غلاب يفشل في محاربة غياب النواب

برلمانيون يستغلون سكوت القضاء الدستوري ويرفضون الرضوخ لمقتضيات القانون الداخلي فشل كريم غلاب، رئيس مجلس النواب ومعه أعضاء مكتب المجلس في القضاء على ظاهرة غياب البرلمانيين، رغم التهديدات المختلقة التي تم إطلاقها، وتسويقها إعلاميا، كما لم تنفع الاستعانة برؤساء الفرق النيابية لضبط الغياب، وترتيب الجزاء. وتعتبر ظاهرة غياب البرلمانيين عن حضور أشغال جلسات اللجان والجلسات العامة ظاهرة عامة تخص كل الهيآت التشريعية في دول العالم. وحظيت بكثير من النقاش والجدال السياسي والقانوني، ووضعت لمواجهتها والحد منها قوانين وقواعد تنظيمية وإجراءات متعددة. غير أنها ترتبط أساسا بمبادئ وقواعد السلوك البرلماني وحقوق البرلماني وواجباته. وتتحكم فيها عدة عوامل قد تعود من جهة، إلى التقسيم الترابي أو الإداري وتقطيع الدوائر الانتخابية وطرق الاقتراع وقوانين الانتخابات ككل، ومن جهة أخرى قد تعود لعدم ضبط حالات التنافي واستخدام الحصانة البرلمانية، وإصلاح طرق العمل التشريعي برمته. وقد تكون في حالات كثيرة، المنطقة أو الجهة التي توجد فيها الدائرة الانتخابية لكل برلماني والمسافة التي تفصلها عن مقر المؤسسة البرلمانية، سببا من أسباب الغياب، فضلا عن ازدواجية الانشغال بأعمال برلمانية وأخرى تخص الدائرة الانتخابية. وهكذا يكون لمكان إقامة كل برلماني تأثير كبير على حضوره، واحتمال تعارض مصالحه الشخصية مع المصلحة التمثيلية المحلية والوطنية. وتأسيسا على ما سبق، يظهر أن أسباب الغياب قد تكون شخصية أو مؤسساتية أو حتى قانونية. وكلها تجعل البرلماني يحضر إلى البرلمان إما من أجل التصويت فقط، وإما من أجل أداء واجبه الذي تفرضه وظائفه الحقيقية المتمثلة في ممارسة دوره التشريعي والرقابي. وتتجلى الأسباب المؤسساتية في مدى حسن استعمال الزمن التشريعي، واعتماد نظام الدورة الواحدة أو الدورتين على امتداد السنة التشريعية الواحدة. فبجانب واجب الحضور هناك أسباب متعددة تساعد على تفشي ظاهرة الغياب، في مقدمتها الجمع بين عدة مسؤوليات ووظائف تمثيلية في هيآت وطنية وجهوية ودولية، وغياب القدرة المتمثلة في امتلاك المبادرة التشريعية والمراقبة الفعالة للحكومة والإدارة، والحقوق والموارد المالية والبشرية، والإطار القانوني والتنظيمي، كشروط أساسية للقيام بالمهام الضرورية في التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية، إضافة إلى ذلك، ينبغي أن تقوم كل مؤسسة تشريعية بإعداد برامج خاصة بتكوين أعضاء البرلمان ومعاونيهم من إداريي البرلمان. ومعروف أن كل الهيآت التشريعية تعتمد أحكاما ومقتضيات تفرض الحضور وتحظر الغياب غير المبرر عن طريق اتخاذ إجراءات وضوابط، إما كاملة وإما جزئية، بدءا من نشر اسم العضو المعني في قائمة الحضور والغياب، مرورا بتوجيه التنبيه واللوم الرسمي بنشر أسماء المتغيبين في الجريدة الرسمية، والدعوة للانصياع للنظام، ووصولا إلى خصم جزء من الراتب أو التعويض والإيقاف المؤقت وسحب التفويض البرلماني. كما أن القضاء الدستوري لا يمكنه التدخل في التسيير الداخلي لمجلسي البرلمان، وفي مدى انضباط أعضائه على مستوى الحضور أو عدم انضباطهم في أمور أخرى، أن يسأل عما هو الأمر بالنسبة إلى ظاهرة غياب الوزراء بدورهم عن قبة البرلمان؟ وهل من شأن تطبيق الإجراءات المذكورة وغيرها أن تحد فعلا من ظاهرة غياب البرلمانيين؟ وهل يمكن تطبيقها؟ وبأي طريقة؟ ولماذا لم يتم تطبيقها لحد اليوم؟ أم أن الأمر يدعو إلى التفكير في معالجة أسباب الغياب التي ذكرنا بعضا منها سابقا، وكذا وضع آليات جديدة لضبط الحضور والحث عليه ومعالجة ظاهرة الغياب بوسائل تعتمد التحسيس بأهمية المشرع ومكانته في المجتمع وترسيخ مفهوم مؤسسة البرلماني عوض المفهوم السائد حول البرلماني كمقدم خدمات وقضاء مصالح، ونشر فضائل القيام بالواجبات الوطنية بين كل فئات المجتمع وممثليهم، ومنح البرلماني مزيدا من الامتيازات والتشجيعات، سيما في التنقل والإقامة، حين قيامه بعمله البرلماني. ع . ك النظام الداخلي يحدد ضوابط الغياب حاول النظام الداخلي لمجلس النواب في الفصول 39 و 40 و 60 و61 ضبط الحضور والغياب في جلسات اللجان والجلسات العامة. وكذلك، فعل النظام الداخلي لمجلس المستشارين في الفصول 55 و56 و57 و183 و184 و185، إذ تؤكد مقتضيات وأحكام الفصول المذكورة على وجوب حضور الأعضاء جميع جلسات اللجان والجلسات العامة، وعلى حق الاعتذار عن طريق توجيه رسالة إلى رئيس المجلس أو رئيس اللجنة مع بيان العذر، وتسجيل أسماء الأعضاء الحاضرين والمعتذرين عن الحضور والمتغيبين بدون عذر مبرر في محضر كل جلسة، والنشرة الداخلية للمجلس، ثم الاقتطاع من مبلغ التعويضات الشهرية الممنوحة للنائب بحسب عدد الأيام التي وقع خلالها التغيب بدون عذر مبرر ومقبول. والإعلان عن هذا الإجراء في جلسة عمومية، ونشره في النشرة الداخلية للمجلس والجريدة الرسمية. والحال أن نسبة حضور أعضاء مجلسي البرلمان لا تتجاوز الثلث في أغلب الجلسات التي يسجل فيها حضور مهم.

غلاب يفشل في محاربة غياب النواب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شاطر: ضرورة تقليص اختصاصات النيابة العامة

وفد برلماني فرنسي يشيد بمشاريع التنمية بالصحراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات