“ضربة معلم”

ما قبل الخميس 10 دجنبر 2020، لن يكون كما بعده بكل تأكيد. لقد طُويت صفحة في تاريخ النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وفتحت أخرى جديدة. تاريخ جديد يكتب على رمال الصحراء، بل يمكن القول (دون تردد)، إن القرار الرئاسي الأمريكي بالاعتراف بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الجنوبية، هو المسمار الأخير في نعش الجمهورية الوهمية، التي فشل جنرالات العسكر، على مدى خمسة عقود، في زرعها في جنوب المغرب، وأنفقوا ملايير الدولارات وجوعوا الشعب الجزائري الشقيق من أجلها. فبطلوع فجر أمس (الجمعة)، تكون سحب الارتزاق والانفصال والوهم انقشعت إلى غير رجعة، وقد كانت على هذا الحال، منذ سنوات، وجاء هذا الدعم الدبلوماسي والسياسي الواضح من أقوى دولة في العالم، ليؤكد الحقيقة المغربية المطلقة: إن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. إن القرار الأمريكي ليس بداية، أو نهاية. إنه حلقة فقط في مسلسل طويل من النضال الذي خاضه ملك وشعب، في ملحمة أسطورية، من أجل الحفاظ على كل حبة رمل في الصحراء المغربية، وهي تأكيد جديد على أن ما رُوي بدماء الشهداء والجنود المغاربة منذ الاستعمار الإسباني الغاشم، إلى حرب "العصابات" الانفصاليو/جزائرية/ليبية/كوبية، لن يفرط فيه جميع المغاربة، ولو ضحوا بآخر قطرة من دمائهم. لقد أثبت المغاربة، منذ 1975 وقبلها وبعدها، أن السيادة الكاملة على الصحراء المغربية، هي مسألة وجود لا تنازع عليها، وتأتي، بعد ذلك، المواقف الدولية لتتبنى هذه القناعة التاريخية والشرعية، وتعترف، في الأخير، أنه لا يصح إلا الصحيح أمام الوقائع والخرائط والشرعيات الحقيقية بالوثائق والأرض والميدان، التي لن تهزها ترهات عصابة من المرتزقة مهما فعلت، أو "دميات" تتقاذفها أيادي أطراف إقليمية لم تفهم (إلى حد اليوم) كيف يتقدم المغرب (رغم إمكانياته وموارده العادية)، وتتأخر هي (رغم نومها على حقول من البترول والغاز). إن القرار الأمريكي، الذي يلغي جميع القرارات الغامضة للإدارة الأمريكية منذ سبعينات القرن الماضي، يمكن قراءته من ثلاث زوايا على الأقل: أولا، اعتراف بمشروعية الطرح المغربي، إذ ظل المغرب متمسكا بموقفه العادل والتاريخي من قضية الصحراء، وبذل مجهودات جبارة في المحافل الدولية لإيصال فكرة واحدة، هي أن وجود بوليساريو في المنطقة، هو التنزيل العملي لوجود مخطط للتفتيت وزعزعة الاستقرار والسماح بتهديد الأمن الإستراتيجي الأوربي والأمريكي في هذه البقعة من العالم. ثانيا، رسالة إلى الجزائر وطفلها غير الشرعي بوليساريو أن المهلة التي أعطيت لهما، في خمسين سنة، لتحقيق ما يسمى تقرير مصير شعب مطرود من أرض، قد انتهت، بعد أن تأكد العالم أن الجنرالات يستعملون هذه "الدويلة" ورقة لتحقيق أطماع توسعية مؤجلة في منطقة الساحل والصحراء. ثالثا، تجديد الالتزام من أقوى دولة في العالم أن الحرب الدولية على الإرهاب العابر للقارات والجريمة المنظمة والاتجار في البشر والسلاح والمخدرات ومحاربة أنواع الهجرات السرية، هي مسؤولية دولية مشتركة. ومن منطلق المسؤولية، لا يمكن السماح بزرع كيان ضعيف في قلب منطقة حساسة جدا. حقائق جديدة قد يكون فات بوليساريو والجزائر الانتباه إليها، لكنها ستقلب الوضع رأسا على عقب في المستقبل. ولن يصح إلا الصحيح بعد الآن.

“ضربة معلم”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"نايضة" بين أبيضار وأسرة التعليم

قالوا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات