أو اقتصادية أو اجتماعية، انعكست سلبا على حياة المواطنين، لكن تدبير المغرب لهذه الأزمة بالقيادة الرشيدة لجلالة الملك، وبتدبير من لدن الحكومة، يشهد الجميع بنجاعته وفعاليته، جنّب البلاد الأسوأ، سواء في ما يتعلق بعدد الحالات الحرجة، والتأثيرات الصحية، وعدد الوفيات، أو من حيث التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، وقد كان عمل الحكومة مستمرا ومتواصلا، والرؤية كانت استشرافية، لكن التلاحم الوطني وتعاون كافة المؤسسات كانا مثاليين وأسهما في بلوغ ما حققناه جميعا. وأجدد الإشارة هنا إلى أن التوجيهات الكبرى لجلالة الملك في تدبير هذه الأزمة، كانت استباقية وذات بعد إنساني ومستقبلي قوي. وقد عملت الحكومة بكافة قطاعاتها على التنفيذ الأمثل لتلك التوجيهات، واتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية. > الأكيد أن تدخل الملك وتدبيره للجائحة كان لهما تأثير كبير في "العبور" إلى بر الأمان، ماذا عن تدبير حكومتكم؟ > بكل تأكيد فقد حقق المغرب خلال تدبير أزمة الجائحة عددا من النجاحات الكبرى، منها الدعم الذي خصص للأشخاص الذين فقدوا عملهم، ويتعلق الأمر بحوالي 6 ملايين شخص استفادوا من الدعم طيلة 3 أشهر من الحجر الصحي، إضافة إلى الدعم الذي خصص للمقاولات. كما أنه رغم تراجع مداخيل الدولة بحوالي 82 مليار درهم، فقد حافظت الحكومة على مستوى عال من الاستثمار العمومي، بل اتخذنا قرار رفعه برسم قانون مالية 2020 المعدل ثم في قانون مالية 2021، لأن الحكومة واعية أن الاستثمار العمومي من روافع الاقتصاد الوطني. من جانب آخر، ورغم أزمة كورونا، استمرت الحكومة في تنفيذ الإصلاحات والأوراش الكبرى الواردة في برنامجها، منها إصلاح منظومة التربية والتكوين واللاتمركز الإداري، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار. وتؤكد المعطيات والأرقام أن تدبير المغرب لهذه الجائحة، كان ناجحا، بل وجيدا على العموم. صحيح، لقد كانت هناك تحديات وإكراهات أثناء تدبير الجائحة، غير أن الحكومة واعية بالصعوبات التي يواجهها المواطن بسبب الوضع الذي فرضته الجائحة، لكن هذه الصعوبات والمعاناة مشتركة في جميع دول العالم. وآخر نجاح تحقق في مواجهة أزمة جائحة كورونا، هو إنجاح بدء الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، والتي تعرف تنظيما وانسيابية نموذجيين، سيما بعد أن تفضل جلالة الملك حفظه الله وتكرم بإعطاء انطلاقتها الفعلية، مما كان له بالغ الأثر الإيجابي على هذه العملية الوطنية الكبيرة. > هل تلمسون مؤشرات نجاح الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا المستجد؟ > يسير المغرب في ما يتعلق بالحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا بخطوات ثابتة، لتحقيق الأهداف التي حددها لذلك. صحيح أننا واجهتنا بعض الصعوبات في البداية، خاصة بسبب التأخر في تسلم جرعات اللقاح، لكن بالمقارنة مع العديد من الدول، فالمغرب من البلدان الأولى التي استطاعت أن تطلق عملية التلقيح، وتستمر في ذلك، بطريقة جيدة ومنظمة وسلسة. وهنا لابد من توجيه الشكر لكل الساهرين على نجاح العملية، من سلطات صحية وأمنية ومحلية، وكل من ساهم في هذا الورش من مواطنين ومواطنات الذين أبانوا عن انضباطهم. > سجل تراخ لدى بعض المواطنين بعد بدء التلقيح، هل يمكن القول إن الوباء اليوم متحكم فيه؟ > رغم أن هناك مؤشرات تؤكد نجاح المراحل الأولى من الحملة، فإنه لابد من الاستمرار في الالتزام بالتدابير والإجراءات الاحترازية الموصى بها لتجنب انتشار فيروس كورونا المستجد، وسلالاته الجديدة، سيما الإجراءات الفردية التي تحمي الأشخاص من الإصابة. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يمكن أن تظهر الآثار الإيجابية لعملية التلقيح خلال الأسابيع الأولى من انطلاق الحملة، فالأمر يتوقف على الاستفادة من الجرعة الثانية من اللقاح، وهي العملية التي انطلقت قبل أيام، وعلى اتساع المستفيدين من التلقيح. وحين سيكون الوقت مناسبا، ستعلن السلطات المعنية عن تخفيف الإجراءات الصحية الاحترازية المعمول بها في الوقت الراهن. > دفعت جائحة كورونا إلى التفكير في التصنيع الذاتي، وتوفير أجهزة التنفس الاصطناعي، إلا أنه كان هناك نقاش بين وزير الصحة ووزير الصناعة والتجارة، حول مصير تلك الأجهزة، فهل دخلتم على الخط. وما هو مصيرها؟ > أولا، لقد قام الفريق الطبي المغربي بمجهودات كثيرة لتوفير تلك الأجهزة، وهو ما يستحقون عليه التنويه والتشجيع. أما ما يظهر من اضطراب وتأخر في الاستعمال، فمرده إلى نقاش حول المواصفات التقنية اللازم توفيرها، وهو ما حال دون إعطاء وزارة الصحة الموافقة لاستعمال هذه التجهيزات في منظومة الصحة العمومية لحد الساعة. نقاط ضعف > عرى كورونا عن واقع هش لقطاع الصحة، كيف ستصلحون الأعطاب التي يعانيها القطاع؟ > يجب أن نكون منصفين، لقد شكل فيروس كورونا المستجد تحديا بالنسبة إلينا، وأظهر نقاط ضعف في قطاع الصحة، وأظهر نقاط قوة كذلك. فلو لم تكن هناك نقاط قوة لما صمدت منظومتنا الصحية، ولما وصلنا إلى نتائج طيبة في التلقيح، وتزويد المستشفيات بالمعدات الطبية، فلا يجب أن ننظر إلى نصف الكأس الفارغ فقط. وأحيي بالمناسبة رجال ونساء الصحة على عملهم الجدي ومجهودهم الجبار الذي قاموا به، ورحمة الله على من توفي منهم أثناء أداء مهامهم، وبالمقابل يمكن الاعتراف بوجود نقص كبير في الموارد البشرية وفي عدد الأطباء، الذي يبقى غير كاف، سيما وأن تكوين طبيب واحد يحتاج إلى 8 سنوات وطبيب متخصص إلى 12 سنة، وبذلك فإن البذرة التي نزرعها الآن تتطلب مثلا 12 سنة من العمل قبل أن تأتي أكلها، وهو تحد طويل. كما اعتمدت الحكومة مخطط الصحة 2025 لمواجهة عدد من الإشكالات الأخرى وللتخفيف من المشاكل الصحية بالمناطق النائية. لا وجود لسوبر وزير في الحكومة > هل أنتم مقتنعون بالحصول على ولاية أخرى، بناء على حصيلة الحكومة؟ > أعتقد أن هذا الموضوع سابق لأوانه، والمهم في الوقت الراهن هو استكمال ولاية هذه الحكومة بأقصى ما يمكن من الإنجاز، وتحقيق ما ينفع الوطن والمواطنين والعمل إلى آخر لحظة، سواء على المستوى التشريعي أو التنظيمي أو إنجاز البرامج، وسيكون للمواطنين أن يحكموا في الانتخابات. > هل تمارسون صلاحيتكم الدستورية كاملة، سيما أن بعض المعارضين وأسماء من داخل حزبكم يعتبرون أن هناك "سوبر وزير" فوق رئيس الحكومة؟ > خلال هذه الولاية الحكومية، يمكنني القول إنني أمارس مسؤوليتي كرئيس للحكومة وفق الصلاحيات المخولة لي دستوريا، وأيضا في حدود التوازنات الموجودة، فمن الطبيعي أن تدبير جميع الحكومات تحكمه توازنات. إن رئيس الحكومة ليس ديكتاتورا، أو أن رأيه يطبق "ولو طارت معزة"، فالقرارات تتخذ بعد التشاور والنقاش من قبل الجميع، وكل واحد يساهم فيها. ومن يتصور أن رئيس الحكومة يقرر في كل شيء فهو واهم، فهو يقرر وفق تشاور سياسي أو تقني مع مراعاة اختصاص كل قطاع على حدة، وأخذ تنوع مكونات الحكومة بعين الاعتبار. تصدع الأغلبية الحكومية > غالبا ما تظهر بعض الهزات والارتدادات داخل الأغلبية وأحيانا يكون الموضوع تافها لا يستحق الإثارة لماذا؟ > ( مقاطعا) أنا متفق معك... الله يهديهم > ما هي أسباب هذه الخلافات؟ > وسط الأغلبية، قد يكون خلاف فكري، أو إيديولوجي إذا شئنا القول، وقد تكون خلافات ذات طابع سياسي، فلا يمكننا صناعة عالم مثالي، ولو قلنا العكس سنكذب على المواطنين. إن الخلافات بين مكونات الأغلبية أمر واقع وموجود، ومطلوب منا أن نُخرج من كل هذا الأحسن، وهو ما نقوم به باستمرار. وعليكم أن تقولوا " باز لرئيس الحكومة"، لأننا تمكنا من إصدار قوانين ذات أهمية، مثل ميثاق اللاتمركز الإداري، بعد حوالي 15 سنة من الانتظار، وأطلقنا إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار التي انتظرها الفاعلون لسنوات، إذ تم تعيين المسؤولين بها، وانطلق العمل وتحسنت المردودية، حسب آخر الإحصائيات، وأنجزت أوراش عديدة اقتصادية واجتماعية. > الأغلبية الحكومية تعيش تعثرات كثيرة، و قليلا ما تمكنت من عقد اجتماعاتها، هل بسبب رفض الأمناء الجلوس مع رئاسة التحالف، أم لعدم توجيهك لهم الدعوة؟ > عليك أن تسألهم ليؤكدوا لك هل هذا صحيح؟ > لم تتوافق الأغلبية على وضع مسودة النموذج التنموي الجديد، والقوانين الانتخابية، وقبلها التعديل الحكومي، ماهو السبب؟ > لا تتوافق الأغلبية الحكومية على كل شيء، وعلى جميع المواضيع، وليس ذلك دائما ضروريا. المهم أن نشتغل على ما اتفقنا عليه، وأن نتعاون للوفاء بالبرنامج الحكومي. وما يحصل حوله خلاف، يحتفظ كل حزب بموقفه الخاص به، ولا حرج في ذلك، وهذا أمر يقع في جميع دول العالم، وفي جميع الأغلبيات الحكومية. فالأهم أن نستمر في العمل إلى نهاية الولاية، ونتجنب أن يطول التصدع الحكومة، كما وقع مع حكومات سابقة. محاربة الفساد عملية معقدة > تداول البعض عن فساد بمديرية الأدوية بأرقام فلكية في الصفقات، كتبت عنها الصحف وأثارتها بلاغات النقابات لماذا لم تفتحوا تحقيقا؟ > بعدما كثر الحديث عن هذا الأمر، أنجزت المفتشية العامة للمالية تحقيقا، كما أن للمجلس الأعلى للحسابات افتحاصات منتظمة، تصدر عنها تقارير سنوية، نتتبعها، ونأخذ بعين الاعتبار عددا من ملاحظاتها وتوصياتها، ونتابع تنفيذها. ولمعالجة الظاهرة من أصلها، فإن الحكومة أولت عناية خاصة لإصدار قوانين جيدة تسهم في إحداث التغيير المطلوب، في مجال الصفقات، وتعامل الإدارة، وتقديم الخدمات العمومية، وتسهيل الاستثمار... > لكن رغم القوانين الجيدة، هناك غياب إرادة حقيقية للتغيير، ووضعت عراقيل كشفها مستثمرون، ماهي الحلول المقترحة لتجاوز هذه المشاكل؟ > أكتفي في هذا المقام بذكر آليتين تسهمان في توفير المناخ الملائم للاستثمار وتيسير حياة المقاولين. الأولى تتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، من خلال تحيين الترسانة القانونية لذلك، وهو ما تم بأمر من جلالة الملك. كما تم إنشاء لجان جهوية موحدة للاستثمار، ولجنة وزارية لقيادة إصلاح المراكز الجهوية للاستثمارات يرأسها رئيس الحكومة. يمكن للمُستثمرين تقديم طعونهم ضد قرارات اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار لديها. ولقد انطلق عمل هذه اللجنة الوزارية فعلا، وبدأت تجتمع لحسم ملفات الطعون، إما لتثبيت قرارات اللجان الجهوية، أو لقبول الطعن فيها. وتتمثل الآلية الثانية، في إحداث لجنة للطلبيات العمومية لدى الأمانة العامة، وهي اللجنة التي أحدثت بمرسوم، ويمكن للفاعلين الاقتصاديين وأصحاب المقاولات التظلم لديها، عند ملاحظة أي تجاوزات، فيلجؤون إليها لتصدر توصياتها، والتي تبلغنا بنسخ منها. > تصدر مؤسسات دستورية تقارير تهم الفساد ومع ذلك لا تحرك الحكومة الدعاوي القضائية لماذا؟ > يصدر المجلس الأعلى للحسابات عدة تقارير، ضمنها تقريره السنوي، وللمجلس الصلاحية في الإحالة المباشرة على النيابة العامة لكل ملف فيه شبهة ذات طابع جنائي. وهو ما يقوم به باستمرار. ودعوني أؤكد لكم أن بلادنا حققت أمورا مهمة في ما يتعلق بمحاربة الفساد، لم تتحقق في ظل أي من الحكومات السابقة. > المعارضة تتهم حكومة الإسلاميين بنشر الفساد وتقول إنه في عهدها انتعش ماهو ردك؟ > الحديث عن حكومة الإسلاميين كلام غير دقيق، فالحكومة تضم أحزابا بتوجهات مختلفة، ولست متفقا على الاتهام، فأي ملف تحوم حوله شبهة فساد بطابع جنائي، تتم إحالته على النيابة العامة. كما أنه ادعاء تفنده الإصلاحات التي أشرت إلى بعضها سابقا، ويكذبه التحسن المستمر، ولو كان بطيئا، الذي يشهده مؤشر ملامسة الرشوة، الذي تصدره منظمة ترانسبارنسي. إذ انتقل معدل النقطة التي حصلت عليها المملكة المغربية من 32.2، إلى 33.2، إلى 37.2 بالتوالي خلال الولاية الحكومة 2002-2006، ثم الولاية 2007-2011، ثم الولاية 2012-2016، لتصل النقطة إلى 41 خلال الولاية الحكومية الحالية. إن محاربة الفساد عملية تراكمية معقدة وصعبة ونحن نواكبها بطريقة تدريجية. > نريد الحديث عن فساد الكبار في الصفقات العمومية التي تتم بالملايير، عوض الرقم الأخضر الذي يعتقل صغار الموظفين؟ > هذا ليس صحيحا، ف117 شخصا المتحدث عنهم سقطوا بسبب الرقم الأخضر، من بينهم مسؤولون كبار. > هناك اتهامات لكم ولمؤسسات بوجود انتقائية في اختيار الملفات المحالة على القضاء؟ > أبدا هذا غير صحيح، لأن المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية لا يقومان بذلك ولا يحابيان أحدا. ثم إن هناك اختلالات، أو أخطاء في التقدير أو انعدام الحكامة الجيدة غير مرتبطة بالفساد ضرورة، حيث تنعدم فيها صفة الطابع الجنائي، وبذلك يتم فيها التأديب فقط، بناء على قرارات اتخذت بسوء التدبير. وعلى أي، فإن الفساد موجود ولم نقل إنه انتهى، ومحاربته أمر مستمر، ولدينا مؤسسات دستورية تشتغل من خارج الحكومة وتقدم لها التوصيات بهذا الخصوص، فهي عين إضافية حتى على الوزراء وعلى السلطة التنفيذية. > هل قهرتهم الفساد أم قهركهم؟ > مرة نقهره ومرة يقهرنا، نحاربه ويحاربنا، وكما قلت لكم عملية مكافحة الفساد مستمرة وبتضافر الجميع سننجح في ذلك كدولة إن شاء الله. القاسم الانتخابي نكوص للديمقراطية > ما هي حظوظ العدالة والتنمية للفور بالانتخابات المقبلة؟ > كل حزب سياسي، وخصوصا الذي احتل الرتبة الأولى في آخر انتخابات يطمح أن يتصدر الانتخابات المقبلة. وأعتقد أنه سياسيا ومنطقيا، فحزب العدالة والتنمية مؤهل ليحقق الفوز في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لأن حزبنا راكم تجربة معتبرة على امتداد حوالي عقد من الزمن، ويشهد ديناميكية قوية وهو متعدد ومتنوع، كما يتمتع أعضاؤه بحرية الرأي والتعبير، ويتميز بالديمقراطية الداخلية، ويتوفر على شباب ونساء وأطر فاعلين ونشيطين، متحفزين ويقدمون خدمة لبلدهم ولديهم غيرة على وطنهم، وسنستمر في القيام بواجبنا والوفاء بالتزاماتنا، وستبقى كلمة الحسم للمواطنين. > ماهو موقفكم من مقترح توزيع المقاعد بناء على عدد المسجلين في القوائم الانتخابية، وليس المصوتين؟ > عبّرنا باستمرار عن رفض هذا المقترح، عبر بلاغات الأمانة العامة، أو المجلس الوطني، وقلنا إننا ضد وضع قاسم انتخابي يتم بموجبه توزيع المقاعد بناء على عدد المسجلين، لأنه تشويه للنظام الانتخابي، ونكوص لممارستنا الديمقراطية. وقلت لزعماء الأحزاب السياسية، ما اقتُرح هو طعن في نمط الاقتراع النسبي في الصميم، لأنكم في حكومة التناوب التوافقي دافعتم على هذا النمط اللائحي النسبي، المعتمد على عدد الأصوات الصحيحة، ولذلك لم يأت القانون بتعريف للقاسم الانتخابي، لأنه معرف في الفقه السياسي والعرف الانتخابي. أما كيف سنتصرف في هذا الأمر، فسنعلن عن ذلك في الوقت المناسب. > هل تعتبرونه آلية من آليات المضايقة لكبح العدالة والتنمية؟ > يبدو وكأنه كذلك، ولو أن معارضتنا له مبدئية، ولا علاقة مباشرة لها بهذا لتأويل. إنه يتعين عل المنافسين أن يتنافسوا في الميدان وليس بمثل هذه الطرق التي لن تضر بحزب العدالة والتنمية فحسب بل بصورة الديمقراطية في بلادنا. > هل تخوفتم من أن يقلص القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين مقاعدكم الانتخابية؟ > هم يعتقدون ذلك أيضا، ويظنون ويمنون النفس بأن يحصل هذا . > مع اقتراب كل موعد انتخابي يرفع " بيجيدي" المظلومية لادعاء تدخل رجال السلطة ضدهم والبعض يعتقد أن ذلك يعد تكتيكا لدعم الحزب، ماهو رأيك؟ > ( يضحك) ... هل يمكن حمل أسئلتكم السابقة التي تشير إلى محاولة تقليص مقاعد الحزب على أنها مظلومية أم تكتيك. أما بالنسبة لرجال السلطة، فحينما سنقف على حالات معينة ومحددة سنخبر بها السلطات المعنية. > ما هو موقف عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية بخصوص مقترح القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين؟ > لم يكن له أي موقف شخصي في هذا الشأن، وقال إنه إذا حصل توافق في أمر ما فستتم صياغته في مشروع قانون، والآن ترون أن القانون حافظ على الصيغة السابقة. > أنت المشرف السياسي على الانتخابات، ماذا وقع كي تفوض لوزير الداخلية حسم الخلافات؟ > جرت العادة أن تصوغ القطاعات الحكومية القوانين التي تدخل في اختصاصاتها، من الناحية التقنية، وتحيلها على مجالس الحكومة والمجالس الوزارية، وبذلك لم يقع أي تغيير في هذا الصدد. لكن رغم ذلك، فقد أشرفت بصفتي رئيسا للحكومة على إطلاق الجلسات الأولى للحوار حول القوانين الانتخابية.

العثماني: الفساد “قهرنا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشعيبي يهزم الإصابة

معذبو الشتاء والصيف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات